ما هي الشروط الواجب توافرها لتتحقق مسؤولية الابويين على القاصر في التشريع المغربي؟

لكي تكون مسؤولية الأب أو الأم متحققة قانونيا على إبنهما القاصر فإنه يتعين توفر الشروط الثلاثة الآتية:

ــ أن يتعلق الأمر بوجود قاصر
ــ وأن يكون هذا الأخير مقيما مع والديه بكيفية مستمرة واعتيادية
ــ وأن يكون الضرر الذي لحق الغير ناتجا عن الفعل الذي تسبب فيه هذا القاصر.

الشرط الأول: أن يتعلق الأمر بوجود طفل قاصر.

والقصور في السن يتحدد في الفترة الفاصلة بين واقعة الميلاد الى غاية بلوغ سن الرشد القانوني الذي أصبح محددا في التشريع المغربي ببلوغ سن 18 سنة. ولقد انتبه المشرع الفرنسي لإشكالية المتعلقة بمدى مساءلة الآباء المرشدين ونص على حكمها صراحة في المادة 482/2 من القانون المدني التي جاء فيها على أن الأب والأم لا يعتبران مسؤولان بقوة القانون عن الأضرار التي يتسبب فيها الابن المرشد في الفترة الموالية للترشيد وهذا الاتجاه التشريعي هو الذي يسانده الفقه المعاصر في فرنسا وبالرغم من عدم وجود نص مقابل في إطار التشريع المغربي إلا أنه ليس هناك ما يمنع من سريان نفس الحكم عندنا باعتبار أن مناط مسؤولية الآباء عن أبنائهم القاصرين يكمن في استمرار ولاية الإشراف على القاصر وبسقوط هذه الولاية بالترشيد المبكر تسقط مسؤولية الآباء تبعا لذلك.

الشرط الثاني: أن يكون القاصر ساكنا مع والديه.

ويقصد بشرط السكن أن يكون القاصر مع والديه إقامة رسمية اعتيادية دائمة وهذا يعني أن الأبوان إذا بعثا بابنهما إلى دار للحضانة أو مدينة بعيدة لمتابعة دراسته الأمر الذي اضطره إلى السكن بها فإن الأبوان لا يتحملان هذه المسؤولية في الأوقات التي يكون فيها القاصر خارجا عن سيطرتهما ومراقبتهما لأن هذه السيطرة تكون قد انتقلت إلى جهة أخرى ويكون بذلك هناك ميدان لمساءلة الآباء إذا ثبت أن الضرر قد تسبب فيه القاصر أثناء فترة العطل أو الأعياد الرسمية التي يلتحق فيها القاصر بمنزل والديه.
بقي أن نشير على أن الأب يتحمل المسؤولية عن أبناءه القاصرين حتى ولو كان غائبا عن المنزل أثناء وقوع الفعل الضار فالأب يتحمل المسؤولية عن إبنه القاصر حتى ولو ثم ارتكاب الفعل في الوقت الذي كان فيه القاصر هاربا من بيت والديه ومن ثمة سريان أحكام المسؤولية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود.

الشرط الثالث : أن يحدث القاصر بفعله ضررا للغير

وباعتبار أنه لا مسؤولية بدون ضرر فإنه يتعين أن يتسبب القاصر في إلحاق ضرر بالغير ماديا أو معنويا وعلى المضرور ان يقدم الحجة على أن الضرر قد تسبب فيه هذا القاصر

أساس مسؤولية الأبوين عن أبنائهما القاصرين

حماية لمصلحة الطرف المضرور فإن معظم التشريعات المدنية بما في ذلك قانون الالتزامات والعقود المغربي نلاحظ أنها قد أسست هذه المسؤولية التي يتحملها الآباء عن أبنائهما القاصرين على فكرة الخطأ المفترض في جانب من يتولى رقابة شؤون القاصرين ويتمثل هذا الخطأ المفترض في نقصان الرقابة وسوء التربي.

إلا أن قرينة افتراض الخطأ في صف الأباء والأمهات ليست بالقرينة القاطعة وإنما هي قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس إذ يحق للأبوين نفي المسؤولية عنهما بإثباتهما أن الضرر قد صدر من القاصر في وقت لم يكن بإمكانهما السيطرة على تصرفاته

إلا أنه أمام كثرة الانتقادات التي وجهت لفكرة افتراض الخطأ كأساس لمسؤولية الأب عن ابنه القاصر فإن جانبا من الفقه حاول البحث عن هذا الأساس خارج نظرية الخطأ فأسفرت هذه المحاولات عن ظهور نظرية تحمل التبعة كأساس لهذه المسؤولية أي أن الآباء عليهم أن يتحملوا تبعات نقصان تربيتهم لأبنائهم ، وبسبب عدم ملائمة نظرية تحمل التبعة كأساس لمعظم حالات المسؤولية على فكرة الضمان باعتبار أن الآباء ضامنون لأفعال أبنائهم التي تضر بالغير، ولا يعفون من تحمل تبعات هذا الضمان إلا بإثبات أنهم قاموا بواجب الرقابة والتوجيه الحسن لسلوك أطفالهم أو أن الضرر قد حصل من القاصر في الوقت الذي كان فيه في عهدة جهة مسؤولة قانونا كالمدرسة مثلا.

ونظرا لأن القاصر قد يتم ترشيده قبل الأوان فإن المشرع الفرنسي قد تنبه لذلك ونص على أن الأب والأم لا يعتبران مسؤولان بقوة القانون عن الأضرار التي يتسبب فيها الابن المرشد في الفترة الموالية للترشيد. وبالرغم من عدم وجود نص بهذا الخصوص في التشريع المغربي فإنه ليس هناك ما يمنع من سريان نفس الحكم عندنا لأن مناط المسؤولية هو استمرار الولاية.