القانون المصري يواجه التلاعب بالسلع في ظل أزمة جائحة كورونا

“سئل الإمام على: من أحقر الناس؟ فقال: من ازدهرت أحوالهم يوم جاعت أوطانهم” وهم من يُطلق عليهم فى العصر الحديث بـ “أغنياء الحرب”، فقد فجّر وباء كورونا – كوفيد 19 – مشكلة طغيان المادة علي سلوك بعض الناس عن غيرها من مقومات الحياة لدرجة أصبح شغلهم الشاغل هو نقص أسبابها ابتغاء الزيادة فيها، وإذا كان ذلك أمر محمود متي كانت وسيلته مشروعة ويتم في الظروف العادية لكن يبدو الأمر ممقوتا حينما يتعلق بالسلع الضرورية التى تحرص الدولة على توفرها للمواطن، ويزداد الأمر مؤقتا فى ظل المحن والأزمات لاسيما عند انتشار الأوبئة والأمراض.

خرب الذمة يستغل الأزمات لتحقيق مكاسب مادية
قلة قليلة من الناس خرب الذمة معتل الضمير يستغل هذه الأزمات مدفوعا ببريق المال ويتخذ سلاحا له للتلاعب فى السلع والمواد الضرورية، وذلك لبقاء الفرد واستمرار الحياة فى المجتمع والغش والتدليس فيها يساعده فى ذلك سلوك خاطئ يتمثل فى تدافع، وتهافت الناس على السلع لسد حاجتهم وتخزينها خشية استمرار الأزمات لمدد طويلة، وهو ما يجرى الآن فى ظل وباء كورونا إذ قام بعض التجار بالتلاعب فى السلع الضرورية المدعومة برفع أسعارها عما هو محدد وقيامهم بالامتناع عن بيعها بل وجمعها من الأسواق وتخزينها فترة ثم اعادة طرحها للبيع بأسعار مبالغ فيها كذا شرائها من الأسواق بثمنها المحدد ثم إعادة بيعها بثمن مرتفع مبالغ فيه.

فى التقرير التالى، يلقى “اليوم السابع” الضوء على كيفية تصدى الدولة والقانون لمثل هذه الأفعال من التلاعب في السلع والمواد الضرورية، وذلك فى الوقت الذى جرى تخصيص رقم تليفون واتس آب للإبلاغ عن أى بائع أو محل يبيع أى سلعة بأسعار مرتفعة أو يحتكر الأسعار استغلالاً للظروف الراهنة من قبل وزارة التنمية المحلية حيث أن الوزارة تتلقى البلاغات عن استغلال التجار والمحال أو احتكار السلع الغذائية وعدم عرضها على الرقم الخاص بمبادرة صوتك مسموع، وهو واتس آب 01150606783 – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.

4 قوانين وضعها المشرع للتصدى لأغنياء الحرب
فى البداية – المشرع الجنائي لم يقف مكتوف الأيدى ازاء تلك الظاهرة متخاذل العقل جامد الفكر بل ضرب بيد من حديد علي كل من تسول له نفس الإحتكار والتلاعب في الأسعار من خلال تشريعات الغش والتدليس رقم 41 لسنة 1941 والتموين رقم 95 لسنة 1945 والتسعير الجبري رقم 163 لسنة 1950 وقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 لسنة 2005 والتعديلات المتتالية عليهم وأهمها االقانون رقم 15 لسنة 2019 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1946 الخاص بشئون التموين وبعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 2005، لمواجهة التلاعب والسرقة والغش فى مواد التموين المدعومة من الدولة أو نشر أو الادلاء ببيانات غير صحيحه عنها – وفقا لـ” فاروق” .

كما أضاف القانون رقم 15 لسنة 2019 تعديلا جديدا على المادة “3 مكرر ب”، لتنظيم عقوبات التلاعب بالأسعار بتغليظها واضافة أنماط وصور جديدة للتجريم المنصب علي مواد التموين والمواد البترولية المدعومة ماليا من الدولة الموزعة عن طريق شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام والجمعيات التعاونية الاستهلاكية وفروعها ومستودعات البوتاجاز ومحطات خدمة وتموين السيارات أو غيرها ومن صور التجريم الشراء لأجل البيع سلع تموينية تدعمها الدلة أو الامتناع عن بيعها أو بيعها لآخر مع العلم بأن الاخر سيعد بيعها أو الإخفاء أو تعليق البيع علي شرط أو خلط السلعة بقصد الاتجار أو تفريغ حموله نقلها لغير الجهات المحده أو تقليدها أو تقرير حصها منها تويد عما هو مستحق.

تجريم نشر أخبار أو إعلانات غير صحيحة أو مضللة عن السلعة
ومد التجريم المشرع كذلك علي نشر أخبار أو إعلانات غير صحيحة أو مضللة عن السلعة أو الخدمة بأية وسيلة من وسائل الإعلام بهدف تضليل المستهلك أو الإضرار بمصالحه، وكذا الإدلاء ببيانات كاذبة أو نشر شائعات تتصل بوجود السلعة أو بسعرها أو بتوزيعها بقصد التأثير على عرض السلعة أو أسعار تداولها، ولكن يؤخذ علي خطة المشرع في هذا الشأن أنه لم يجعل وقوع تلك الجرائم في زمن الأوبئة والأمراض والأزمات ظرفا مشددا للعقاب يرفع العقوبة من الحبس إلي السجن لتضحي الجريمة جناية وليس مجرد جنحة وهو ما نلمس من المشرع سرعة الاستجابة إليه في ظل تفشي وباء كورونا – الكلام لـ”فاروق”.

10 جرائم حدد المشرع فى التلاعب بالسلع والمنتجات

وإذ نصت المادة الثالثة “مكررا ب” المشار إليها علي أن مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد من المنصوص عليها فى قانون العقوبات أو أى قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، كل من:

1-اشترى لغير استعماله الشخصى لإعادة البيع مواد التموين والمواد البترولية المدعومة ماليا من الدولة الموزعة عن طريق شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام والجمعيات التعاونية الاستهلاكية وفروعها ومستودعات البوتاجاز ومحطات خدمة وتموين السيارات أو غيرها وكذلك كل من باع له المواد المشار إليها مع علمه بذلك أو كل من امتنع عن البيع للغير.

2 ـ أخفى المنتجات المنصوص عليها فى البند “1” والمعدة للبيع عن التداول أو لم يطرحها للبيع أو امتنع عن بيعها أو علق بيعها على شرط أو اشترط بيع كمية معينة منها أو ربط البيع بشراء أنواع أخرى .

– 3 خلط بقصد الإتجار المواد المذكورة فى البند “1” بغيرها أو غير مواصفاتها أو حازها بهذا القصد بعد خلطها أو تغير مواصفاتها.

4 ـ عهد إليه بتوزيع المواد المنصوص عليها فى البند “1” فى مناطق معينة أو على أشخاص معينين وامتنع عن بيعها لمستحقيها أو التصرف فيها خارج المنطقة أو إلى غير هؤلاء الأشخاص.

5 ـ فرغ حمولة المنتجات البترولية أو التموينية أو نقلها أو حولها من قبل الناقل أو سائقى السيارات المستخدمة أو وكلاء ومديرى الفروع ومتعهدى التوزيع وشركات تسويق المنتجات البترولية إلى جهات غير تلك المحددة فى مستندات الشحن.

6 ـ قلد عبوات المواد المنصوص عليها فى البند “1” المعدة بمعرفة أجهزة الحكومة أو القطاع العام وقطاع الأعمال العام وفروع أى منهما أو الجمعيات التعاونية الاستهلاكية أوبناء على المواصفات التى تحددها إحدى تلك الجهات أو بناء على أمر منها أو استعمل أو تداول تلك العبوات أو حازها بقصد استعمالها أو تداولها وكان عالما بتقليدها.

7 ـ توصل بدون وجه حق إلى تقرير حصة له فى توزيع مواد تموينية أو بترولية أو غيرها من المواد التى يتم توزيعها طبقا لنظام الحصص، وذلك بناء على تقديم معلومات أو وثائق غير صحيحة أو توصل إلى الحصول على هذه الحصص نفسها دون وجه حق أو بعد زوال السبب الذى قام عليه تقرير حقه فيها، أو استعمل الحصة أو تصرف فيها على غير الوجه المقرر لذلك، أو كان مخلا بالغرض من تقرير التوزيع بالحصص أو من كان مختصا بتقرير هذه الحصص أو بصرفها متى قرر الحق فى الحصة أو أقر بصرفها لغير مستحق.

8-نشر أخبار أو إعلانات غير صحيحة أو مضللة عن أى سلعة أو خدمة بأية وسيلة من وسائل الإعلام بهدف تضليل المستهلك أو الإضرار بمصالحه. 9 ـ أدلى ببيانات كاذبة أو نشر شائعات تتصل بوجود سلعة تموينية أو بترولية أو بسعرها أو بتوزيعها بقصد التأثير على عرض السلعة أو أسعار تداولها.

10 ـ رفض دون مسوغ قانونى استلام حصته من المواد التموينية أو البترولية لتوزيعها.

أحكام رادعة بالمصادرة وغلق المحال
ويحكم فى جميع الأحوال بمصادرة المواد او العبوات المضبوطة، ويجوز للمحكمة أن تقضى بإلغاء رخصة المحل، وظاهر نص المادة الثالثة مكررا المشار إليه يوهم بانحسار العقاب عن الشخص الذي يسخره التاجر لشراء سلع تموينية من الأسواق لصالح التاجر نظير مبلغ من المال أو مجاملة ثم يقوم التاجر باعادة بيعها إذ الشخص المسخر هنا لا يبيع السلعة، وإنما يسلمها للذي سخره – وهي ثغرة في القانون – ولكن هذا غير صحيح إذ سلوك الشخص عندئذا يندرج تحت صورة الاشتراك مع التاجر في بيع السلعة عن طريق المساعدة المتمثلة في فعل الشراء، فيعاقب بمقتض المادتين 40 و41 من قانون العقوبات بذات عقوبة البائع الواردة في المادة الثالثة لأن من اشترك في جريمة فعلية عقوبتها لاسيما وأن الشراء هنا لم يكن بقصد الاستعمال الشخص حسبما نص القانون، وإنما لاحضار السلعة للفاعل كي يبيعها.

ويلاحظ أن نص المادة الثالثة مكررا المشار إليه قد نص علي أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد بما يسمح بتطبيق عقوبات مغلظة وردت في قانون العقوبات بشأن السلع المتعلقة بقوت الشعب عند الاخلال بنظام توزيعها وهو ما يسري علي السلع التموينية متي حدث الاخلال من موظف عام إذ نصت المادة 116 علي أن كل موظف عام كان مسئولاً عن توزيع سلعة أو عهد إليه بتوزيعها وفقاً لنظام معين فأخل عمداً بنظام توزيعها يعاقب بالحبس، وتكون العقوبة السجن إذا كانت السلعة متعلقة بقوت الشعب أو احتياجاته، ويعتبر الغير الذي وقع الاخلال لصالحه شريكا طبقا للقواعد العامة.

العقوبات بالحبس والغرامة
كما نصت المادة 116 مكرر علي أن كل موظف عام أضر عمداً بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة يعاقب بالسجن المشدد، فإذا كان الضرر الذي ترتب على فعله غير جسيم جاز الحكم عليه بالسجن، كما أيضا يمكن أن ينطبق نص المادة 116 مكرر “ج” من قانون العقوبات الذي يرصد عقوبة السجن عند الاخلال العمدي بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة ارتبط به شخص مع إحدى الجهات المبينة في المادة 119 أو مع إحدى شركات المساهمة وترتب على ذلك ضرر جسيم، أو إذا ارتكب أي غش في تنفيذ هذا العقد .

وكل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي من العقود سالفة الذكر، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين وذلك ما لم يثبت أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد، ويحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة، ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال، المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعاً إلى فعلهم.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت