مقالة قانونية عن العمل و الحماية الاجتماعية في الشراكة الأورومتوسطية

اعداد : إيسايياس برينيادا وإيبان مارتين

يوجد إجماع واسع النطاق يقر بأن أهم تحد اقتصادي واجتماعي يتحتم على البلدان المتوسطية الشريكة مواجهته هو موضوع التشغيل، وذلك على أقل تقدير خلال العشرين سنة القادمة. ويشير التقرير السنوي لـ 2003 للمنتدى الأورومتوسطي للمؤسسات الاقتصادية (FEMISE) [1] إلى أنه في حالة استمرار نسبة التشغيل الحالية على ما هي عليه في البلدان المتوسطية العشر الشريكة: أي النسبة بين جملة السكان الناشطين والسكان الذين هم في سن العمل تقدر بـ 48٪ وتنخفض إلى أقل من 25 ٪ بالنسبة للنساء، وحتى لا ترتفع نسبة البطالة الحالية فإنه من الضروري إحداث حوالي عشرين مليون منصب شغل قبل حلول سنة 2010، وما يقارب أربعة وثلاثين مليونا إلى حدود سنة 2020. وهذا بصرف النظر عن تراجع التشغيل المتوقع في القطاع الزراعي والذي يمثل 30٪ من نسبة السكان الناشطين بالمنطقة، وحتى إذا تمكنت هذه البلدان من تحقيق هذا العدد الهائل من مناصب الشغل س يظل ثلثا النساء البالغات سن العمل مقصيات من سوق الشغل ويعني كذلك أن العدد المطلق للعاطلين بالمنطقة سيرتفع من 8 ملايين إلى 12 مليوناً سنة 2010 و16 مليوناً سنة 2020. وتقول تقديرات البنك الدولي الخاصة بمجموع بلدان افريقيا الشمالية والشرق الأوسط إنه ولاستيعاب الشبيبة التي ستدخل سوق الشغل للبحث عن عمل خلال العشريات القادمة يستوجب على هذه البلدان خلق 80 ملييون منصب شغل جديد و100 مليون إذا ما زعمت هذه البلدان بالاضافة إلى ما سبق نذكر استيعاب نسب البطالة المرتفعة حالياً [2]وتعبر المفوضية الأوروبية نفسها في اقتراحها لبرنامج العمل الخاص بالخمس سنوات القادمة [3] عن ضرورة “امشاء خمسة مليون موطن شغل سنوياً لتوفير أحسن الظروف الاقتصادية المستقبلية إلى الأجيال الصاعدة التي ستقتحم سوق الشغل وفي نفس الوقت لضمان النمو المستديم في هذه البلدان”.

وتفترض الحاجة لخلق مواطن الشغل ارتفاع نسبة السكان الناشطين – العدد الجملي لمواطن الشغل – بالمنطقة إلى أكثر من 50% خلال السنوات العشر القادمة وهو ما يستوجب مضاعفة نسبة النمو الاقتصادي المسجلة خلال العشريتين الماضيتين (بين 1980 و 2001، معدل النمو السنوي الذي سجلته البلدان المتوسطية الشريكة كان بنسبة 2،4%) “وهو كسب لم يحققه أي اقتصاد من الاقتصادات البارزة بالجنوب الشرقي لآسيا خلال الفترات التي سجلت خلالها أقصى تطور ونمو في ميدان التشغيل”. ولا يتعلق الأمر بمجرد توقعات إحصائية لأن معظم هؤلاء الشباب قد ولدوا حيث ثلث مجموع سكان البلدان الشريكة البالغ 240 مليون نسمة هم دون سن الخامس عشر.

أما فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي عامة، فيوجد تقرير أحدث تاريخا قامت بتحقيقهه FEMISEيبرز الهوة الشاسعة القائمة بين بلدان جنوب المتوسط وشماله [4].

حصيلة العشر سنوات من الشراكة الأورومتوسطية

غياب دعم التشغيل والحقوق الاقتصادية والاجتماعية

إن الإجراءات التي اتُخذت في إطار الشراكة الأورومتوسطية لمعالجة هذا الوضع تركزت كلها حول ال تحرير الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية أملا في جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وبالتالي إحداث مناصب شغل جديدة. وبالفعل فإن الأدوات الثلاث المشار إليها في بيان برشلونة لتحقيق الأهداف المحددة في مجال التعاون الاقتصادي والمالي هي “الرفع من نمط النمو الاجتماعي والاقتصادي المستديم”، و “تحسين ظروف معيشة السكان ورفع مستوى التشغيل والتخفيض من حدة تباين النمو والتطور بالمنطقة الأورومتوسطية” و “تعزيز التعاون والاندماج الاقليميين” ومن ثم يكون “التأسيس التدريجي لمنطقة للتجارة الحرة”، و “وخلق أداة التعاون المناسب والعمل الصحيح” و”الرفع الملموس من المساعدة المادية المتأتية من الاتحاد الأوروبي إلى شركائه”. ومن بين التدابير المحددة والمشار إليها لبلوغ هذا الهدف نذكر “اتخاذ تدابير مناسبة فيما يخص المعايير المرجع، والشهائد، وحماية حقوق الملكية الفكرية والصناعية والمنافسة” (دون أي اشارة إلى حقوق الشغل)، و”المحافظة على السياسات المرتكزة على مبادىء اقتصاد السوق وعلى اندماج اقتصاداتها وتطويرها باعتبار حاجياتها ومستويات نموها الخاصة”، و”تعزيز الآليات التي من شأنها أن تأهل المجال لتحويل التكنلوجيا” و” اتخاذ الهياكل الاقتصادية والاجتماعية وتكييفها وتحديثها باعطاء الأولوية إلى تعزيز القطاع الخاص وتطويره وإلى تحسين القطاع المنتج وإلى اقرار اطار تأسيسي ومعياري يتماشى مع اقتصاد السوق”.

والمناسبة الوحيدة التي تم فيها ذكر المواضيع الاجتماعية هي التالية : “وهكذا، سيحاول التخفيض من حدة العواقب السلبية التي قد تترتب عن هذه التدابير بتشجيع البرامج التي من شأنها أن تدعم الطبقات الشعبية الأكثر احتياجاً” يعني أنه لم يتم التطرق إلى هذا الوضع إلا بصفة تكميلية اعانية لا كهدف مباشر وأساسي من جملة عمليات التعاون، وإذا اعتبرنا أنه إلى حد الآن لم يتم الشروع في القيام بتحليل أوتوماتيكي مدقق للعواقب الاجتماعية المنجرة من بعث مناطق التجارة الحرة الأورومتوسطية ومسارات الاصلاح الاقتصادي وليس من باب الاستغراب ألا تكون قد تترجمت لائحة النوايا هذه إلا القليل فيما يتعلق بمضامينها المحددة في مجال التعاون الأورومتوسطي.

وفي هذا الساق تجدر الاشارة إلى أن اتفاقيات التجارة الحرة المبرمة من طرف بلدان المنطقة وبالخصوص الأردن والمغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية تححد بصفة خاصة مسائل تتعلق بحقوق الشغل وحقوق العمال، بالرغم من أن الخبراء عبروا وما زالوا يعبرون عن ريبهم وتشككاتهم في نجاعة مثل هذه الاتفاقيات. [5]

ونتيجة لما سبق ذكره فقد تميزت هذه السنوات العشر بانعدام مطلق لأي تحرك مباشر في مجال التشغيل كما يتبين من انعدام عقد أي مؤتمر أورومتوسطي بين وزراء العمل والشؤون الاجتماعية بينما سبق أن سجلنا انعقاد مؤتمرات أخرى تخص مجالات أخرى نذكر منها التي انعقدت بين وزراء الصناعة ووزراء التجارة ووزراء البيئة، المياه، الزراعة، الطاقة، النقل، مجتمع الاعلام، العدل والداخلية، الثقافة والصحة.

ويؤكد نفس برنامج العمل المقترح من طرف المفوضية الأوروبية الخاص بالخمس سنوات القادمة كل التأكيد على هذا الطرح والذي يشير إلى تسع نقط عمل، تهدف إلى “إعطاء الأولوية للمساهمة في إحداث مناصب الشغل وتحقيق النمو الاقتصادي المستديم عن طريق التحرير التجاري والاندماج الجهوي” وهي من الأولويات الثلاث ألاولى إلى جانب حقوق الانسان والديمقراطية والتعليم. إلا أننا لا نجد ما يشير إلى أي تدبير واضح يسعى إلى النهوض بالتشغيل، في الوقت الذي نرى فيه أوروبا قد تيقنت منذ زمن بعيد بأن أحسن طريقة لمقاومة البطالة بالإضافة إلى إتباع سياسات تنموية وإصلاحات هيكلية هي وضع سياسات مباشرة وفعالة واستراتيجيات مشتركة على المستوى الأوروبي من اجل التشغيل، وليس هناك أي عذر يمنع من نقل هذا التصور المنطقي إلى المجال الأورومتوسطي.

كما ينطبق القول بصورة أعم حول موضوع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي يتميز بخطورة خاصة فيبرز أحد تقارير الشبكة الأرومتوسطية لحقوق الانسان الغياب الذي يكاد يكون مطلقاً لأي تطرق وتمعن منهجي في مسألة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ودورها في مجموع ما سمي بـ”مسار برشلونة” [6] وهو ما يتسم بخطورة خاصة ويزرع الشكوك في امكانية تحقيق أهداف الشراكة الأورومتوسطية إذا اعتبرنا استنتاجات مشروع البحث الذي شرعت في انجازه الشبكه الأورومتوسطية لحقوق الانسان والذي يؤكد على أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية هي شرط مادي ضروري وهام للممارسة الحقيقية للحقوق المدنية والسياسية والتي تعتبر “ركيزة أساسية” بالنسبة للشراكة الأورومتوسطية [7]. فبالتالي فان غياب الاهتمام بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية هو بمثابة “الـجسر المفقود” من بين سلسلة الجسور التي تؤدي إلى بناء أهداف الشراكة المتمثلة في الديموقراطية والانماء. وفي نفس السياق تجدر الاشارة إلى ضعف الاهتمام بمسألة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالمهاجرين القادمين من البلدان المتوسطية الشريكة والمقيمين بالاتحاد الأوروبي وهو ما يقلص من مصداقية مناشدات الاتحاد الأوروبي نفسه البلدان المتوسطية الشريكة بتشجيع أي تقدم في هذا الاتجاه

بالرغم مما تم ذكره فإن الاهتمام الذي لقيه موضوع التعليم في برنامج عمل المفوضية الأوروبية يعتبر في حد ذاته من الأخبار السارة، ولكن يبقى تركيز الجهود منحصراً على أشكال “عملية” تتعلق بسوق الشغل، كالتكوين المهني وحركية الطلاب الجامعيين قبل التطرق إلى مسائل أسبق كمقاومة الأمية والتمدرس الشامل التي تركت مسؤوليتها على عاتق البلدان الشركاء المتوسطيين. وتعتبر الزيادة المقدرة بنسبة 50% في التعاون الثنائي الجملي المخصصة لمجال التعليم كـ”جزء من مجموع المساعدات المالية” وبالتالي قد تؤذي بجوانب أخرى من جوانب التعاون إذ لا يعني ذلك بالضرورة جلب موارد اضافية.

غياب النمو الاقتصادي

ولكن وزيادة عن الطابع المحتشم الذي يتميز به الاهتمام بمجال التشغيل فانه لم يسجل تحقيق النمو والازدهار المرجو أحد الأهداف الأساسية التي ركزت الشراكة الأورومتوسطية عليه جهودها إذ لم يسجل أي تقدم فعلي. فبالرغم من التطورات التي سجلت فيما يتعلق بالاستقرار الاقتصادي الشامل (الظبط) واندماج الاقتصاد الشامل (التحرير الخارجي) لم يسجل أي تقدم خلال العشرية الماضية خاص بالتقارب الاقتصادي بين بلدان ضفتي المتوسط، الشمالية والجنوبية، حيث استمر الفارق في الدخل بنسبة خمسة أضعاف ونصف بمقارنة المقدرة الشرائية وهذا بالرغم من ضعف نسب النمو بأوروبا [8]. وبالفعل وما عدى تونس التي “تقدمت” أربع نقاط مأوية لتبلغ 26,8% من دخل الفرد بأوروبا، فقد سجلنا في سائر البلدان الأخرى أم ركوداً أو ارتفاعاً في الفارق مع دخل الفرد في أوروبا. وبلغ معدل نسبة النمو السنوي ما بين سنة 1995 وسنة 2004 بالبلدان المتوسطية الشريكة 3,9% وهي نسبة غير كافية لا فقط للتقليص من الفارق الاقتصادي الذي يفصلها عن أوروبا (خاصة إذا اعتبرنا أن سكان البلدان المتوسطية الشريكة قد ارتفع بنسبة 2,1% سنوياً خلال نفس الفترة) بل أيضاً لخلق مواطن الشغل اللازمة لاستيعاب نمو السكان الناشطين المقدر بمعدل 3% سنوياً، فالتشغيل في البلدان المتوسطية الشريكة نما على نمط سنوي لا يكاد يتجاوز 1% خلال هذه العشرية وفي المقابل لا نسجل الاهتمام الكافي لا على المستوى الوطني ولا على المستوى الأورومتوسطي بموضوع التشغيل ولا بمساهمة برامج التعاون في خلق مواطن الشغل، وبالاضافة إلى ذلك نسجل انعدام الاحصائيات الوفية والمعلومات المنتظمة الخاصة بسير وضع التشغيل وسياساته ولا عن حالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المتوسطية الشريكة.

خلاصة القول، فإن “المعادلة الاقتصادية” التي وكل إليها نجاح الشراكة الأورومتوسطية باءت بالفشل وعن العشر سنوات الأولى من عمرها لا نستطيع أن نقول أكثر من أن نتيجة مساهمة الشراكة الأورومتوسطية في خلق “منطقة ازدهار مشترك” بالمتوسط كانت ضعيفة المردود.

عجز اجتماعي

لقد تحققت التوقعات المنذرة منذ البداية أي منذ سنة 1995 بمشاكل انماء منطقة حوض المتوسط وبالرغم من تسجيل نوع من التحسن في بعض المؤشرات الاجتماعية (ارتفاع معدل أمل الحياة في البلدان المتوسطية الشريكة بين سنتين وأربع سنوات خاصة بسبب تحسين الوضع الصحي وانخفاض الوفايات بين الأطفال) فانه لا نزال نسجل استمرار حالة مقلقة وعجزاً اجتماعياً خطيراً بالمنطقة [9]. فبالرغم من التقدم الطفيف المسجل لا يزال يلاحظ نقص خطير في مجال الخدمات الصحية (أقل من 20% من السكان يتمتع بالتغطية الصحية الاساسية)، وكذلك فيما يخص التعليم (إذ يوجد إلى حد اليوم بالبلدان المتوسطية الشريكة 50 مليون أمياً من بين الكبار ونسبة 25% من جملة السكان الراشدين، وما يقارب نصف النساء هن أميات)، ومشكلة الماء والمسكن، ومحدودية أنظمة الحماية الاجتماعية، واقصاء المرأة من الحياة الاقتصادية والسياسية الذي يكاد يكون مطلقاً، وبالتالي فأن الشراكة الأورومتوسطية لم تساهم بصفة ملحوظة في التخفيض في هذا الدين الاجتماعي.

اما فيما يتعلق بأنظمة الحماية الاجتماعية فكنا قد سجلنا مبكراً اشارات الهيئات الاقتصادية والاجتماعية وملاحظات الخبراء التي تنبه وتنذر بأنه في بلدان كبلدان جنوب المتوسط وشرقه وخاصة خلال الأزمات والاصلاح الشامل يجب تعزيز شبكات الضمان الاجتماعي والتوسيع فيها بتعميم التغطية الصحية وبضمان نفقات محترمة لحوادث الشغل وللتقاعد وبمنح الحماية قبل فقدان منصب الشغل… فتحاشي هذه المسائل وتفاديها يعني المساهمة في توسيع نطاق الاقتصاد الغير مهيكل والتفرقة الاجتماعية.

كما طالت المخاوف لتنذر بامكانية انحلال أنظمة الضمان الاجتماعي الموجودة رغم انعدام أية علاقة بديهية بين هذا الاحتمال وبين بعث الشراكة الأورومتوسطية غير أن الجهود المسجلة للرقي بهذه الأنظمة برزت بمحدوديتها (تجدر الاشارة هنا إلى التأمين الخاص بالبطالة في الجزائر أو بعث التأمين الطبي الاجباري بالمغرب). فارتفاع البطالة التي سجلت أرقاماً لا مثيل لها وكذلك سوء ظروف العمل الغير ثابت وارتفاع القطاع الغير مهيكل كلها عوامل من شأنها أن ترفع من نسبة السكان الذين يفتقدون لأي شكل من أشكال الحماية ومن نسبة ضعفاء الحال. فالتطورات التي سجلت خلال السنوات العشر الماضية تؤكد على ضرورة الاسراع في التحرك وعلى استراتيجية تعزيز آلية الحماية الاجتماعية وتوسيعها.

حقوق الشغل

وفيما يعلق بحقوق الشغل بامكننا أن نلاحظ بعض التحولات التي سجلت خلال هذه العشرية ولكن وبصفة عامة لا نستطيع أن نقر بأن هذه التغييرات كانت لها أية علاقة مع المسار الأورومتوسطي في حد ذاته:

– فلقد صادقت البلدان المتوسطية الشريكة على معظم المعاهدات الدولية (قوانين الشغل الأساسية، بيان المنظمة الدولية للشغل الصادر سنة 1998) وبصفة عامة يتوفر لدى هذه البلدان إطار شرعي متطور [10] غير أن الاشكال الأساسي ما زال يكمن في مدى نجاعته.

– سجلت خلال هذه العشرية العديد من الاصلاحات والتنقيحات في قانون الشغل [11] وقد تسببت هذه الاصلاحات في تحديث الاطار القانوني واتت بتحسينات هامة في الشأن (دوام العمل، المرأة، عمل الأطفال، الأجر الأدنى، صحة الشغل، المباحثات الجماعية بالشركة) ولكن وفي نفس الوقت فسحت المجال أمام انتشار العمل المؤقت كذلك اعطت تسهيلات تخص موضوع الطرط والعمل الغير الثابت والتعاقد التحتي، الخ. فقد أتت هذه الاصلاحات خاصة كاستجابة لمطالبات منظمات أرباب العمل التي أوصى بها البنك الدولي باعطاء المزيد من المرونة في صلب علاقات العمل وهو ما يتماشى مع المنطق الخفي للشراكة الأورومتوسطية. ونذكر بأنه سجلنا في بعض الحالات التحديد من الحقوق النقابية والتقليص من تمثيلية العمال.

وفي نفس الوقت استمر الاعتداء على الحقوق النقابية وما انفكت تتكرر مظاهر عدوانية منظمات أرباب العمل إزاء النقابات، كما نلاحظ في العديد من البلدان بأن موظفي وعمال القطاع العام محدودون في حق التنظيم وكذلك وجود نقابات غير مستعرف بتمثيليتها البتة، كما تعيش بلدان أخرى ظاهرة تدخل الحكومة المتكرر في الحياة النقابية. فبالتقليص من قوة الحركات النقابية فان المشكلة القائة تتفاقم : وذلك لتقلص الانخراط بسبب تقلص القطاع العام والمرونة، ولانعدام الحماية المتأتية من المؤسسات الرسمية، وأيضاً لأسباب داخلية (منها سوء الآداء، وغياب الديموقراطية الداخلية والاستقلالية). وبصفة أشمل يوجد اشكال أكبر يتمثل في ضعف تطوير المباحثات الجماعية داخل الشركة وحسب القطاعات.

الاستنتاج الأول: خلال السنوات العشر الأخيرة لم تساهم الشراكة الأورومتوسطية بصورة فعالة في إحداث مناصب للشغل ولا في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي لسكان البلدان المتوسطية الشريكة، إذ لم يطرح موضوع التشغيل ولا موضوع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بين أولويات سياسات الشراكة ولم تتخذ بحقه أي تدابير مباشرة في هذا المجال.فمن هذا المنظار فان الشراكة الأورومتوسطة لم يكن لها أي وزن.

غياب الحوار الاجتماعي

بشكل عام حصرت المؤسسات الأورومتوسطية مساهمة المجتمع المدني ـ على الرغم من ضآلتها [12] ـ وجعلتها مقتصرة فقط على المجال الاجتماعي والثقافي والإنساني، مبعدة إياها عن القضايا المرتبطة بالحوار السياسي والأمني والتعاون الاقتصادي والمالي. وليس من باب المنطق أن تكون مصادقة الاتحاد الأوروبي على اتفاقيات الشراكة الرامية إلى المساهمة في دعم وتنمية الديمقراطية ببلدان الشراكة الأورومتوسطية وهو ما يعني المرور إلى تحول اقتصادي واجتماعي ذا أهمية كبرى بالنسبة للعقود المقبلة عن طريق مسار لم يراعي في أغلب الحالات أي شكل من أشكال الاستشارة مع رأي المجتمع المدني. وحتى على مستوى الشراكة الأورومتوسطية نفسها وبقطع النظر عن الاستشارات الضرورية المسجلة مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية فإن مؤسساتها لم تضع الآليات الضرورية التي تؤدي إلى توافق اجتماعي فعال.

وكذلك الشأن بالنسبة لفرض الاصلاحات الاقتصادية والسياسية والمؤسساتية بصورة تقنوقراطية غير مركزة وبدون أي نقاش سياسي واجتماعي سابق داخل البلدان المتوسطية الشريكة نفسها والذي من شأنه أن يخول استيعاب هذه الاصلاحات المذكورة وخلق توافق حول النظر في مشروع المجتمع الكامن فيها وهذا من شأنه أن يؤدي إلى شرود مجتمعات البلدان المتوسطية الشريكة من المسار الأورومتوسطي والمخاطرة باستدامته فهذه المجتمعات لن يكون لها أي شعور بانتمائها إلى هذه الاصلاحات المستقبلية وبأي التزام نحوها.

وحتى على مستوى الشراكة الأورومتوسطية نفسها، وبقطع النظر عن الاستشارات الضرورية لدى اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية فإن المؤسسات الأورومتوسطية لم تخلق آلية فعالة للتوافق الاجتماعي. وما يلفت الانتباه والقلق هنا أنه وخلال العشر سنوات المنقضية من المسار الأورومتوسطي لم تتم خلالها دعوة الهيئات الاجتماعية للمشاركة في النقاشات ولا في المساهمة في اتفاقيات الشراكة الأورومتوسطية ولا في المخططات البيانية الوطنية ولا في مخططات عمل الجوار الأخيرة.

لقد كانت استشارة الهيئات الاقتصادية والاجتماعية في أوروبا ركيزة أساسية من ركائز المساهمة الديموقراطية وتعميم هذه الممارسة داخل إطار الشراكة الأورومتوسطية غير أنه لا يزال يعد من بين أماني الهيئات الاجتماعية بالمنطقة. وبفضل تظافر الجهود المتعددة الجوانب سجلت انجازات منذ سنة 1995 إذ تم بعث هيئة استشارية في العديد من البلدان (إسرائيل وفلسطين)، ولكن لا تزال العديد من البلدان الأخرى تفتقر لمثل هذه الهيآت (المغرب، مصر، سوريا والأردن) وبصورة عامة لا يزال تطور الحوار الاجتماعي ضعيفاً، أما المبادرات القليلة المتخذة والمندرجة في هذا النطاق وبالرغم من أن بعضها لقي الدعم المادي من الأرصدة الجهوية لبرامجMEDA كالمنتدى النقابي الأورومتوسطي أو القمم التسع المتتالية للمجالس الاقتصادية والاجتماعية أو المنظمات المشابهة، فقد كانت كل هذه المبادرات قد نشأت عن الهيئات الاجتماعية أو عن المنظمات المشابهة لها ولكن لم يكن لهؤلاء القدرة الكفيلة بالتأثير على رزنامة المسار الأورومتوسطي ولا في أخذ القرار.

ويتناقض هذا الوضع مع توجيهات وثييقة استراتيجية أوربية صدرت مؤخراً والملقبة بـالأجندة الاجتماعية (فبراير / شباط 2005) المندرجة في اطار استراتيجية لشبونة الذي يزعم الرقي بالاقتصاد الأوروبي ليصبح سنة 2010 الأكثر منافسة في العالم ومن بين الشروط الثلاث المشترطة لضمان نجاح الأجندة يوجد الشرط الخاص بالبعد الخارجي وفي هذا الفصل يشار فيه كاقترح مدقق الى: “ادماج النموذج الأوروبي في المباحثات والتحركات الخارجية، وذلك على المستوى الثنائي والمستوى الجهوي والمستوى المتعدد الأطراف”.

الاستنتاج الثاني : إن الشراكة الأورومتوسطية لم تشجع في البلدان المتوسطية الشريكة على التوافق الاجتماعي كمكون أساسي لكل مجتمع ديمقراطي ولم تضع الآليات الضرورية من أجل التشاور والتوافق مع الهيئات الاجتماعية الأورومتوسطية. فاسقاط “النموذج الاجتماعي الأوروبي” في علاقاته مع جيرانه الأقل تطورا يعتبر شرطا لدوام هذا النموذج داخل الاتحاد الأوروبي نفسه.

الآفاق : أيمكن للشراكة الأورومتوسطية أن تستمر على ما هي عليه اجتماعياً ؟

لقد تقرر التخطيط لانشاء مناطق التجارة الحرة الأورومتوسطية على فترات انتقالية مدتها إثنتا عشرة سنة للتوصل خلال الأربع سنوات الأخيرة وهي الفترة الأخيرة من الفترة المذكورة سابقاً إلى إلغاء الرسوم الجمركية على منتوجات الاستهلاك الوطنية (أي على تلك القطاعات التي لا تستطيع منافسة المنتوجات الأوروبية(. إن هذا سيجعل مواطني بلدان الشراكة الأورومتوسطية يدركون الآثار السلبية لمناطق التجارة الحرة، مباشرة بعد مضي ثماني سنوات على دخول اتفاقيات الشراكة حيز التنفيذ : سنة 2006 بالنسبة لتونس كأول بلد انخرط في هذه الاتفاقية وسنة 2008 بالنسبة للمغرب، الخ.

وفي حقيقة الأمر تظل الفوائد الاقتصادية المرجوة من مناطق التجارة الحرة غير حتمية (خاصة كنتيجة لحصرها بالمنتوجات الصناعية واقصاء المنتوجات الزراعية وكذلك لأنها وإلى حد ما، رهينة عوامل خارجية كعامل تدفق الاستثمارات الأجنبية) والأكيد أنها إن تحققت لتعود بالنفع على جميع شرائح المجتمع فلن يكون ذلك إلا على المدى النصف البعيد وفي المقابل وعلى المدى القريب فإن ظهور الانعكاسات السلبية التي ستؤثر على شرائح اجتماعية معينة لا مفر منه، وبالتحديد فإن مناطق التجارة الحرة سيكون لها انعكاسات سلبية قريبة المدى على قطاع التشغيل (وهنا نجد كل من المغرب والجزائر وسوريا من البلدان الأكثر تأثراً من التجارة الحرة فيما يخص التشغيل) وربما كذلك على مداخيل المواطنين (التخفيض في الأجور) وبالتالي وبدون أي مجال للشك على مداخيل الدولة طبعاً (وهنا نجد كل من لبنان والأردن والمغرب ومصر البلدان الأكثر تأثراً من منطقة التجارة الحرة على ميزانياتها، فحسب البلد فإن البلدان المتوسطية الشريكة ستفقد قسماً من مداخيلها المتأتية من المراسيم الجمركية التي ستتراوح ما بين 10 و20% من مداخيل الدولة وما بين 1 و 4% من الناتج الداخلي الاجمالي، فهي خسائر لن تغطى وإلا في جزء منها فقط سوى بالتمويلات المتأتية من أرصدة MEDA التي تمثل بين 10 و25% من الخسائر المنجرة عن تراجع مداخيل الدولة من المراسيم الجمركية) وقد ينعكس تراجع مداخيل الدولة إلى تراجع النفقات الاجتماعية الخاصة بقطاع التعليم والصحة وبالتالي في أنظمة الحماية الاجتماعية بالبلدان المتوسطية الشريكة.

ويبدو من المتناقض أن تكون نتيجة بعث مناطق التجارة الحرة التي تسعى مبدئياً إلى تنشيط الأسواق بلدان المتوسطية في احتمال ظهور الاقتصاد الغير مهيكل كمخرج وحيد والذي من شأنه أن يخل يشروط المنافسة ويعزز التفاوت ويحدد من مقدرة تحرك الدولة ويلحق الضرر بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وبظروف العمل داخل القطاع المهيكل. فإذا لا ترتفع الاستثمارات الأجنبية المباشرة ارتفاعاً ملموساً أو لا يتم تحرير الأسواق الفلاحية الأوروبية قد يؤدي الأمر إلى أن تؤثر مناطق التجارة الحرة سلبياً على هذه البلدان [13].

خلاصة القول فإن مناطق التجارة الحرة تصاغ كأداة سياسة اقتصادية للتمديد من منطق الضبط الهيكلي المتبع من طرف حكومات البلدان المتوسطية الشريكة منذ متوسط الثمانينات والتي سجلت نجاحاً فيما يتعلق بالاستقرار ولكن بقيت دون تسجيل نتائج ملموسة فيما يخص التنمية، التشغيل وظروف عيش السكان وبطبيعة الحال يجدر التوقع بأن تكون انعكاسات مناطق التجارة الحرة مماثلة.

كما يزداد الوضع خطورة لغياب الاندماج جنوب – جنوب بين البلدان المتوسطية الشريكة وخاصة بين بلدان المغرب العربي مما يؤدي إلى التقليص من جاذبية المنطقة لأي استثمار أجنبي، ولم تقاس الخسائر المنجرة عن ذلك بعد، ولكن التقديرات تقر بأنها مرتفعة، وكذلك في شأن المنافسة والمبادلات التجارية وهي معطيات سلبية تعود بالضرر على موضوع التشغيل.

وإزاء مثل هذه المعطيات يجدر التساءل حول مدى نجاعة مناطق التجارة الحرة على المستوى الاجتماعي ابتداء من المرحلة الانتقالية الأخيرة فإن لم تتخذ اجراءات تعويضية لمواجهة هذه الانعكاسات السلبية فاننا نجازف باختراق “عتبةالاستدامة الاجتماعية ” بالنسبة لبعض الشرائح الاجتماعية وبالنسبة لبعض البلدان. يعني ذلك أقصى الانعكاسات السلبية المنجرة عن سياسة تدابير خاصة بالاصلاح الاقتصادي أعقاب تدهور الوضع أو فشل التطلعات الاقتصادية، مما سيؤدي بطائفة من المجتمع أو المجتمع عامة إلى الاستعداد، بشكل أو بآخر، لتحمل العواقب بشكل أو بآخر أم من خلال الهجرة أو الافتداء باللجوء إلى سياسات تعويضية وما ينجر عنه من تقلبات.

ومن الغريب والمتناقض أن يتم تنفيذ هذه الهندسة التجريبية الاقتصادية الواسعة النطاق دون القيام بدراسة استخبارية سابقة للتطلع على الانعكاسات المحتملة (ف الدراسة الخاصة بالتأثيرات على استدامة المناطق المتوسطية للتجارة الحرة والذي كلفت للقيام بها المفوضية الأوروبية وبعد تأخر مفرط فيه متبعة لذلك تعليمات المؤتمر الأورومتوسطي لوزراء الشؤون الخارجية الذي انعقد في شتوتغارت سنة 1999 لم تكتمل بعد) ودون اتخاذ أي اجراء وقائي للاستجابة في حالة تكبل بلد أو أكثر من بلد من منطقة التجارة الحرة عواقبها الوخيمة وكذلك دون اتخاذ أي تدابير للاستجابة حين تتجاوز الانعكاسات السلبية الإيجابية منها.

وبطبيعة الحال ولاتمام التحليل لا يجب اعتبار التكاليف الاجتماعية المنجرة عن التحرير الاقتصادي فقط بل كذلك التكاليف الاجتماعية التي قد تتأتى إذا لم يتم تطبيق هذه الاصلاحات، وهو ما يبرز أهمية الاقتران الزمني عند الشروع في دفع مسار الاصلاح بالبلدان المتوسطية الشريكة سياسياً واقتصادياً وفيما يخص المؤسسات (وهي نفس نوايا العمل الخاصة بسياسة الجوار الأوروبية الجديدة) وكذلك البعد الاجتماعي للاندماج الاقتصادي الأورومتوسطي. وعلى الأقل لضمان الاستدامة السياسية، وحتى تحتفي الاصلاحات الاقتصادية في البلدان المتوسطية الشريكة بالقبول يجب أن ترافقها استراتيجيات للتصرف والتدبير في تأثير هذه الاصلاحات على المجتمع، وهنا فان مصداقية الشراكة الأورومتوسطية تفرض أن تكون عملية التصرف هذه مشتركة وذلك بمقتضى مبدأ المسؤولية المتقاسمة وألا تقع على عاتق البلدان المتوسطية الشريكة بمفردها كما جرت به العادة في أغلب الظروف.

الاستنتاج الثالث : الانعكاسات الاجتماعية السلبية في مناطق التجارة الحرة فيما يتعلق بموضوع التشغيل ومداخيل المواطنين والميزانية المخصصة للخدمات الاجتماعية ستتجلى خاصة خلال العشر سنوات القادمة وقد تنجر عنها ظروف اجتماعية وسياسية وخيمة تخل بالاستقرار. غير انه لم يتم التمعن في انشاء أية هيئة دائمة تسهر على تقييم الانعكاسات ولا نظام حماية لمكافحة النتائج السلبية المنجرة عن مناطق التجارة الحرة. فإذا لم تتخذ عاجلا تدابير تعويضية فسيواجه خطر تجاوز عتبة الاستدامة الاجتماعية.

التشغيل وسياسة الجوار الأوروبية الجديدة

من بين الدوافع الخلفية لبعث سياسة الجوار الأوروبية يوجد دافع الاستجابة للضرورة الاقتصادية، فمن بين اهتمامات الاتحاد الأوروبي الرئيسية وبالاضافة إلى المسائل المتعلقة بالأمن توجد مسألة في غاية من الأهمية وهي المنجرة عن التراجع الديموغرافي المسجل بالاتحاد الأوروبي وعواقبه التي يجب مواجهتها خلال العشريات القادمة، فعدد السكان الناشطين في تراجع مستمر وخطورة نتائجه معروفة فهي تهدد استدامة نظام التقاعد، لذلك أصبح من الضروري الاسراع في العمل من أجل جعل الاتحاد الأوروبي وجيرانه منطقة من المناطق المزدهرة وذات قدرة على المنافسة على الصعيد العالمي. فهذا الاهتمام الاستراتيجي الأوروبي في انماء جيرانه انماءً شاملاً يفسر من خلال محاولاته المتتالية لرسم نموذج علاقات تقارب تعود عليه بالفائدة. وما من شك أن لهذا الميدان كل الصلة بموضوع التشغيل وبموضوع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لذلك نجد اشارات في مختلف الوثائق الصادرة عن سياسة الجوار الأوروبية إلى هذه المسائل ولكننا نسجل أيضا وجود ثغرات هامة.

وتشير الوثائق التأسيسية لسياسة الجوار الأوروبية الجديدة بكل وضوح إلى أحد أهدافها وكما هو الشأن بالنسبة للشراكة الاورومتوسطية وهو العمل على دعم النمو الاقتصادي والاجتماعي المستديمين غير أنها لا تركز منذ الانطلاقة على أهمية التشغيل والحقوق الاجتماعية. ففي استنتاجات مجلس الشؤون العامة والعلاقات الخارجية CAGRE الصادرة بتاريخ 16 يونيو 2003 لا نسجل في أي محور من محاور تحركاتها الأساسية أية اشارة واضحة ومباشرة لا إلى موضوع التشغيل ولا إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وهو ما يذكرنا بنفس السياسة التي تميزت بها الشراكة الاورومتوسطية (اعلان برشلونة، اتفاقيات الشراكة، مستندات الاستراتيجية، المخططات البيانية الوطنية…) حيث تتميز الاشارات إلى مسألة التشغيل والحقوق الاجتماعية بقلتها.

لقد ادخلت على سياسة الجوار الأوروبية اثر انطلاقها بعض التغييرات الإيجابية فأولا فوضعت كشرط أساسي يشترط على كل بلد يتطلع إلى الاستفادة من سياسة الجوار الأوروبية احترام المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان كذلك مواثيق الشغل الأساسية الصادرة عن المنظمة الدولية للشغل واحترام الحريات النقابية، ومن المنتظر بعدها عند المرور للتطلع إلى اندماج اقتصادي أشمل واقتراب من تشاريع الاتحاد الأوروبي أن يتم تعزيز الحوار والتعاون على المستوى الاجتماعي (سياسات اجتماعية، التشغيل، التطور الاجتماعي والاقتصادي والاصلاحات الهيكلية) والبحث عن سبل تطبيق سياسات لمقاومة ظاهرتي الفقر والاقصاء [14]. وبالفعل نجد في مخططات العمل الخمسة الأولى اشارات واضحة إلى هذه المسائل بالرغم من عدم نيلها الاهتمام الذي أعير إلى مسائل أخرى كمسائل التعاون في الشؤون الخاصة بالعدل والداخلية. فقد سطرت لكل بلد مخططات عمل معينة كالتنسيق السياسي، دعم التشغيل، تدابير من أجل الادماج، مكافحة التفرقة والاقصاء، الخ. وتجدر الاشارة هنا إلى أن قوانين العمل الدولية والحريات النقابية هي جزء من المقاييس الأساسية (القيم المشتركة) التي تقوم عليها اتفاقيات الجوار.

كما يتحتم أن لا يظل مضمون خطط العمل في مجال الشغل والحقوق الاجتماعية حبرا على ورق، بل يجب أن يترجم إلى برامج معينة قائمة بذاتها. إن سياسة الجوار الأوروبية يمكن لها أن تلعب دورا مهما في تفعيل الحوار وان تفتح المجال أمام الهيئات الاقتصادية والاجتماعية للاتحاد الأوروبي وبلدان الشراكة الأورومتوسطية عبر المؤسسات الاستشارية أو الآليات المناسبة. إن انعدام الاستشارة بالكامل حاليا مع الهيئات الاجتماعية يتنافى مع منطق سياسة الجوار الأوروبية (تقارب الدول في ميدان التشريع وتبني ممارسات الاتحاد الأوروبي) برفض اتباع ممارسة معتادة في الاتحاد الأوروبي كالاستشارة الاجتماعية.

الاستنتاج الرابع : وضعتسياسة الجوار الأوروبية الجديدة منهاجا جديدا ومخططات عمل تشير بكل وضوح إلى سياسة التشغيل والحرية النقابية والاتفاقيات الدولية الخاصة بالشغل، غير أنها لا تزال رهينة امتحانها بتطبيقها ميدانياً وتركيز آليات للاستشارة مع الهيئات الاجتماعة التي برزت على طول المسار بغيابها عن الساحة .

اقتراحات بالنسبة للسنوات الخمس المقبلة

تندرج مسألة احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بين مسؤوليات الدول أساساً، فالأولوية تكون على المستوى القومي، غير أنها تندرج أيضاً بين مسؤوليات الاتحاد الأوروبي (داخل إطار الشراكة الأورومتوسطية) وبين مسؤوليات المجتمع الدولي (أكان في اطار المنظمات الدولية المالية أو منظمات من طابع آخر). لذلك يجب هيكلة حوار يدور حول المسؤولية المشتركة داخل إطار الشراكة الأورومتوسطية عند التطرق إلى موضوع حق العمل وحق النمو وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتشغيل وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهنا على سياسة الجوار الأوروبية أن تعمل من أجل تسهيل الطريق لبلوغ هذه الأهداف.

ترتكز الاقتراحات التالية على ثلاثةمبادىء أساسية وهي: أ) أهم تحدي يستوجب على البلدان المتوسطية الشريكة والبلدان الأوروبية مواجهته معاً هو السهر على توفير ظروف العمل الجيدة في كل من شمال وجنوب المتوسط وضمان الحقوق الاجتماعية الأساسية لجميع المواطنين ، ب) لتحقيق ذلك يجب اعتبار هدف انشاء فرص العمل والرقي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالبلدان المتوسطية الشريكة كهدف من الأهداف الأساسية والمباشرة للشراكة الأورومتوسطية وبالتالي الاستجابة لضرورة التحرك المباشر والتحصل على الدعم المادي الخاص لتحقيق هذه الغاية, ج) مبدأ المسؤولية المشتركة أساس كل شراكة حقيقية ونعني بذلك المسؤولية المشتركة بين بلدان الاتحاد الأوروبي والبلدان المتوسطية الشريكة في كل ما يتعلق بالمواضيع ذات الاهتمام المشترك (وبدون أي مجال للشك نجد أن مسألة التشغيل والوضع الاقتصادي والاجتماعي من بين المسائل المشتركة) وهو ما يعني ضرورة البحث المشترك عن حلول عاجلة واحتمال التخطيط لاستراتيجيات مشتركة واستخدام موارد مشتركة لتحقيق الغاية المرجوة.

على المستوى المؤسساتي

1- الدعوة إلى عقد موتمر أورومتوسطي موسع خاص بمادة التشغيل سنة 2006 بمشاركة الحكومات الوطنية والمؤسسات الأورومتوسطية والتابعة للاتحاد الأوروبي والهيئات الاجتماعية والخبراء عملا بالنموذج الذي اقترحته المفوضية الأوروبية والخاص بالمؤتمرات المتعلقة بحقوق الانسان ونشر الديموقراطية والمساوات بين الجنسين المبرمجة لسنة 2006.

2- الدعوة لعقد مؤتمرات دورية أورومتوسطية لوزراء الشغل للتطرق إلى قضايا التشغيل بالمنطقة.

3- تعميم خلق “ورشات عمل” متخصصة في الشؤون الاجتماعية وتفعيلها في إطار مجالس الشراكة الثنائية بين الاتحاد الأوروبي والدول المتوسطية الشريكة كالتي بعثت سابقاً في كل من تونس والأردن. وعلى الورشات هذه أن تهتم بتدارس مواضيع كسياسات التشغيل، ومتابعة سير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والرقي بها وكذلك سير أنظمة الحماية الاجتماعية ومراقبة قوانين العمل وضروفه ومقاومة الفقر ولا يجب أن يقتصر اهتمامها على دراسة ما يتعلق بالتعاون على مستوى شؤون وزارات العدل والداخلية كما هو الحال في شأن ادماج المهاجرين.

4- خلق فضاء قار للحوار والتوافق الاجتماعي على مستوى الشراكة الأورومتوسطية بمساهمة الهيئات الاجتماعية التابعة لكل من الاتحاد الأوروبي والبلدان المتوسطية الشريكة وكذلك بمساهمة المؤسسات الأورومتوسطية وهو ما يعني السعي نحو الدنو التدريجي للبلدان المتوسطية الشريكة من التشريع الاجتماعي الأوروبي بانضمام هياكل التنسيق النقابية وكذلك منظمات أرباب العمل وغيرها من المنظمات الاجتماعية والمهنية الأخرى، وإلى جانب امكانية تأسيس مجلس اقتصادي واجتماعي أورومتوسطي (EUROMEDESC) يجب فتح حوار اجتماعي ثنائي بين المنتدى النقابي الأورومتوسطي من جهة وبين الاتحاد المتوسطي لكنفدراليات المقاولات والاتحاد الأوروبي للصناعة (UNICE) .

على مستوى الإجراءات الواجب اتخاذها:

5- إقامة آلية للمتابعة والتقويم متعددة الأطراف (المراقبة) على المستوى الأورومتوسطي لتهتم بالوضع الاقتصادي والاجتماعي عامة وبوضع التشغيل خاصة بتحديد نظام مؤشرات يسمح بالقيام بمقارنات وبتحاليل للتطورات المتتالية وكذلك للقيام بمتابعة السياسات الوطنية. ويجب على هذا النظام أن يدرج مهمة تحليل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الخاص بمهاجري البلدان المتوسطية الشريكة المقيمين في ا لاتحاد الأوروبي.

6- ادراج جميع تدابير القرار والتصرف في المؤسسات وفي السياسات والبرامج والتحركات الأورومتوسطية (مناطق التجارة الحرة، برامج MEDA ، خطط العمل…) لدراتسها دراسة دقيقة والتمعن في تاثيراتها على التشغيل وعلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي. كما يتحتم التعجيل لاتمام الدراسة الجاري العمل فيها والتي تتعلق بالانعكاسات المنجرة عن مناطق التجارة الحرة على استدامة البلدان الأورومتوسطية، ليقدم استنتاجاته واستنتاجات دراسات أخرى حتى تكون كأساس لاعادة توجيه التحركات والأولويات السياسية واتخاذ تدابير تعويضية للتخفيض من حدة النتائج السلبية

بالعلاقة مع مضمون الاعمال والبرامج الأورومتوسطية

7- التقدم نحو تحديد استراتيجية أورومتوسطية خاصة بالتشغيل وذلك بتحديد الأهداف على الصعيد الجهوي وعلى مستوى البلدان وتحديد الالتزامات والمخططات والادوات التي ستصخر لبلوغ الأهداف باتباع نموذج “التعاليم العامة الخاصة بسياسة التشغيل ببلدان الاتحاد الأوروبي الـخمسة والعشرين” وهذا ما سيفرض على بلدان الشراكة الأورومتوسطية الأعضاء من انشاء نظام مندمج للاحصائيات الاجتماعية والاعلام عن سياسات الشغل.

وكخطوة أولى يجب على المفوضية الأوروبية أن تسطر توجيهات استراتيجية خصوصية في موضوع التشغيل والحقوق الاقتصادية والاجتماعية كالذي أنجزته سنة 2003 والخاص بحقوق الانسان. كما يجب أن تكون الأهداف المشار إليها في هذه الوثيقة واضحة من ناحية الكم وقابلة للتقييم كما يجب أن تحتوي على آلية من شأنها أن تعمل على المصادقة وعلى التبني العملي لاتفاقيات المنظمة الدولية للشغل، كذلك يجب أن تدرج نظاماً متعدد الجوانب لمراقبة سير وضع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ووضع التشغيل وتشجيع اتخاذ التدابير الكفيلة للرقي به وبالحماية الاجتماعية والتضامن ومقاومة الفقر.

8- .انشاء آلية مؤسساتية للتأمين والتعويض خاصة بمواجهة العواقب الاجتماعية المنجرة عن التدابير السياسية الأورومتوسطية عندما تنذر المؤشرات الاجتماعية التي سيتم وضعها بمجاوزة أدنى الحدود.

9- وضع برامج خاصة داخل اطار مخططات العمل للجوار وبرامج MEDA :

أ – لتشجيع الحوار الاجتماعي والوفاق على المستوى القومي في البلدان المتوسطية الشريكة؛

ب. لدعم الحرية النقابية والاحترام الفعلي لاستقلالية المنظمات النقابية بالإضافة إلى التعاون النقابي الأورومتوسطي؛

ج. لتعزيز تمثيلية العمال بالشركات وحماية قانونية فعالة لممثلي العمال؛

د. لضمان حماية فعلية لحقوق العمال الأساسية المنصوص عليها في أهم اتفاقيات المنظمة الدولية للشغل وفعاليتها، ومن بين هذه الحقوق حق الاضراب وحق المفاوضات الجماعية والحوار الاجتماعي وبالتحديد من خلال أتخاذ التدابير التي تضمن فعالية حقوق الشغل (مفتشية الشغل، الخ.)

بالعلاقة الخاصة مع سياسة الجوار الأوروبية

10) اعطاء المزيد من الاهمية والاعتبار إلى الحقوق الاجتماعية في مخططات العمل ويجب أن تعبر المواقف الرسمية عن هذه الاهتمامات وأن تنعكس لدى أداتي الجوار والشراكة (2007-2014).

11) خلق آلية منتظمة للتشاور مع الهيئات الاجتماعية التي تضمن التطبيق الفعلي لمخططات العمل في جميع مجالاته وخاصة في مجال التشغيل والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

[1] هاندوسا ، هيبا و رايفيرس، دجون لويس (تنسيق) (2003)Rapport Femise 2003 sur le Parténariat Euroméditerranéen، المعهد المتوسطي، مرسيليا، انظر:http://www.femise.net/PDF/Femise_A2003fr.pdf.

[2] البنك الدولي (2003)Unlocking the Employment Potential in the Middle East and North Africa: Toward A New Social Contract , ،كما يمكن مراجعة الملخص على شبكة الانترنت بالعنوان التالي :

.

[3] بلاغ عن المفوضية الأوروبية “الذكرى العاشرة للشراكة الأورومتوسطية : برنامج عمل لمواجهة تحديات السنوات الخمسة القادمة” (12-04-2005)، انظر :

[4] كولليتشالي ، كارلا (2003)،The Mediterranean Limes. The Social Variables of Development: Health, Poverty and Crime، نشرFEMISE، يمكن الاطلاع عليه على شبكة الانترنت :

[5] أنظر شارنوفيتش، سييف (2005)،The labor Dimension of the Emerging Free Trade Area of the Americas” فيAlston، نشرPhilip،Labor Rights as Human Rights،ص. 143-176.

[6] أنظر بايرن، إييان وشاماس، شارلس (2002):Human Rights Implications of the MEDA Programme،الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الانسان، كوبنهاغن.

.

[7] انظر مارتين ، إيبان و بايرن ، إييان، شادي-بولسين ، مارك (2004) ” Economic and Social rights in the Euro-Mediterranean Partnership: The missing Link?” مقدمة مارتين، إيبان و إييان بايرن، ” Economic and Social Rights in the Euro-Mediterranean Partnership” ،Mediterranean Politics، عدد 9 . 3 .ص. 307-318، .

[8] انظر “10 Years of Barcelona Process: Taking Stock of Economic Progress in EU Mediterranean Partners “،European Economy،Occasinal Papers، عدد 17، أبريل 2005، المديرية العامة للشؤون الاقتصادية والمالية التابعة للمفوضية الأوروبية، حيث تقدم أيضاً نظرة حول تطور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلدان المتوسطية الشريكة منذ سنة 1995.

.

[9] تقرير مؤتمر “الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في جنوب المتوسط وشرقه” الذي نظمته الرابطة الدولية لحقوق الانسان في الأردن في أكتوبر 2003http://www.fidh.org/IMG/pdf/jo378f.pdf .أنظر أيضا التقارير الثلاث عنتطور حقوق الانسان بالعالم العربيالصادرة سنة 2002 و 2003 و 2005 عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية.http://www.undp.org/rbas/ahdr/ .

[10] لم تصادق كل من المغرب والأردن ولبنان عن اتفاق 87 للمنظمة الدولية للشغل الخاصة بالحرية النقابية.

[11] ادخل اصلاح على قانون الشغل في كل من تونس ومصر ولم تدخل نصوص جديدة لا بالمغرب ولا في فلسطين.

[12] أنظر مارتين ، إيبان ( نشر ) (2005) ،Bringing the Euro-Mediterranean Partnership Closer to the People. 35 Proposals to Engage Civil Society in the Barcelona Process,. فريدريتش إيبيرت تسفتونغ – المغرب، الرباط.

[13] أنظر مارتين ، إيبان (2004) ، “The Social Impact of Euro-Mediterranean Free Trade Areas: A First Approach with Special Reference to the Case of Morocco “، و في مارتين، إيبان و إييان بايرن “Economic and Social Rights in the Euro-Mediterranean Partnership ” ،Mediterranean Politicsعدد 9 . 3 ص. 422-458،http://www.eco.uc3m.es/immartin/SocialimpactMediterraneanpolitics.pdf .

[14] وهو ما يرد في COM (2003) 104، 11 مارس 2003 وبشكل أوضح في “سياسة الجوار الأوروبية. الوثيقة التوجيهية”COM(2004) 373، ص. 14. “الطموح الذي يسعى إليه الاتحاد الأوروبي في تطورات علاقاته مع كل شريك في إطار سياسة الجوار الأوروبية سيأخذ بعين الاعتبار إلى أية غاية سيتم احترام بعض القيم المشتركة. فسترتكز مخططات العمل على مجموعة من القيم من أجل تعزيز الالتزام إزاءها ومن بين هذه الأولويات نجد وبصفة خاصة (…)الحقوق النقابية والقوانين الأساسية في مجال العمل (…)”.

[14] “إن المعيار الذي به يمكن اعتبار أن سياسة الجوار الأوروبية نافعة ومفيدة هو رهين تأثيراته على مستوى العيش. فيجب على كل مساهمة في مشروع سياسة الجوار الأوروبية أن ترافقهاسياسة ناشطة تعمل من أجل مقاومة الفقر والتفاوت الاجتماعي.

كما يجب أن يكون الباب الاقتصادي والاجتماعي لمخططات العمل متماسك يتماشى مع الاستراتيجيات التي تطبقها البلدان الشريكة نفسها. كما يجب أن يقام حوار معزز من خلالاللجان التحتية الممعنية ومن خلال الحوار الاقتصادي. (…) ويجب أن يتضمن تعزيز الحوار والتعاون خاصة كل من البعد الاجتماعي، الانماء الاجتماعي الاقتصادي،التشغيل، السياسة الاجتماعية والاصلاحات الهيكلية. وسيدعم الاتحاد الأوروبي جميع الجهود المبذولة من طرف البلدان الشريكة من أجل مقاومة الفقر والتقليص منه، وخلق فرص العمل ودعم قوانين العمل الأساسية والحوار الاجتماعي والتقليص من التفاوت الجهوي وتحسين ظروف العمل، وتعزيز نجاعة المساعدة الاجتماعية واصلاح الأنظمة الوطنية للحماية الاجتماعية.ونعني بذلك التقدم نحو خلق حوار يدور حول سياسة التشغيل والسياسة الاجتماعية وذلك من أجل تحليل الوضع وتقييمه وتحديد أهم التحديات التي يتحتم مواجهتها وتعزيز الاستجابات المحتملة لها على المستوى تحرك السلطات العامة” (“سياسة الجوار الأوروبية. الوثيقة التوجيهية” ، COM (2004) 373، ص. 15) .

يجب تكثيف الحوار حول موضوع التشغيل والسياسة الاجتماعية وذلك من أجل ضبط أهم التحديات التي يتحتم مواجهتها في هذا المجال والتقدم نحو تحديد سياسات تعمل من أجل تحقيقها” (نفس المرجع، ص. 25).