القصد المتعدي أو ما يسمى بالجريمة متعدية أو متجاوزة قصد الجاني هو ارادة النشاط مع توافر نية الجاني ” قصده” في تحقيق النتيجة المحظورة قانوناً فاذا بنتيجة أشد جسامة تقع لم تنصرف اليها نيته . ومثال الجريمة متعدية القصد الضرب أو الجرح أو اعظاء المواد الضارة التي يتسبب عنها موت انسان دون قصد احداثه ” المادة 236 من قانون العقوبات ” ، وكذلك جريمة الضرب المفضي الى اجهاض ” المادة 236 من قانون العقوبات ” .

ولعل أظهر ما يميز القصد المتعدي الذي يتشكك البعض رغم ذلك في حقيقته هو وقوع نتيجتين احداهما بسيطة انصرفت نية الجاني الى تحقيقها وتعد بالتالي نتيجة مقصودة ، والأخرى جسيمة لم تنصرف اليها نية الجاني ولم يتوقعها وتعتبر بالتبع نتيجة غير مقصودة . فالجاني في جريمة الضرب أو الايذاء المفضي الى موت قد انتوى تحقيق الضرب أو الايذاء بوصف أيهما نتيجة بسيطة ، ولم يكن منتوياً ” قاصداً ” تحقيق الوفاة كنتيجة جسيمة . كما أن الجاني قد انصرفت نيته الى ضرب المرأة التي كان يجهل كونها حاملاً كنتيجة بسيطة ، ولم يكن ينوي أو يقصد اجهاضها كنتيجة جسيمة .

والقصد المتعدي كصورة خاصة للركن المعنوي ذو جوى فقهية بقدر ما يمثل حقيقة تشريعية . فجدواه النظرية تتمثل في أنه ينير منطقة معتمة في الركن المعنوي ويستظهر عناصرها ويفض الالتباس القائم بينها وبين صور أخرى تكاد تتداخل معها . فالقصد المتعدي بذلك صورة وسط بين القصد الجنائي من ناحية ، والخطأ غير العمدي من ناحية أخرى . وهو يختلف عن كل منهما كما سوف نرى . أما حقيقته التشريعية فتتجلى في تجريم المشرع لبعض صور السلوك التي تمخض عنها أكثر من نتيجة مقرراً لها عقوبة أقل من عقوبة الجريمة العمدية وأكثر من عقوبة الجريمة غير العمدية . ولا يمكن تفسير هذه المعالجة التشريعية المغايرة الا على أنها تعكس صورة أخرى للركن المعنوي لا هي بالعمد ولا هي بالخطأ . ولا شك أن ” تحري وجود الخطأ في الجريمة ووضعه من هذه الصور جميعاً ، يمثل درجة من درجات التحضر في العقاب لأنه يجعل المسؤولية الجنائية منوطة بالخطأ لا بالضرر . أي مؤسسة على العدل لا على الانتقام وبهذا تتأكد قيمة عظمى من قيم الانسان .