حماية النظام العام من الجرائم المعلوماتية
لم يعبر المنظم السعودي بما هو النظام العام إنما تركه لتحدده الجهات القضائية، وبالرغم ما لهذا المصطلح من أهمية إلا أنه يصعب حصر النظام العام في تعريف جامع لاختلاف مفهومه من مجتمع إلى آخر بناء على الخلفيات الفكرية والثقافة الدينية والقانونية في أي مجتمع كان.

وفي تقديري أن النظام العام بالمجتمع السعودي هو «مجموع الكليات التي يقوم عليها أركان ومقومات المجتمع كالدين والاستقرار السياسي والاقتصادي والصحة والسكينة العامة للمجتمع وتلاحمه والآداب العامة» وهذه المقومات ورد تعبير المنظم السعودي في النظام الأساسي للحكم بحمياتها.

ولأهمية استقرار النظام العام جرم المنظم السعودي كل ما يمسه من خلال أي وسيلة ومنها الوسائل الالكترونية عبر شبكات التواصل، فقد جاء في المادة السادسة بالفقرة رقم (1) على أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص أنتج ما من شأنه المساس بالنظام العام…».

وعلى ذلك كل من أنتج أي وسيلة من الوسائط الالكترونية أحدثت إرباكا وخللا في المقومات التي وردت في مفهوم النظام العام تسري عليه الفقرة رقم (1) في المادة السادة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.

وإضافة لما سبق فإن النظام العام كمفهوم لا يستقر ما لم تستقر المفاهيم التي تقوم عليها ثقافة المجتمع الدينية والفكرية والقانونية؛ لأن النظام العام إنما هو تعبير عن فكرة اجتماعية وليس نتاج نص قانوني بشكل مباشر، بمعنى لو أن شخصا أنتج ما يمس الدين أو الآداب العامة أو السكينة العامة في مجتمع يأخذ بالحريات المطلقة، فإن هذا الشخص لا يجرم ولن يقوم القضاء بتأويل أو تفسير أي نص لتجريمه.

وعودة لما بدأت به من أن تفسير النظام العام يرجع إلى القضاء والجريمة المعلوماتية التي تمس النظام العام يعود منتهى تكييفها القانوني إلى قاضي الموضوع بحيث ينظر هل تعد جريمة تمس النظام العام أم خلاف ذلك.

عبدالله قاسم العنزي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت