_ أولاً : حكمه : 

اتفق الفقهاء على أن الطلاق السني المشروع هو الواقع بالترتيب مفرقاً الواحد بعد الآخر لا لايقاع الطلاق الثلاث دفعة واحدة لظاهر قوله تعالى : “ الطلاق مرتان ” . أي أن الطلاق المباح ما كان مرة بعد مرة ، فاذا جمع الرجل الطلقات الثلاث بكلمة واحدة أو بألفاظ متفرقة في طهر واحد يكون بدعياً ومحظوراً عند الحنفية والمالكية وابن تيمية وابن القيم . ولا يحرم ولا يكره عند الشافعية والحنابلة في الراجح عندهم وعند أبي ثور وداود الظاهري وانما يكون تاركاً للفضيلة . 

ويؤيد الرأي الأول ما رواه النسائي حيث قال أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً فقام غضبان ثم قال ” أيلعب بكتاب الله و أنا بين أظهركم حتى قام رجل فقال : يا رسول الله ألا أقتله ” . ويؤكده ما سبق ذكره أن الأصل في الطلاق الحظر ولكنه أبيح للحاجة الاستثنائية لتنافر الطباع وتباين الأخلاق أو لغيرها من الأسباب وتتحقق الحاجة بالطلقة الواحدة . ويتمكن بعدها من مراجعة زوجته عند الندم وهو الغالب . 

_ ثانياً : ما يترتب على ذلك : 

ويترتب على ذلك أي اذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً بكلمة واحدة أو بكلمات في طهر واحد يكون آثماً مستحقاً لعقوبة يراها القاضي . لكن هل يقع الطلاق ثلاثاً ؟ هذا ما اختلف فيه الفقهاء .

_ ثالثاً : أقوال الفقهاء في الطلاق الثلاث بلفظ واحد : 

اذا قال الرجل لزوجته أنت طالق ثلاثاً :

1- فقال الجمهور : ومنهم أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة والظاهرية وهو رأي أكثر الصحابة والتابعين ، يقع به ثلاث تطليقات . 

2- وقال الشيعة الامامية : لا يقع به شئ . 

3- وقال الزيدية وابن اسحاق وابن تيمية وابن القيم : يقع به واحدة . 

وقد استدل الذين يذهبون الى عدم الوقوع قالوا : بأن الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلاق بدعي لأنه مخالف لطلاق السنة وكل ما كان كذلك ينبغي رده على صاحبه فلا يترتب عليه أثره ، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم ” كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ” . 

_ رابعاً : السنة : 

فمنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر برجل طلق امرأته ثلاثاً جمعاً قام غضبان وقال صلى الله عليه وسلم : ” أهكذا يلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم حتى قام رجل وقال : يا رسول الله ألا أقتله ” . فهذا الحديث يدل من ناحية الغضب على أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع ثلاثاً اذ لو لم يقع به شئ أو يقع به واحدة لم يكن هناك ما يدعو الى غضب الرسول لأن الزوجية حينئذ لا تنتهي فاللرجل أن يعيد معاشرة زوجته دون احتياج الى الرجعة ان لم يقع به شئ . وبالرجعة ان كان الواقع طلقة واحدة . 

وكما يدل من ناحية الغضب على الوقوع ثلاثاً يدل من ناحية عدم أمر الرسول بالمراجعة على الوقوع ثلاثاً اذ لو كان للزوج المراجعة في الحالة لأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالمراجعة كما أمر عبد الله ابن عمر حين طلق امرأته في حال الحيض تطليقة واحدة .

_ خامساً : القياس : 

فقد قال ابن قدامه ” ان النكاح ملك يصح ازالته متفرقاً فصح مجتمعاً كسائر الأملاك ” . وناقشه ابن القيم بأن المطلق اذا جمع ما أمر بتفريقه فقد تعدى حدود الله وخالف ما شرعه . 

والذي نراه ونميل اليه نظراً لقوة الأدلة هو مذهب الجمهور القائل بوقوع الطلاق الثلاث بلفظ واحد . لكن اذا رأى الحاكم ترجيح رأي صار هو الحكم الأقوى ، فان صدرت فتوى أو قانون بغير مذهب الجمهور يجب اعتماده والافتاء به تيسيراً على الناس وصوناً للرابطة الزوجية حماية لمصلحة الأولاد .

_ سادساً : موقف القانون :

كان العمل جارياً في المحاكم على وقوع الطلاق ثلاث بلفظ واحد ثلاثاً الى أن صدر القانون رقم 25 لسنة 1929 فجرت المحاكم على وقوع الثلاث بلفظ واحد ثلاثاً طلقة واحدة ، فقد جاء في المادة الثالثة من القانون رقم 25 لسنة 1929 ” الطلاق المقترن بعدد أو اشارة لا يقع الا واحدة ” .