الجرائم المخلّة بالشرف والأمانة تجيز فصل الموظف تأديبيا

من أحكام محكمة القضاء الإداري
الجرائم المخلّة بالشرف والأمانة تجيز فصل الموظف تأديبيا

أصدرت الدائرة الاستئنافية بمحكمة القضاء الإداري المنعقدة برئاسة : فضيلة / ماجد بن عبد الله بن مبارك العلوي (رئيس المحكمة) وعضوية كل من : فضيلة المستشار الدكتور / عبد الله إبراهيم فرج ناصف ، وفضيلة المستشار / كمال بن البشير بن علي الدغاري ، وفضيلة المستشار/ سعيد بن خلف بن سالم التوبي ، وفضيلة المستشار /فاروق السيد أبو المجد العواني ، حكما في الاستئناف رقم (58) لسنة (6) ق . س ، انتهت فيه إلى رفض الاستئناف المرفوع ضد الحكم الصادر من الدائرة الابتدائية الثانية في الدعوى رقم (141) لسنة (5) قضائية .

وتخلص وقائع الحكم في أن المستأنف كان قد أقام دعـواه بإيداع عريضتها أمانة سر المحكمة (الدائرة الابتدائية الثانية) بتاريخ 22/6/2005م طالباً في ختامها الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر من المدعى عليها بصفتها وإعادته إلى عمله مع إلزام المدعى عليها المصاريف وذكر المدعي شارحاً دعواه أنه كان يعمل بالجهة الإدارية المدعى عليها بوظيفة حارس بالدرجة السادسة من الحلقة الثالثة ، وأنه قد تم إنهاء خدماته منها بموجب القرار المطعون فيه على أساس قيامه بارتكاب جنحة إصدار شيك بدون رصيد وصدور حكم جنائي بإدانته والحكم عليه بالسجـن والغـرامة مع وقف التنفيذ في حال سداد مبلغ الشيك ، وأن هـذه الجنحة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة . وأنه تظلم من هذا القرار إلى الجهة الإدارية ولما لم يتلق رداً منها على تظلمه فقد أقام دعواه الماثلة على أساس أنه قد أصدر هذا الشيك باعتباره ضامناً لأخيه والشيك في هذه الحالة يصبح أداة ائتمان وليس أداة وفاء وفرق المدعي بعريضة دعواه بين جرائم الشيك دون مقابل وجرائم النصب والاحتيال ذاكراً أن جريمة الشيك دون مقابل تنتهي بوفاء المدين بقيمة الشيك وأنه قد قام بسداد مبلغ الشيك في يوم 25/4/2005م ، وهو اليوم التالي لصدور الحكم بالإدانة في 24/4/2005م ، ولم تسر العقوبة المحكوم بها عليه سوى يوماً واحداً .

وبجلسة 13/3/2006م حكمت الدائرة الابتدائية في الدعوى بقبولها شكلاً وفي الموضوع بصحة القرار المطعون وأسست المحكمة قضاءها في الدعوى على أن المدعي صدر ضده حكم جزائي بالإدانة لارتكابه جنحة إصدار شيك بدون رصيد وقد تأيّد هذا الحكم استئنافياً ، وأنه طبقاً للمادة (218) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية أنهت الجهة الإدارية خدماته بموجب القرار المطعون فيه ومن ثم يكون القرار جاء مطابقاً للقانون ، ولما لم يرتض المدعي هذا الحكم فقد استأنفه .

وبجلسة 19/11/2006م صدر حكم الدائرة الاستئنافية وجاء فيه : “أن مفاد حكم المادة (84) من قانون الخدمة المدنية أنه جعل من الحكم على الموظف بعقوبة في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة سبباً لانتهاء خدمته ، إلا أنه في ضوء حكم المادة
(218) من اللائحة التنفيذية الصادرة بالمرسوم سلطاني رقم (52/84) – وفي ضوء أن هذه الجرائم لم تحدد في سبيل الحصر في أي تشريع ، فإن المركز القانوني لهذا الموظف لا يتغير تلقائياً بمجرد صدور حكم ضده من هذا القبيل وإنما يلزم أن تتدخل الإدارة – بما لها من سلطة تقديرية في تكييف طبيعة الجريمة وتحديد ما إذا كانت تعتبر من الجرائم المخلِّة بالشرف أو الأمانة من عدمه ، فإن قدَّرت أنها من هذه الجرائم أصدرت قرارها بإنهاء خدمته لارتكابه هذه الجريمة ، وهي في هذا التقدير تخضع لرقابة القضاء الإداري إن أساءت استعمال سلطتها “.

وأشارت الدائرة الاستئنافية إلى أن سوابق القضاء الإداري وأجهزة الإفتاء الرسمية في سلطنة عمان وفي خارجها ذهبت إلى أن جريمة إصدار شيك بدون مقابل من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة لمساسها بسمعة الموظف وذمته وتأثيرها على الثقة في أمانته ونزاهة معاملاته إذ أنها تتطلب قصداً جنائياً يقوم على توافر سوء النية وقصد الأضرار بالمجني عليه ، حتى أن القانون الجزائي قد ألحقها مع جرائم النصب والاحتيال واعتبرها من الجرائم الشائنة ، وأن الحكم على الموظف في جريمة من هذا القبيل من شأنه أن يؤثر في صلاحيته لتولي الوظيفة أو الاستمرار فيها .

وثبت للدائرة الاستئنافية بالمحكمة أن المستأنف كان قد ارتكب جريمة إصدار شيك دون مقابل وقد أدين عنها بموجب حكم نهائي بالسجن لمدة ثلاثة أشهر وبغرامة عشرة ريالات للحق العام وإلزامه بدفع مبلغ (1160) ريالا للمدعية بالحق المدني وبوقف تنفيذ العقوبة عند دفع المبلغ المذكور وقد ارتأت الجهة الإدارية المستأنف ضدها في ضوء أحكام القانون وسوابق القضاء الإداري والإفتاء القانوني وبعد الرجوع إلى وزارتي الخدمة المدنية والشؤون القانونية أن هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة فأصدرت قرارها المطعون فيه بإنهاء خدمة المستأنف لارتكابه هذه الجريمة فإن هذا القرار يكون قـد صدر صحيحاً ومطابقاً للقانون ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس صحيح من القانون خليقاً بالرفض .

وأضاف الحكم الاستئنافي أنه “لا يغير من ذلك القول بأن الجهة الإدارية المستأنف ضدها لم توضح رؤيتها في اعتبار هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة في القرار المطعون فيه ؛ لأنه لا يلزم أن تثبت الجهة الإدارية رؤيتها في القرار وإنما يكفي أن تصدر الجهة الإدارية قرارها بإنهاء خدمته لارتكابه هذه الجريمة ، إذ في إصداره على هذا النحو بعد استهدائها برأي وزارتي الخدمة المدنية والشؤون القانونية خير دليل على إعمال رؤيتها وتكييفها لطبيعة هذه الجريمة على أنها من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة ” .