قام المشرع في قانون التجارة المصري بتجريم بعض الأفعال التي تقع من المستفيد أو الحامل، هذه الأفعال تبدو في صورتين :

١- تظهير شيك تظهيراً ناقلاً للملكية أو تسليمه للحامل مع العلم بعدم وجود رصيد.

٢- تلقى شيك ليس له مقابل مع علمه بعدم وجود رصيد.

أولاً : جريمة تظهير أو تسليم الشيك مع العلم بعدم وجود رصيد:

كان تظهير أو تسليم الشيك الحاصل من المستفيد أو الحامل لا يعتبر بمثابة إصدار شيك، وبالتالي كان لا يقع مظهر أو مسلم الشيك إلى الغير تحت طائلة العقاب ولو كان يعلم وقت التظهير أو التسليم بأن الشيك ليس له مقابل وفاء لدى المسحوب عليه. كما أن المظهر أو المسلم لا يعتبر وفقاً للقواعد العامة شريكاً للساحب. لأن الجريمة تمت وانتهت بإصدار الشيك وهو عمل سابق على التظهير أو التسليم إلا إذا ثبت أنه قد اشترك معه بطريقة من طرق الاشتراك، وكان عدم العقاب على التظهير أو التسليم بوصفه جريمة شيك بدون رصيد لا يحول دون العقاب عليه باعتباره نصاً إذا توافرت أركان الجريمة. ونظراً لأن تظهير الشيك أو تسليمه للغير مع عدم وجود رصيد يمثل تهديداً للثقة الواجب توافرها في الشيك. قام المشرع في قانون التجارة بتجريم مظهر الشيك جنائياً إذا قام بتظهيره تظهيراً ناقلاً للملكية أو تسليمه شيكاً مستحق الوفاء لحامله، مع علمه بعدم وجود رصيد. حيث قرر المشرع مسئوليته الجنائية بذات عقوبة إصدار شيك بدون رصيد. لذلك نصت المادة ٥٣٤/٢ تجاري على أنه “يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة كل من ظهر لغيره شيكاً تظهيراً ناقلاً للملكية أو سلمه شيكاً مستحق الدفع كاملة مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء يكفي بكامل قيمه أو أنه غير قابل للصرف”. وتقرر الفقرة الأولى من المادة ٥٣٤ عقوبة الحبس والغرامة التي لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. يتضح من ذلك أنه يجب لقيام هذه الجريمة أو انعقاد المسئولية توافر الركن المادي والركن المعنوي.

١- الركن المادي :يتكون الركن المادي من فعل التظهير أو فعل تسليم الشيك للحامل مع عدم إمكان سحب الرصيد.

أ- تظهير الشيك:

يشترط المشرع لانعقاد المسئولية أن يكون التظهير ناقلاً للملكية، والتظهير الناقل للملكية يقصد به نقل ملكية الحق الثابت في الشيك إلى شخص آخر، أو نقله بإرادة التخلص نهائياً عن حيازته. ويتم بالتظهير تداول الشيك سواء كان الشيك صادراً لحامله أو لشخص مسمى. فالشيك الصادر لحامله إذا كان يتداول بمجرد التسليم إلا أنه لا يوجد ما يمنع من تداوله بالتظهير أيضاً، فقد قضت محكمة النقض بأن(1)الشيك إذا صدر لحامله أو صدر لأمر شخص معين وإذنه فإنه تداوله يكون بالطرق التجارية ومن شأن تظهيره متى وقع صحيحاً أن ينقل قيمته إلى المظهر إليه ويخضع لقاعدة تطهير الدفوع بما يجعل العلاقة في شأنه غير مقصورة على الساحب والمستفيد الذي حرر الشيك لأمره وإنما يتعداه إلى المظهر إليه الذي يصبح مالكاً لقيمته فور تظهيره”. أما الشيك المسمى فقد نصت المادة ٤٨٦/٢ على أن الشيك المشروط دفعه لشخص مسمى سواء نص فيه على شرط الأمر أو لم ينص يكون قابلاً للتداول بالتظهير ولكن هذا لشيك المسمى إذا ذكر فيه صراحة عبارة ليس للأمر أو أية عبارة أخرى بهذا المعنى فإنه لا يجوز تداوله بالتظهير وإنما ينقل الحق الثابت به عن طريق الحوالة المدنية على ما يترتب على هذه الحوالة من آثار )المادة ٤٨٦/٣) تجاري مصري وإذا كان المستفيد قد ظهر الشيك تظهيراً توكيلياً لمجرد توكيل المظهر إليه في قبض مبلغ الشيك لحساب المظهر فإنه لا يعد مرتكب جريمة ولو كان الشيك بدون مقابل وفاء يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف. والعلة من ذلك هي أن المظهر إليه لم يتخلى نهائياً عن ملكيته للشيك والمظهر إليه يتلقى الشيك بوصفه وكيلاً في تحصيله لحساب المظهر وليس بوصفه مستفيداً جديداً فيه. لأن التظهير المعاقب عليه هو التظهير بمعناه القانوني الذي يؤدي إلى نقل ملكية الشيك من المظهر إلى المظهر إليه وليس التظهير التوكيلي الذي يستفاد من عبارة القيمة للتحصيل أو القيمة للقبض أو القيمة للتوكيل، أو أي بيان آخر يفيد التوكيل. أما التظهير التأميني أو للرهن أو الضمان فإنه يأخذ حكم التظهير التام الناقل للملكية لذلك تقوم الجريمة به(2) حيث ذهبت محكمة النقض إلى أن(3)التظهير التام والتظهير التأميني الذي يعد في حكم التظهير الناقل للملكية أثره نقل ملكية الحق الثابت في الورقة إلى المظهر إليه وتظهيرها من الدفوع للمظهر إليه مطالبة المدين بقيمة الورقة التجارية متى كان هذا التظهير صحيحاً”.

ب- تسليم الشيك :

ويأخذ حكم تظهير الشيك مجرد تسليم شيك مستحق الدفع لحامله، ويخضع لحكم المادة ٥٣٤/٢ إذا كان من سلم الشيك يعلم بعدم وجود رصيد له ويقصد بتسليم الشيك المناولة دون حاجة إلى توقيع ينقل الحق أو القيام بأي إجراء آخر، ويتم التسليم بالنسبة للشيك الذي يصدر لحامله وقد نصت المادة ٤٨٦/١ على أن يتداول الشيك لحامله بمجرد التسليم. كما أن التظهير على بياض يجعل الشيك قابلاً للتداول بمجرد التسليم، لأن المادة ٤٨٩ نصت على أنه إذا كان التظهير على بياض جاز للحامل أن يسلم الشيك إلى شخص آخر دون أن يملأ البياض ولو لم يظهره. والمقصود بالتسليم الذي تقع به الجريمة التسليم الذي يفيد التخلي نهائياً عن ملكية الشيك ونقل الملكية للحامل الجديد وأن يكون على سبيل التملك، أما إذا كان التسليم على سبيل الوديعة أو الوكالة فإنه لا يفيد معنى التخلي عن الحيازة لأنه يكون محازاً لحساب المستفيد.

٢- الركن المعنوي )القصد الجنائي:(

عبر المشرع في قانون التجارة عن الركن المعنوي المتطلب في جريمة التظهير أو التسليم بعبارة مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف. وهذه العبارة يستفاد منها أن ركن الجريمة المعنوي هو القصد الجنائي فهي جريمة عمدية، حيث يشترط المشرع لانعقاد المسئولية الجنائية للمظهر ليس فقط مجرد تظهير شيك تظهيراً ناقلاً للملكية أو تسليمه إذا كان مستحق الدفع لحامله، بل أن يكون المظهر عالماً بعدم وجود رصيد للشيك محل التظهير التام أو محل التسليم إذا كان مستحق الدفع لحامله. العبرة في توافر الجريمة أن يتوافر العلم وقت تظهير الشيك أو تسليمه للغير، أما إذا كان المظهر للشيك أو المسلم له لا يعلم وقت التظهير او التسليم أن الشيك ليس له مقابل قائم يفي بقيمته أو أنه غير قابل للصرف فلا يمكن بداهة أن يعاقب على تظهيره أو تسليمه للغير فهو يستخدم حقاً له من طبيعة الشيك كأداة وفاء، ولا عبرة بالعلم الذي يتحقق له بعد التظهير أو التسليم لعدم معاصرته للقصد الجنائي. ولا عبرة بالأسباب التي دعت إلى تظهير الشيك أو تسليمه للغير

٣- العقوبة :

يعاقب المستفيد بذات العقوبة المقررة لجريمة إصدار شيك بدون رصيد وهي الحبس أو بغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كما يعاقب أيضاً بذات العقوبات التكميلية لجريمة إصدار شيك بدون رصيد لذلك نحيل إليها منعاً من التكرار.

ثانياً: جريمة تلقي شيك ليس له مقابل مع علم المستفيد بعدم وجود رصيد:

نصت المادة ٥٣٥ من قانون التجارة على أنه ” يعاقب بغرامة لا تجاوز ألف جنيه المستفيد الذي يحصل بسوء نية على شيك ليس له مقابل وفاء، سواء في ذلك أكان شخصياً طبيعياً أم اعتبارياً”.

الحكمة من التجريم :

جاءت المذكرة الإيضاحية لقانون التجارة تبين علة التجريم، حيث وضحت أن المشرع بهذا التجريم واجه استغلال العاملين في السوق حاجة المتعاملين معهم والحصول منهم على شيكات ليس لها مقابل وفاء رغم تأكدهم من عدم وجود مقابل وفاء لها كوسيلة للضغط على الساحب بما تحمله هذه الشيكات من حماية جنائية.

الركن المادي :

السلوك المادي المكون لهذه الجريمة يتمثل في فعل الحصول أي حصول المستفيد على شيك يعلم أنه ليس له مقابل وفاء ولا يتحقق الحصول إلا إذا كان الساحب سلم الشيك للمستفيد، أي تسليم ناقل للحيازة الكاملة بشقيها المادي وهو السيطرة الفعلية والشق المعنوي وهو نية التملك، ويستوي في ذلك أن يكون الشيك باسم المستفيد أو لحامله. وسواء حصل المستفيد على الشيك بالتظهير أو بالتسليم تقع الجريمة تامة لأنها جريمة تتكون من جوهر واحد غير قابل للتجزئة هو الحصول على الشيك ولا يتصور الشروع فيها. وتقع هذه الجريمة من مستفيد تلقى أو حصل على شيك من ساحبه، وهذه هي أول حركات تداول الشيك حيث يتم إصداره ثم يتم تسليمه للمستفيد اسماً كان الشيك أو لحامله. وإذا حل وكيل المستفيد محل المستفيد في الحصول على الشيك فإن الجريمة تقوم بمجرد حصول الوكيل على الشيك ويعتبر المستفيد هو المسئول عن الجريمة، أن الوكيل يحوز الشيك لحساب موكله، فيعتبر الموكل قد حصل على الشيك حكماً، ولا يسأل الوكيل جنائياً، وهنا يعتد بإرادته وإرادة موكله في العلم بعدم وجود رصيد حيث يستوي أي منهما. ويرتكب الجريمة من يتلقى الشيك بطريقة التظهير التأميني أو للرهن لأنه يأخذ حكم التظهير الناقل للملكية كما سبق أن وضحنا. ويراعي أن نص المادة ٥٣٥ تساوي في الجزاء الجنائي للمستفيد بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي.

الركن المعنوي :

تعد هذه الجريمة عمدية لهذا يشترط قياسها توافر القصد الجنائي، وتطلب المشرع في هذه الجريمة القصد الجنائي الخاص وهو سوء نية المستفيد. ويقصد بسوء النية في هذا الخصوص علم المستفيد الأكيد بعدم وجود رصيد للشيك المحرر لصالحه. ويجب أن يتعاصر القصد مع لحظة الحصول على الشيك، أو يكون قد سبقها واستمر حتى لحظة الحصول عليه، أما إذا لم يكن يعلم بذلك في هذا الوقت ثم علم بعد هذا التاريخ بعدم وجود رصيد فلا ينصرف حكم المادة ٥٣٥ تجاري في شأن المستفيد. والقاعدة هي حسن نية المستفيد إلى أن يثبت العكس.

العقوبة:

يعاقب المستفيد أو الحامل أو المظهر إليه الذي حصل على شيك مع العلم بأنه ليس له مقابل وفاء بغرامة لا تجاوز ألف جنيه سواء كان شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً. ويعاقب على هذه الجريمة كل من ارتكب خارج مصر فعلاً يجعله فاعلاً أوشركياً في هذه الجريمة متعلق بشيك مسحوب على بنك في مصر ولو كان الفعل غير معاقب عليه في الدولة التي وقع فيها )المادة ٥٣٨ تجاري).

_______________

1-الطعن رقم ٧١٦ لسنة ٤٣ ق جلسة ١٥/11/1973.

2- عكس ذلك د/ سميحة القليوبي، الأوراق التجارية، الطبعة الثالثة ٢٠٠٠ ، دار النهضة العربية ص ٤٠٠ حيث ترى أنه لا يخضع للتأثيم واقعة تظهير شيك على سبيل التحصيل أو بقصد الضمان أو الرهن.

3- الطعن رقم ١٥٠٧ لسنة ٥٥ ق جلسة م،1 /١١/ ١٩٩٣ م، والطعن رقم ٣٥٨ لسنة ٥٨ ق جلسة ٢٠ /١١/ 1994والطعن رقم ٣١١٢ لسنة ٥٧ ق جلسة ١٠/10/1995م.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .