يتضمن القانون في الغالب تكليفاً بالسلوك الواجب ، ويتضمن أحياناً حكماً وضعياً :

1- والحكم التكليفي : قد يأمر الشخص بفعل معين كوجوب وفاء المدين بالدين عند حلول الأجل ، وقد ينهاه من عمل معين كوجوب امتناع البائع عن التعرض للمشتري بالنسبة للشئ المبيع ، وقد يخيره بين القيام بالفعل أو تركه كحرية المالك في تحويط ملكه من عدمه . ويتضح من ذلك أن الحكم التكليفي يقصد به اما طلب فعل معين من المكلف واما نهيه عنه ، واما تخييره بين فعل الشئ والكف عنه . فالقاعدة القانونية التي تتضمن حكماً تكليفياً تعتبر ذات طبيعة تقويمية ، ويأخذ الحكم أحد صور ثلاثة : الأمر بفعل معين . مثال ذلك المادة 586 مدني التي تقضي بأنه يجب على المستأجر أن يقوم بوفاء الأجرة في المواعيد المتفق عليها . وقد يتمثل الحكم في نهي الشخص عن القيام بعمل معين . مثال ذلك المادة 580 مدني التي تقضي بأنه لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييراً بدون اذن المؤجر الا اذا كان هذا التغيير لا ينشأ عنه أى ضرر للمؤجر . وقد يتمثل الحكم في تخيير الشخص بين القيام بالفعل أو تركه . مثال ذلك المادة 581 مدني التي تقضي بأنه يجوز للمستأجر أن يضع بالعين المؤجرة أجهزة لتوصيل المياه والكهرباء والغاز والتليفون والراديو وما الى ذلك …

2- أما الحكم الوضعي : فيتضمن ترتيب أثر محدد نتيجة لتحقق فرض معين ، أى يجعل من أمر سبباً لأمر آخر أو شرطاً له أو مانعاً منه ، فالقرابة تكون سبباً للميراث وموت المورث شرطاً لاستحقاق الميراث وقتل الوارث للمورث يعد مانعاً من الارث . فالحكم الوضعي لا يتضمن بذاته تكليفاً من الأصل ، وانما يرتب على قيام فرض ما تحقق أثر معين خارج دائرة السلوك الانساني أو مع اجتماع هذا السلوك ، فهو حكم يعبر عن علاقة موضوعية بحتة بين وجود الفرض وبين أثر قانوني محدد . هذا الفرض قد يتمثل في السلوك الانساني أو أى حدث آخر من أحداث العالم . يتضح من ذلك أن الحكم الوضعي لا يقتصر على مواجهة سلوك الانسان وانما يواجه ما يحدث من الأمور الأخرى التي يمكن أن يكون لها تأثير على هذا السلوك . 

ان الحكم الوضعي يعبر عن علاقة اللزوم التي يقيمها المشرع بين أمر معين وبين ما ينسب اليه من أمور . فقد يجعل المشرع أمراً ما سبباً لأمر آخر . مثال ذلك المادة 870 مدني التي تقضي بأن من وضع يده على منقول لا مالك له بنية تملكه ملكه ، فوضع اليد على المنقول الذي لا مالك له بنية التملك يكون سبباً للملك . وقد يجعل المشرع أمراً معيناً شرطاً لأمر آخر . مثال ذلك المادة 60 من قانون الاثبات التي تقضي بأنه في غير المواد التجارية اذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على خمسمائة جنيه … فلا تجوز شهادة الشهود في اثبات وجوده أو انقضائه . فشرط الاثبات بشهادة الشهود هو أن تقل قيمة التصرف عن خمسمائة جنيه . وقد يجعل المشرع أمراً معيناً مانعاً من أمر آخر . مثال ذلك المادة 231 مدني التي تقضي بأن التعامل في تركة انسان على قيد الحياة باطل ولو كان برضائه . فوجود الانسان على قيد الحياة يعد مانعاً من التعامل في تركته .

يتضح مما سبق أن القاعدة القانونية قد تتضمن حكماً تكليفياً وقد تتضمن حكماً وضعياً وقد تتضمن الحكمين معاً ، الا أن ذلك قاصر على الحالات التي تتعلق بفعل الانسان ، فالسرقة محل لحكم تكليفي هو النهي ، وهى في ذات الوقت محل لحكم وضعي من حيث كونها سبباً للعقاب .