_ أولاً : تعريف العمد و استخلاص عناصره : 

العمد كما سمى بالقصد الجنائي هو ” ارادة النشاط والعلم بالعناصر الواقعية الجوهرية اللازمة لقيام الجريمة و بصلاحية النشاط لاحداث النتيجة المحظورة قانوناً مع توافر نية تحقيق ذلك ” . ويستخلص من التعريف السابق أن عناصر العمد أو القصد الجنائي هي ذاتها عناصر الركن المعنوي عموماً لكن البعض منها يتحقق في درجة قصوى وهذه العناصر هى : 

1- ارادة النشاط المكون للركن المادي للجريمة سواء متمثل في الفعل الايجابي غالباً أم في مجرد الامتناع أحياناً متى استكمل الامتناع الشروط اللازم توافرها . 

2- العلم بالعناصر الواقعية الجوهرية اللازمة لقيام الجريمة .

3- العلم بصلاحية السلوك أو الامتناع لاحداث النتيجة ، وقد يرقى هذا العلم الى حد اليقين اذ تصبح النتيجة متوقعة كأمر لازم فيتوافر العمد أو القصد الجنائي في صورته المباشرة ، وقد يبلغ درجة الاحتمال حين يصبح الأصل في علم الجاني هو حدوث النتيجة ما لم يطرأ ما يحول دون ذلك . وبهذا الاحتمال أو التوقع يتوافر العمد أو القصد الجنائي في صورته غير المباشرة أو الاحتمالية . 

4- توافر الصلة النفسية بين الفاعل و النتيجة متمثلة في نية تحقيق هذه الأخيرة ، وينبغي أن تكون هذه النية واضحة لا لبس فيها على نحو تأخذ فيه صورة العزم أو التصميم ، فاذا لم تكن نية تحقيق النتيجة مؤكدة في نفسية الجاني انتفى القصد الجنائي لديه وان جاز توافر الخطأ غير العمدي متى توافرت باقي شروطه . 

_ ثانياً : الباعث ليس من عناصر القصد الجنائي : 

لئن كان القصد الجنائي أو العمد يقوم بمجرد توافر هذه العناصر ، فان مؤدى ذلك عدم اعتبار الباعث أو الدافع عنصراً في هذا القصد . والباعث أو الدافع هو الغاية الشخصية أو الغرض البعيد الذي يتوخاه الجاني من جراء ارتكابه الجريمة . وهذا الباعث أو الدافع لا يمكن تحديد صوره أو اخضاعه للحصر ، اذ يختلف من موقف الى آخر ومن شخص الى آخر ، ففي جريمة القتل قد يكون دافع الجاني أو باعثه هو الانتقام أو الغيرة أو الحقد أو الطمع في ثروة القتيل أو حتى الشفقة بهدف تخليص المجني عليه لمرض لا يرجى شفاؤه ، وفي كافة هذه الأحوال فان القصد الجنائي يقوم لدى الجاني بصرف النظر عن الباعث الذي حدا به الى ارتكاب القتل . وفي جريمة السرقة أيضاً يتصور أن تتعدد البواعث على ارتكابها وتختلف بالتالي من سارق الى آخر فقد يكون الباعث هو الانتقام لا أكثر ، أو الحصول على مال المجني عليه لاشباع رغبات ونزوات الجاني ، أو مساعدة فقير بهذا المال ، على أي حال فان أياً من هذه البواعث لا تأثير لها على البناء القانوني للجريمة . فالأخيرة تكتمل ويتوافر القصد الجنائي فيها لدى الفاعل ولو كان دافعه الى ارتكابها دافعاً نبيلاً .

ورغم ذلك فقد يؤخذ بالباعث أو الدافع في الاعتبار فيما يتعلق بتقدير العقوبة المحكوم بها على الجاني فقد يكون الدافع الشائن سبباً لتشديد العقوبة والدافع النبيل سبباً لتخفيفها استناداً لما يملكه القاضي من سلطة تقديرية يخوله اياها المشرع في هذا الخصوص ، و قد تجعل بعض التشريعات صراحةً من بعض الدوافع الشائنة أو النبيلة سبباً لتشديد أو تخفيف العقوبة . أما فيما عدا دور الباعث في تقدير العقوبة فلا تأثير له البتة على البناء القانوني للجريمة ، وهو ما أكد عليه القضاء مراراً .