مقالة قانونية حول تعطيل تنفيذ الاحكام القضائية

محمد أحمد الحساني

ديوان المظالم الذي أصبح اسمه المحكمة الإدارية، كان وما زال من الأجهزة القضائية المحترمة التي تعد علامة بارزة وضاءة في تاريخ القضاء في بلادنا الغالية، وهو محل ثناء عام ومقصد الذين يشكون من تعرضهم لظلم أو سوء معاملة أو سوء استخدام سلطة من قبل موظفي الدولة، فلا تتردد المحكمة عن إصدار حكمها لصالح الطرف المظلوم، ويكون من حق المدعى عليه الاستئناف ضد الحكم، فإذا لم يستطع نقضه وجب عليه تنفيذه حسب نظام المحكمة الإدارية الصادر بمرسوم ملكي كريم. وقد نشرت الصحف في الآونة الأخيرة العديد من قرارات وأحكام المحكمة الإدارية المتضمنة دفع تعويضات مالية للمتضررين من بعض الإجراءات الإدارية، وإلغاء قرارات إدارية صدرت عن مصالح حكومية ضد بعض منسوبيها اتضح للمحكمة الإدارية أنها مبنية على التعسف مجانبة للحق والنظام، ولكن صدور هذه الأحكام العادلة تزامن مع امتناع وتهرب الجهات الصادرة ضدها تلك الأحكام عن التنفيذ، على الرغم من اكتسابها القطعية التي تجعلها واجبة التنفيذ. وعندما يعود المحكوم له إلى قضاة المحكمة الإدارية شاكيا من امتناع الجهات التي حكم له ضدها عن تنفيذ الحكم، يفهمون من المحكمة أن صلاحياتها تقف عند حد إصدار الحكم أما التنفيذ فإنه ليس من ضمن مسؤولياتها حسب النظام.

وقد قرأت في الآونة الأخيرة بصحيفة الحياة تحقيقا صحفيا شارك فيه محامون وخبراء أنظمة وقانون، وكان التحقيق يدور حول امتناع بعض الجهات الحكومية عن تنفيذ ما يصدر ضدها من أحكام، فكان رأيهم أن مثل هذا التهرب والمماطلة في تنفيذ أحكام قضائية إدارية أسوأ من تهرب الأفراد ومماطلتهم في تنفيذ ما يصدر ضدهم من أحكام قضائية، وأن قضاة ومحاكم التنفيذ التي أنشئت قبل نحو عام فعلت وساعدت على تنفيذ الأحكام وإجبار الذين عليهم الحق للانصياع لما صدر ضدهم من أحكام، مطالبين بإجراء مماثل يضمن عدم امتناع أية جهة حكومية يصدر ضدها حكم قضائي عن تنفيذه لأنه لا معنى لصدور الأحكام ثم بقائها بلا تنفيذ