ان إرادة الشريك المساعد قد تنصرف الى المساهمة في جريمة معينة إلا ان الفاعل قد لا يرتكب الجريمة التي أرادها الشريك وكانت من الجرائم غير المحتملة له فلا يسأل الشريك لعدم انصراف قصده الى ارتكابها وليست من النتائج المتوقعة في المساهمة بل يسأل الفاعل وحده عنها، فمن يساعد شخص على ارتكاب جريمة سرقة فيقوم الفاعل بعد إتمامها بارتكاب جريمة اغتصاب فهنا يسأل الفاعل عن الجريمتين في حين يسأل الشريك المساعد عن جريمة الاشتراك في السرقة لان الجريمة الثانية غير متوقعة بالنسبة له(1)، ولكن قد يأتي الفاعل جريمة أخرى تختلف عما قصد الشريك المساهمة فيها ، ولكن قد تكون اخف جسامة من الجريمة محل المساهمة كما لو ساهم الشريك في جريمة القتل فيأتي الفاعل بجريمة جرح أو ضرب، وقد تكون اشد من التي قصد الشريك الاشتراك فيها، وقد يأتي الفاعل جريمة أخرى بالإضافة الى الجريمة التي اتجه قصد الشريك الى الإسهام فيها كمن يساعد على سرقة مسكن مسكون فيعترض طريقه صاحب المنزل فيقوم بقتله للتخلص من مقاومته(2).

ووفقاً لما تقدم فما هو مدى مسؤولية الشريك الجنائية تجاه هذه الأفعال التي يأتيها الفاعل؟

لغرض الإجابة على هذا التسأول يقتضي بيان مسؤولية الشريك المساعد عن الجريمة الأخف والأشد جسامة التي يرتكبها الفاعل، فالفاعل يكون مسؤولاً جنائياً عن الجريمة التي ارتكبها والتي هي اقل جسامة، فاستناداً الى القواعد العامة فان الشريك يستمد إجرامه من الفاعل فإذا كان ما وقع من الفاعل اقل جسامة، فان مسؤولية الشريك المساعد لا يمكن ان تقوم على فعل اشد جسامة من الذي وقع من قبل الفاعل ليس لأنه يستمد إجرامه فحسب بل لان الجريمة الأشد جسامة لم تقع، بعبارة أخرى إذا ساهم الشريك المساعد في جريمة معينة واقترف الفاعل جريمة اخف جسامة فلا يسأل الأول إلا عن الجريمة الأخف التي تحققت فعلاً(3)، فمن يساعد الفاعل على القتل فارتكب جريمة ضرب أو جرح واقتصر نشاطه على الشروع في القتل فلا يسأل عن جريمة قتل تام. ويشترط لمساءلة الشريك عن الجريمة الأخرى والأقل جسامة ان يتوافر لديه قصد الاشتراك فيها، وهو ما يتطلب ان تكون الجريمة التي وقعت من طبيعة الجريمة التي كان يريد الشريك لها ان تقع(4). بمعنى ان تكون العناصر المادية المكونة للجريمة الأشد جسامة قد توافرت للجريمة الأقل جسامة ثم امتازت الأولى بماديات لم تتوافر للثانية(5).

وإذا كان قصد الشريك عن الاشتراك في الضرب أو الجرح التي وقعت فعلاً، ولا يسأل الشريك المساعد إذا كان قصده غير متجه الى الجريمة التي ارتكبت فعلاً لأنها لم تقع ولا يسأل عن الجريمة التي وقعت (الأقل جسامة)، وذلك لانتفاء قصد الاشتراك فيها(6)، أي ينتفي قصد الاشتراك إذا كانت الجريمة الأقل جسامة التي وقعت مختلفة في طبيعتها عن طبيعة الجريمة التي كان يريدها الشريك المساعد وذلك لاختلاف العناصر المادية المكونة لكل منهما. ولكن إذا كان ما حصل بسبب الاشتراك في جريمة مجرد ظرف مادي مشدد للعقوبة فلا يمكن الاستناد الى قاعدة مسؤولية المساهم في الجريمة عن نتائجها الاحتمالية، مثل ظرف الإكراه في جريمة السرقة فهنا يكون كل منهم مسؤولاً عن ظروفها العينية المشددة سواء كان يعلم بها أو لا يعلم وسواء كانوا فاعلين أم شركاء فيها، وهذه الظروف العينية في حقيقتها صفات لاصقة بماديات الفعل الذي انصب عليه مباشرة المساعدة أكثر منها نتائج احتمالية لمسلك إجرامي معين(7). وبالعكس قد يقترف الفاعل جريمة اشد جسامة من الجريمة التي انصرف إليها نشاط الشريك المساعد في المساهمة في ارتكاب الجريمة، فمن يساعد آخر على ارتكاب جريمة سرقة منزل فيرتكب الفاعل بمناسبة تنفيذه الجريمة محل المساعدة قتل المجني عليه صاحب المنزل

فمسؤولية الشريك المساعد في هذه الحالة هل تكون مقتصرة على ما انصرفت إليه إرادته للاشتراك في الجريمة أم تتعدى مسؤوليته لتشمل الجريمة التي ارتكبها الفاعل بالإضافة الى الجريمة محل المساهمة؟

وفقاً للقواعد العامة….. ان مسؤولية الشريك المساعد تكون مقتصرة على ما قصده الشريك واتجهت إرادته الى المساهمة فيها وكانت أثراً لنشاطه فلابد من التأكد من توافر القصد الجنائي أم انتفائه لديه ليتسنى مساءلته جنائياً عن الفعل الإجرامي الذي ارتكبه الفاعل.فلا يشترط حصول تطابق بين جريمة الفاعل التي تحققت وجريمة الشريك المساعد التي ترسخت في ذهنه فاختلاف ظروف جريمة الفاعل عما توقعه الشريك يستند الى هذا الأخير، لان حكم القانون على الوقائع التي تحققت هو حكم القانون على الوقائع التي توقعها، ولا يحول أيضاً قيام مسؤولية الشريك المساعد في حالة تنفيذ الجريمة بوسيلة لم يتوقعها(8)، أو ضد شخص آخر طالما أحاطت بقصده وارتبطت بنشاطه برابطة السببية ولا تتأثر مسؤوليته بظروف مادية لم يشملها قصده على اعتبار ان الظروف داخلة في ماديات الجريمة، فيلزم لقيام مسؤولية الشريك المساعد ان ينصرف قصده الجنائي بصورتيه (المباشرة والاحتمالية) الى الجريمة التي أتاها الفاعل، فإذا تساوى القصدان يكون الشريك المساعد مسؤولاً عن الجريمة الأشد التي ارتكبها الفاعل متى شملها قصده الاحتمالي ولا يكون مسؤولاً عن الجريمة الأشد إذا لم يتوقعها ويقبلها ويرحب بها(9).

___________________

[1]- د.ضاري خليل محمود، مصدر سابق، ص98.

2- د.جميل عبد الباقي، مصدر سابق، ص123.

3- د. حسام محمد سامي، مصدر سابق، ص307.

4- د.جميل عبد الباقي الصغير، مصدر سابق، ص123. و د.محمد زكي أبو عامر، مصدر سابق، ص419.

5- د.محمود نجيب حسني، مصدر سابق، ص472. وجميل عبد الباقي، مصدر سابق، ص124.

6- د. السعيد مصطفى السعيد، مصدر سابق، ص321. و احمد فتحي سرور، مصدر سابق، ص650. ود.محمود نجيب حسني، المساهمة الجنائية في التشريعات العربية، مصدر سابق، ص447.

7- د.حسن البغال، مصدر سابق، ص11. و د.سامي النصراوي، مصدر سابق، ص478. و د.ضاري خليل محمود، مصدر سابق، ص101.

8- د.محمود نجيب حسني، مصدر سابق، ص415. و د.احمد فتحي سرور، ص651. و د. مأمون سلامه، مصدر سابق، ص469.

9-Crime ;26 Janr- 1954-1V.50،Revue Sc.crime-1949-339-obs. Hugueney-19 juin 1984-Bull-crime-No 231،prararinard; locrands Arrete du droit criminal-op-cite-p.383،Larquier;Le’lement intentionel de La complicite،Revue sc.crime-1956-p.513. Jeandidier-op-cite-No.305.p.330.

لمؤلف د.حسام محمد سامي، مصدر سابق، ص310.

Larquier;Lacomplicite non panissable encase de changement derictime Revue.

المؤلف : تركي هادي جعفر الغانمي
الكتاب أو المصدر : المساهمة بالجريمة بوسيلة المساعدة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .