الخصومة في الاصطلاح القانوني تطلق على النزاع عندما يعرض للقضاء , وتطلق كلمة الخصومة على النزاع في ذاته فتعرف بأنها الحالة القانونية التي تنشأ منذ عرض النزاع على القضاء , كما تطلق على النزاع في مظهره فالخصومة تظهر في صورة سلسلة من الأعمال المختلفة يوجب القانون القيام بها لتصل إلى نهايتها

فهي (( مجموعة من الأعمال المترابطة بغرض تطبيق أرادة القانون في حالة معينة بالنسبة إلى مال يدعي حماية القانون له بواسطة أعضاء من القضاء العادي )) وتكون الخصومة وحدة قانونية تبدأ من تقديم طلب قضائي إلى المحكمة وتنتهي بالوصول إلى الغاية منها وهو صدور حكم يفصل في النزاع وقد تنتهي قبل هذا بسبب من أسباب انقضاء الخصومة من غير حكم في موضوعها

فالمطالبة القضائية تنشئ قبل الفصل في موضوعها , حالة معلقة لا يعرف إثناءها هل المدعي صاحب حق أم لا ,

ويكون غرض النشاط الإجرائي كله الوصول إلى معرفة هذا الأمر, وللوصول إلى معرفة صاحب الحق يجب أن يوضع الخصوم في مركز يمكنهم من إبداء حججهم بالخصومة كرابطة قانونية مركبة , والخصومة في الدعوى تعني أن يكون المدعى عليه خصماً يترتب على إقراره حكم بتقدير صدور أقرار منه وان يكون محكوماً أو ملزماً بشيء على تقدير ثبوت الدعوى , وعليه أن ترجع الدعوى ابتداءً على خصم قانوني وهو من اقر بالدعوى ويصح إقراره وينتصب خصماً في إقامة البينة عليه عند إنكاره , ومع ذلك تصح خصومة الولي والوصي والقيم بالنسبة للمال القاصر والمحجور والغائب وخصومة المتولي بالنسبة للوقف ,

ويصح أن يكون احد الورثة خصماً في الدعوى التي تقام على الميت أو له ولكن الخصم في عين من أعيان التركة هو الوارث الحائر لتلك العين

وهنا يتضح أن الخصم في الدعوى التي تقام على الميت أو له هو احد الورثة وينصب خصماً عن باقي الورثة حتى يكون الحكم على الحاضر حكماً على جميع الغائبين والحكم للحاضر حكماً لهم جميعاً وسبب ذلك لان الشارع اعتبر الوارث نائباً عن مورثه فينوب عنه في جميع المخاصمات والمنازعات سواء كان مدعياً أم مدعى عليه ولكن الخصم في عين من أعيان التركة هو الوارث لتلك العين ولا تتوجه خصومة احد الورثة في الدعوى التي تقام على الميت ألا أذا أقيمت إضافة للتركة

ويرى بعض الفقهاء أن الفقه الحديث حشر الخصومة في ثنايا المصلحة في الدعوى فاوجب أن تكون المصلحة الشخصية مباشرة أي أن يكون لصاحب الحق المعتدى عليه مصلحة وان تكون له صفة في رفع الدعوى والصفة يقصد بها المصلحة الشخصية وهذا ما يريده الفقهاء بقولهم أن صاحب الصفة هو صاحب الحق المدعى به , فالمدعي والمدعى عليه هما الخصمان في الدعوى حيث يجب أن ترفع من ذي صفة على ذي صفة , والخصومة هي إحدى المسائل التي يجب على المحكمة أن تبحث عنها في مبدأ الدعوى وذلك لان الخصومة شرط من شروط الدعوى وأركانها , فلا تقوم الدعوى بدون ركن خصومة , فعلى المحكمة أن تدقق ولو من تلقاء نفسها فيما إذا كان المدعي والمدعى عليه صالحين للخصومة لان البدء بالمحاكمة بين اثنين ليس بينهما منازعة هو اشتغال بما لا فائدة معه ,

الخصومة من النظام العام

عالج قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل الخصومة في المادتين (4و5) منه فنصت المادة (4) منه على (( يشترط أن يكون المدعى عليه خصماً يترتب على أقراره حكم بتقدير صدور أقرارا منه وان يكون محكوماً أو ملزماً بشيء على تقدير ثبوت الدعوى مع ذلك تصح خصومة الولي والوصي والقيم بالنسبة لمال الوقف وخصومه من اعتبره القانون خصماً حتى في الأحوال التي لا ينفذ فيها أقراره )) ونصت المادة (5) على ((و يصح أن يكون احد الورثة خصماً في الدعوى التي تقام على الميت أو له ولكن الخصم في عين من أعيان التركة هو الوارث الحائز لتلك العين ))

وعلى المحكمة أن تتحقق من وجود الخصومة في الدعوى ابتداءً وعند المباشرة بتدقيق التبليغ الخاص بالحضور فإذا حضر الطرفان عليها أن تتحقق من شخصياتهما وعلاقتهما بالدعوى لأنها من حق القانون ومن النظام العام فللمحكمة إن تدقق فيما إذا كان المدعى عليه صالحاً لخصومة المدعي أم لا يصلح لان محاكمة اثنين ليس بينهما ارتباط ملزم قانوناً هو مضيعة للوقت واشتغال بالعبث وقد يضر بحقوق الآخرين . وللمحكمة أن رأت أن الخصومة غير متوجهة تحكم برد الدعوى في أي مرحلة تكون عليها الدعوى إذ نصت المادة 80/1 من قانون المرافعات المدنية (( أذا كانت الخصومة غير متوجهة تحكم المحكمة ولو من تلقاء نفسها برد الدعوى دون الدخول في أساسها ))

وان الدفع بالخصومة يجوز أبدائه في أي مرحلة من مراحل الدعوى ويتمسك بها الخصوم حيث نصت على ذلك المادة (80) من قانون المرافعات المدنية إذ نصت الفقرة (2) منها (( للخصم أن يبدي هذا الدفع في أي حالة تكون عليها الدعوى )) ويجوز الدفع بعدم توجه الخصومة حتى أمام محكمة التمييز عند الطعن تمييزاً في قرار الحكم إذ نصت على ذلك الفقرة (3) من المادة (209) من قانون المرافعات المدنية حيث جاء فيها (( لا يجوز أحداث دفع جديد ولا أيراد أدلة جديدة أمام المحكمة المختصة بالنظر في الطعن تمييزاً باستثناء الدفع بالخصومة والاختصاص وسبق الحكم في الدعوى ))

الأشخاص الذين لا يصلحون خصماً في الدعوى, هناك مجموعة من الأشخاص لا يصلحون أن يكونوا خصماً في الدعوى ولا تجدي مخاصمتهم ولا يترتب على إقامة الدعوى تجاههم أي اثر وهم الشخص الذي لم يكن واضعاً يده على العين المدعى بها ,الوديع للمشتري , الوديع لدائن المودع , مدين المدين للدائن , مشتري المشتري للبائع , المستأجر للمستأجر في دعاوى التخلية ومنع المعارضة لأنها يجب أن يرفعها المؤجر أو المالك ضد المستأجر أو الغاصب , المستأجر للمرتهن , الوكيل بالإقراض للمعترض , الدائن لدائن أخر ,

الخطأ في توجيه الخصومة

أذا اخطأ المدعي أو وكيله في عريضة الدعوى بتوجيه دعواه ضد شخص أخر لا تتوفر صفة الخصومة فان دعواه تكون عندئذ ستوجبه للرد وغالباً ما نرى إثناء التطبيقات العملية أن الخصومة غير متوجهة أو في بعض الأحيان ناقصة تستوجب إكمالا فإذا كانت الخصومة غير متوجهة أصلا فان الدعوى مصيرها إلى الرد حتماً إما إذا كانت ناقصة فيمكن إكمال النقص بإدخال الخصم الحقيقي في الدعوى وقد سارت محكمة التمييز على ذات المنوال نفسه في العديد من قراراتها ومنها القرار 631 هيئة عامة 79 في 26/4/1980 (( وفيما اذا أقيمت الدعوى على الموظف الذي اجري التصرف إضافة لوظيفته ولم يكن متمتعاً بالشخصية المعنوية وجب تصحيح الخصومة بإدخال الرئيس الأعلى التابع له ذلك الموظف شخصاً ثالثاً في الدعوى أذا كان متمتعاً بالشخصية المعنوية ))

كما أن محكمة التمييز الاتحادية قد سارت على المنوال نفسه في قرارات حديثة منها القرار 1249 / الهيأة الاستئنافية عقار / 2011 في 5/5/2011 جاء فيه (( ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه غير صحيح ومخالف للقانون , وذلك أن المدعى عليه مدير عام التسجيل العقاري / إضافة لوظيفته لا يتمتع بالشخصية المعنوية التي تؤهله حق التقاضي مما كان يتعين على المحكمة سؤال المستأنفين / المميز عليهم عما أذا كانوا يطالبون إدخال وزير العدل إضافة لوظيفته شخصاً ثالثاً في الدعوى إلى جانبه إكمالا للخصومة من عدمه فان طلبوا ذلك فيكلفون بدفع الرسم عن إدخاله وتبليغه بالحضور وفقاً للأصول وان أبوا فيجب رد الدعوى من جهة الخصومة ونظراً لعدم مراعاة المحكمة لذلك مما اخل بصحة حكمها المميز لذا قرر نقضه ))

كما أن المحكمة الاتحادية العليا قد ردت دعوى المدعية لعدم توجه الخصومة بقرارها 2/اتحادية/2005 في 29/5/2006 اذ جاء في القرار (( أن عريضة الدعوى قدمت إلى هذه المحكمة من وكلاء المدعي وبتواقيعهم وهم المحامون السادة ( ش – س ) و ( ح – ش ) و ( ر – أ ) وذلك بتاريخ 30/11/2005 وقد تم استيفاء الرسم القانوني بتاريخ 1/12/2005 ولدى الاطلاع على وكالة السادة المحامين المذكورين تبين أنها وكالة عامة صادرة من دائرة الكاتب العدل في الكرخ بعدد عمومي 3984 وبتاريخ 2/2/2006 وان كتاب التأييد الصادر من جبهة التوافق العراقية قد صدر بتاريخ 19/2/2006 المتضمن تأييدها بان المحامي ( ش – س ) هو وكيل عن أمينها العام السيد ( ط – أ – /// ) في الدعوى المقامة حول عدم دستورية نص المادة 15 من قانون الانتخابات وحيث أن المحامين المذكورين قد وقعوا على عريضة الدعوى دون أن يكونوا مفوضين بذلك في تاريخ إقامتها المصادف 1/12/2005 وأن وكالتهم قد منحت لهم بتاريخ لاحق لإقامة الدعوى المصادف 2/2/2006 لذلك تكون الدعوى قد أقيمت من أشخاص ليس لهم صفة قانونية لإقامتها وتكون عريضة الدعوى غير مستوفية للشرط السابع من المادة 46 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل كما أن قانون المرافعات المدنية لم يأخذ بمبدأ (( الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة )) الواردة في المادة 928 من القانون المدني وان كان تطبيق هذه المادة هو في المعاملات التي تنشأ بين الوكيل والغير وللأسباب المتقدمة فتكون الدعوى واجبة الرد شكلاً من جهة الخصومة تطبيقاً لأحكام المادة 80 من قانون المرافعات المدنية لذا قرر الحكم برد الدعوى وتحميل المدين الرسوم وأتعاب المحاماة ))

كما أن محكمة التمييز الاتحادية قد سارت على ذلك المنوال في قرارات حديثة منها القرار 1249/الهيأة الاستئنافية عقار /

كما أن المحكمة الاتحادية العليا قد ردت دعوى المدعية لعدم توجه الخصومة بقرارها 2/ اتحادية / 2005 في 29/5/2006 كما أن قانون المرافعات المدنية لم يأخذ بمبدأ (( الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة )) الواردة في المادة 928 من القانون المدني وان كان تطبيق هذه المادة هو في المعاملات التي تنشأ بين الوكيل والغير وللأسباب المتقدمة فتكون الدعوى واجبة للرد شكلاً من جهة الخصومة تطبيقاً لأحكام المادة 80 من قانون المرافعات المدنية لذا قرر الحكم برد الدعوى وتحميل المدين الرسوم وإتعاب المحاماة ))

إقامة الدعوى إضافة إلى التركة وإضافة للوظيفة

من خلال الاطلاع على الدعاوى المنظورة من محاكم البداءة وعندما تقام الدعوى على شخص معنوي غالباً ما تكتب عريضة الدعوى بشكل خاطئ تجعلها عرضةً للرد حيث دأب الكتاب إلى كتابة العريضة باسم الشخص الوارث أو الورثة دون إضافة الدعوى إلى التركة وذلك خطأ واضح يؤدي إلى رد الدعوى لعدم توجه الخصومة فإذا أقيمت الدعوى على تركة المتوفى أو أقيمت للمطالبة بحقوق التركة فيجب أن تقام إضافة إلى التركة . وقد استقر قضاء محكمة التمييز على ذلك إذ جاء في قرارها 124 / حقوقية / 1969 في 31/12/1969 (( لا تتوجه خصومة احد الورثة في الدعوى التي تقام على الميت ألا أذا أقيمت إضافة إلى التركة )) وبقرار أخر بالعدد 225/ شخصية / 1977 جاء فيه (( أذا أقيمت دعوى المهر إضافة لتركة مورث المدعي عليه فيلزمون عند ثبوت الدعوى بجميع المهر بنسبة حصصهم فيه ))

وفي قرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد 287 / شخصية / أولى / 2005 في 9/5/2005 ورد فيه (( لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه غير صحيح ومخالف للشرع والقانون وذلك لان الثابت من وقائع الدعوى بان المدعية طلبت تصديق زواجها من ابن المدعى عليه المتوفى سمير وجيه صالح وحيث أن الدعوى مقامة على المدعى عليها وليس إضافة إلى التركة وحيث أن المدعى عليها بصفتها لا تصلح أن تكون خصماً في الدعوى وحيث أن الخصومة من حق القانون لا الخصوم مما كان المقتضى رد الدعوى لهذا السبب ولا يخل ذلك من إقامتها مجدداً على الوجه الصحيح لذا قرر نقض الحكم المميز .

إما إذا كان الخصم إحدى الدوائر الحكومية أو الشركات أو الجمعيات فإذا كانت ذات استقلال مالي وأداري وتمتع بالشخصية المعنوية فيجب إن تقام الدعوى على رئيس الدائرة بالإضافة إلى وظيفته لان الخصم هو الشخص المعنوي وليس الرئيس الفعلي الذي يدير المؤسسة إما إذا كانت الدائرة لا تتمتع بالشخصية المعنوية فيجب أن تقام الدعوى على رئيسها الأعلى الذي يتمتع بالشخصية المعنوية وهذا ما سارت عليه محكمة تمييز العراق سابقاً واستقر قضاؤها عليه آذ جاء بقرارها المرقم 243/ هيئة عامة أولى / 1977 في 6/8/1977

الخصومة في دعاوى العقارات المحجوزة وفقاً للقرار 88 لسنة 2003

على الرغم من أن الحجز لا يمنع المالك من أدارة ماله والتصرف به ألا بحدود ضيقة إلى أن هناك مشكلة تخص العقارات والأموال المشمولة بقرار مجلس الحكم 88 لسنة 2003 ، حيث منع القرار المذكور المالكين من التصرف بالعقارات والأموال وأصبحت أدارة تلك الأموال من قبل دائرة عقارات الدولة وأننا نرى هذه الاتجاه غير سليم آذ أن تلك الدائرة قد تصرفت بها وإدارتها بشكل غير مسؤول وتصرفت يبعضها ونقلت ملكيتها إلى أشخاص متنفذين بالدولة وباعتها بأسعار بخسة ، وهناك تراشق إعلامي حالياً بين السياسيين حول هذا الموضوع . وحيث أن قرار الحجز قد شرع أساسا لمنع تهريب تلك الأموال والتصرف بها لحين الوقوف على مصيرها بالمصادرة أم برفع الحجز . وحيث أنها لم تجر مصادرتها قانونا فان إدارتها بهذا الشكل غير سليمة ، كما أن المحاكم قد آخذت ترد الدعاوى التي يقيمها المشمولون بهذا القرار وصدقت القرارات تمييزا وأصبح مبدأ من المبادئ التي تسير عليها محكمة التمييز الاتحادية بالعديد من قراراتها ومنها القرار 1938 / هيئة استئنافية عقار/2009 في 23/6/2009 لذا فان مصير تلك الأموال بحاجة إلى تدخل تشريعي يحسم الموضوع أما بالمصادرة وبالبيع بالمزايدة العلنية أو أعادتها إلى مالكها في حالة عدم ثبوت علاقة لتملكها بممارسات النظام السابق سيما أن قرار الحجز مرت عليه فترة طويلة ولم يحسم الأمر بالمصادرة أو برفع الحجز .