حماية موازنة الشركات من التلاعب وفقاً للتشريع السعودي

أكدنا من قبل أن المشرع السعودي أوجب إقرار حماية خاصة لموازنة الشركات؛ لما لها من أهمية قصوى في كشف مركزها المالي ووضع المساهمين والدائنين، ونصّت المادة (211) من نظام الشركات السعودي الجديد، الصادر بتاريخ العام 1437هـ، على معاقبة أي مسؤول عن تسجيل بيانات كاذبة في القوائم المالية أو تقارير تقدم للشركاء أو للجمعية العامة، بالسجن والغرامة.

وعند مقارنة هذا النص بشبيهه من نظام الشركات القديم الصادر بتاريخ العام 1385هـ، فإنه تجاوز بعض النقاط التي كانت محل انتقاد بعض الخبراء:-
أولها: ضرورة أن يكون النص التجريمي معنيًا بمخاطبة أي شخص يستطيع التغيير في وثائق الشركة ومنها الموازنة، وكذلك أي شخص يستطيع إضافة بيانات كاذبة لهذه الوثائق سواءً كان شريكًا أو عضو مجلس إدارة أو مراقب حسابات أو غيره، بذكر عبارة (كلُ شخصٍ…) وليس الاقتصار على مخاطبة أعضاء مجلس الإدارة ومراقبي الحسابات والمصفِين فقط؛ فهذه الجريمة يُتصور حدوثها من غير الواردين حصرًا في هذا النص.

وعلى سبيل المثال هناك موظف، ليس منصبه مسمّى في هذا النص، قد يستحدث لنفسه دورة عمل في دولة ما لا تتجاوز اليومين، فيجعلها تُسجل محاسبيًا على أنها 10 أيام بتكاليف السكن والطعام، وتُضمن في التقارير المالية على أنها كذلك، وهو ما يعد ضمن الجرائم المالية.

ولذلك فإن إلغاء هذا الحصر في النص التجريمي وجعله عامًا يُعطي مزيدًا من الحماية للموازنة ويضمن عدم إفلات من يتلاعب بها من العقاب، وهذا التعميم لأي شخص دون حصرٍ في مسميات محددة يوجد في قوانين تجارية مماثلة في دول عربية.

أوجه القصور في نصّ المادة (211) من نظام الشركات السعودي الجديد

أوجه القصور في نصّ المادة (211) من نظام الشركات السعودي الجديد، الصادر بتاريخ العام 1437هـ، والخاص بحماية موازنة الشركات المساهمة من التلاعب، والذي جاء على ذكر معاقبة أي مسؤول عن تسجيل بيانات كاذبة في القوائم المالية أو تقارير تقدم للشركاء أو للجمعية العامة، بالسجن والغرامة.

وثاني تلك الملحوظات اقتصار النصّ التجريمي على القوائم المالية والتقارير المقدمة للشركاء أو الجمعية العامة وهذا ليس صوابًا؛ فمن المفترض أن يشمل النصّ جميع وثائق الشركة التي توضح الوضع المالي للشركة وحساباتها، وهذا بدوره يمنح حماية مميزة لموازنة الشركة من أي تلاعب يمكن أن يقع فيها حتى ولو كان طفيفًا.

ثالثًا: لم يتطرق هذا النصّ التجريمي إلى الصورة غير العمدية مثل الإهمال ونحوه سواءً ضمن هذا النصّ أو في نص آخر مستقل، وقد اشتملت بعض القوانين على ذلك مثل القانون البحريني، الذي نصّ في قانون الشركات على عقوبة مقررة لهذه الجريمة في صورتها غير المتعمّدة مثل الإهمال، وجاء فيه (يعاقب بغرامة…. أهمل ذكر وقائع جوهرية في الميزانية أو في حساب الأرباح والخسائر مما يترتب عليه أن يصبح المركز المالي للشركة مغايرًا للحقيقة).

والنقطة الرابعة أن بعض القوانين لم تكتفِ في التجريم بمجرد تسجيل بيانات كاذبة أو إغفال وقائع جوهرية داخل القوائم مثلما فعل نظام الشركات السعودي، بل أضافت فعل الإعداد أو العرض لهذه التقارير والوثائق كذلك.

وأخيرًا بشأن ما يتعلق باستخدام المنظم السعودي تعبير “بيانات كاذبة” فهي صياغة لا تخلو من فائدة كبيرة، فالبيانات الكاذبة أفعال تقوم بها جريمة التزوير ولكن المشرع السعودي لم يريد استعمال وصف التزوير وإنما أراد تجريم الكذب حتى ولو كان مجردًا لا يرقى إلى درجة التزوير، وذلك من أجل ضمان الثقة التي يجب أن تتمتع بها الشركة ولعدم الخوض فيما إذا كانت شروط التزوير موجودة أم لا والذي يفتح المجال واسعًا أمام الجناة للإفلات من العقاب، ولذا فإن النصّ على تجريم البيانات الكاذبة لا تطبق عليها القواعد العامة في جرائم التزوير