مفهوم القانون الدولي الخاص
يعرف القانون الدولي الخاص بصورة عامة على انه( قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط فيما بينها بعلاقات ذات طابع دولي ) ولم يظهر مفهوم هذا القانون الى الوجود الا في بداية القرن السابع عشر ويرجح الباحثون القانونيون انه ظهر عام 1834 وقد ظهرت ثلاث اتجاهات قانونية في تعريف القانون الدولي الخاص وهذا الاختلاف في التعريف يرجع الى اختلاف طبيعة المواضيع التي يتضمنها القانون الدولي الخاص وكذلك اختلاف نطاف كلا منها واختلاف المصادر التي يستمد القانون الدولي الخاص منها احكامه

فالاتجاه الاول ذهب الى التضييق من تعريف القانون الدولي الخاص حيث يعرفه على انه ( ذلك الفرع من القانون الذي يعنى ببيان القانون الواجب التطبيق فى العلاقات القانونية ذات الابعاد الدولية الخاصة ) ،ويتزعم هذا الاتجاه ايطاليا والمانيا .

اما الاتجاه الثاني فيذهب الى ضم تنازع الاختصاص القضائي الى جانب تنازع القوانين حيث يعرفه على انه ( ذلك الفرع من القانون الذي يعنى ببيان القانون الواجب تطبيقه و المحكمة المختصة فى العلاقات ذات الابعاد الدولية الخاصة ) ويمثل هذا الاتجاه الفقه الانكلوسكسوني .

ويذهب الاتجاه الثالث في تعريف القانون الدولي الخاص الى تعريفه بصورة اوسع من التعريفين السابقين ويعرفه بانه( ذلك الفرع من القانون الذي يعنى ببيان جنسية الاشخاص بالنسبة للدول وموطنهم وحالتهم القانونية عبر الحدود(التمتع بالحقوق) مع بيان القانون الواجب تطبيقه (استعمال الحقوق) و المحكمة المتخصصة (حماية الحقوق) فى العلاقات الدولية الخاصة التي يكونون اطرافا فيها ) ويمثل هذا الاتجاه الفقه اللاتيني وقد اخذت الدول العربية بهذا التوجه كما كان العراق ضمن هذا الاتجاه .

ويتناول القانون الدولي الخاص المشاكل المترتبة على العلاقات ذات الطابع الدولي وهو قانون يطبق على الاشخاص الطبيعيين وهذا ما يجعله متميزا عن قواعد القانون الدولي العام الذي يعالج العلاقات التي تنشأ بين الدول والمنظمات الدولية واشخاص القانون الدولي العام الاخرى .

فهو يعني بتوزيع الافراد توزيعا دوليا بحسب الجنسية والموطن وكذلك مركز الاجانب من حيث تمتعهم بالحقوق .

واخيرا استعمال الحقوق وحمايتها او ما يسمى بتنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضاءين الدوليين وهذه المواضيع الثلاثة تشكل الموضوعات الرئيسية التي تحكمها قواعد القانون الدولي الخاص ويستمد هذا القانون قواعد من مصادر رسمية وهي التشريع او القانون المكتوب الذي يعبر عن الادارة الصادرة عن المشرع مثل قانون الجنسية وقد يستمد هذا القانون قواعده من العرف الذي هو عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي نشأت من تواتر السلوك في مسألة معينة على نحو معين تواترا مقترنا بالاعتقاد بالزامية هذا السلوك ويعد العرف من مصادر القانون الدولي الخاص المهمة خاصة فيما يتعلق بمركز الاجانب حيث انه يعد مصدرا تاريخيا لكثير من القواعد التي تحدد الحقوق التي يتمتع بها هؤلاء التي تم تحويلها الى قواعد قانونية مكتوبة عن طريق التشريع في الكثير من الدول الحديثة .

كما تعد قواعد العرف ايضا مصدرا للقواعد القانونية التي تحكم تنازع القوانين لان معظم هذه القواعد نشأت من الاعراف ثم تحولت فيما بعد الى قواعد قانونية مكتوبة مثل قاعدة خضوع الميراث في المنقول لقانون موطن المتوفى او قاعدة خضوع موضوع العقد لقانون ارادة المتعاقدين .

وتعد المعاهدات الثنائية او الجماعية مصدرا مهما لقواعد القانون الدولي الخاص لاسيما فيما يتعلق بعلاج مشاكل تنازع الجنسيات سلبيا او ايجابيا وكذلك تنظيم مركز الاجانب وتنازع القوانين ومن امثلة تلك المعاهدات اتفاقية جنيف بخصوص الشيك والكمبيالة والسند الاذني واتفاقية بروكسل بخصوص الملاحة البحرية واتفاقية وارسو للملاحة الجوية ، كما تظهر اهمية المعاهدات ايضا في تنظيم قواعد الاختصاص القضائي وتنفيذ الاحكام الاجنبية مثل معاهدة بروكسل التي عقدت في عام 1968 بين الدول الاوربية لتحديد الاختصاص القضائي لمحاكم الدول الاعضاء وكذلك تحديد شروط تنفيذ الاحكام الصادرة من تلك المحاكم .

ويذهب فقهاء القانون الى ان قواعد القانون الدولي الخاص هي قواعد قانونية بالمعنى الصحيح اذ انه يتضمن قواعد عامة مجردة تقترن بصفة الالزام الان انهم الفقهاء ذاتهم يختلفون فيما بينهم بشأن الصفة الدولية لهذه القانون فالاتجاه الاول يعده قانونا داخليا لان نطاق تطبيقه ومصادره تختلف عن نطاق تطبيق القانون الدولي العام ومصادره فالاول يحكم العلاقات التي يكون اطرافها افرادا اما الثاني اي القانون الدولي العام فهو يحكم العلاقات التي يكون اطرافها دولا او منظمات دولية ، اما الاتجاه الثاني فيذهب الى الاعتراف بالصفة الدولية لقواعد القانون الدولي الخاص لان نطاق تطبيق قواعده له ابعاد دولية خاصة مثل قواعد الجنسية التي تحكم العلاقات بين الافراد والدولة وعلى اساسها يتحدد انتماؤهم ولاجل ذلك نجد ان الدولة تتدخل دبلوماسيا في بعض الاحيان اذا ما لحق به اي الفرد ضررا في الخارج ولم يستطع الحصول على تعويض .

ويوصف القانون الدولي الخاص بانه قانون مركب من موضوعات بعضها ينتمي للقانون العام مثل الجنسية والموطن وتنازع الاختصاص القضائي الدولي الا ان اثارها يمكن ان تؤدي الى تحريك قوانين خاصة وبعض المواضيع الاخرى تنتمي الى القانون الخاص مثل تنازع القوانين الا ان اثارها تؤدي الى تحريك قوانين عامة.

المحامية / ورود فخري