التفريق للضرر:

تنص المادة 9 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة1985 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أن: “للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيباً مستحكماً لا يمكن البرء منه، أو يمكن بعد زمن طويل، ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون والجذام والبرص، سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به، أم حدث بعد العقد ولم ترض به، فإن تزوجته عالمة بالعيب، أو حدث بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها، فلا يجوز التفريق”.

كما تنص المادة 10 من ذات القانون على أن: “الفرقة بالعيب، طلاق بائن”.

كما تنص المادة 11 من ذات القانون على أن: “يستعان بأهل الخبرة في العيوب التي يطلب فسخ الزواج من أجلها”.

فشروط التفريق للضرر أربعة هي:

1-أن تجد الزوجة بزوجها عيباً مستحكماً، جسماني (كمرض الجذام أو البرص أو الإيدز)، أو خلقي كمرض نفسي مستعصي (كالجنون)، أو جنسي (كالعنة أو الجب أو الخصاء)، فإذا لم يكن العيب مستحكماً فلا طلاق.

2-ألا يكون من الممكن البرء والشفاء من هذا العيب، أو يمكن ذلك ولكن بعد مرور زمن طويل، فإذا كان من الممكن البرء والشفاء منه بعد زمن يسير فلا طلاق. ويقدر استحكام العيب أهل الخبرة.

3-أن تتضرر الزوجة من العيب على نحو لا يمكنها المقام مع الزوج مع قيام العيب به، ويستوي في الضرر أن يكون مادياً أو معنوياً، ويقدر توافره قاضي الموضوع مستعيناً في ذلك بأهل الخبرة.

4-ألا تعلم الزوجة بالسبب قبل العقد أو ترضى به بعده. فإذا كانت تعلم أو رضيت به فلا طلاق.

ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “النص في المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1920 بشأن النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية وفى المادة الحادية عشرة يدل ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ على أن المشرع جعل الزوجة حق طلب التفريق من الزوج إن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلاً، أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى لها الإقامة معه إلا بضرر شديد، وإنه توسع في العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولا الاستعانة بأهل الخبرة لبيان استحكام المرض، ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده، على ألا تكون الزوجة قد رضت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة، شريطة أن يكون هذا العلم وذلك الرضا مستندين إلى معرفة حقيقة بالعيب وإرادة صحيحة من الزوجة بالعيش مع الزوج رغم علمها بالعيب، وكان مؤدى هذا وفقاً لمذهب الحنفية: أنه إذا تأكد للزوجة أن هناك عيباً مستحكماً ولم ترض به رضاء صحيحا نابعاً عن علم يقيني به، أو استمرت في المقام معه زمناً للتجربة أو إعطاء الفرصة لاحتمال زوال هذا العيب طبياً ولم يتم ذلك، فإن حقها في طلب التفريق يظل قائماً، ولا يسقط حتى لو تراخت في رفع أمرها إلى القضاء، وإن هذا الحق يتجدد بتجدد عقد الزواج، بما مؤداه إن العلم بقيام العيب الذي يستوجب الفرقة الزوجية لا يتحقق إلا بعد استظهاره بمعرفة أهل الخبرة من الأطباء، ولو تجدد عقد الزواج أكثر من مرة قبل ثبوت ذلك.

(نقض مدني في الطعن رقم 673 لسنة 67 قضائية – جلسة 7/1/2002 المستحدث في قضاء النقض المدني – صـ 32).

الطلاق لعقم أحد الزوجين:

يثور الجدل والخلاف بشأن مسألة أحقية الزوجة في طلب الطلاق لعقم الزوج:

ويذهب فريق من الفقهاء إلى القول بأن عقم الرجل يعد من العيوب المستحكمة في مفهوم المادة التاسعة سالفة الذكر، ومن ثم يعطي الحق للزوجة في طلب التطليق. ويستند هذا الفريق في رأيه إلى اتحاد العلة مع تلك العيوب، وهي الإضرار بالزوجة الصالحة للإنجاب والقادرة عليه، وكذلك إلى تفويت أهم مقاصد الزواج بالنسبة للزوجة وهو التناسل، وهذه الرأي منسوب إلى فتوى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، كما أن فيه ضرر نفسي بليغ بالنسبة للزوجة لحرمانها من إشباع غريزة الأمومة لديها.

إلا أن محكمة النقض لم تأخذ بهذا الرأي، سواء في قضائها في مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين أو لغير المسلمين، مستندة في قضائها إلى أن القانون – في شأن التفريق بين الزوجين – نص على “العيوب” التي بالزوج وتحول دون الاتصال الجنسي، باعتبار أن تلك العيوب تعد “أمراضاً” مستحكمة لا يمكن البرء منها، بينما عدم القدرة على الإنجاب ليست “مرضاً”، وبالتالي فالعقم بذاته ليس مبرراً للتطليق، إذ لا دخل للإنسان فيه {وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}(سورة الشورى – الآية 50)، فطالما إن الزوج قادر على مباشرة زوجته بطريقة طبيعية، فعقمه لا يكون سبباً للتطليق إلا إذا أقترن به عيباً آخر، ويكون التطليق هنا للعيب الآخر وليس للعقم.

فمن المُقرر في قضاء النقض (في قضايا الأحوال الشخصية لغير المسلمين) أن: “العقم طالما كان مستقلاً بذاته لا يعتبر سبباً للتطليق في شريعة الأقباط الأرثوذكس لأن قواعدها لم تنص عليه من بين أسبابه، واكتفت بذكر الموانع التي تحول دون الاتصال الجنسي مما مفاده أنه لا يمكن الربط بين التطليق وبين عدم تحقيق الغاية من الزواج، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى التطليق، لا يكون قد خالف القانون لأنه حصل بما له من سلطة فهم الواقع في الدعوى وفى حدود سلطته التقديرية أن أساس طلب التطليق يرجع إلى عقم المطعون عليه وأن الفرقة بينه وبين زوجته المطعون ضدها نجمت عن هذا السبب الذي لا يد له فيه وأنه ليس من خطأ مرده إليه”.

(نقض مدني في الطعن رقم 31 لسنة 45 قضائية – جلسة 10/11/1976 مجموعة المكتب الفني – السنة 27 – الجزء الثاني – صـ 1574).

وفي ذات المعني بالنسبة لقضايا الأحوال الشخصية للمسلمين، نقض مدني في الطعن رقم 287 لسنة 62 قضائية – جلسة 23/9/1996، ونقض مدني في الطعن رقم 357 لسنة 63 قضائية – جلسة 29/12/1997. وراجع في هذا الشأن: “موسوعة قوانين الأحوال الشخصية” – للمستشار/ أشرف مصطفى كمال – الجزء الأول – صـ 106 و 107.

وقريباً من هذا المعنى – راجع بالتفصيل حكم النقض التالي والذي جاء فيه أن: مؤدى نص المادتين التاسعة والحادية عشرة من القانون رقم 25 لسنة 1920 بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الرجل أن ثبت به عيب “مستحكم” لا يمكن البرء منه أصلاً أو بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى للزوجة الإقامة مع زوجها المعيب إلا بضرر شديد. وتوسع القانون في العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولاً الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده كل ذلك على شريطة ألا تكون الزوجة قد رضيت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة.

إذ كانت المذكرة الإيضاحية للقانون – رقم 25 لسنة 1920 – قد أوضحت أن التفريق للعيب في الرجل قسمان: قسم كان معمولاً به بمقتضى مذهب أبى حنيفة وهو التفريق للعيوب التي تتصل بقربان الرجل لأهله وهي عيوب العنه والجب والخصاء وباق الحكم فيه؛ وقسم جاء به القانون وزاده على ما كان معمولاً به وهو التفريق لكل عيب مستحكم لا تعيش الزوجة معه إلا بضرر، وكان المقرر في مذهب الحنفية أن من شرائط إباحة حق التطليق للزوجة بسبب العنه ألا يكون زوجها قد وصل إليها في النكاح، فإن كان قد وصل إليها ولو مرة واحدة لم يثبت لها هذا الحق، لأن حقها إنما هو في أن يباشرها مرة واحدة وقد استوفته، وما زاد عن ذلك لا يؤمر به قضاء بل ديانة فإن ما قرره الأحناف من أن القول للزوج بيمينه إذا وجدت الزوجة ثيباً أو كانت ثيباً من الأصل، قاصر عندهم على العيب الذي يتبين بالزوج قبل الدخول وقبل الوصول إلى زوجته، دون العيب الحادث بعد الدخول لأن هذا النوع الأخير لا يثبت به خيار العيب عندهم، وعلى خلاف هذا المذهب أجازت المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 1920 التطليق للعيب الحادث بعد الدخول دون أن توجب يميناً على الزوج، وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها قررت أن الطاعن دخل بها وفض بكارتها وأن الضعف الجنسي طرأ بعد الدخول، فإن تحليفه اليمين يكون في غير موضعه.

وتقدير وجود العيب المستحكم بالزوج الذي لا يرجى زواله أو لا يمكن البرء منه إلا بعد زمن طويل ويحول دون مباشرة العلاقة الزوجية، بما تتضرر منه الزوجة هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان قضاؤها يقوم على أسباباً سائغة.

فالإضرار الذي تعنيه المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية يشترط فيه أن يكون الزوج قد قصده وتعمده، سواء كان ضرراً إيجابياً من قبيل الإيذاء بالقول أو الفعل، أو ضرراً سلبياً يتمثل في هجر الزوج لزوجته ومنعها مما تدعو إليه الحاجة الجنسية، على أن يكون ذلك باختياره لا قهراً عنه، يؤيد ذلك أن المشرع استعمل لفظ “الإضرار” لا الضرر، كما يؤيده أن مذهب المالكية مأخذ هذا النص يبيح للزوجة طلب التفريق إذا ما ضارها الزوج بأي نوع الإيذاء التي تتمخض كلها في أن للزوج مدخلاً فيها، وإرادة متحكمة في اتخاذها. والعنة النفسية (ومن باب أولى العقم) لا يمكن عدها بهذه المثابة من قبيل الإضرار في معنى المادة السادسة سالفة الإشارة لأن الحيلولة دون ممارسة الحياة الزوجية بسببها لا يد للزوج فيها بل هي تحصل رغماً عنه و بغير إرادته.

(نقض مدني في الطعن رقم 8 لسنة 43 قضائية – جلسة 19/11/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – الجزء الثاني – صـ 1426 وما بعدها).

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .