سنبحث في هذا الموضوع ، كيفية مباشرة حق التتبع في القانون المدني المصري والأردني وقانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني لسنة 1933. ونقارن بينها وبين القوانين الأخرى، يباشر الدائن المرتهن إجراءات التنفيذ على العقار المرهون في القانون المصري عند حلول اجل الدين. وقد أشار الفقه الى إن أول إجراء يجب على الدائن المرتهن أن يقوم به هو تنبيه المدين بالوفاء ، وهو ما يسمى بالتنبيه بنزع الملكية او التنبيه العقاري(commantement immobilier) أي يتم تنبيه المدين، بأنه إذا لم يقم بوفاء الدين فان تنبيه نزع الملكية يسجل ويباع العقار بالمزاد العلني(1). ويشترط لكي يستطيع الدائن المرتهن توجيه التنبيه الى المدين أن يكون لديه سند تنفيذي وان يكون دينه مستحق الأداء ، ويجب أن يتضمن التنبيه نوع السند التنفيذي ووصف العقار المراد التنفيذ عليه وتعيين موطن مختار للدائن المباشر للإجراءات، وأعذار المدين بدفع الدين(2). ولما كان التنفيذ على العقار يجري في مواجهة الحائز ، فما هو السبب في تنبيه المدين بالوفاء ؟ نلاحظ بان السبب في ذلك يعود الى إن المدين هو المسؤول الأول عن الدين ، وان الحائز سيرجع عليه في حالة نزع ملكية العقار في مواجهته ، او في حالة قيامه بوفاء الدين ، لذلك يجب وضع المدين موضع التقصير عن طريق التنبيه، كذلك فأنه عند تنبيه المدين بالوفاء قد يقوم بوفاء الدين مما يؤدي الى الاقتصاد في الإجراءات والنفقات(3). وإذا لم يقم المدين بالوفاء ، فالإجراء الآخر الذي يجب على الدائن القيام به هو إنذار الحائز بالدفع او التخلية(4). ولكي يكون الإنذار صحيحاً ، يجب أن يكون لاحقاً للتنبيه على المدين ، او على الأقل في وقت واحد معه . وقد أشار القانون المدني المصري صراحة الى ضرورة تنبيه المدين وإنذار الحائز بدفع الدين في المادة ( 1072) منه ، إذ نصت (( إذا لم يختر الحائز أن يقضي الديون المقيدة او يطهر العقار من الرهن او يتخلى عن هذا العقار ، فلا يجوز للدائن المرتهن أن يتخذ في مواجهته إجراءات نزع الملكية وفقاً لأحكام قانون المرافعات إلا بعد إنذاره بدفع الدين المستحق او تخلية العقار ، ويكون الإنذار بعد التنبيه على المدين أو مع هذا التنبيه في وقت واحد))(5). وكذلك الحال في القانون المدني الأردني وقانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني إذ إن كلاهما اشر الى ضرورة إنذار المدين والحائز بدفع الدين(6).

وبذلك يشترط لمباشرة الدائن المرتهن لإجراءات التنفيذ على العقار المرهون ، أن يقوم أولاً بتنبيه المدين بنزع الملكية ثم إنذار الحائز بدفع الدين او تخلية العقار وقد لا يقوم الحائز بإنذار الحائز بعد تنبيه المدين ، وإنما يقوم بالتنبيه والإنذار في وقت واحد ، وهذا جائز حسب نص المادة ( 1072) مدني مصري . ويلاحظ بان المادة ( 411) من قانون المرافعات المصري رقم 18 لسنة 1999. قد اشترطت لصحة الإنذار الموجه الى الحائز ، أن يكون مصحوباً بتبليغ التنبيه الى المدين، إذ نصت ((…… ويجب أن يكون الإنذار مصحوباً بتبليغ التنبيه إليه و إلا كان باطلاً)). وإذا تم تنبيه المدين وإنذار الحائز بدفع الدين ، فان الإجراء الآخر هو تسجيل التنبيه والإنذار ويسجل التنبيه والإنذار وفقاً لقانون المرافعات المصري في أي مكتب من مكاتب الشهر العقاري التي يقع في دائرتها العقار المراد بيعه. ويجب ان يحصل التسجيل خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ التنبيه ، وهذا ما أشارت إليه المادة (412) مرافعات مصري بقولها ((يجب أن يسجل الإنذار وان يؤشر على هامش تسجيل التنبيه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تسجيل التنبيه و إلا سقط تسجيل التنبيه)). أما بالنسبة الى قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني ، فقد أوجب على دائرة الإجراء تسجيل إنذار المدين وإخطار الحائز في صحيفة العقار العينية ، وذلك خلال ثمان وأربعين ساعة من تاريخ الإنذار ، ومنذ تاريخ هذا التسجيل لا يحق للحائز أن يؤجره أو يتنازل مقدماً عن بدل إيجاره إضراراً بالدائن المرتهن الذي باشر إجراءات التنفيذ على العقار المرهون(7) . وإذا تم تنبيه المدين وإنذار الحائز بدفع الدين وسجل كل من التنبيه والإنذار ، فما هي الآثار القانونية التي تترتب على ذلك ؟؟ نلاحظ بان تسجيل تنبيه نزع الملكية في قانون المرافعات المصري ، يترتب عليه اعتبار العقار محجوزاً وعدم نفاذ التصرف في العقار ، سواء صدر من المدين او الحائز ، و لا ينفذ كذلك ما يترتب على العقار من رهن او اختصاص او امتياز إذا كان التصرف والرهن والاختصاص والامتياز لا حقاً على تسجيل تنبيه نزع الملكية كذلك يترتب على تسجيل التنبيه أن تلحق بالعقار ثماره وإيراداته عن المدة التالية لتسجيل التنبيه (8).

أما بالنسبة الى تسجيل الإنذار ، فيترتب عليه إلحاق الثمار بالعقار ، وتقييد الحق في استغلال العقار والانتفاع به وتقييد الحق في تأجيره (9). وقد أشار القضاء الى ضرورة تنبيه المدين وإنذار الحائز لامكان مباشرة إجراءات التنفيذ على العقار المرهون. وإذا لم يتم إنذار الحائز إنذاراً صحيحاً على الوجه الذي رسمه القانون بطلت إجراءات التنفيذ في مواجهة الحائز ، وبهذا الخصوص قضت محكمة النقض المصرية بأنه(( فإذا كان العقار في يد حائز فلا يكفي لسريان الإجراءات في مواجهته التنبيه على المدين الراهن بنزع الملكية بل يجب فضلاً عن ذلك إنذار الحائز للعقار المرهون بدفع الدين أو تخلية العقار فإذا لم يتم إنذار الحائز إنذاراً صحيحاً على الوجه الذي رسمه القانون بطلت في مواجهته إجراءات نزع الملكية بما فيها حكم مرسي المزاد ولا يجوز الاحتجاج بهذه الإجراءات على الحائز المذكور ))(10). وبعد تسجيل تنبيه المدين وإنذار الحائز في قانون المرافعات المصري ، يجب على من يباشر الإجراءات التنفيذية على العقار إيداع قائمة شروط البيع. وهي التي تقابل قائمة المزايدة في القانون العراقي ، في قلم كتاب محكمة التنفيذ خلال تسعين يوماً من تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية . وإذا لم يتم الإيداع خلال هذه المدة اعتبر تسجيل التنبيه كأن لم يكن(11). هذا ما نصت عليه المادة ( 414) مرافعات مصري ، بقولها ((يودع من يباشر الإجراءات قلم كتاب محكمة التنفيذ قائمة شروط البيع خلال تسعين يوماً من تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية و إلا اعتبر تسجيل التنبيه كأن لم يكن)). اما بالنسبة الى قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني ، فأنه بعد تبليغ الإنذار والإخطار بخمسة أيام على الأقل وعشرة أيام على الأكثر، يجب على مأمور الإجراء القيام بحجز العقار(12).

وإذا كان مالك العقار غير حاضر عند وضع الحجز على العقار ، وجب على دائرة الإجراء إرسال نسخة إليه بين اليومين العاشر والخامس عشر اللذين يتلوان إبلاغ الإنذار ، فضلاً عن ذلك يجب خلال هذه المدة تسجيل محضر الحجز في صحيفة العقار العينية ، ومنذ تسجيل الحجز لا يجوز التصرف في العقار المحجوز ولا رهنه ، وتلحق الثمار بالعقار وتعد محجوزة مثله(13). أما في قانون الإجراء الأردني رقم 31 لسنة 1952، فأنه بعد أن يقدم طلب التنفيذ الى الدائرة التنفيذ المختصة ويسجل هذا الطلب يقوم رئيس الإجراء بوضع الحجز على العقار ويبلغ قرار الحجز الى مأمور تسجيل الأراضي ليضع إشارة الحجز على سجل العقار، وهذا ما أشارت إليه المادة ( 79 / 1) من قانون الإجراء الأردني. بقولها((عندما يقرر رئيس الإجراء بطلب من الدائن حجز أموال المدين غير المنقولة يبلغ قرار الحجز هذا الى مأمور تسجيل الأراضي ليضع إشارة الحجز في السجل المختص على قيد المال غير المنقول المقرر حجزه يمنع بموجبها أي تصرف بهذا المال)). وعند استلام مأمور تسجيل الأراضي قرار الحجز يقوم بوضع الإشارة اللازمة في السجل المختص تنفيذاً للحجز وإعلام رئيس الإجراء بوضع إشارة الحجز مع بيان الحجوز والحقوق العينية الأصلية والتبعية المقررة على العقار المحجوز(14). وبعد إجراء معاملة الحجز، تقوم دائرة الإجراء بإخبار المدين بالمعاملة الواقعة وتخطره بأنه إذا لم يدفع الدين خلال أسبوع من تاريخ تبليغه ورقة الإخبار ، فأنها ستباشر بيع أمواله غير المنقولة المحجوز عليها فإذا لم يستجب المدين لهذا الإخطار تقوم دائرة الأجراء بإجراء معاملة وضع اليد على العقار، إذ يذهب مأمور الحجز الى مكان العقار المراد وضع اليد عليه وينظم تقريراً يوقع عليه الحاضرون يبين فيه نوع العقار المحجوز وأوصافه وحدوده ومقدار مساحته واسم الحي الموجود فيه ورقمه والأشخاص الساكنين فيه ومقدار بدل الإيجار ، وغير ذلك من المعلومات المتعلقة بالعقار(15).

_____________________

1- انظر، د. احمد أبو الوفا ، التعليق على نصوص قانون المرافعات ، الطبعة السادسة ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 2000 ، ص 1403. سمير عبد السيد تناغو ، مصدر سابق ، ص 254. انظر كذلك، السيد عبد الوهاب عرفه، المطول في الملكية العقارية والعقود المدنية العقارية والدعاوى المدنية العقارية الناشئة عنها والأحكام الصادرة فيها- وتسجيلها في الشهر العقاري، الجزء الثالث، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية،2004،ص515.

2- انظر، د. عدلي أمير خالد ، الإرشادات العملية في إجراءات الدعوى المدنية ، الطبعة الأولى ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 1998 ، ص 510 .

3- يلاحظ بان الحائز في حالة إنذاره فأنه يستطيع بالإضافة الى دفع الدين والتخلية أن يقوم بتطهير العقار من الرهن .

4- انظر ، رمضان أبو السعود ، مصدر سابق ، ص 383-384 . ، انظر، في الفقه الفرنسي ، Planiol، Ripert et Becque – op.cit، p.471.

5- تقابلها المادة ( 723) أصول محاكمات مدنية لبناني( موافق) ، والمادة ( 1353) مدني أردني( موافق) ، والمادة (283) مجلة الحقوق العينية التونسية ( موافق). أما بالنسبة الى القانون المدني الكويتي فقد أشار الى إنذار الحائز فقط . انظر ، المادة (1004/1) منه.

6- انظر، المادة (1353) مدني أردني ، والمادة(723) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني، ولمزيد من التفصيل انظر، القاضي حسين عبد اللطيف حمدان، مصدر سابق، ص525.

7- انظر، المادة ( 725) أصول محاكمات مدنية لبناني ، ولمزيد من التفصيل انظر، القاضي حسين عبد اللطيف حمدان، مصدر سابق ، ص526 .

8- انظر ، المواد ( 404- 406) من قانون المرافعات المصري . ولمزيد من التفصيل . انظر، د.قدري عبد الفتاح الشهاوي ، الموسوعة القانونية لصيغ الأوراق القضائية ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 2000، ص708. عدلي أمير خالد ، مصدر سابق ، ص511 .

9- انظر المادة ( 411/3) مرافعات مصري .

10- انظر، الطعن رقم 1496 سنة 57 ق جلسة 31/5/1992 . أشار إليه د.سعيد احمد شعله ، مصدر سابق ، ص 639 .انظر كذلك، نقض مدني في 31/5/1992، طعن رقم 1496 لسنة 57ق، مجموعة أحكام النقض، س43، الجزء الأول، ص786، رقم163، أشار إليه، د.محمد عبد الظاهر حسين، مصدر سابق،ص156-157.

11- انظر، د.احمد أبو الوفا ، التعليق على نصوص قانون المرافعات ، مصدر سابق ، ص 1427 .

12- انظر، المادة ( 72) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني .

13- انظر، المواد ( 733 – 735) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني .

14- انظر، د.مفلح عواد القضاة ، أصول التنفيذ وفقاً لقانون الإجراء ، الطبعة الثالثة ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 1997، ص 320 . انظر كذلك ، د. آدم وهيب النداوي ، شرح قانون البينات والإجراء ، الطبعة الأولى ، مكتبة دار الثقافة ، عمان ، 1998، ص 382-383.

15-انظر، المادة ( 83) من قانون الإجراء الأردني .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .