هي المرحلة الثانية من مراحل اصدار وثيقة التأمين العائمة، هي مرحلة اصدار مذكرة التغطية المؤقتة. مذكرة التغطية المؤقتة :

هي عبارة عن مرحلة تتوسط مرحلة طلب التأمين، واصدار وثيقة التأمين العائمة في حالة قبول شركة التأمين لطلب التأمين الذي يقدمه طالب التأمين. وأَنَّ اصدار الوثيقة العائمة يحتاج الى ترتيب وتنظيم معين ، إذ أنَّ هذه الوثيقة تغطي شحنات عديدة لفترة زمنية طويلة(1). وعندما تستلم شركة التأمين طلب التأمين ، فانها إِما ان ترفض هذا الطلب او ان تقبله بعد دراسة مستفيضة للتأكد من صحة مندرجاته. وهذه الدراسة قد تستغرق وقتاً طويلاً مما يوجب اصدار مذكرة تغطية مؤقتة. ففي الحالة الاولى، وهي حالة رفض طلب التأمين فانه لاتوجد اية مشكلة، فعند اعلام شركة التأمين لطالب التأمين بقرار رفضها فأن الاخير يستطيع ان يلجأ الى شركة تأمين اخرى. ولكن في الحالة الثانية، وهي حالة قبول طلب التأمين فان شركة التأمين تقوم بإصدار مذكرة تغطية مؤقتة لحين اصدار الوثيقة النهائية(2) ويبدو ان مذكرة (اصدار التغطية) يجب ان يدرج فيها الشروط المقررة من قبل مجمع التأمين في لندن، ولاسيما (شروط تصنيف السفن، وشرط الالغاء، وشرط التراكم، وشرط تحديد الحد الاعلى للشحنة الواحد، وشرط المرور في مناطق جغرافية معينة …(3) ،

ونجد ان المذكرة المؤقتة في هذه الحالة تتميز بالاتي:

1- انها تعدّ بمثابة الوثيقة النهائية من حيث القيمة القانونية إِذ أَنَّ كلاً من طرفي التعاقد يستطيع مطالبة الطرف الاخر بالالتزامات المترتبة على عقد التأمين، إذ يلتزم المؤمن له بتسديد قسط التأمين، والمؤمن يلتزم بالتعويض في حالة وقوع الخطر المؤمن منه.

2- ان الوثيقة التي تصدر بناءً على المذكرة المؤقتة تتسم بالاثر الرجعي اذ ان احكامها تسري من وقت وصول المذكرة المؤقتة للمؤمن له(4).

وهنا يمكن القول أنَّ المذكرة المؤقتة في هذه الحالة تعتبر بمثابة دليل مؤقت لعقد نهائي(5). أَمَّا الحالة الثانية : هي حالة ما اذا لم تكن شركة التأمين قد اصدرت موافقتها او رفضها لطلب التأمين بصورة نهائية وذلك لأنها تحتاج لمدة اطول منه أجل دراسة طلب التأمين، ورغبةً منها في عدم اضاعة فرصة التعاقد مع طالب التأمين من خلال رفض طلبه وعدم اصدار موافقة مدروسة مسبقاً، نجد أنها ترسل الى المؤمن له مذكرة تغطية مؤقتة تعين فيه الخطر المؤمن منه. ولكن هذا الضمان يكون لمدة معينة، فاذا ماصدر رفض لطلب طالب التأمين، فان المذكرة المؤقتة تظل سارية لحين انتهاء الموعد المتفق عليه . إِلا أنَّ هذا الغطاء الممنوح يكون لقاء قسط التأمين الذي يدفع من قبل المؤمن له. واذا قبلت شركة التأمين طلب التأمين فانها تقوم باصدار وثيقة تأمين نهائية، وتسري هذه الوثيقة من يوم تسلم المؤمن له لوثيقة التأمين العائمة، وليس من يوم تسلمه لمذكرة النغطية وذلك يرجع الى ان المذكرة المؤقتة تعدّ عقداً قائماً بذاته(6). ولكنه قد تصدر مذكرة التغطية المؤقتة ولايتم تحديد كون هذه المذكرة هي مجرد اتفاق مؤقت لعقد نهائي أو انها تعد عقد قائم بحد ذاته ، وقد يؤدي هذا الامر الى قيام نزاع مابين طرفي التعاقد. ولكن نجد البعض قد اشار الى انه في حالة عدم بيان كون المذكرة اتفاقاً قائماً بذاته او عقداً نهائياً، فان هذا الامر يُحَلْ من قبل المحاكم المختصة التي يمكن ان تستخلص فيه نية المتعاقدين ، واذا عجزت عن بيان نية المتعاقدين، فإنَّ المذكرة تعدّ هذه الحالة بمثابة دليل على التعاقد(7).

وهناك من القوانين التي بينت القيمة القانونية لمذكرة التغطية المؤقتة، فقانون التأمين البحري ألإنكليزي لسنة 1906 قد بيِّن القيمة القانونية للمذكرة المؤقتة (اشعار التغطية) ، وذلك بوصفها دليل قانوني لاثبات ما تم الاتفاق عليه عند حصول اي نزاع قانوني ما بين طرفي عقد التأمين البحري. ويبدو أَنَّ لمذكرة التغطية المؤقتة القيمة القانونية والمذكورة انفاً، بغض النظر عن جعلها دليل مؤقت لعقد نهائي او جعلها دليل قانوني قائم بذاته. وهذا ما أشارت اليه م89 من قانون التأمين البحري الانكليزي لسنة 1906 إذ نصت على(8)”عندما يكون هناك وثيقة تأمين اصولية وذات طابع فانه يمكن الاستناد على التذكرة او استمارة طلب التأمين او اشعار التغطية كدليل سابق في اية اجراءات قضائية“. ولقد اشار القانون البحري المصري 1990 في م(340) منه الى القيمة القانونية لمذكرة التغطية المؤقتة (الوثيقة المؤقتة) ، عندما جعلها ملزمة لطرفي عقد التأمين عند صدروها، اذ نصت ف(2) من تلك المادة الى “2-وتكون الوثيقة المؤقتة التي يصدرها المؤمن ملزمة للطرفين الى ان تصدر الوثيقة النهائية“. أما قانون التجارة البحري السوري، فقد كان خالياً من الإشارة الى قيمة المذكرة المؤقتة. اما عن القيمة القانونية لمذكرة التغطية المؤقتة في التشريع العراقي فانه يمكن القول انّ اياً من التشريعات العراقية لم تبين القيمة القانونية للمذكرة المؤقتة(9)، فلا يوجد نص في قانون التجارة البحري العثماني، ولا في القانون المدني العراقي قد تطرق الى موضوع مذكرة التغطية المؤقتة ، وفيما إِذا كان من الممكن جعلها دليل او حجة في حالة قيام نزاع قانوني. ولكن نجد أنّ هناك من يرى وهو على حق بذلك أنّ المذكرة المؤقتة سواء أصدرت كعقد قائم بذاته أم دليل مؤقت على عقد نهائي ، فانها تقوم مقام وثيقة التأمين. فاذا ما تحقق الخطر المؤمن منه خلال فترة سريان المذكرة المؤقتة ، فان الاخيرة تنتج آثارها القانونية كاملة كما هو الحال في وثيقة التأمين(10).وعلى الرغم من أهمية مذكرة التغطية في التأمين البحري الذي يتسم بالسرعة في اجراءاته، لكننا لا نجد شركات التأمين الوطنية تصدر مذكرة مؤقتة. ويبدو تسويغ النهج الذي تتبعه شركة التأمين، هو أَنَّ اكثر المتعاقدين معها هم من القطاع الاشتراكي، لذلك فانها تعتمد على مبدأ الثقة فيما بين الطرفين . أَما إِذا كان طالب التأمين هو من القطاع الخاص، فانها تستطيع ان ترفض هذا الطلب إِذا كان لايناسبها حتى وان استغرقت عملية دراسة الطلب مدة طويلة(11).

___________________

1- د. سلامة عبد الله : التأمين البحري اصوله العلمية العملية ، مصر، شركة مطابع الطائي ، 1966، ص181.

2- باسم محمد صالح : القانون التجاري، القسم الاول ، النظرية العامة (التاجر ، العقود التجارية، العمليات المصرفية ، القطاع الاشتراكي ) ، ط2، بغداد، مطبعة جامعة بغداد، 1999، ص270.

3- د. منى محمد عمار وعلي السيد الديب: التأمين البحري، القاهرة، مطبعة التعليم المفتوح، بدون ذكر سنة الطبع ، ص74.

4- عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني، العقود الواردة على العمل (المقاولة، الوكالة، الوديعة ، الحراسة) ، المجلد السابع، ج7، القاهرة، دار النهضة العربية، 1964، ص1183-1184.

د.احمد شرف الدين : احكام التأمين في القانون والقضاء، 1983، ص138.

5- كمال قاسم ثروت: عقد التأمين، الوجيز في شرح احكام عقد التأمين، ج3، بغداد، مطبعة الارشاد ، 1979، ص104-105.

6- احمد شرف الدين : احكام التأمين في القانون والقضاء، 1983، ص138-139.

كمال قاسم ثروت: المصدر السابق، ص105.

7- احمد شرف الدين : مصدر سابق ، ص187.

د. بهاء بهيج شكري : النظرية العامة للتأمين ، ط1، (بدون ذكر مكان الطبع ، 1960 ، ص186،187.

8- (89) “Where there is a duty stamped policy reference may be made ، as here to fore، to the slip or covering note is any legal proceeding”.

9- د.بهاء بهيج شكري : مصدر سابق، ص187.

10- باسم محمد صالح : القانون التجاري، القسم الاول ، النظرية العامة (التاجر ، العقود التجارية، العمليات المصرفية ، القطاع الاشتراكي ) ، ط2، بغداد، مطبعة جامعة بغداد، 1999،ص271.

11- خالص نافع امين : التأمين على البضائع المنقولة بحراً ، رسالة ماجستير مقدمة لكلية القانون والسياسية، جامعة بغداد، 1983، ص59.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .