يعتبر قبول الدائن في حال استيفاء حقه مقابلاً المراد منه الاستعاضة به عن كافة مستحقاته والشيء المستحق الذي يكاد يقوم مقام هذا الوفاء وعليه نستعرض تباعاً لمفهوم انقضاء الالتزام بمقابل أركان الوفاء بمقابل.

أركان الوفاء بمقابل:

يمكن أن يستخلص من نص المادة 320 مصري (مقابلة للمادة 348 سوري) أن هناك ركنين للوفاء بمقابل.

الركن الأول: اتفاق بين الدائن والمدين على الاستعاضة عن محل الوفاء الأصلي بنقل ملكية شيء آخر من المدين إلى الدائن:

وهنا يتفق الدائن مع المدين على ان يستعاض عن الوفاء بمحل الالتزام الأصلي الوفاء بنقل الشيء آخر من المدين إلى الدائن. ولما كان الدائن في هذه الأحوال يستوفي في ذينه محلاً ليس هو عين محل الدين فلابد إذن لهذا الوفاء بمقابل من اتفاق بين الدائن والمدين يكون لاحقاً لنشوء الدين، والاتفاق يستدعي حتماً رضاء الدائن أن يستوفي الدين بمقابل ولما كان الوفاء بمقابل اتفاقاً فهو ككل اتفاق يقتضي توافق ارادتين، إرادة الدائن والمدين وليس الوفاء بمقابل عقداً بل هو اتفاق.

ويجب أن تتوافر الأهلية الواجبة في كل من الطرفين وأن تكون إرادة كل من الطرفين خالية من العيوب فلا يشوبها غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال، وأن يكون للاتفاق محل وسبب، فالسبب هو الوفاء بالدين الأصلي وأما المحل فهو الاستعاضة عن المحل الأصلي بنقل ملكية شيء آخر من المدين إلى الدائن ويثبت الاتفاق على الوفاء بمقابل وفقاً للقواعد العامة في الإثبات، على أنه إذا أثبت الدائن قد قبل تسلم شيء غير المستحق له دون تحفظ فإنه يفترض حتى يقوم الدليل على العكس- أنه قد ارتضى أن يقوم ذلك مقام الوفاء.

الركن الثاني: تنفيذ الاتفاق بنقل الملكية فعلاً إلى الدائن:

ولا يكفي الاتفاق على مقابل الوفاء بل يجب أيضاً تنفيذ هذا الاتفاق بنقل الملكية فعلاً من المدين إلى الدائن ويترتب على ذلك أن الوفاء بمقابل لا يمكن أن يتم عن طريق الوصية بأن يوصي المدين الدائنة بمال للوفاء بالدين وذلك لأن الوصية يجوز الرجوع فيها دائماً ولا تنتقل ملكية الموصى به في حياة الموصي ، كذلك لا يتم الوفاء بمقابل إذا احتفظ المدين لنفسه بحق استرداد العقار الذي سلمه وفاء لدينه.

القاعدة 109- وفاء بمقابل- اتفاق طرفيه- وجوبه منجزاً:

وفاء الديون بغير طريقة دفعها نقداً يجب أن يكون حاصلاً باتفاق الأطراف وأن يكون منجزاً نافذاً غير قابل للعدول عنه.

وفاء الديون بغير طريقة دفعها نقداً يجب ان يكون حاصلاً باتفاق الطرفين (الدائن والمدين المتعاقدين) وأن يكون فوق ذلك منجزاً نافذاً غير قابل للعدول عنه، فإذا كان الوفاء للمدعى به هو من طريق الوصية بغير اتفاق الموصي والموصى له الذي يدعي الدين، فإن هذا التصرف الذي هو بطبيعته قابل للعدول عنه في حياة الموصي لا يتحقق به شرط الوفاء بالدين قانوناً، وعلى ذلك فإذا دفع الوارث الموصى له دعوى بطلان الوصية بأن الوصية لم تكن تبرعاً بل كانت بمقابل هو وفاء الديون التي كانت على الموصي، واستخلصت محكمة الموضوع من عبارات التصرف ذاته ومن الظروف والملابسات التي حرر فيها أنه كان مقصوداً به التمليك المضاف إلى ما بعد الموت بطري4ق التبرع فقضت ببطلانه، وحفظت للموصى له حقه في مطالبة التركه بدينه المتنازع عليه إذا شاء بدعوى مستقلة فليس في قضائها بذلك خطاً في تطبيق القانون.

القاعدة 110- الوفاء بمقابل- وفاء بغير النقد- حقيقة الوفاء:

الوفاء بغير النقد رأت فيه محكمة النقض المصرية وفي حقيقته كالبيع إذ تتوافر فيه جميع أحكامه، فالشيء الذي أعطي للوفاء يقوم مقام البيع والمبلغ مقام الثمن ومن ثم تسري عليه جميع أحكام القانون المقررة للبيع.

الوفاء بالدين بغير النقد قد اختلف في تكييفه ففي رأي اعتبر استبدالاً للدين بإعطاء شيء في مقابله، وفي رأي آخر اعتبر كالبيع تسري عليه جميع أحكامه ومحكمة النقض ترى أنه في حقيقته كالبيع إذ تتوافر فيه جميع أحكامه وهي الرضاء والشيء المبيع والثمن، فالشيء الذي أعطي للوفاء يقوم مقام البيع والمبلغ الذي أريد الوفاء به يقوم مقام الثمن الذي يتم دفعه في هذه الحالة بطريق المقاصة، ومن ثم يجب أن يسري على هذا النوع من الوفاء جميع أحكام القانون المقررة للبيع، فإذا كانت الواقعة ثابتة بالحكم هي أن الدائن ومدينه اتفقا على ان يبيع المدين إلى الدائن قدراً من أطيانه مقابل مبلغ ما كان باقياً عليه من دين سبق أن حوله الدائن إلى أجنبي وتعهد الدائن بإحضار مخالصة من ذلك الأجنبي عند التصديق على عقد البيع وحرر بين الطرفين في تاريخ هذا الاتفاق عقد بيع الأطيان الواردة فيه، ثم تم التوقيع على عقد البيع النهائي ولم يحضر الداين المخالصة من الأجنبي بل إن هذا الأخير استمر في إجراءات التنفيذ بالنسبة لباقي الدين ونزع ملكية المدين من أطيان أخرى حتى بيعت بالمزاد العلني قرأت المحكمة من هذا أنه مع قيام الأجنبي بالتنفيذ على هذه الأطيان الأخرى للحصول على باقي الدين تكون الأطيان المبيعة للدائن قد أصابت لأنه بالقياس على البيع يكون للمدين- الذي هو في مركز البائع- الحق في فسخ العقد إذا حال الدائن الذي أخذ الأطيان وفاء لدينه دون حصول المقاصة عن هذا الدين بمتابعة التنفيذ وفاء لدينه إذ يكون الدائن والحالة هذه كأن مشتر لم يدفع الثمن.