الكلمة الأخيرة للمتهم أثناء المحاكمة وآثارها عليه

لقد أصبحت الكلمة الأخيرة التي يتلفظ بها المتهم تصنف كالمعيار الذي على أساسه يدان أو يبرئ المتهم .

حيث إن بعض المتهمين سواء من يقف أول مرة أمام المحكمة أو ذوي السوابق القضائية ، نجدهم عندما يسألهم القاضي عن كلمتهم الأخيرة حول التهمة المنسوبة اليهم ، فهناك من يجيب بأنه يريد البراءة وآخر العفو وآخر الرحمة…….الخ وغيرها من العبارات . ومن خلال ذلك ارتأينا إلى تقسيم مضمون الكلمة الأخيرة للمتهم إلى أربعة حالات وهي :

الحالة الأولى : – متهم ينكر التهم المنسوبة إليه ويلتمس البراءة ….؟ – وهي حالة المتهم الذي توبع بجرم أو عدة جرائم لكنه أمــام المحكمة ينكر جملة وتفصيلا تلك الوقائع ويبقى متمسكا بالنكران ، وعند إعطائه الكلمة الأخيرة سينطق مباشــرة إني برئ ، وهذا الإنكار قد يكون وسيلة المتهم الغرض منها التملص من التهم رغم وجود أدلـة قاطعة ضده ويعزز إنكاره بالكلمة الأخيرة إنني برئ وهنا حنكة القاضي تلعب دور مهما خاصة إذا تعلق الأمــر بقضايا الجنح التي يجب قيام أركان الجريمة فيها ومنها الدليل المادي لإدانة المتهم .

الحالة الثانية : – متهم يعترف بالتهم المنسوبة إليه ويلتمس البراءة ….؟ – وهي حالة غريبة وربما ننسبها إلى أشخاص لا يفكرون أو يدعون الاستغباء قصد المغالطة ، فكيف لمتهم أن يعترف بالجرم الذي ارتكبه سواء تمثل في السرقة أو حيازة المخدرات ثم عندما تعطى له الكلمة الأخيرة يقول انه بـــرئ في الوقت الذي يفترض فيه التصريح بندمه من فعلته تلك ويطلب الصفح وهنا يدرك القاضي أن المتهم رغم قيامــه بالفعل المجرم واعترافه به ، فهو لم يحس بالذنب وربما سيواصل نهج الانحراف .

الحالة الثالــــثة : – متهم ينكر التهمة ويلتمس الصفح والعفو……؟ – إن إنكار المتهم للوقائع المنسوبة إليه ، يدفعنا إلى القول أن هذا الشخص ربما لم يرتكب تلك الأفعال ورغم هذا لا بد عليه أن يثبت بكل الطرق المخولة قانونا انه برئ من قيود التهمة تعزيزا لإنكاره ولكن ما يجعلنا نضع علامة استفهام وحيرة …؟! ، هو مضمون الكلمة الأخيرة لهذا المتهم عندما يسأله القاضي ويقول سيدي الرئيس أطلب العفو والصفح من عدالتكم …..؟ ٍ،وهنا قد يتعجب القاضي من هذا الإدلاء ولكن في قرارة نفسه يدرك ما صرح به المتهم ليس زلة لسان فهو ينكر من جهة ومن جهة أخرى يطلب العفو فهذا تناقض صارخ ومؤشر على عدم صدق المتهم .

الحالة الرابعة : – المتهم يعترف بالتهمة ويلتمس العفو والصفح : – هذه الحالة تختلف عن سابقتها لأن المتهم قد إعترف بالجرم المنسوب إليه وينتظر من القاضي الأخذ بعين الاعتبار هذا الاعتراف قصد تخفيف الحكم عليه و بذلك تتمثل كلمة المتهم الأخيرة في طلب الصفح والعفو وحتى تخفيض العقوبة وجعلها موقوفة التنفيذ .

وعليـــــــه – ومن خلال هذه الحالات يتبين أن الكلمة الأخيرة للمتهم قد تكون معيار أساسيا يعتمد عليه القاضي في حكمه على المتهم ، الأمر الذي يجعلها سلاح ذو حدين في حالة تناقض مضمونها مع محتوى ما أدلى به المتهم أثناء التحقيق معه في الجلسة من طرف القاضي .

لذلك نرى أن دور الدفاع ( أي محام المتهم ) لا بد له أن يتناقش مع موكله حول مضمون الوقائع المنسوبة إليه ، و تنبيهه إلى أهمية الكلمة الأخيرة بالنسبة له والتي هي حق قانوني وعليه استغلال هذا الحق لفائدته وليس ضده وهذا انطلاقا من مدى صدقه في تصريحاته أمام القاضي .

وهنا نشير إلى ترك المتهم يسرد الوقائع كما هي وان تكون ثقته في القاضي كبيرة وليس معناه أن الدفاع مطالب بتلقين المتهم ما يقوله لان هذه التصرفات بعيدة عن أخلاقيات مهنة المحاماة النبيلة وقد تنعكس سلبا على هيئة الدفاع .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت