لكي نكون أمام ربح لابد من توافر شروط معينة في الربح المتحقق لدى الشركة، وبغياب هذه الشروط يعد الربح صورياً، وسنبين هذه الشروط كآلاتي:

1. ان يكون ربحاً حقيقياً(1):

الربح الحقيقي لأية شركة يتمثل في الزيادة في صافي الموجودات ويشتمل هذا الربح على:

أ. الأرباح العادية التي يسفر عنها الاستغلال السنوي أي الناتج عن ممارسة الشركة لنشاطها العادي، وتتميز بأنها دورية ومتجددة ومتكررة ويتضمن الربح الناتج عن الاحتفاظ بالأصول وارتفاع أثمانها ويطلق عليه (أرباح حيازة)(2)، ويعد الأخير ربح غير عادي.

ب. الربح الرأسمالي: كونه لا ينتج عن نشاط الشركة العادي ويتميز هذا الربح بأنه غير متكرر كالربح العادي أي غير دوري، واستثنائي، وغير متجدد وليس له صفة الانتظام، ويعرف بأنه الربح الذي يتولد نتيجة التصرف بالموجودات الثابتة المخصصة لإنتاج السلع والخدمات، والاستثمار بالأوراق المالية الطويلة الأمد التي تمتلكها الشركة بأكثر من قيمتها الدفترية وأية أرباح ناشئة عن عمليات غير اعتيادية أو غير تشغيلية تخص تلك الموجودات، كالاستبدال أو التعويض(3). ويعد إعادة تقييم الموجودات الثابتة وعلاوة إصدار الأسهم وأرباح الشركة قبل التأسيس وتصفية المطلوبات بأقل من قيمتها وبيع الموجودات الثابتة أرباح رأسمالية(4)، وهذه الأرباح تحتجز كاحتياطيات رأسمالية وغير قابلة للتوزيع على المساهمين والحكمة من عدم التوزيع هي أن ما يتحقق من أرباح متصلة بالموجودات والمطلوبات الثابتة لا ينبغي النظر أليه على انه قابل للتوزيع إلا في حالة تصفية الشركة، أما إذا كانت الشركة قائمة بأعمالها فيعاد استغلاله في نشاطها وقد يستخدم في تغطية خسائر رأسمالية(5) ويرى بعض فقهاء القانون ان زيادة قيمة الموجودات (أي ارتفاع قيمتها) بعد إعادة تخمينها وإدخال قيمتها الجديدة في حقل الأصول في الميزانية وفي الجرد لا يعد ربحاً حقيقياً، فالزيادة هنا غير حقيقية لانها لم تكتسب على وجه نهائي (ويتم ذلك في عملية البيع) ويتطلب عندئذ من الشركة تكوين احتياطي(6) يعادل الزيادة الحاصلة في قيم هذه الموجودات، بالزيادة أو النقصان حسب تقلبات قيمة الموجودات عند إعادة تخمينها(7)، وان كان هذا الاحتياطي لا يوزع ربح منه كما الا انه يمكن الاستفادة منه في زيادة راس المال(8). وينفرد المشرع المصري(9) (دون قوانين المقارنة) بأنه اجاز القيام بتوزيع نسبة من الأرباح الصافية التي تحققها الشركة نتيجة بيع اصل من أصولها الثابتة أو التعويض عنه، الا انه قيد هذه الإباحة بالشرطين الآتيين:

1. المحافظة على أصول الشركة كما كانت عليه أو شراء أصول جديدة.

2. موافقة الجمعية العامة.

وكانت غاية المشرع المصري من هذه الإباحة هي:

1. ضمان تحديث أصول الشركة بأصول جديدة وتجديد ما هو بحاجة إلى التجديد.

2. تكوين احتياطي رأسمالي من خلال تخصيص نسبة من الأرباح الصافية الناتجة عن بيع الأصول الثابتة.

3. إعطاء المساهمين نسبة من هذه الأرباح إذا سمحت بذلك، وقد ترك للجمعية العامة للشركة حق توزيع هذه النسب في ضوء مصلحة الشركة(10).

وباعتقادنا ان الأرباح الرأسمالية لا يجوز توزيعها على المساهمين بل تستبقى كاحتياطيات للشركة.

2. ان يكون ربحاً محققاً:

الربح الإجمالي يتحقق على اساس عملية بيع السلع أو الخدمات (حسب طبيعة نشاط الشركة) وفي الحالتين الآتيتين.

أولاً. 1. تحقق الربح الاجمالي وقت البيع: يعد قاعدة عامة للاعتراف بالربح الاجمالي محاسبياً وذلك لتوافر الدليل الموضوعي للبيع، وكون سعر بيع السلعة أو الخدمة اصبح معروفاً ومحدداً، وانتقال ملكية المبيع إلى المشتري(11).

2. تحقق الربح الاجمالي بعد عملية البيع وذلك في الحالات التالية:

أ. حالة البيع بالتقسيط: ويتم سداد الثمن على اقساط، وانتقال ملكية المبيع إلى المشتري بعد اتمام عملية البيع.

ب. حالة البيع الايجاري: لا تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري الا عند تسديد القسط الاخير من أقساط المبيع(12).

ثانياً. تحقق الربح الإجمالي (الإيراد) على أساس الإنتاج: ويتم ذلك بعدة حالات وكالآتي:

1. الحالة الأولى: تحقق الإيراد على أساس مراحل الإنتاج ويتمثل ذلك في:

أ. المقاولات الطويلة الأمد.

ب. النمو الطبيعي في الغلة الزراعية والمحاصيل الحقلية.

2. الحالة الثانية: تحقق الإيراد أثناء عملية الإنتاج كما في تقديم الخدمات.

3. الحالة الثالثة: تحقق الإيراد عند الانتهاء من الانتاج، ويتمثل ذلك في الصناعات الاستخراجية كالنفط والحديد والفحم والذهب والفضة(13).

وفي ضوء ما تقدم نقول ان شرط التحقق يتوقف على طبيعة عملية البيع وطبيعة الشيء، فقد يكون بيع نقدي مباشر، أو بيع بالتقسيط أو البيع الايجاري، اما حسب طبيعة الشيء كالمقاولات فيتم التحقق على أساس كل مرحلة من مراحل الإنتاج أو أثناء عملية الإنتاج كالخدمات، أو عند الانتهاء منه كالصناعات الاستخراجية كالنفط…الخ .

3. عدم اشتراط القبض:

يستلزم للربح توافر الشرطين السابقين، أي ان يكون حقيقياً ومحققاً، بمعنى ان يكون مصدر الربح عمليات تمت أو كانت قريبة أو وشيكة الحصول بحيث يمكن اعتباره بمثابة نقود في الخزانة(14)، فطالما ان هناك عمليات للبيع موثقة بأدلة موضوعية ومتمثلة بقيم ثابتة قابلة للتحصيل(15)، نكون أمام إجراءات سليمة الا انه رغم هذا لا يشترط القبض النقدي، فطالما انها قابلة للتحصيل وغير متنازع فيها ومؤكدة بموجب العمليات التي تمت، فلا يتطلب
الأمر القبض الفعلي للتأكد من تحقق الربح، الا انه قد يؤثر على توفر السيولة النقدية في الشركة والتي تحتاجها عند تسديد الديون وكذلك عند توزيعها للربح النقدي على المساهمين(16).

4. ان يتم التوصل إليه بعد اعداد الوثائق المالية للشركة:

ألزمت القوانين(17) الشركات بإعداد وثائق مالية (الميزانية وحساب الأرباح والخسائر والتقرير السنوي) بعد قيامها بالجرد السنوي وبيان حقيقة اقيام اصولها وخصومها، وبعد طرح الخصوم من الأصول تتبين صافي الزيادة في قيم الموجودات أو العكس أي زيادة الخصوم على الأصول. -فالربح الحقيقي- والذي سيوزع الصافي منه فيما بعد على المساهمين يجب ان يظهر بموجب هذه الوثائق المالية، سواء كانت الوثائق تعد في نهاية السنة المالية أم القوائم المالية الدورية(18) أي التي تعد خلال السنة المالية وحسب ما تنص عليه القوانين.

______________

1- تم استعمال كلمة (حقيقي) لتمييزه عن الربح الصوري.

2- وهو الذي ينتج من تغير كلفة المخزون السلعي على أساس الأسعار الجارية في أول وأخر المدة التجارية عن تكلفته التاريخية، د. عبد الحميد قنديل، الربح كمؤشر لتقويم كفاءة الأداء المنشآت الصناعية، مجلة آفاق اقتصادية تصدر عن اتحاد غرف التجارة والصناعة، الامارات العربية المتحدة، 1980، ص26.

3- القاعدة المحاسبية رقم (12) والصادرة عن مجلس المعايير المحاسبي العراقي.

4- قرار محكمة الاستئناف المختلطة في مصر بتاريخ 9/4/1925 (لا تشمل أرباح المشروع الأرباح العادية المتأتية عن الاستغلال فحسب بل تشمل الأرباح الغير عادية المتأتية من التصرف في الأموال المستغلة) نقلاً عن محمد كامل الحاروني، مراجعة الحسابات، المجلد الثاني، دار النهضة العربية، ط5، القاهرة، 1963، ص1110.

5- صليوة سولاقا صليوة، مشاكل تحديد وتوزيع الأرباح، دبلوم محاسبة ، مقدمة إلى كلية الإدارة والاقتصاد، جامعة بغداد، 1979، ص54.

6- يسمى بـ (احتياطي إعادة تقويم الموجودات).

7- وفي احكام لمحكمة انكليزية وفي ثلاث قضايا هي:

1. قضية فوستر ضد شركة بحيرة تراينيد الجديدة للاسفلت المحدودة سنة 1910.

2. شركة امونيا صودا ضد تشامبرلي سنة 1918.

3. شركة ديمبو لا فالي (سيلان) للشاي المحدودة سنة 1916.

ذهبت المحكمة إلى ان الشركة لا تستطيع دفع أرباح من إعادة تقديرها لاصولها ما لم ينص عقد الشركة أو نظامها على ذلك، فالزيادة في قيمة اصل من الاصول لا تكون مسوغاً بحد ذاته لدفع حصة من صافي الربح، نقلاً عن:

Kenneth smith، Dennis j. keenan، company law، 3rd، London، 1978، p112.

8- أحمد إبراهيم البسام، الشركات التجارية في القانون العراقي، ط2، مطبعة العاني، بغداد، 1967، ص224. د. ادوارد عيد، الشركات المساهمة، مطبعة النجوى، بيروت، 1970، ص310. د. الياس ناصيف، الكامل في التجارة، الشركات التجارية، ج2، منشورات البحر المتوسط وعويدات، ط1، بيروت، باريس، 1982، ص245. فابيا وصفا، الوجيز في قانون التجارة اللبناني، شرح قانون التجارة، ج1، الجامعة اليسوعية، كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية، بيروت- لبنان، بلا سنة طبع، ص223.

9- المادة (40) من قانون الشركات المصري.

10- المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الشركات المصري.

11- صليوة سولاقا صليوة، مصدر سابق، ص13. ياسمين الدباغ، مصدر سابق، ص18 وما بعدها.

12- صليوة سولاقا صليوة، مصدر سابق، ص14. ياسمين الدباغ، مصدر سابق، ص19 وما بعدها.

13- صليوة سولاقا صليوة، مصدر سابق، ص16. ياسمين الدباغ، مصدر سابق، ص23 وما بعدها.

14- د. محمد صالح بك، شركات المساهمة في القانون المصري والقانون المقارن ومشروع قانون الشركات، مطبعة جامعة فؤاد الاول، 1949، ص312.

15- د. صلاح الدين الناهي، الوسيط في شرح القانون التجاري العراقي، مطبعة شركة الطبع والنشر الأهلية، بغداد، 1963، ص214.

16- صليوة سولاقا صليوة، مصدر سابق، ص54.

17- سنتناول هذا الموضوع بالتفصيل في المبحث الثالث من هذا الفصل.

18- كالقانون المصري للشركات حيث اجاز في المادة (40) اعداد وثائق مالية دورية كل ثلاثة اشهر ويتم توزيع ربح بموجبها.

المؤلف : فيان يوسف نوري محمود.
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني للربح في الشركة المساهمة
الجزء والصفحة : ص22-26.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .