إن العلامة الفارقة التي تتسم بها الشركات متعددة الجنسية وتميزها عن غيرها من أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة تكمن في ثلاثة محاور اساسية :-

أولا : تعدد الأماكن التي تمارس فيها الشركات متعددة الجنسية انشطتها المختلفة.

ثانيا : التبعية الاقتصادية التي يدين بها الفرع للشركة الام.

ثالثا : شكل السيطرة والتبعية الاقتصادية يكون بواسطة اساليب وادوات مستمدة من قانون الشركات.

غير ان النشاط الذي تمارسه الشركات متعددة الجنسية قد يتداخل في مفهومه مع انشطة تمارس من قبل شركات ومؤسسات دولية معينة، لذلك فانه لابد من التمييز بين الشركات متعددة الجنسية وبين كل من الشركة الوطنية والشركة الدولية العامة والمؤسسات العامة الدولية.

الفرع الأول: الشركات متعددة الجنسية والشركة الوطنية :

تتميز الشركات متعددة الجنسية عن الشركة الوطنية من الناحية القانونية والناحية الاقتصادية، فبخصوص الناحية القانونية فان الشركة الوطنية تخضع لنظام قانوني واحد هو تشريع الدولة التي توجد فيها، في حين ان الشركة متعددة الجنسية تتوزع انشطتها في دول عدة مما يعني عدم خضوعها لنظام قانوني واحد. أما بالنسبة للناحية الاقتصادية فان الشركة الوطنية اقدر على التكيف مع الاقتصاد القومي لبلدها، على اعتبار ان لها القدرة على استشراف مستقبل الاقتصاد الوطني وما قد ينجم عنه من مشاكل، على العكس من الشركات متعددة الجنسية ونظرا لطبيعة انشطتها المتعددة فانها لا تقوم بالاستثمار في أي بلد الا بعد دراسة مستفيضة للأوضاع الاقتصادية المختلفة للبلد المضيف(1). ويرى فريق من الكتاب ان الطبيعة السلوكية للشركات متعددة الجنسية هي التي تميزها عن الشركة الوطنية. وهذه العناصر السلوكية تتجسد في العناصر الاتية :

1- موقع او مكان الادارة العليا، أي هل تتواجد في الدولة الام او في الدول المضيفة او تتقاسمها فيما بينها.

2- مدى اتباع مركزية او لا مركزية اتخاذ القرارات.

3- الطريقة التي يتم بها تكوين سياسة المبيعات للشركة داخل الدولة الام والدول المضيفة.

4- مقدار التكامل بين الشركة الام وفروعها المختلفة في الدول المضيفة.

5- مقدار اتباع اسلوب التخطيط الشامل للمشروعات التي تتولاها الشركة متعددة الجنسية، اذ يتطلب الامر معرفة ما اذا كان المركز الرئيسي وحده يضطلع بهذا الاسلوب، او تتدخل مع الفروع الخارجية للشركة متعددة الجنسية لتحديد هذه السياسة(2).

الفرع الثاني : الشركات متعددة الجنسية والشركة الدولية العامة :

ان الفيصل الفارق بين هذين المفهومين يكمن في الطبيعة العامة التي تتصف بها الشركات الدولية، فالشركة الدولية العامة تنشا بموجب اتفاقية دولية بين دولتين او اكثر، وشخصيتها القانونية تستمد من الاتفاقية الدولية التي انشأتها، فضلا عن ان النظام القانوني الذي يطبق عليها هو الاخر يستمد من الاتفاقية الدولية، ومن امثلة الشركة الدولية العامة “الشركة الاوربية لتمويل مهمات سكك الحديد Eurofma”(3). ان الشركة الدولية العامة مثل ما انها تنشا بموجب اتفاقية بين دولتين فاكثر، فانه يجوز ان يكون احد اطراف الاتفاقية منظمة دولية، اذا كانت المعاهدة المنشئة لتلك المنظمة تنص على جواز ذلك، ومن الامثلة على ذلك المشروع الذي وضعته المجموعة الاقتصادية الاوربية والمعروف “بنظام شركة المساهمة الاوربية”. اما بالنسبة للشركات متعددة الجنسية، فعلى الرغم من الصفة الدولية لنشاطها الاقتصادي الا انها ما زالت لدى الكثيرين تعد من أشخاص القانون الخاص، حيث ان هذه الشركات تعد بالنسبة لهم متمتعة بالدولية الاقتصادية دون الدولية القانونية(4).

الفرع الثالث : الشركات متعددة الجنسية والمؤسسات العامة الدولية :

تنطلق المؤسسات العامة الدولية في انشطتها الى تحقيق المنفعة العامة المشتركة بين الدول الاطراف دون ان يكون هدفها تحقيق الربح(5). وهذه سمة تمييزها عن الشركات متعددة الجنسية. كذلك يمكن القول ان المؤسسات العامة الدولية تنشا بموجب اتفاقية دولية وغالبا ما تكون اقليمية ومن امثلتها “المؤسسة الاوربية للأمان في الملاحة الجوية” التي تهدف الى التعاون بين الدول الاطراف لتامين الملاحة الجوية في طبقات الفضاء العليا(6).

_______________

1- انظر دريد محمود علي السامرائي، النظام القانوني للشركات متعددة الجنسية، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بغداد، 1995، ص17.

2- سامي عفيفي حاتم، مركز الشركات متعددة الجنسية في الاقتصاد العالمي والاخطار السياسية التي تتعرض لها في الدول النامية، مجلة النفط والتعاون العربي، المجلد (12)، العدد (2)، الكويت، ص50.

3- انظر د. محسن شفيق، المشروع ذو القوميات المتعددة، مجلة القانون والاقتصاد، العددان الاول والثاني، مطبعة جامعة القاهرة، 1977، ص246.

4- انظر المصدر نفسه، ص247.

5- انظر د. عماد الشربيني، موقف المشرع المصري من المشروعات متعددة القوميات، مجلة مصر المعاصرة، العدد (380)، الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والاحصاء والتشريع، القاهرة، 1980، ص226.

6- انظر عوني محمد الفخري، التنظيم القانوني للشركات متعددة الجنسية والعولمة، ط1، بيت الحكمة، بغداد، 2002، ص18.

المؤلف : طلعت جياد لجي الحديدي
الكتاب أو المصدر : المركز القانوني الدولي للشركات متعددة الجنسية
الجزء والصفحة : ص20-23

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .