هناك عوامل تؤثر على حجم الأرباح المتحققة بشكل عام، وهناك عوامل تؤثر على حجم توزيعات الربح، سنتناول بداية العوامل التي تؤثر على حجم الأرباح المتحققة.

أولاً. العوامل التي تؤثر على حجم الأرباح:

1. أسعار المبيعات: كلما ارتفعت أسعار منتجات الشركة كلما زادت أرباحها عن الحالة التي تكون فيها الأسعار منخفضة، ولا شك ان ارتفاع أسعار منتجات الشركة يتطلب منها اتباع سياسات بيعية ملائمة مثل منح خصم، القيام بحملات إعلانية، وكذلك التعامل بالسلع ذات الطلب الكبير ومواكبة التغيرات في أذواق الجمهور(1).

2. مقدار السيولة: في توافر السيولة لدى الشركة جانب ايجابي وآخر سلبي، فتوافر السيولة (وبالذات النقد وهو أقصى درجات السيولة) يعد أمراً ايجابياً لأنه يمكن الشركة من القدرة على استثماره في شراء أصول جديدة أو أوراق مالية، أما الاحتفاظ به كنقد فيعد امراً غير مجد للشركة، لان النقد عقيم ولا يولد أرباحاً الا إذا تم استثماره(2)، وأما الجانب السلبي فان احتفاظ الشركة بأرصدة نقدية كبيرة يمكنها من توزيع أرباح مرضية، الا انه على المدى البعيد يقلل من الربح الموزع لانها لم تستثمر النقد الذي كان لديها، فالاستثمار يولد ربحاً.

3. كثرة العوادم والتلف مما لاشك يؤدي إلى تخفيض الربح(3).

4. طبيعة سياسة الاستهلاك: اتباع سياسة استهلاك سريعة وذلك باقتطاع نسبة عالية لقسط الاندثار، يؤدي إلى تقليل نسب الأرباح اكثر مما لو تم اتباع سياسة استهلاك ثابتة، وقد لاحظنا ان اكثر الشركات تستخدم طريقة القسط الثابت(4).

5. التطور التقني والآلات الحديثة: ان استخدام الآلات المتطورة والتقنية الحديثة يؤدي إلى زيادة الإنتاج وقلة استخدام الأيدي العاملة وانخفاض التكاليف مما يرفع من مستوى الأرباح المتحققة(5).

6. معدل الضرائب على الأرباح: ان ارتفاع معدل الضريبة المفروض على الأرباح التجارية يؤدي إلى اقتطاع قسط كبير وبالتالي خفض صافي الربح المتبقي(6).

7. حجم المبيعات: يعد هذا العامل من العوامل المهمة والرئيسة لتأثيره على الربح المحقق للشركة، اذ يرتبط الربح بمقدار الإيراد (الربح الإجمالي) الناجم عن المبيعات، والعلاقة طردية بينهما أي بين الربح الإجمالي وحجم المبيعات، وكلما زاد حجم المبيعات ازداد الربح، وكلما انخفض حجم المبيعات أدى إلى تدني الربح الإجمالي، ولا يعتد بزيادة الأرباح في حالة زيادة حجم المبيعات إذ لم تكن التكاليف منخفضة، لأنه إذا كانت الأخيرة عالية كان الربح ضعيفاً، ان الربح هو الإيراد مطروحاً منه النفقات (ومن ضمنها التكاليف).

ثانياً. العوامل التي تؤثر على توزيع الأرباح :

1. النصوص القانونية: يخضع توزيع الأرباح إلى مبادئ وقواعد اتفاقية وقانونية(7)، وكقاعدة عامة على الشركة الالتزام بها، واهم هذه المبادئ هي الحفاظ على راس المال بابقائه ثابتاً عند القيام بتوزيع الربح لأنه الضمان الأدنى للدائنين، وكذلك عدم اجراء توزيعات من كل من الاحتياطي القانوني والاحتياطي النظامي، فالأول تجمع التشريعات على عدم اجراء توزيعات منه، اما بالنسبة للاحتياطي النظامي فالراجح لدى فقهاء القانون عدم إجراء توزيعات منه، لأنهما يدعمان راس المال ويحافظان عليه وعلى ثباته، فيكون امام الشركة الاحتياطي الحر القابل للتوزيع.

الشركة عند توزيعها أرباحاً ينبغي ان لا يؤثر ذلك على التزاماتها النقدية في مواعيدها(8) ويحق للدائنين الطلب من المحكمة إبطال قرار التوزيع إذا ترتب عليه منع الشركة من اداء التزاماتها تجاه الدائنين حتى لو كانت أرباحا حقيقة(9). ومن الافضل ان ينص المشرع العراقي صراحة على صيانة حقوق الدائنين وحماية لهم، وباعتقادنا ان المشرع اكتفى في معالجة هذا بالقواعد العامة للقانون المدني(10). كما ان الشركة عليها إطفاء خسائرها قبل القيام بأي توزيعات، إلى أن يتم إعادة رأس المال كاملاً مالم يقرر الشركاء إنقاص رأس المال إلى رأس المال الفعلي، كما ينبغي عليها عدم إدراج أرباح غير متحققة كما في حالة ارتفاع أسعار الموجودات في السوق، فتظهر عند الجرد زيادة في أصول الشركة، فهي زيادة غير متحققة، فالتحقق لا يتم الا بالبيع(11). كما انه لا يوزع ربح تحقق من بيع بعض أصولها لانه يعد بمثابة إعادة راس المال المتمثل بالموجودات إلى المستثمرين (المساهمين) في حال حياة الشركة باستثناء القانون المصري الذي أباح هذا التوزيع، واشترط المحافظة على أصول الشركة كما كانت(12). ونلاحظ ان بعض القوانين حدد نسبة التوزيعات من الربح أو ترك من نظام الشركة تحديد هذه النسبة كالقانون المصري والإماراتي(13).

2. تسديد الديون: تلجأ الشركة عند قيامها بالتوسع أما إلى زيادة راس مالها أو الاقتراض، وعندما يكون خيارها الثاني أي الالتجاء إلى القروض، تسددها أما عن طريق:

أ. استبدال القرض بقرض جديد.

ب. وإما من تمويلها الذاتي.

وتأخذ الشركة بالاختيار الأول إذا كانت تستثمر هذه القروض استثماراً يحقق عائده تفوقاً على سعر الفائدة السنوي للقروض(14). وعادةً يفضل البديل الثاني وهو سداد القرض من أموالها الذاتية لانه يقلل من الخطر الذي قد يواجه الشركة (كمخاطر عدم القدرة على التسديد عند حلول الاجل) كما انه يزيد مركز الشركة المالي متانة.

3. وضع السيولة: قد تحقق الشركة أرباحاً عالية وبنفس الوقت تملك احتياطيات عالية ومع هذا لا تملك السيولة اللازمة (أي النقد)(15) لتوزيع أرباح نقدية ولا سيما إذا كانت الشركة تعتمد على البيع بالآجل أو كانت تستخدم السيولة لسداد القروض أو القيام بالتوسعات، حيث يجب على إدارة الشركة ان تقوم بتحديد وضع السيولة فيها قبل توزيعها للأرباح كونه شكلاً من أشكال التدفقات النقدية الخارجة منها لذا يجب أخذها بعين الاعتبار عند إعداد الموازنة النقدية.

4. طبيعة نشاط الشركة: نوعية نشاط الشركة يؤثر تاثيراً كبيراً على تحديد توزيع الأرباح، فالشركات الصناعية على سبيل المثال المشروبات الغازية تكون نسبة المبيعات فيها عالية، وهناك سلع ضرورية يكون الطلب عليها مستمراً بغض النظر عن الأحوال الاقتصادية السائدة رخاء أو كساد أو ازمة اقتصادية، فيكون للشركة عائدات مستقرة، ويترتب على هذا ان تتخذ الشركة سياسة مستقرة في توزيع الأرباح، بينما السلع الكمالية يكون الطلب عليها في فترات الرخاء الاقتصادي فقط، فتكون عوائد الشركة متقلبة فيترتب على هذا ان تحتفظ الشركة باحتياطيات كبيرة لمواجهة قلة الطلب على انتاجها في فترات الكساد والأزمات الاقتصادية للحفاظ على معدل توزيع مستقر للربح، بينما الشركات التي تعمل في مجال التكنولوجية (كشركات الحاسوب مثلاً) يفرض على الشركة الاحتفاظ بالاحتياطيات وبرصيد كبير لتمويل عمليات البحث والدراسات لمواكبة التطور والتمكن من المنافسة(16).

5. عمر الشركة: من البديهيات ان لعمر الشركة تأثيراً كبيراً على النسبة الموزعة من الربح، فالشركة الحديثة التأسيس تكون بحاجة إلى أموال كبيرة لتمويل توسعها، وبنفس الوقت تواجه صعوبات في الحصول على أموال إضافية سواء عن طريق زيادة راس المال أم سندات القرض لتخوف المساهمين من الدخول في مجالات استثمارية جديدة، أي ان الإقبال على شراء أسهمها وسندات قرضها لا يكون بالمستوى الكافي والمطلوب، مما يستوجب على الشركة استبقاء رصيد كبير من الاحتياطي(17)، ليتسنى لها استثماره، بعكس الحال للشركة المعمرة التي تتمتع عادة بوضع مالي مستقر ومتين فيتسنى لها القيام بتوزيع معدل عالي من الأرباح، وبنفس الوقت تتمتع برصيد عالي من الاحتياطيات، وعادة يتسهل الأمر على هذه الشركة الحصول على أموال جديدة سواء عن طريق زيادة راس المال أم سندات القرض بإقبال المستثمرين على شراء أسهمها أو سندات القرض.

___________________

1- د. زياد رمضان، الإدارة المالية في الشركات المساهمة، دار الصفا للنشر والتوزيع، عمان، 1995، ص111.

2- د. زياد رمضان، مصدر سابق، ص112. ينظر نفس المعنى فراس نعيم حسني، قياس تكلفة راس المال بتسعير الأصل الراسمالي وتقييم توزيعات الأرباح والعلاقة مع بعض نسب الربحية، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الاردنية، 1995، ص49.

3- سيد محمد علي جبارة، ملائمة نسب السيولة والربحية في تحليل ومناقشة القوائم المالية، ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الإدارة والاقتصاد، جامعة الموصل، 1997، ص24.

4- هناك عدة طرق لحساب الاندثار هي:

أ. طريقة القسط الثابت.

ب. طريقة القسط المتناقص.

ج. طريقة الوحدة الانتاجية.

د. طريقة اعادة التقدير. المادة السادسة من نظام الاندثار رقم (9) لسنة 1994، المنشور في الوقائع العراقية العدد (3533) في 24/10/1994.

5- سيد محمد علي جبارة، ملائمة نسب السيولة والربحية في تحليل ومناقشة القوائم المالية، ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الإدارة والاقتصاد، جامعة الموصل، 1997، ص25.

6- محمد أبو المحاسن، مبدأ التحقق واثره على تحديد وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية، رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة عين شمس، القاهرة، 1977، ص52.

7- سيتم تناول هذه المبادئ والقواعد الاتفاقية والقانونية في المبحث الثالث في الفصل الثاني.

8- هذا ما نص عليه المشرع المصري صراحة في المادة (43) من قانون الشركات المصري.

9- المادة (198) من اللائحة التنفيذية لقانون الشركات المصري، د. سميحة القليوبي، مصدر سابق، ص484. د. احمد محمد محرز، القانون التجاري، ج1، مطبعة حسان، ط1، القاهرة، 1987، ص709.

10- المادة (263) من القانون المدني العراقي التي أعطت الحق للدائن بإقامة دعوى عدم نفاذ التصرف الذي يقوم به المدين إذا كان التصرف انقص من حقوقه أو زاد التزاماته وترتب عليها إعسار المدين أو زيادة إعساره.

11- يكون احتياطي رأسمالي يطلق عليه احتياطي إعادة تقييم الموجودات.

12- المادة (40) من قانون الشركات المصري.

13- المادة (196) من اللائحة التنفيذية لقانون الشركات المصري. المادة (194) من قانون الشركات الإماراتي.

14- حمادو الشريف بن نعمون، سياسات توزيع الأرباح واثرها على سعر السهم في الشركات الصناعية الأردنية المساهمة المدرجة في سوق عمان المالي، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، 1995، ص49.

15- محمد سامي محمد، تقييم السياسات المالية في شركة الصناعات الوطنية الكويتية، رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة الكويت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 1982، ص270.

16- حمادو الشريف بن نعمون، سياسات توزيع الأرباح وأثرها على سعر السهم في الشركات الصناعية الأردنية المدرجة في سوق عمان المالي، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، 1995، ص64.

17- محمد سامي محمد، تقييم السياسات المالية في شركة الصناعات الكويتية، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة الكويت، 1982، ص271.

المؤلف : فيان يوسف نوري محمود
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني للربح في الشركة المساهمة
الجزء والصفحة : ص37-41

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .