التقييد الاحتياطي في الدعوى ضد محافظ والتمديد

مقال حول: التقييد الاحتياطي في الدعوى ضد محافظ والتمديد

بقلم ذ سباغي مبارك

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

موثق بالدار البيضاء
طالب التحفيظ ليس له سوى القضاء كي يحمي نفسه ويدافع عن حقوقه

التقييد الاحتياطي الناتج عن دعوى ضد المحافظ العقاري، والمرفوعة من طرف المالك المقيد أو الغير مقيد لا يحتاج إلى تمديد ولو انتهى أجل الشهر من تاريخ تقييد نسخة من المقال الافتتاحي للدعوى.

على العموم، التقييد الاحتياطي المنصوص عليه في الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون 14 – 07 والذي ينص على ما يلي: -» يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا للاحتفاظ به مؤقتا.

يضمن طلب التقييد الاحتياطي من طرف المحافظ بالرسم العقاري إما:

– بناء على سند يثبت حقا على عقار ويتعذر على المحافظ تقييده على حالته.

-بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها.

-بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.

إن تاريخ التقييد الاحتياطي هو الذي يحدد رتبة التقييد اللاحق للحق المطلوب الاحتفاظ به.

تبقى التقييدات الاحتياطية الواردة في نصوص تشريعية خاصة خاضعة لأحكام هذه النصوص»، قد يثير عدة تساؤلات عندما تقام الدعوى ضد المحافظ العقاري. هنا نتساءل عن خصوصية هذه الدعوى في مواجهة مسؤول إداري يدير شؤون محافظته تحت مراقبة القضاء في ما يتعلق بمسؤوليته المهنية تجاه تطبيق القانون.

فالتقييد الاحتياطي الناتج عن دعوى ضد المحافظ العقاري، والمرفوعة من طرف المالك المقيد أو غير مقيد، لا يحتاج إلى تمديد ولو انتهى أجل الشهر من تاريخ تقييد نسخة من المقال الافتتاحي للدعوى المنصوص عليه في الفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري الذي جاء فيه:

– تحدد في عشرة أيام مدة صلاحية التقييد الاحتياطي المطلوب بناء على سند ولا يمكن خلال هذه المدة قبول أي تقييد آخر لحق يقتضي إنشاؤه موافقة الأطراف.

لا يمكن إجراء أي تقييد احتياطي بناء على سند إذا كانت مقتضيات القانون تمنع تقييده النهائي.
تنحصر في شهر مدة صلاحية التقييد الاحتياطي بناء على إدلاء الطالب بنسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.

يشطب على هذا التقييد الاحتياطي تلقائيا، بعد مضي الأجل المذكور، ما لم يدل طالب التقييد بأمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية طبقا لأحكام الفصل 85 أعلاه.

يحدد مفعول التقييد الاحتياطي الصادر بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية في ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ صدوره، ما لم ينجز التقييد النهائي للحق، وتكون هذه المدة قابلة للتمديد بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية شريطة تقديم دعوى في الموضوع، ويستمر مفعول هذا التمديد إلى حين صدور حكم نهائي.

وفي جميع الحالات، لا يصدر رئيس المحكمة الابتدائية الأمر بالتقييد الاحتياطي إلا بعد تأكده من جدية الطلب.

لا يمكن لطالب التقييد الاحتياطي أن يقدم أي طلب جديد بناء على الأسباب نفسها.
يمكن اللجوء إلى رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرة نفوذها العقار، بصفته قاضيا للمستعجلات، للأمر بالتشطيب على التقييد الاحتياطي كلما كانت الأسباب المستند عليها غير جدية أو غير صحيحة.

هذه الدعوى قد تهدف إلى طلب إلغاء قرار المحافظ العقاري الذي اتخذه في إطار الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري ( «يجب على المحافظ على الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها تقييد حق عيني أو التشطيب عليه أن يعلل قراره ويبلغه للمعني بالأمر. يكون هذا القرار قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستئناف، وتكون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض»).أو في إطار الفصل 29 من القرار الوزيري المؤرخ في 03/06/1915 المتعلق بتطبيق الضابط العقاري الراجع للتحفيظ: («- يمكن لأصحاب الحقوق أن يطلبوا إصلاح ما وقع من السهو والغلط والخلل في الرسم العقاري أو في التضمينات الملحقة به. كما يمكن للمحافظ أن يصلح من تلقاء نفسه ما ذكر بمجرد معاينته في الرسوم والحجج والخرائط التي اتخذت أساسا في تحرير الرسم أو سائر التضمينات الملحقة به. وحينئذ يعلم حائز نظير الرسم بالإصلاحات المذكورة، ويلزم بالإتيان بالنظير المذكور ليقع تطبيقه مع الرسم. وعلى كل حال، فإن التقييدات الأولى تبقى على حالها وتضمن الإصلاحات بعدها في التاريخ الجاري»).
وتخرج عن نطاق التقييد الاحتياطي، الدعوى ضد المحافظ العقاري الذي يرفض تأسيس رسم عقاري لمطلب تحفيظ، بقرار معلل يبلغه لطالب التحفيظ وذلك حسب الفصل 37 مكرر من ظهير التحفيظ العقاري الذي ينص على إمكانية الطعن في قرار رفض المحافظ أمام القضاء ابتدائيا واستئنافيا ونقضا.

للإشارة، فإن الفصل 96 في صيغته القديمة، كان يشمل كلمة رفض التحفيظ، وقد انبثق الفصل37 مكرر من الفصل 96، حسب القانون 14-07 المعدل والمتمم لظهير 12 / 08 / 1913، لجعلهما أكثر انسجاما مع نوعية الإجراءات والتصرفات المنصبة على مطلب التحفيظ من جهة وعلى الرسوم العقارية من جهة أخرى.

على صعيد الفصل 37 مكرر، طالب التحفيظ ليس له سوى القضاء كي يحمي نفسه ويدافع عن حقوقه، وإلى ذلك الحين يبقى مطلبه معرضا للإلغاء أو لقبول تعرضات خارج الأجل القانوني، إن اقتنع المحافظ بالحجج والدوافع.

الفصل 85 يتميز بالشمولية ويسري على جميع الحالات

بعد توصل المحافظ بملف مطلب التحفيظ والأحكام النهائية الصادرة لفائدة طالب التحفيظ، في حالة المسطرة القضائية، أو بعد انتهاء أجل التعرضات دون تعرض، ليست هناك إمكانية قبول تعرضات جديدة، ولكن من الممكن جدا في حال عدم وجود تعرضات، أو كانت وتم التشطيب عليها دون اللجوء إلى القضاء، ألا يستجيب المحافظ لطالب التحفيظ الذي ليست له طريقة تحميه مؤقتا من هذه التعرضات المحتملة، في مرحلة جد حرجة يتحكم فيها المحافظ، دون إمكانية تدوين تعرض ضده، أو حماية مطلبه، خلافا للرسم العقاري وما لمؤسسة التقييد الاحتياطي من فوائد ومنافع.

هنا يطرح السؤال: هل من حق المحافظ قبول تعرضات جديدة والدعوى قائمة ضده؟.

إن كان الأمر هكذا، فوضعية مطلب التحفيظ أكبر هشاشة وأقل إنصافا من الرسم العقاري الذي يحمي صاحبه مؤقتا بفضل مؤسسة التقييد الاحتياطي التي نظمتها الفصول 85 و86 و87 مكرر من ظهير التحفيظ العقاري.

إذن في غياب هذه الحماية القانونية لطالب التحفيظ، فإنه من المنطقي والصواب ألا يقبل المحافظ أي تعرض جديد استثنائي يخوله له الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري، هذا المطلب يبقى مجمدا لسنوات في انتظار الإفراج عنه أو القضاء عليه بالإلغاء، إن ثبت للقضاء جدية قرار رفض المحافظ تأسيس رسم عقاري لمطلب التحفيظ.

في الحالة الأولى يحق لكل شخص الطعن في قرار المحافظ أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستئناف والطعن بالنقض. وقد نظم الفصل 10 من القرار الوزيري المذكور أعلاه كيفية التقاضي أمام المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف ومحكمة النقض سواء تعلق الأمر بالفصل 96 أو بالفصل 37 مكرر في مواجهة المحافظ العقاري.

وفي الحالة الثانية، يندرج الطلب وفق مقتضيات الفصل 30 من نفس القرار الوزيري نفسه ( « – إذا امتنع المحافظ من مباشرة الإصلاحات المطلوبة منه، أو إذا رفض أصحاب الحقوق الإصلاحات التي وقعت مباشرتها تلقائيا من طرف المحافظ، فإن المحكمة تنظر في المسألة وتصدر حكما في شأن ذلك بغرفة المشورة»).

هذا الفصل الذي يعطي الحق لمن تضرر من قرار المحافظ العقاري، أن يقدم دعوى أمام المحكمة الابتدائية، من أجل إلغاء قراره إن تعدى صبغة الخطأ المادي الناتج عن إغفال أو خطأ طفيف لا يضر بحقوق المالكين المقيدين. فإن تجاوز هذا الحد، معناه ألحق ضررا بالمالكين نتيجة قيامه بتقييد إصلاح تلقائي هامشي بالرسم العقاري غير مثلا مقدار الحقوق المملوكة بإضافة أشخاص غير مالكين دون موافقة الأشخاص المقيدين أو دون أن يطلبوا منه ذلك.

هذا القرار، على سبيل المثال، غير معطيات الرسم العقاري الذي أصبح في ملكية مشاعة بنسب جديدة قلصت من حقوق المالكين المقيدين. بمعنى أن الإصلاح المتخذ من طرفه مس في العمق بحقوق المالكين المقيدين المحميين بالفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري («- كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده، وابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية.

لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة»)، والمادة الثانية من مدونة الحقوق العينية المنظم لها القانون رقم 39 – 08 .

وما يستنتج في هذه الحالة، هو أن هذا النوع من التقييدات الاحتياطية، لا يدخل ضمن مقتضيات الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري، لأن المتضرر لا يدعي حقاً على عقار محفظ، بل هو مقيد أو تم التشطيب عليه كليا أو جزئيا من الرسم العقاري بطريقة لا تنسجم مع معطيات الرسم العقاري ولا تتماشى وقانون التحفيظ العقاري، أو يريد أن يقيد حقه بالرسم العقاري، ورفض المحافظ العقاري تقييد حقه.

فكلما تبين للمتضرر أن قرار المحافظ العقاري المتخذ في إطار الفصل 29 المذكور أعلاه، في غير محله، له الحق أن يطلب من القضاء إلغاء قراره، مستندا في ذلك على الفصل 30 المذكور أعلاه.

وإذا قارنا بين الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري وبين الفصل 30 من القرار الوزيري، يتضح لنا جليا أن الفصل 85 يتميز بالشمولية إذ يسري على جميع الحالات، ما لم يكن هناك نص خاص. وطالما أن الفصل 30 ينظم كيفية الطعن في قرار المحافظ العقاري المتخذ في إطار الفصل 29، فإنه لا داعي لطلب تمديد مفعول التقييد الاحتياطي المقيد بالرسم العقاري.

ما يجب التنبيه إليه هو أن تدخل المشرع المتعلق بالتمديد له، ما يبرره، نتيجة ما أسفرت عنه التجربة لعقود خلت والتي أظهرت ضعف الفصل 85 وكرمه في فتح بابه لكل من يدعي حقاً على عقار أو حقوق عينية، دون التمييز بين الجد والمعقول والحقيقة من جهة وبين التعسف والكيد وسوء النية من جهة أخرى.

ونتيجة لهذه الفوضى والعرقلة وما تخلفه من ضرر للمالكين المقيدين الأبرياء في غالب الأحيان، تبقى الرسوم العقارية مشلولة لسنوات، وخارج المعاملات العقارية وفي وضعية يستفيد منها ذوو النية السيئة ومنعدمي الضمير. إنها مهنة مربحة كان يجني أصحابها أموالا طائلة نتيجة ابتزازهم للمالكين المقيدين.

بقلم ذ سباغي مبارك
موثق بالدار البيضاء

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.