من المُتفق عليه أن قواعد الضمان الخاص في عقد المقاولة والمقررة في المادة 870 من القانون المدني العراقي والنصوص القانونية التي تقابلها في التشريعات محل المقارنة لا تُغطي كل عيب يترتب على أعمالها في مجال التشييد والبناء المعماري بل يجب أن تتوفر في العيب الموجب لقيام الضمان الخاص في عقد المقاولة شروط معينة ، يتعلق بعضها بخطورة العيب ، فيما يتعلق البعض الآخر منها بخفاء هذا العيب . وعليه سنتناول فيما يأتي شروط العيوب الموجبة لقيام الضمان الخاص في عقد المقاولة .

أولاً : خطورة العيب .

يُعتبر العيب خطيراً وموجباً لقيام الضمان الخاص في عقد المقاولة وفقاً لنص المادة 870 / 1 من القانون المدني العراقي إذا تهدم البناء كلياً أو جزئياً أو شابه عيب يهدد متانة البناء وسلامته وفقاً لِما جاءت به المادة 870 /1 من القانون المدني العراقي(1) وعليه يُعتبر العيب خطيراً وموجباً لقيام الضمان الخاص في عقد المقاولة في الحالتين الآتيتين :

1- إذا أدى إلى تهدم كلي أو جزئي للبناء .

2- إذا ترتب عليه تهديداً لمتانة البناء وسلامته .

ونوصي بالمشرع الع ا رقي أن يُضيف سبباً آخر لهذه الأسباب المُتقدمة ، ألا وهو العيب الذي من شأنه المساس بالغرض الذي شُيد من أجله العمل سواء كان من المباني أو المنشآت الثابتة الأخرى .

ثانياً: خفاء العيب

على الرغم من أن النصوص العامة للضمان الخاص في عقد المقاولة لم تشترط خفاء العيب . إلا أن الفقه ، كان قد أجمع على ضرورة أن يكون العيب إلى جانب خطورته ، خفياً على رب العمل عند التسليم ، أما ماكان ظاهراً من العيوب لرب العمل وقت التسليم له دون أن يُبدي الأخير أي تحفظات بشأنها فهنا سوف لايُسأل المُشيد عن هذه العيوب . وعلى الرغم من ضرورة أن يكون العيب خفياً من أجل وجوب قيام الضمان الخاص في عقد المقاولة إلا أنه لابد أن تتوفر فيه ضوابط مُعينة ومنها ، أن يكون هذا الخفاء محل إعتبار وقت التسليم النهائي للعمل أما إذا إنكشف العيب وأصبح ظاهراً بعد التسليم فلا يكون له أي تأثير في قيام الضمان الخاص في عقد المقاولة ويُقصد بالعيب الخفي هنا ، هو كل خلل يُصيب البناء أو المنشآت الثابتة الأخرى تقضي أصول الصنعة نقاءه منه ،ويكون في غير مدرك لرب العمل عند أستلامه (2) ويجب أن يكون العيب خفياً بالنسبة لرب العمل وليس للمهندس أو المقاول ، كما أن خفاء العيب لايكون بوجود العيب فقط بل يجب أن يختفي على رب العمل جسامة هذا العيب والآثار التي تترتب عليه .وان المعيار الذي يتم إعتماده في مسألة تقدير خفاء العيب بالنسبة لغالبية الفقهاء (3) هو المعيار الموضوعي الذي يعتمد بتقديره الرجل المعتاد من عامة الناس في إكتشاف العيب والوقوف عليه ، وبناءً على هذا المعيار فإن العيب يكون خفياً على الرغم من علم رب العمل فعلياً بوجوده في العمل وقت التسلم طالما كان من الثابت أن رب العمل غير المُلم بأصول البناء وفن الهندسة المعمارية لم يكن بإستطاعته كشف مثل هذا العيب ،حتى وان بذل من العناية ما يبذله الرجل المعتاد .

وبرأينا – المتواضع – يُمكن القول ، أن القضاء يبقى صاحب السلطة في تقدير الخفاء ، ولايُمكن الحد من هذه السلطة ، لأن القاضي وان إعتمد المعيار الموضوعي فإنه لابد وأن يسعين للمعيار الشخص الذي يجعل من شخص رب العمل محل إعتبار .

ومدى قدرته الذاتية على إكتشاف العيب وعلمه به لما له من وقائع تُقرب الوصول إلى الحقيقة واستقرار المعملات والحث على الحرص من أجل الحفاض على المصلحة العامة .

____________

1- يقابل هذا النص المواد 651 مدني / مصري و 788 مدني / أردني و 880 معاملات مدنية / إماراتي وتناولها المشرع الفرنسي في المواد 1792 و 2275

2- أنظر : د. محمد ناجي ياقوت ، مسؤولية المعماريين بعد إتمام الأعمال وتسلمها مقبولة من رب العمل ، دار وهدان للنشر ، الإسكندرية ، دون سنة طبع ، ص 97 .

3- أنظر : د. محمد كامل مرسي ، شرح القانون المدني الجديد ، العقود المسماة ، ج 4 ، ط 2 ، المطبعة العالمية ، القاهرة ، 1952، ص 499 ، وأنظر كذلك : د. محمد ناجي ياقوت ، المصدر السابق ، ص 109

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .