سنبين في هذا الموضوع الأثر المترتب على هذا النوع من التوزيع بالنسبة لكل من المساهم، الدائن، مجلس الادارة، ومراقب الحسابات:

1. المساهم:

لم يبين المشرع العراقي في نصوص قانون الشركات الموقف في حالة قبض المساهم أرباحاً صورية، وباعتقادنا ووفقاً للقواعد العامة في القانون المدني العراقي انه لا يحق للمساهم قبض تلك الأرباح، لأنه قبض حق لا يستحقه استناداً إلى حكم الفقرة الثانية من المادة (233) أي وفقاً لقاعدة الدفع غير المستحق، ويتم التعامل مع المساهم على انه سيء النية في جميع الأحوال حتى وان ادعى انه لا يعلم بصورية الربح الموزع أي حسن النية، الا ان المساهم بتقديري سيء النية لانه كان عليه الاطلاع على وثائق الشركة، فهذا حق من حقوقه الإدارية، فجزاء له على عدم ممارسته لهذا الحق وتقصيره يعامل على انه سيء النية ويلزم برد ما قبضه. واختلف الفقهاء في شأن الاسترداد والأساس الذي يقوم عليه، وعلى النحو الآتي:

الاتجاه الأول: اقام الاسترداد على اساس استرجاع لراس مال الشركة، فالتوزيع الصوري للربح هو بمثابة توزيع لراس مالها في حال حياتها، وعد المساهم سيء النية في جميع الاحوال كونه يمنح حق الاطلاع على وثائق الشركة ودفاترها فجزاء لتقصيره يعامل كسيء النية ويلزم برد ما قبضه، ويخضع الاسترداد إلى دعوى دفع غير المستحق(1).

الاتجاه الثاني: لم يفرق بين المساهم الحسن النية وسيئها، لان الربح الصوري لا يعد من الثمرات التي يمتلكها حسن النية في القبض، كونه ربحاً غير حقيقي وبالتالي لا يعد من قبيل الثمرات المكتسبة لهذا يستوجب عليه الرد(2).

الاتجاه الثالث: لم يجز استرداد الأرباح إذا كان المساهم حسن النية(3).

أوجب كل من القانون المصري والإماراتي والإنكليزي على المساهمين رد ما قبضوه ولم يفرق بين النوايا(4). وكان الأفضل لو نص المشرع العراقي على وجوب استرداد الربح الصوري من المساهمين الذين قبضوا هذا الربح.

2.الدائن:

لم يبين المشرع العراقي موقف الدائن من الشركة في حالة قيامها بهذا التوزيع وباعتقادنا انه ترك الامر للقواعد العامة في القانون المدني العراقي وذلك في المواد التالية:

أ. الدعوى غير مباشرة: أعطى المشرع العراقي الحق لكل دائن وان كان حقه غير مستحق الأداء ان يستحصل باسم مدينه حقوق هذا المدين الا ما اتصل منها بحقوق شخصية، يقيمها الدائن على الشركة(5).

ب. دعوى عدم نفاذ التصرف: بالنسبة للدائن الذي اصبح حقه مستحق الاداء ويقيمها الدائن على الشركة(6). وقد بين القانونان المصري والإماراتي موقف الدائنين في حالة توزيع الأرباح الصورية، فقد أعطى الحق له بالطلب من المحكمة ابطال قرار التوزيع، وكذلك اعطى الدائن الحق في الرجوع على المساهمين الذين علموا بصورية الأرباح في حدود الربح الذي قبضوه(7).

3. مجلس الإدارة ومراقب الحسابات:

تثار على مجلس الإدارة مسؤوليتان (مدنية وجزائية).

أ. المسؤولية المدنية:

لم يتطرق المشرع العراقي إلى هذه المسؤولية مباشرة ولكننا نلاحظ انه أشار إليها إشارة غبر مباشرة على النحو الآتي:

1. أوجب المشرع على رئيس وأعضاء مجلس الإدارة وأعضائها ان يبذلوا دائماً العناية بتدبير مصالح الشركة ما يبذلونه في تدبير مصالحهم الخاصة، وكذلك إدارتها ادارة سليمة وقانونية أي وفقاً للمعايير والاسس العلمية السليمة في الإدارة وطبقاً للقواعد القانونية، وباعتقادنا انه عند قيامهم بتوزيع أرباح صورية يكونون قد أخلوا بتطبيق القانون(8) وعقد الشركة مما يستوجب قيام المسؤولية التقصيرية عن فعلهم الضار، وكان من الأفضل ان يبين قانون الشركات العراقي طبيعة هذه المسؤولية، ونحن ندعو إلى الأخذ بالمسؤولية التضامنية أسوة ببقية القوانين (كالمصري والأردني) لأن التضامن يجب ان ينص عليه بالقانون أو بالاتفاق، ويرى قسم من فقهاء القانون ضرورة النص في عقد الشركة على التضامن في مسؤولية مجلس الإدارة في عقد الشركة(9) وهو رأي جدير بالتأييد لحفاظ مصالح الشركة بشكل عام والدائن بشكل خاص. وتتحقق المسؤولية بالنسبة لمجلس الإدارة ومراقب الحسابات (في حالة علمه) في حالة توزيع الأرباح الصورية لمخالفتهم القانون وعقد الشركة لأنه (خطأ في الإدارة)(10) ويترتب عليه حدوث ضرر بالنسبة لكل من الشركة والدائن، فالشركة يلحقها الضرر سواء كان الاقتطاع من راس المال أم من الاحتياطي القانوني أو النظامي -حيث يسري عليهما حكم راس المال- فلا يجوز التوزيع منهما، أما الاحتياطي الحر فهو أرباح متجمعة قابلة للتوزيع، ولكن توزيعها يجب ان يتم بالطرق القانونية وتحذف من ميزانية الشركة، فإذا وزعت وظل تحديدها وارداً في الميزانية أدى إلى غش المساهمين وغش الغير الذي يتعامل مع الشركة معتمدة إلى وجود هذا الاحتياطي(11) أما الأرباح التي تؤخذ من الاحتياطي المستتر والناتج عن ارتفاع القيمة الحقيقية لموجودات الشركة مع إظهارها في الميزانية بقيمتها السابقة أو الأصلية لها فيرجح ان توزيعها لا بشكل ربحاً صورياً بل هو ربح حقيقي مستتر(12). ويذهب قسم من فقهاء القانون إلى ان التوزيع الذي يتم عن إعادة تقدير أموال الشركة والمرتفعة اقيامها نتيجة حالة انخفاض قيمة النقد يعتبر خطأ على مجلس الإدارة إذ ينطوي على تخفيض راس مال الشركة الفعلي، إلا انه لا يعتبر توزيعاً لأرباح صورية ما دام المبلغ الاسمي لرأس مال والاحتياطي القانوني قد بقي على حاله(13).

2. اشترط المشرع العراقي لنيل عضوية مجلس الإدارة ان يملك المساهم مالا يقل عن ألفي سهم(14)، واسماها البعض من فقهاء القانون (اسهم الضمان) وذلك لضمان مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة سواء كانت فردية أم جماعية(15).

3. يكون مجلس الإدارة وأعضائه مسؤولين أمام الهيئة العامة، وللأخيرة حق إقالته أو إقالة أي عضو(16).

وكان من الأفضل لو نص المشرع العراقي على ان يرفق مع اقتراح مجلس الإدارة بتوزيع الأرباح تقرير مراقب الحسابات مبيناً عدم تأثيره على أداء الشركة لالتزاماتها النقدية كما فعل المشرع المصري(17).

أما المشرع المصري فقد أوجب هو أيضاً على أعضاء مجلس الإدارة ان يبذلوا في إدارتهم عناية الرجل المعتاد، لأن مسؤولية مجلس الإدارة المدنية تقصيرية وتضامنية كما في حالة تعدد الوكلاء(18). والأصل ان مسؤوليتهم متساوية، ولكن يجوز للمحكمة ان تحدد نصيب كل منهم في المسؤولية حسب جسامة الخطأ الذي ارتكبه، ونصيب هذا الخطأ في إحداث الضرر(19) كما انه يمكن لأحد أعضاء مجلس الإدارة ان يدفع عنه المسؤولية إذا اثبت اعتراضه في محضر الجلسة أو قدم استقالته بذلك تنتفي مسؤوليته وحده.

وباعتقادنا انه لا محل للمسؤولية الفردية في حال توزيع أرباح صورية فالمسؤولية جماعية على أعضاء المجلس الا إذا أثبت أحد أعضاء مجلس الإدارة اعتراضه في محضر الجلسة أو قدم استقالته.

إقامة الدعوى:

للجمعية العامة إقامة الدعوى باسم مجموع المساهمين على مجلس الإدارة، وإذا كانت في فترة التصفية فللمصفى رفع دعوى المسؤولية، وإذا أعلن إفلاس الشركة كان لوكيل التفليسة رفع الدعوى، وتسمى هذه الدعوى الجماعية وقد صان المشرع المصري حق المساهمين في إقامة هذه الدعوى بان لا يسقط الحق في إقامتها بقرار يصدر من الجمعية العامة(20). كما أعطى المشرع المصري الحق لكل مساهم منفرداً ان يقيم دعوى شركة، فقد تتقاعس الجمعية العامة عن رفعها تأسيسا على ان المساهم تكون له مصلحة في حصول الشركة على تعويض من أعضاء مجلس الإدارة عن الأخطاء التي تقع منه، وهذا التعويض يؤول إلى الشركة، وبنفس الوقت تدفع الشركة للمساهم ما أنفقه في سبيل الدعوى، لكون المساهم فضولياً برفعه الدعوى دفاعاً عن حقوق الشركة لا عن حقوقه(21). ولا يختلف الحال في كل من القانونين الاردني والاماراتي(22).

ب. المسؤولية الجزائية:

اتفقت التشريعات على قيام مسؤولية مجلس الإدارة الجزائية، فقد نص المشرع العراقي في المادة (218) من قانون الشركات على العقوبة الجزائية التي تطبق على (كل مسؤول في الشركة اعطى عن عمد بيانات أو معلومات غير صحيحة إلى جهة رسمية حول نشاط الشركة أو اسهم أعضائها أو حصصهم أو كيفية توزيع الأرباح يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على ثلاثة آلاف دينار أو بالعقوبتين معاً)(23). أما القانون المصري فقد نص على عقوبة كل عضو مجلس إدارة وزع أرباحاً أو فوائد على خلاف لهذا القانون أو الشركة وعلى كل مراقب حسابات صادق على هذا التوزيع بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه يتحملها المخالف شخصياً أو بإحدى هاتين العقوبتين(24). والقانون الأردني نص على عقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد عن عشرة آلاف دينار أردني في حالة توزيعها أرباحاً صورية أو غير مطابقة لحالة الشركة الحقيقية(25).

ونص قانون الشركات الإماراتي في المادة (322) على عقوبة الحبس مدة لاتقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنتين وبغرامة لاتقل عن عشرة آلاف درهم ولا تجاوز مئة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين على كل مدير أو عضو مجلس إدارة وزع على الشركاء أو غيرهم أرباحاً أو فوائد على خلاف أحكام هذا القانون أو عقد الشركة أو نظامها، وكذلك كل مراجع حسابات صادق على هذا التوزيع مع علمه بالمخالفة.

أما القانون الإنكليزي فقد نص على قيام المسؤولية الجزائية لمديري الشركة إذا تمت الموافقة على حسابات غير مطابقة للقانون، يعتبر مذنباً ويحكم عليهم بالغرامة إلا إذا تبين ان المدير قد اتخذ كل الإجراءات اللازمة لمنع المصادقة على هذه الحسابات. وبالنسبة لقانون عدم صلاحية مدراء الشركات الإنكليزي لعام 1986، أن يصدر قرار من المحكمة المختصة بعدم صلاحية المدير واستناداً إلى المادة (1) من القانون وفي حالة ارتكابه مخالفات لقانون الشركات النافذ واستناداً إلى الجزء التاسع من القسم الأول من هذا القانون والذي يحدد واجبات المدير والتزاماته فيما يخص إعداد وثائق الشركة المالية وتوزيع أرباحاً وفقاً لهذا القانون.

_______________

1- د. سميحة القليوبي، الشركات التجارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1984، ص37، د. مصطفى كمال طه، الشركات التجارية، المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 2000، ص136.

2- د. احمد إبراهيم البسام، الشركات التجارية في القانون العراقي، مطبعة العاني، بغداد، 1967، ص240.

3- د. علي جمال الدين عوض، دروس في القانون التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1963، ص397، مرتضى ناصر نصر الله، الشركات التجارية، مطبعة الارشاد، بغداد، 1969، ص361، فاروق إبراهيم جاسم، حقوق المساهم في الشركة المساهمة، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة بغداد، 1993، ص60.

4- المادتان (198، 199) من اللائحة التنفيذية لقانون الشركات المصري، المادة (20) من قانون الشركات الإماراتي، المادة (277) من لائحة الشركات الإنكليزي ذو الرقم (805) لعام 1985، أوجبت ان يرد المساهم ما قبضه إذا كان نقدياً، أما إذا كان التوزيع عينياً فعلى المساهم ان يدفع مبلغ مساوي لقيمة التوزيع (أو جزء منه).

5- المادة (261) من القانون المدني العراقي.

6- المادة (263) من القانون المدني العراقي.

7- المادة (43) من قانون الشركات المصري المادتان (198، 199) من اللائحة التنفيذية من هذا القانون، المادة (20) من قانون الشركات الإماراتي.

8- ولما كانت وكالة مجلس الإدارة عن الشركة هي وكالة قانونية لذا تكون مسؤوليته تجاه الشركة والمساهم والغير مسؤولية تقصيرية، فالتزامات أعضاء مجلس الإدارة يفرضها عليهم القانون. د. مصطفى كمال وصفي، المسؤولية المدنية لأعضاء مجلس الإدارة في شركات المساهمة في القانون المصري والمقارن ومشروع قانون الشركات التجارية، أطروحة دكتوراه، 1950.

9- د. باسم محمد صالح، د. عدنان احمد ولي العزاوي، القانون التجاري، الشركات التجارية، بيت الحكمة، بغداد، 1989، ص250.

10- فاروق ابراهيم جاسم، مصدر سابق، ص61.

11- د. سميحة القليوبي، مصدر سابق، ص37، د. ادوار عيد، مصدر سابق، ص319.

12- د. ادوارد عيد، الشركات التجارية، مطبعة النجوى، بيروت، 1970، ص61.

13- البسام، مصدر سابق، ص239.

14- المادة (106) من قانون الشركات العراقي.

15- د. مصطفى كمال طه، الشركات التجارية، 2000، ص317.

16- المادة (102) و (120) من قانون الشركات العراقي.

17- المادة (43) من قانون الشركات المصري.

18- المادة (707) من القانون المدني المصري التي نصت (إذا تعدد الوكلاء كانوا مسؤولين بالتضامن متى كانت الوكالة غير قابلة للانقسام أو كان الضرر الذي أصاب الموكل نتيجة خطأ مشترك، على ان الوكلاء ولو كانوا متضامنين لا يسألون عما فعله أحدهم مجاوزاً حدود الوكالة أو متعسفاً في تنفيذها).

19- عز الدين الديناصوري، د. عبد الحميد الشواربي، المسؤولية المدنية في الفقه والقضاء، الدار الحديثة للطباعة، القاهرة، 1988، ص1597.

20- المادة (102) لقانون الشركات المصري. ويتقادم الحق في اقامة هذه الدعوى بمرور سنة من تاريخ صدور قرار الجمعية العامة بالمصادقة على تقرير مجلس الإدارة. وإذا كان الفعل المنسوب إلى أعضاء مجلس الإدارة جناية أو جنحة فيسقط الحق فيها بسقوط الدعوى العمومية وهي ثلاث سنوات.

21- عز الدين الديناصوري، عبد الحميد الشواربي، مصدر سابق، ص1598.

22- المادة (157) من قانون الشركات الأردني. المواد (111-115) من قانون الشركات الإماراتي.

23- وقد نص قانون الشركات العراقي الأسبق الملغى ذو الرقم (31) لسنة 1957 على كل عضو مجلس إدارة وزع أرباحاً أو فوائد خلافاً لأحكام القانون أو النظام، وكل مراقب حسابات صادق على هذا التوزيع عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات أو غرامة لا تتجاوز خمسة آلاف دينار أو بكلتا العقوبتين، مع عدم الإخلال بأية عقوبة اشد نص عليها قانون آخر. وقد كان هذا القانون موفقاً اكثر بنصه على هذه العقوبة، والمفارقة انه نص على الغرامة بخمسة آلاف دينار في سنة 1957 والقانون الحالي نص على غرامة ثلاث آلاف دينار سنة 1997 وهو مبلغ ليس بذي قيمة في الوقت الحاضر.

24- المادة (162) من قانون الشركات المصري، ولا يخل تطبيق هذه العقوبة بالعقوبات الأشد المنصوص عليها في القوانين الأخرى.

25- المادة (278) من قانون الشركات الأردني.

المؤلف : فيان يوسف نوري محمود
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني للربح في الشركة المساهمة
الجزء والصفحة : ص31-37

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .