مقدمة:

ليس ثمة شك في أن حماية البيئة يعد من الموضوعات الهامة باعتبار أن البيئة تؤثر و تتأثر بطبيعة البشرية لأنها تلازم حياة الإنسان، لذا يتوجب علينا حمايتها من كل تلوث يمكن أن يهددها في زمن تفاقمت فيه الأخطار التي تحدق بالبيئة نتيجة تطور الأدوات و الاختراعات التي ابتكرها الإنسان لتحقيق تنميته و تحسين مستواه المعيشي، فأصبحت أدوات لتخريب وتدمير البيئة بشكل ملحوظ وتحولت من مصدر نفع إلى مصدر ضرر يهدد البيئة بشكل مستمر، وعلى هذا الأساس شغلت حماية البيئة حيزا واسعا من الاهتمام سواء على الصعيد الوطني أو الدولي وبات أمر حمايتها واجبا في زمن السلم و الحرب،وكذا مساءلة كل من قام بمخالفة الإلتزمات المتعلقة بحماية البيئة، وإلزامه بإصلاح الضرر الذي ترتب عن هذه المخالفة، ومن هنا تطرح الإشكالية التالية:

لذا نعالج الموضع في ثلاث مباحث حيث نتناول في
المبحث الأول: المبادئ التي تحكم حماية البيئة،
المبحث الثاني: فقد خصصناه للحديث عن الأسس التي تحكم المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية،
المبحث الثالث: نتطرق فيه إلى أنواع التعويض المترتب عن المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية.

المبحث الأول: المبادئ التي تحكم حماية البيئة
تستند مصادر التزامات حماية البيئة في المجال الدولي على مبادئ العامة للقانون و القانون العرفي الدولي، و الاتفاقيات التي تحمي البيئة، وتلتزم الدول عند استغلال مواردها واستخدام أراضها باعتبارها صاحبة السيادة المطلقة بالقيام بذلك بعدم تسبب أنشطتها بأضرار تهدد البيئة للدول الأخرى وفقا لمبدأ عدم التعسف في استعمال السلطة

المطلب الأول: مبدأ التعسف في استعمال الحق
يعتبر التعسف في استعمال الحق أحد المبادئ الأساسية لقانون الداخلي والقانون الدولي ويقصد به تجاوز حدود التي يمنحها القانون للحق باعتبار أن لكل حق مضمون معين يتحدد بالسلطات التي يجعله القانون لصاحبه

ويختلف التعسف في استعمال الحق على هذا الوجه عن الإساءة في استعمال الثقة التي تكون عن سوء نية لأنه ينظر إليها من باب الغش و التدليس،
كما يختلف التعسف في استعمال الحق عن الاحتيال عن القانون على أساس أن التعسف في استعمال الحق ينتج عن انحراف عن مصلحة المشروعة المقررة على أساس الحق،
في حين أن الاحتيال عن القانون يكون الهدف من وراءه التهرب من تطبيق القاعدة القانونية الآمرة عن طريق القيام بتصرف قانوني بصورة تؤدي إلى أن يكون ظاهرها مطابقا لقانون مع استهدافها الغاية التي تخالف هذه القاعدة.
و باعتبار أن المبادئ العامة تعد مصدرا للقانون الدولي وفقا للمادة 38 من نظام محكمة العدل الدولية فإن مبدأ التعسف في استعمال الحق قد دخل في عداد قواعد القانون الدولي وذلك لما يحققه هذا المبدأ من عدالة حيث يقيم توازنا بين مصالح الأطراف على أساس أن كل حق يقابله التزام وعليه يتوجب على كل دولة أن لا تمارس أي حق من حقوقها خولها لها القانون الدولي بشكل يلحق ضرر لشخص الدولي أخر.

وقد تناولت عدة مواثيق دولية الخاصة بالبيئة مبدأ التعسف في استعمال الحق.
حيث أكد مؤتمر استوكهولم المنعقد بتاريخ 5 جوان 1972 على أنه يقع على الدولة واجب التأكد من أن النشاطات التي تمارسها داخل حدود أي دولة أو تحت إشرافها لا تحدث أضرار بيئية بالدول أخرى،وكذا المناطق غير خاضعة لأية سلطة وطنية.
كما أن اتفاقية التنوع الحيوي لسنة 1992 التي أبرمت عقب مؤتمر ريودي جانيرو
ووقعت أكثر من مئة دولة تناولت مشكلة بيئية هامة في مواجهة انخفاض وتدهور التنوع البيولوجي بفعل أنشطة بشرية معينة على نحو يهدد بعدم قابلية الاستمرار في استخدام و إخلال بالتوازن الأيكولوجي اللازم لاستمرار الحياة في المحيط الحيوي حيث أشارت إلى مبدأ عدم التعسف في استعمال الحق بشكل ضمني في المادة 03 منها التي أكدت على أنه للدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي حق سيادة استغلال مواردها وفقا لسياستها الخاصة و تتحمل مسؤولية ضمان أن الأنشطة المضطلع بها داخل حدودها أو تحت سيطرتها لا تلحق أضرارا بالدول الأخرى أو بيئة مناطق خارج حدود الولاية الوطنية.

أما فيما يخص اتفاقية استوكهولم بشأن الملوثات العضوية الثابتة التي دخلت حيز النفاذ في 17 ماي 2004 قد أكدت في ديباجتها على ضرورة أن تكفل الدول مسؤولية كفالة عدم تسبب الأنشطة التي تقوم بها بضرر للبيئة أو تنمية دول أو مناطق أخرى خارج حدود ولايتها الوطنية[3].عليه نرى أن مبدأ التعسف في استعمال الحق قد استقر في العرف البيئي وكرسته الاتفاقيات و الإعلانات الدولية الخاصة بحماية البيئة من أجل تحقيق معادلة تكاملية بين مقتضيات التنمية و الحفاظ على البيئة و الموازنة بين حقها في القيام بأنشطة تدخل تحت سيادتها واحترام السلامة الإقليمية للدول الأخرى، وفي حالة تجاوز حقها بإلحاق أضرار بالدول أخرى تتحمل مسؤولية إلحاق أضرار ببيئتها باعتبار  أن حق في بيئة نظيفة كرسته اتفاقيات دولية لحقوق الإنسان مضمون لكل الدول دون استثناء.

المطلب الثاني: مبدأ حسن الجوار:  
تقوم العلاقات بن الدول المجاورة على مبدأ حسن الجوار بإعتباره من أهم المبادئ التي تقوم عليها العلاقات الدولية بين الدول، وأي إخلال بهذا المبدأ ينعكس سلبا على استقرار المنطقة كلها.

ولبناء علاقات حسن الجوار لابد من احترام مبدأ السيادة بشكل كلي لأنه جزء لا يتجزأ من بدأ حسن الجوار، وعليه يترتب على الدول عند ممارسة اختصاصها الإقليمي ضرورة عدم إلحاق الضرر بالأقاليم المجاورة.

وقد أكد الدكتور صلاح الدين عامر على أن هذا المبدأ وجد دفعات قوية له في ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945 حيث تضمنت ديباجته على ضرورة العزم بأن تأخذ أنفسنا بالتسامح و العيش معا في سلام وحسن الجوار،مما جعل حسن الجوار ذو قيمة قانونية كاملة، وأزال عنه أي شبهة في قوته كمبدأ من مبادئ القانون الدولي المعاصر .

إن مبدأ حس الجوار يعد من أهم المبادئ البارزة في حل المشاكل البيئية باعتباره وضع كمبدأ من مبادئ القانون الدولي،وهده النقطة متعلقة بالتطور التدريجي لنظام المسؤولية الدولية عن النتائج الضارة لأفعال لا يحظرها القانون الدولي، وقد تم الإشارة إلى مبدأ حسن الجوار في الإتفاقية الأوروبية لحماية المياه العذبة من التلوث لسنة 1969 حيث أكدت على أن مبدأ حسن الجوار من المبادئ العامة للقانون الدولي ولا يحق لأي دولة استغلال مواردها الطبيعية بطريقة يمكن أن تسبب ضررا كبيرا في دولة مجاورة.

ومن النصوص الدولية الهامة التي أكدت مبدأ حسن الجوار نجد المبدأ 21 من اعلان البيئة استوكهولم لسنة 1972، والذي جعله ملازما لمبدأ عدم التعسف في استعمال الحق حيث أقر وفقا لميثاق الأمم المتحدة و مبادئ القانون الدولي للدول حق سيادي في استغلال مواردها الطبيعية شريطة عدم تسبب هذه الأنشطة أضرارا في أقاليم الدول الأخرى.

كما أن مبدأ حسن الجوار يلعب دورا أساسيا في حماية البيئة البحرية بحيث تكون الدولة المنسوب إليها الأضرار الناتجة عن التلوث مسؤولة دوليا باعتبارها قد خالفت التزام قانوني دولي، وفي هذا الصدد تبنت المادة 194 من اتفاقية قانون البحار لسنة 1982 مبدأ حسن الجوار حيث أكدت على أن تجري الدول الأنشطة الواقعة تحت ولايتها أو رقابتها بشرط أن لا تؤدي إلى إلحاق أضرار عن طريق التلوث بدول أخرى وبيئتها و أن لا ينتشر التلوث الناتج أحداث أو أنشطة تقع تحت ولايتها أو رقابتها خارج المناطق التي تمارس فيها حقوقا سيادية،
وهو ما تم تأكيده من قبل مجمع القانون الدولي لسنة 1911 أثناء دورته في مدريد حيث أقر توصيه للدول تتعلق بحق الدول بممارسة سيادية على المياه الإقليمية شريطة عدم إضرار بالدول المجاورة وهي ما تشكل قيود على السلطات الإقليمية المطلقة و الواقع أن القانون الدولي كان في توصيته تلك متوافقا مع ما كان عليه العمل الدولي.

هكذا نرى أن مبدأ حسن الجوار يفرض على الدول التزام بمنع الأضرار و الأثار الضارة بدول الجوار أثناء ممارسة نشاطاتها في مجالها السيادي لاسيما و أن التطور العلمي والتكنولوجي سمح بإيجاد حالات جديدة لاستعمال الإقليم إلا أنه لا يكفي لتأصيل مسؤولية الدولة التي سببت أضرار لدولة أخرى ليست من جيرانها المباشرين خصوصا وأن لتلوث يمتد لمسافات بعيدة متجاوزا حدود الدولة الواحدة إذا ما تعلق الأمر بمجال الأضرار الناجمة عن النفايات الخطيرة.

المطلب الثالث: مبدأ الملوث الدافع:
ما هو معترف به أن مبدأ الملوث الدافع من مفاهيم الاقتصادية يقوم على قاعدة تكمن في أن الملوث الذي يتسبب في حادث عليه تحمل تكاليف الوقاية منه أو الحد من إزالته.

وظهر مبدأ الملوث الدافع لأول مرة في إطار منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية من خلال التوصية التي أدرتها في 26 ماي 1972 المتعلقة بالمبادئ التوجيهية المتعلقة بالجوانب
الإقتصادية والسياسية للبيئة على المستوى الدولي التي أكدت  على أن وضع مبدأ التلوث الدافع هو تخصيص تكاليف تدابير منع ومكافحة التلوث مع تجنب التوتر في التجارة و الاستثمارات المالية على أن يتحمل المتلوث المصاريف المتعلقة بالتدابير التي تحددها السلطات العامة من أجل المحافظة على البيئة.

وعلى هذا الأساس يقوم الملوث بتخصيص مصاريف المتعلقة بالتدابير التي تحددها السلطات العامة لكي تبقى البيئة سليمة وبالتالي تنعكس تكاليف هذه التدابير على تكلفة السلع والخدمات التي هي مصدر التلوث بسبب انتاجها أو استهلاكها.

ومبدأ التلوث الدافع باعتباره مفهوم اقتصادي لا يبحث في تطبيقه عن المسؤول المباشر عن التلوث باعتباره يضع الأعباء المالية بطريقة موضوعية وليست شخصية على مجموع النشاطات التي من المحتمل أن تأثر على البيئة وتحدث تلوثا بها وذلك بإدراج تكلفة الموارد البيئية ضمن السلع و الخدمات المعروضة في السوق عى أساس أن إلقاء النفيات و الفضلات الملوثة في الهواء أو الماء أو التربة هو نوع من استعمال لهذه الموارد ضمن عوامل الإنتاج.

تبنى اعلان ريو ديجانيرو الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة و التنمية لسنة 1992 مبدأ التلوث الدافع حيث نص المبدأ 16 منه على أنه ( على السلطات الوطنية أن تسعى إلى تشجيع إدخال التكاليف البيئية واستخدام الآليات الإقتصادية في ذاتية الفرد وسلوكه أخذة في اعتبار المبدأ القائل بأن المتسبب في التلوث يجب عليه تحمل نفقات التلوث مع احترام ومراعاة المصلحة العامة وبدون الإخلال بالإستثمار و التجارة الدولية).

ما يلاحظ على نص هذا المبدأ أن عباراته جاءت غامضة، وهذا التعريف يفتقد إلى مضمون معياري محدد لاسيما و أنه يرتبط بالصعوبات الإقتصادية، كما أن مبدأ التلوث الدافع مازال لم يرقى إلى قاعدة قانونية حقيقية إلى يومنا هذا أين يبقى مجرد من أي قوة إلزامية خصوصا أن اعلان ريو ديجانيروا لم يقر أي تدابير إلزامية للدول رغم أنه أكد في المبدأ 13 منه على ضرورة التوصل إلى إرساء قانون دولي لتحديد المسؤوليات و التعويضات عن الأضرار التي تلحق البيئة.

وفي هذا الصدد أكدت اتفاقية فينا لحماية طبقة الأزون لسنة 1985 على مسؤولية الدول التي تباشر أنشطة مشروعة في الحاضر أو في المستقبل ثم ثبتت التطورات العلمية و التكنولوجية بعد ذلك أن الأنشطة تنطوي على خطورة الإضرار بطبقة الأزون أو أضرت بها فإنه يمكن إلزام الدول التي باشرت هذه الأنشطة رغم مشروعيتها وقت ممارستها بدفع تعويض اللازم على أساس مبدأ الملوث الدافع.

كما أن مبدأ الملوث الدافع تم اعتماده في اتفاقية حماية البحر المتوسط من التلوث لسنة 1978 و التي أدخلت عليها تعديلات بتاريخ 10 جوان 1995 حيث أكدت المادة 04 منها على واجب الدول على حماية البيئة و المساهمة في التنمية المستدامة لمنطقة البحر المتوسط تطبيق مبدأ الغرم أو الملوث الدافع الذ يستند على تكاليف منع التلوث وتدابير مكافحة و التخفيف منه يتحملها الملوث مع إيلاء العناية للمصلحة العامة.

يرى الأستاذ جون فليب برد (Jean Philippe Barde ) أن مبدأ الملوث الدافع لا يشكل مبدأ قانوني منصف على أساس أنه ليس بالضرورة أن يكون الملوث هو الذي يدفع تكاليف الأضرار لأن الدافع هنا لا يعني الأخذ بعين الإعتبار و إنما يعني أخذ بالحسبان[10]، و لكن لا ننكر أنه يمكن الإسناد إلى مبدأ الملوث الدافع لإقامة دعوى المسؤولية الدولية حيث يحقق هذا المبدأ توازن متكامل بين الاتجاه الوقائي الذي يرى أن مبدأ الملوث الدافع يقوم على أساس تشجيع الملوث في حد ذاته على إتخاذ التدابير الضرورية لخفض التلوث، و كذا الإتجاه العلاجي الذي يرى أنه مهما تكن نوعية التدابير المتخذة كإجراء وقائي تكون دائما هناك أضرار تختلف درجاتها.

المطلب الرابع: مبدأ الحيطة:
إن مبدأ الحيطة والحذر يعد بمثابة واقي قانوني الأجدر لحماية الدولية للبيئة باعتبار أن الضرر البيئي غير قابل للاسترجاع لذا يفترض الحيطة و الحذر قبل وقوعه، ويهدف مبدأ الحيطة و الحذر إلى محو الأخطار من الوجود لأن هذه الأخطار تلازم كثيرا الأنشطة البشرية بل تلازم الوجود الإنساني ذاته خصوصا أن مبدأ الحيطة هو ضمانة  للإنسان قدر المستطاع في الحصول على حقه في الحياة في بيئة أمنة  ونقية.

وعدم الإضرار بمصالح الأجيال القادمة و الاهتمام بالمستقبل وطموح بعدم ترك للأجيال القادمة أرضا ملوثة مما عليه هي اليوم من أجل تحقيق العدالة بين الأجيال.

رغم الطابع المجرد الذي يتسم به مبدأ الحيطة باعتباره مزيج من قاعدة مرنة وقاعدة ذات قيمة قانونية إلا أن ذلك لا يمنع من اكتسابه قيمة متزايدة في المجال القانوني من خلال الآثار المترتبة عنه حيث أن تطبيق مبدأ الإحتياط يبرر إتخاذ التدابير الإحترازية من خطر معين وهذا ما يمكنه من احتلال مكانة متميزة في القانون البيئ الدولي و الداخلي أين أصبحت القوانين تستند عليه أكثر من المبادئ الأخرى نظرا لما وصل إليه من ازدهار.

عرف مبدأ الحيطة تكريسا دوليا من خلال الاتفاقيات و الإعلانات الخاصة بالبيئة  حيث أشارت اتفاقية التنوع البيولوجي المبرمة بتاريخ 5 جوان 1992 في ديباجتها على ضرورة توقع واستدراك أسباب انخفاض التنوع حتى في حالة غياب اليقين العلمي المطلق و على الدول البحث عن تأكيد الاستعمال الدائم للتنوع البيولوجي وتجنب افتقاره على المدى الطويل، كما أن اعلان ريودي جانيرو لسنة 1992 أكد على مبدأ الحيطة كأساس للمسؤولية الدولية في مجال البيئة في مبدأ 15.

و اكتفى بسرد أهم عناصر مبدأ الحيطة من احتمال وقوع ضرر خطير و غير رجعي و غياب اليقين العلمي و ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لذا تتخذ تدابير الإحتياط من طرف الدول حسب إمكانيتها وقدرتها، إضافة إلى هذا تم الإشارة إلى مبدأ الحيطة بشكل صريح في المادة 16 من بروتوكول قرطاجنة بشأن سلامة الإحيائية التابع للإتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي لسنة 2000 التي ألزمت الدول باتخاذ آليات و تدابير واستراتجيات ملائمة لتنظيم وغدارة و مراقبة المخاطر بشأن السلامة الإحيائية عند نقل و مناولة استخدام الكائنات الحي.

وباعتبار أن مبدأ الحيطة مكرس في القانون الدولي للبيئة يجب أن ينعكس في قانون النزاع المسلح وقد أكدت القاعدة 44 من الإعلان ادر من جمعية الصليب الأحمر سنة 2005 على أنه تتخذ كل الاحتياطات الممكنة أثناء سير العمليات العسكرية لتجنب الأضرار العارضة للبيئة والتقليل منه مهما كان الحال إلى أدنى الحد.

الشرط الاول :ومن أجل تطبيق مبدأ الحيطة في مجال المسؤولية الدولية عن تلوث البيئة يستوجب توافر شرط غياب اليقين العلمي ثابت حول العلاقة السببية العلمية لحجم وطبيعة احتمال حدوث الخطر وحجم الأضرار الناجمة عنه، لذلك يقع خارج نطاق المخاطر المعروفة خصوصا و أن التطور العلمي جعل نتائج المتوصل إليها تتسم بغياب اليقين العلمي مما جعل عنصر الشك جوهري يستلزم أخذه في الحسبان في أغلب الأنشطة وهذا ماجعل الشرط يفرض نفسه ويطبق عندما تكون هناك شكوك كثيرة.

وعليه يمكن القول أن اليقين على وجود أثار ضارة لنشاط ما يسمح بتبني إجراءات وتدابير وقائية من أجل الحد أو حتى تفادي الآثار الضارة للبيئة.

 الشرط الثاني: من أجل تطبيق مبدأ الحيطة يتمثل في وجود خطر الذي تثبت فيه العلاقة السببية بين حادث ما و الضرر الذي يلحقه هذا الأخير عن طريق أدلة وهناك أخطار مؤكدة الخاضعة لمبدأ الوقاية و أخطار الثانوية و التي لا داعي لإبعادها بتبني تدابر احترازية، و أخطار غير مؤكدة التي هي من اختصاص مبدأ الحيطة.

وعليه لا تخضع الأخطار التي تثبت فيها العلاقة السببية بين الحادث و الضرر الذي ينتج عن هذا الحادث بأي حال من الأحوال إلى مبدأ الحيطة مدام أن تقدير احتمال وقوعه مؤكد.

الشرط الثالث لتطبيق مبدأ الحيطة يتمثل في خطورة وجسامة الضرر لأن الخطورة هي التي تبرر اتخاذ التدابير اللازمة دون انتظار الحصول على اليقين بأن النشاط المزمع القيام به لن يخلق أضرارا على البيئة و الصحة الإنسانية، وهذا الشرط ضروري جدا لأنه يسمح بتحديد الدرجة  اللازمة التي تسمح للمبدأ بتأكيد محتواه و ليس فقط لإدراك المبدأ على أساس أنه معرقل للنشاط الإقتصادي و غياب النشاط الذي يمكن أن تفرضه الحيطة مؤسس على وجود تهديد محتمل ونوعا ما خطير ودرجة الخطورة هذه تسمح بالأخذ بعين الاعتبار خطر وجود الضرر على مستوى مقبول.