الاصل ان المؤجر هو الدائن بالاجرة وهذا قد يكون مالكاً للعين المؤجرة وقد لا يكون مالكاً لها وعلى الرغم من ذلك يحق له قبضها كأن يكون المؤجر مستأجرا اصلياً اجر العين المؤجر من الباطن أو يكون صاحب حق انتفاع في العين المؤجرة أو كان دائناً مرتهناً أو حائزاً أو فضولياً اجر ملك غيره، وإذا توفي المؤجر يحل الورثة محله وتقسم الأجرة عليهم كل بحسب نصيبه في التركة، ولا يجوز لأحدهم أن ينفرد باستيفائها ألا بتوكيل من الباقين ، ويجوز وفاء الأجرة إلى وكيل المؤجر أو الوصي أو القيم عليه(1) ، ويجوز وفاء الأجرة للمحال له إذا حول المؤجر حقه فيها لغيره أو للحاجز إذا حجز على الأجرة تحت يد المستأجر ، و في حالة الحجز على الأجرة ينبغي على المستأجر أن لا يدفع الأجرة للمؤجر وألا كان معرضاً لدفعها مرة أخرى للدائن الحاجز ولكنه يستطيع أن يحتفظ بها تحت يده لحين أن يحكم بها للحاجز أو للمؤجر ، ويجوز وفاء الأجرة للحارس القضائي أو للدائن المرتهن إذا وضعت العين المؤجرة تحت الحراسة أو رهنت رهناً حيازياً بشرط أن يكون ذلك الوفاء من وقت التنبيه عليه .

ويجوز وفاء الأجرة إلى شخص أجنبي إذا اقر المؤجر ذلك الوفاء أو إذا تم الوفاء لذلك الشخص بحسن نية(2) ، ويجوز وفاء الأجرة للخلف الخاص بوصفه مشترياً إذا أعلن المستأجر بشرائه للعين المؤجرة بشرط أن يكون من شان هذا الشراء أن لا ينتهي به عقد الإيجار(3) وبهذا الصدد قضت محكمة التمييز العراقية في أحد قراراتها (… يحل المالك الجديد محل سلفه في الحقوق والالتزامات…)(4)، وعليه فان انتقال ملكية العين المؤجرة إلى المالك الجديد (المشتري) يعد حواله للأجرة بمجرد علم المستأجر بالبيع وبذلك ينبغي على المستأجر أن يدفع الأجرة إلى المالك الجديد من وقت علمه بحصول البيع وهذا ما صرحت به المادة (14) من قانون إيجار العقار رقم (87) لسنة 1979 المعدل بقولها (1. يحل المالك الجديد للعقار محل سلفه المؤجر في الحقوق والالتزامات المقررة بموجب هذا القانون. 2. وعلى المالك الجديد ان يخطر المستأجر بواسطة كاتب العدل بانتقال ملكية العقار إليه خلال ثلاثين يوماً تبدأ من اليوم التالي لتاريخ تسجيله باسمه ويرفق بالإخطار وثيقة صادرة من دائرة التسجيل العقاري تؤيد ذلك وعليه أيضاً مراجعة دائرة ضريبة العقار لتأشير انتقال الملكية خلال ثلاثين يوماً تبدأ من اليوم التالي لتاريخ تبلغ المستأجر) ، يتبين من هذه المادة أنها تقرر قاعدة عامة وهي حلول المالك الجديد للعقار محل المالك السابق في الحقوق والالتزامات المترتبة على عقد الإيجار وأنها أوجبت عليه أن يخطر المستأجر بأنه أصبح المالك الجديد للعقار ويكون ذلك الإخطار خلال ثلاثين يوماً تبدأ من اليوم التالي لتسجيله باسمه ، وبذلك يجب على المستأجر أن يقوم بإيفاء الأجرة له من تاريخ انتقال ملكية العقار إليه إذ أن المشرع أراد بذلك حماية المستأجر من المالك الجديد لكون هذا الأخير قد ينكر الالتزامات المترتبة على عقد الإيجار ، وبذلك يستطيع أن يطالب المستأجر بفسخ عقد الإيجار بحجة عدم سريان العقد في مواجهته(5) .

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن بهذا الصدد هو ماذا لو امتنع المؤجر عن قبض الأجرة ؟ للإجابة على هذا السؤال بدقة نقول ان النصوص التي نظمت عقد الإيجار في القانون المدني العراقي لم تشير إلى هذه الحالة(6) ، ولكن الفقرة (3) من المادة (10) من قانون إيجار العقار العراقي المعدل رقم (87) لسنة 1979 نصت على ذلك بقولها (إذا امتنع المؤجر عن قبض القسط المستحق من الأجرة فللمستأجر أن يودعه لدى الكاتب العدل في المدينة التي يقع فيها العقار خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ استحقاقه ويتحمل المؤجر مصاريف الإنذار والإيداع وتستقطع من القسط المودع) ، يتضح من نص هذه الفقرة أن المؤجر إذا امتنع عن قبض الأجرة على الرغم من استعداد المستأجر للوفاء بها ، فان هذا الأخير يستطيع أن يتخلص من التزامه بدفع الأجرة عن طريق إيداعه القسط المستحق منها لدى دائرة الكاتب العدل في المدينة التي يقع فيها العقار خلال خمسة عشر يوماً من ميعاد استحقاقه(7)، وتكون مصاريف الإنذار والإيداع على المؤجر ويتم استقطاعها من بدل الإيجار المودع وذلك لرد قصده السي إليه (8) .

أما النصوص المنظمة لعقد الإيجار في القانون المدني المصري فأنها لم تُشِرْ إلى حالة امتناع المؤجر عن قبض الأجرة(9) ، ولكن قانون إيجار الأماكن المصري نظم ذلك في المادة (27) من القانون رقم (49) لسنة 1977 التي نصت على انه (… إذا امتنع المؤجر عن استلام الأجرة وإعطاء سند للمخالصة عنها فللمستأجر قبل 15 (خمسة عشر) يوماً من تاريخ الاستحقاق ان يخطر المؤجر بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول لتسلمها خلال أسبوع فإذا لم يتسلمها خلال هذا الميعاد يدع المستأجر الأجرة دون رسم خلال الأسبوع التالي خزانة مأمورية العوائد المختصة وفي المدن والقرى التي لا توجد بها مأموريات عوائد يتم الإيداع بخزانة الوحدة المحلية الواقع في دائرتها العقار وعلى كل من المستأجر والجهة المودع لديها الأجرة إخطار المؤجر بهذا الإيداع بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول مع عدم المساس بما يكون للمؤجر من حقوق أخرى ويعتبر إيصال الإيداع سنداً لإبراء ذمة المستأجر من قيمة الأجرة المستحق بالقدر المودع وعلى الجهة المودع لديها أداء الأجرة المودعة للمؤجر فور طلبها دون قيود أو شروط أو إجراءات) ، يتبين من منطوق هذه المادة إذا رفض المؤجر تسلم الأجرة وجب على المستأجران يخطر المؤجر بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ استحقاق الأجرة يكلفه فيه بتسلمها فإذا لم يتسلمها خلال أسبوع من تسلمه الإخطار جاز للمستأجر إيداعها خزانة مأمورية العوائد المختصة والمجالس المحلية في المدن والقرى التي لا توجد بها مأموريات عوائد ، وبعد ذلك ينبغي على المستأجر والجهة المودعة لديها إخطار المؤجر بهذا الإيداع وأداء الأجرة إلى المؤجر إذا طلبها بعد التحقق والتأكد من شخصيته وبدون قيود أو شروط (10).

وأما النصوص التي نظمت عقد الإيجار في القانون المدني الأردني فأنها لم تُشِرْ إلى حالة امتناع المؤجر عن تسلم الأجرة(11)، ولكن قانون المالكين والمستأجرين الأردني رقم (11) لسنة 1994 نص على ذلك في المادة (16) التي جاء فيها (يعتبر إيداع الأجرة إلى صندوق المحكمة التي يقع ضمن منطقتها إيداعاً قانونياً ووفاءاً ويرسل ديوان المحكمة إشعاراً إلى المالك بالإيداع ودعوة للاستلام مقابل رسم مقطوع قدره دينار واحد يدفعه المودع) يتبين من هذه المادة إذا امتنع المؤجر عن قبض الأجرة وجب على المستأجر أن يقوم بإيداعها لدى صندوق المحكمة التي يقع العقار ضمن دائرتها ، وعلى المحكمة أن تقوم بإرسال إشعار إلى المؤجر بهذا الإيداع حتى يقوم هذا الأخير باستلام الأجرة المودعة (12).

_______________________

[1]- وهذا ما أشارت أليه المادة (383) من القانون المدني العراقي بقولها ( يصح دفع الدين للدائن أو وكيله إذا كان غير محجوراً فإذا كان محجوراً فلا يصح دفع الدين أليه بل يدفع لمن له حق قبضه من ولي أو وصي أو قيم ) ، وبهذا الصدد تنص المادة (332) من القانون المدني المصري على انه ( يكون الوفاء للدائن أو لنائبه ويعتبر ذا صفة في استيفاء الدين من يقدم للمدين مخالصة صادرة من الدائن إلا إذا كان متفقاً على أن الوفاء يكون للدائن شخصياً ) ، والمادة (330) من القانون المدني السوري على انه ( يكون الوفاء للدائن أو لنائبه ويعتبر ذا صفة في استيفاء الدين من يقدم للمدين مخالصة صادرة من الدائن ألا إذا كان متفقاً على أن الوفاء يكون للدائن شخصياً )، والمادة (320) من القانون المدني الأردني على انه ( يكون الوفاء للدائن أو لنائبه ويعتبر ذا صفه في استيفاء الدين من يقدم للمدين مخالصة صادرة من الدائن ألا إذا كان متفقاً على أن الوفاء يكون للدائن شخصياً ) ، والمادة (267) من القانون المدني الجزائري على انه ( يكون الوفاء للدائن أو لنائبه ويعتبر ذا صفة في استيفاء الدين من يقدم للمدين مخالصة صادرة من الدائن ألا إذا كان متفقاً على أن الوفاء يكون للدائن شخصياً ) .

2- هذا ما أشارت إليه المادة (384) من القانون المدني العراقي بقولها (إذا كان الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبه فلا تبرأ ذمة المدين إلا إذا اقر الدائن هذا الوفاء أو تم الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين له ظاهراً كالوارث الظاهر ) ، والمادة ( 333) من القانون المدني المصري بقولها (إذا كان الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبه فلا تبرأ ذمة المدين إلا إذا اقر الدائن هذا الوفاء أو عادت عليه منفعة منه وبقدر هذه المنفعة أو تم الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين في حيازته)، والمادة (331) من القانون المدني السوري بقولها (إذا كان الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبه فلا تبرأ ذمة المدين الا إذا اقر الدائن هذا الوفاء أو عادة عليه منفعة منه وبقدر هذه المنفعة أو تم الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين في حيازته) ، والمادة (268) من القانون المدني الجزائري بقولها (الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبه لا يبرأ ذمة المدين الا إذا اقر الدائن هذا الوفاء أو عادة عليه منفعة منه وبقدر هذه المنفعة أو تم الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين في حيازته).

3- د. السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني، مصدر سابق، مج1، ج6 ، ص465.
د. السنهوري شرح القانون المدني في العقود ، مصدر سابق ، ص396 ، د. سليمان مرقس مصدر سابق ، ص420.

وانظر بهذا المعنى:

– Jean Cherallier، Louis Bach، Opcit، p. 436.

4- رقم القرار 41 / موسعة أولى / 1989 . منشور في مجلة القضاء تصدرها نقابة المحامين العراقية ، العدد الثاني ، السنة الخامسة والأربعون ، مطبعة الشعب ، بغداد ، 1990 ، ص154 .

5- د. عصمت عبد المجيد ، أحكام تخلية المأجور دراسة في تطبيقات قانون إيجار العقار ، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، 1988 ، ص 21 . القاضي علي خليل محمد جواد ، مخالفة المستأجر لعقد الإيجار كسبب من أسباب التخلية ، بحث مقدم إلى المعهد القضائي العراقي ، 1993، ص11.

6- الا أن القواعد العامة نظمت ذلك وهذا ما نصت عليه المادة (385) من القانون المدني العراقي بقولها (إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضاً صحيحاً أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها أو إذا أعلن انه لم يقبل الوفاء فيجوز للمدين ان ينذر الدائن بوجوب استيفاء حقه في مدة مناسبة يحددها في الإنذار) .

7- بهذا الصدد قضت محكمة استئناف بغداد بصفتها التمييزية في قراراً لها جاء فيه (إذا كان الإيداع خارج المدة القانونية فانه يحق للمؤجر طلب التخلية ) رقم القرار / 1325 / ايجار عقار/ 1994 بتاريخ 23 / 1 / 1994 (غير منشور) .

8- د. عصمت عبد المجيد ، شرح قانون إيجار العقار رقم 87 لسنة 1979، مصدر سابق ، ص99. د. عصمت عبد المجيد ، شرح قانون إيجار العقار رقم 87 لسنة 1979 وتعديلاته ، مصدر سابق ، ص58 .كاظم الشيخ جاسم، أحكام إيجار وفقاً للقوانين الخاصة ، مصدر سابق ، ص 235 . سعد خليل الراضي ، مصدر سابق ، ص 38 .

9- إلا ان القواعد العامة نظمت ذلك وهذا ما نصت عليه المادة ( 334) من القانون المدني المصري بقولها ( إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضاً صحيحاً أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها أو أعلن انه لن يقبل الوفاء اعتبر انه قد تم اعذاره من الوقت الذي يسجل المدين عليه هذا الرفض باعلان رسمي ) .

10- انور طلبة ، الوسيط في القانون المدني ، العقود المسماة ، ج2 ، دار الفكر العربي ، 1987، ص630 .

11- الا ان القواعد العامة نظمت ذلك وهذا ما نصت علية المادة (322) من القانون المدني الأردني بقولها (إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضاً صحيحاً حيث يجب قبوله أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها أو اعلن انه لن يقبل الوفاء – اعذر إليه المدين باعلان وحدد له مدة مناسبة يقوم فيها بما يجب عليه لاستيفاء حقه ) .

12- د. علي هادي العبيدي ، مصدر سابق ، ص31.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .