أولاً: مناقشة الخبير

يعتبر تقرير الخبير دليل من أدلة الإثبات في الدعوى، لكنه ليس دليلاً حاسماً، بل يمكن أن يكون محل نقاش، وطعن من قبل أحد أطراف النزاع. ويستند الطرف الذي صدر التقرير لمصلحته على التقرير، ويعتبره أحد الأدلة التي يستند عليها في إثبات صحة دعواه، أما الطرف الآخر في الدعوى فله الحق في مناقشة مضمون هذا التقرير، وما يحتويه من أخطاء، وله أيضاً الطعن في المقدرة العملية أو الفنية للخبير انطلاقاً مما يشمله التقرير من هفوات. (1) كما يجوز للقاضي استدعاء الخبير من تلقاء نفسه (2) أو بناء على طلب من الخصوم إذا راى ضرورة لذلك، كتوضيح معلومات معينة، أو معلومات ناقصة أو مبهمة، كما لها أن تطلب منه التوسع بمهمته، أو تطلب منه الإجابة على أسئلة جديدة (3) أو إعادة التقرير لتدارك ما وقع فيه من خطأ أو نقص أو أن تعهد العمل إلى خبير آخر (4)، كما يجوز للقاضي تقرير إجراء خبرة جديدة لأسباب يقدرها (5)، من ذلك على سبيل المثال بطلان تقرير الخبرة بسبب نقصان بياناته، أو عدم جوابه بالدقة المطلوبة عن ما طلب منه، كما يجوز للخصوم الطعن في المؤهلات العلمية للخبير. (6)

وفي الواقع العملي لدى القضاء في حال عدم قناعة القاضي بتقرير الخبير المقدم، فإنه يكلف خبراء أكثر عدد من الخبراء الذين قاموا بالمهمة الأولى، فإذا كان عدد الخبراء ثلاثة في الخبرة الأولى، حدد القاضي خمسة خبراء للخبرة الثانية وهكذا. ويؤيد الباحث هذا الإجراء، لأن القاضي يقدر عدم وصول الخبراء لنتيجة معقولة في الخبرة الأولى بسبب صعوبة تفسير الواقعة موضوع الخبرة. كما يمكن للقاضي استبدال الخبير المعين تلقائياً، أو بناء على طلب أحد الخصوم، وتعيين خبير آخر محله، ومن أهم أسباب استبدال الخبراء عدم قيامهم بالمهمة المسندة إليهم، أو رفضهم القيام بها، بالإضافة إلى أسباب أخرى كالمرض والسفر الطويل، وأيضاً عدم احترامه للأجل المحدد له للقيام بالخبرة وايداع التقرير، أو إخلاله بواجباته المهنية، وعموماً كل سبب ناتج عن الخبير أدى إلى تعطيل إجراءات التقاضي. (7)

ثانياً: الطعن في تقرير الخبرة

الخبير هو إنسان بالدرجة الأولى يرد عليه الخطأ والنسيان، وربما التحيز في بعض الأحيان. (8) لكن تقرير الخبير لا يطعن به بشكل مستقل، لأنه يعتبر جزء من الحكم الذي تبناه، إلا إذا نص المشرع على خلاف ذلك. (9) كما يمكن اللجوء إلى خبرة جديدة، في حال عدم جدوى الخبرة الأولى، ويخضع ذلك لتقدير محكمة الموضوع. (10).

________________

1- رضا جداوي، إشراف: محمد سليم الوريالكي، الخبرة القضائية في ضوء القانون المغربي، بحث لنيل الإجازة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، 2004-2003 م ص 22

2- محمد الكشبور، الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية، دراسة مقارنة، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 2000، ص 106

3- أحمد سيد محمود، النظام الإجرائي للخبرة القضائية في المواد المدنية والتجارية وفقاً للقانونية المصري والكويتي، المحلة الكبرى، دار الكتب القانونية، 2007 م، ص 79

4- جمال الكيلاني، الإثبات بالمعاينة والخبرة في الفقه والقانون، مجلة جامعة النجاح للأبحاث )العلوم الإنسانية(، المجلد 16 العدد1، 2002 ص 279

5- علي الحديدي، الخبرة في المسائل المدنية والتجارية، المنصورة، دار النهضة، 1993 م ص 358

6- محمد الكشبور، الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية، دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص 112

7- رضا جداوي، إشراف: محمد سليم الوريالكي، الخبرة القضائية في ضوء القانون المغربي، مرجع سابق، ص 35

8- محمد الكشبور، الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية ، دراسة مقارنة ، مرجع سابق، ص 140

9- أحمد سيد محمود، النظام الإجرائي للخبرة القضائية في المواد المدنية والتجارية وفقاً للقانونية المصري والكويتي، مرجع سابق، ص 205

10- نزيه نعيم شلالا، دعاوى الخبرة والخبراء دراسة مقارنة من خلال الفقه والاجتهاد والنصوص القانونية، الطبعة الأولى، بيروت، منشو ا رت الحلبي الحقوقية، 2007 م ص 108

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .