أولا: اجراءات تقديم الطلب القضائي والفصل فيه :

بخصوص اجراءات تقديم طلب توقيع التهديد المالي ضد المدعى عليه أو المحكوم عليه نميز بين طريقتين.

الطريقة الأولى : إذا كان النزاع لا يزال مطروحا أمام القاضي أيا كان، قاضي الموضوع أم قاضي الأمور المستعجلة (1)، وذلك ما يستخلص من المادة 625 ف 1 من ق إ م د، ومن واقع الحال إستشف المدعي أن المدعى عليه سيمتنع لا محالة عن التنفيذ، هنا يجوز له أثناء سريان القضية أن يتقدم بطلب شفاهي أم كتابي يتضمن طلب توقيع التهديد المالي ضد المدعى عليه، وللقاضي السلطة التقديرية في ذلك، فله أن يستجيب أو يرفض، كما له سلطة تقدير مقدار التهديد المالي، ومتى قبل الطلب، أتبع القاضي حكمه بأمر توقيع التهديد الواجب على المحكوم عليه (2)، إلا أن هذه الطريقة من الناحية العملية تكاد تنعدم، لأنه من الصعب إثبات نية الامتناع عن التنفيذ لدى المدعى عليه.

الطريقة الثانية : وهي الطريقة الأكثر استعمالا، حيث أنه بعد صدور الحكم وبعد السعي إلى تنفيذه، يمتنع المحكوم عليه صراحة بتنفيذ المطلوب منه، في هذه الحالة فإن طلب التهديد المالي يجب أن يتم وفق اجراءات الدعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة حسب المادة 471 ف 2 ق إ م (3)، فتحرر العريضة الافتتاحية متضمنة بالأساس الوقائع، وسبب الطلب، ومقدار التهديد المالي المطلوب، وترفق بنسخة من الحكم الم ا رد تنفيذه ومحضر الامتناع يعده F القائم بالتنفيذ(4)، وحسب صياغة المادة 625 هو من يتولى إحالة صاحب المصلحة على القضاء لأجل المطالبة بالغرامة التهديدية، والقاضي المختص وهو يفصل في الطلب يعتمد بالأساس على المحضر الذي أعده المحضر القضائي دون غيره، وله أن يحرر الأمر بمكتبه وحتى دون حضور الأطراف، ويتضمن الأمر مختصرا لوقائع القضية ولملف التنفيذ، ثم مبلغ لغرامة ومدة سريانها وتكون قابلة للتصفية أمام قاضي الموضوع (5)،هذا وأن الحكم الصادر بشأن توقيع التهديد المالي، يترتب عنه ما يترتب عن مختلف الأحكام فيخضع لإجراءات التبليغ والطعون وما إلى ذلك(6).

ثانيا: أثار الحكم بالغرامة التهديدية

يترتب على الحكم بالتهديد المالي وصيرورته نهائيا الآثار التالية:

-1 بدأ سريان احتساب مبالغ التهديد المالي حسب ما قضى به الحكم.

-2 إذا ما استجاب المحكوم عليه يعد القائم بالتنفيذ محضرا بالامتثال فيطوى النزاع حيث يوقف سريان التهديد المالي، والقيام بإجراءات التصفية.

-3 إذا لم يمتثل المحكوم عليه فإن التهديد المالي يبقى ساري المفعول إلى غاية بلوغ قيمة المقدار الذي يمكن أن يكون موافقا للضرر الذي تسبب فيه.

-4 باعتبار الحكم بالتهديد المالي هو حكم مؤقت وتهديدي (7)، بحيث إذا إستمر المدين في عدم الإنصياع والعناد، يمكن للدائن أن يلجأ إلى القاضي المختص طالب الزيادة في مقدار الغرامة عملا بأحكام المادة 174 ف 2 ق م ج (8)، ولهذا فإنه يقال أن الغرامة التهديدية في هذه المرحلة تتميز بخاصية التهديد والتوقيت، وهاتان الخاصيتان هما جوهر نظام التهديد المالي، وٕاليهما تؤصل وتفسر المسائل والموضوعات المتعلقة بهذا النظام (9).

__________________

1- باستثناء القاضي الإداري الذي لا يستطيع توقيع الغ ا رمة التهديدية على الدولة، عملا بمبدأ الفصل بين السلطات الذي يمنع القاضي من القيام بأعمال الإدارة العامة، وكذا كون الإدارة ملزمة باحترام حجية الشيء المقضي به، ولكونها غير خاضعة لطرق التنفيذ، فهي ملزمة مع ذلك بتطبيق القرارات القضائية عن حسن نية واستخلاص العبر منها، في المعنى أنظر أحمد محيو : المنازعات الإدارية، . ترجمة فايز انجق وبيوض خالد ، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1983 ، ص 202

2- سائح سنقوقة: الدليل العملي في إجراءات الدعوى المدنية، دار الهدى، عين مليلة، الج ا زئر(الطبعة بدون تاريخ )، ص 143 . وعبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، نظرية الإلتزام بوجه عام ، الجزء الثاني ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، سنة 1970 ، ص 813 ، وكذلك الطيب برادة: التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط 1988 ، ص 364

3- تنص المادة 471 ف 2 من ق إ م التي تتوافق مع المادة 625 من ق إ م د على أنه “يجوز لقاضي الأمور المستعجلة بناء على طلب الخصوم أن يصدر أحكاما بتهديدات مالية”.

4- عمار بوضياف: تنفيذ الأحكام القضائية في المادة الإدارية، بين الإطار القانوني والإجتهاد القضائي” مجلة العلوم الإجتماعية والإنسانية، يصدر عن المركز الجامعي الشيخ العربي التبسي، تبسة، العدد الثاني سبتمبر 2007 ، ص 14 . وسائح سنقوقة: المرجع السابق، ص 144.

5- الطيب برادة: المرجع السابق، ص 371 . وفرية نعيم شلالا: الحجز التنفيذي، منشو ا رت المؤسسة الحديثة للكتاب، الطبعة الأولى، لبنان 2000 ، ص 30.

6- سائح سنقوقة: المرجع السابق، ص 144.

7- محمد حسنين:الوجيز في نظرية الإلتزام، مصادر الإلتزام وأحكامها في القانون المدني الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1983 ، ص 251.

8- حيث تنص المادة 174 ف 2 ق م ج على أنه” إذا راى القاضي أن مقدار الغرامة ليس كافيا لإكراه المدين الممتنع عن التنفيذ جاز له أن يزيد في الغرامة كلما را ى داعيا للزيادة”.

9- شرف الدين محمد الكهالي: وسائل التنفيذ العيني في القانون المدني اليمني، دراسة مقارنة

بالفقه الإسلامي والقانون المدني المصري، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق،. جامعة القاهرة سنة 1997 ، ص 226.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .