إن المشرع العراقي في قانون الأحوال الشخصية(1) والقوانين محل الدراسة أغفلوا النص عن المُدة التي لصاحب الحق فيها مشاهدة المحضون أو الفترة الفاصلة بين مشاهدة وأخرى، والواقع إن هذا الإغفال من المشرعين قد يكون مقصوداً غايتهُ ترك هذه المسألة لسُلطة القاضي يُقدرها في ضوء سن المحضون والظروف والملابسات التي تُحيط به وصولاً إلى تحقيق مصلحة المحضون، وهذا الراي أيدتهُ محكمة التمييز الإتحادية في قرار لها جاء فيه ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنهُ غير صحيح ومخالف لأحكام الشرع والقانون لأنه كان على المحكمة عند الحُكم بمشاهدة المحضون تحديد عدد مرات المشاهدة بما يتناسب وعمر المحضون ومدى تضرره من مفارقة أمه لذا قرر نقضه(2) ولكن في جميع الأحوال إذا ما قضت المحكمة بإلزام الحاضنة الأُم بتمكين الأب من مشاهدة ولده المحضون فعليها أن تُحدد في حُكمها الفترة الزمنية التي تستغرقها هذه المشاهدة، لأن الأحكام الصادرة من المحاكم يجب أن تكون قاطعة للنزاع بين الطرفين وهذا ما ذهبت إليه محكمة التمييز العراقية في قرار لها جاء فيه (ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنهُ غير صحيح ومخالف لأحكام الشرع والقانون لأنه كان على المحكمة عند الحكم بمشاهدة المحضون من قبل أبيه يوما في الأسبوع، أن تُعين اليوم والساعة لكي لا تضطر أُم المحضون لإحضاره طيلة أيام الأسبوع لذا قرر نقضه(3) لإن وقت مشاهدة المحضون الذي يكون لصاحب الحق فيه مُمارسته يكون في أوقات النهار دون الليل على أن لا يبيت المحضون إلآ عند حاضنته ، وهذا ما أيدتهُ محكمة التمييز العراقية في قرار لها جاء فيه (ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنهُ مخالف لأحكام الشرع والقانون لأن المحكمة وجدت بأنهُ كان على الحاضنة تمكين أب المحضون من أخذه إلى داره نهارًا كاملاً كل أسبوع لمشاهدته على أن لا يبيت إلآ عند حاضنته إستناداً إلى المادة( 57 /4) من قانون الأحوال الشخصية لذا قرر نقضه)(4) ولأن حق صاحب المشاهدة يتضمن بالتبعية إصطحاب المحضون مُدة وجود ه معه ، وهذا ما قضت به محكمة التمييز الإتحادية في قرار لها جاء فيه (ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه صحيح وموافق لأحكام الشرع والقانون، لأن حكم محكمة الأحوال الشخصية بمشاهدة المحضون يتضمن بالتبعية حق الإصطحاب ضمن ساعات المشاهدة لذا قرر تصديقه)(5)

إلا أن الملاحظ مأن القرار التمييزي أنهُ لم يُبين مدى حدود إصطحاب المحضون خاصة وأن مشاهدة المحضون تكون عادة مُقيدة بحدود زمانية ومكانية مُعينة، ولكن مع ذلك أن ما ذهبت إليه محكمة التمييز في إقراراها لصاحب حق المشاهدة إصطحاب المحضون كان موقفاً إيجابياً منها، إلا أنهُ فيه نوعاً من التعارض مع ما نص عليه المشرع العراقي في الفقرة (4) من المادة (57) من قانون الأحوال الشخصية والتي نصت على أن ( للأب النظر في شؤون المحضون وتربيته وتعليمه …)، خاصة وأن المحكمة تُحدد في حُكمها لصاحب الحق في مشاهدة المحضون مُدة لا تتجاوز الساعة والساعتين في الأسبوع ومن غير المعقول أن تتفق هذه المُدة الزمنية القصيرة وسُلطة الأب في التربية والإشراف والتعليم على ولده المحضون والتي يُفترض أن لا تزيد الفترة بين مشاهدة وأخرى عن شهر تقريباً، وهذا بالفعل ما ذهبت إليه محكمة التمييز العراقية في قرار لها جاء فيه (ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه مخالف لأحكام الشرع والقانون لأنهُ يُفترض أن لا تزيد المُأدة بين مشاهدة وأُخرى عن شهر حتى لا تنقطع الصألة بطول المُأدة بين الصغير ووالده أو صاحب الحق في مشاهدته لذا قرر نقضه)(6)

__________________

1- كذلك قرار مجلس قيادة الثورة المُنحل رقم (1) والمنشور بالوقائع العراقية بتاريخ 13/1/1992 والذي لم نص على مُدة رؤية المحضون.

2- قرار محكمة التمييز الإتحادية / العدد 1306 / شخصية أولى/ 2009 والصادر بتاريخ 15/4/2009القرار منشور في النشرة القضائية التي تصدر عن مجلس القضاء الأعلى، العدد (8)، لسنة 2009 م، ص12.

3- فوزي كاظم المياحي، دعوى الحضانة، تطبيقاتها القضائية، دراسة في ضوء الفقه والقانون، مكتبة صباح للنشر، بغداد 2013، ص 120 .

4- قرار محكمة التمييز العراقية/العدد 118 / شخصية/ 1973 والصادر بتاريخ 14 /11/1973 القرار منشور في النشرة القضائية، العدد(4) السنة( 4 ) 1973 ،ص 89 .

5- قرار محكمة التمييز العراقية/ العدد 5751 / شخصية/ 1979 والصادر بتاريخ 5 / 10/1980 القرار منشور في مجموعة الأحكام العدلية، العدد(4)، السنة ( 11) ص 13.

6- قرار محكمة التمييز الإتحادية/ العدد 2229 / شخصية أولى 2009 والصادر بتاريخ 5/7/2009 القرار منشور في النشرة القضائية التي تصدر عن مجلس القضاء الأعلى، العدد (10)، لسنة 2010م، ص 15

7- قرار محكمة التمييز العراقية/ بالعدد 23 / شخصية/ 1963 والصادر بتاريخ 12/6/1963 مشار إليه عند القاضي باقر الخليلي، تطبيقات قانون الأحوال الشخصية المعدل ، مطبعة الإرشاد ، بغداد ، 1964 ، ص264

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .