بحث قانوني و دراسة حول التجارة الإلكترونية و الحماية الجنائية لها في التشريع الاردني

التِـجارَة الإلِكــترونِـية كَمـا يَـراهـا المُـشرِع الأردُنِــي

اعداد
بشير نافع عيسى عماوي

كلية الحقوق في الجامعة الاردنية
www.lawjo.net

• المقدمة

بتاريخ 11/12/2001 سن الاردن قانون المعاملات الالكترونية المؤقت رقم 85 لسنة 2001 ليمثل اول قانون اردني ضمن حزمة تشريعات تكنولوجيا المعلومات من جهة وثاني قانون عربي في حقل التجارة الالكترونية بعد القانون التونسي ، ولينضم اليهما في البيئة العربية بعد ذلك قانون المبادلات الالكترونية لامارة دبي. وقانون التجارة الالكترونية البحريني .
ويعد موضوع التجارة الالكترونية من اكثر موضوعات عصر المعلومات إثارة للجدل القانوني في وقتنا الحاضر ، ونتساءل معا ، لماذا كان احدث وآخر إفرازات عصر المعلومات – من بين موضوعاتها وتحدياتها وقطاعاتها – اكثرها اثارة للجدل واكثرها محلا للاهتمام ؟؟ ذلك ان استعراض خط ولادة ونماء التقنية العالية وخط تأثر النظام القانوني بموضوعاتها – وفقا لما اوضحناه تفصيلا في القسم الاول – يظهر ان الخصوصية وحماية الحياة الخاصة من مخاطر التقنية كانت اول موضوعات الاهتمام في اواخر الستينات ثم تبعها الاهتمام بجرائم الكمبيوتر ومن ثم الملكية الفكرية لمصنفات المعلوماتية وتحديدا البرامج اعتبارا من النصف الثاني للسبعينات ومطلع الثمانينيات ، ومن ثم مسائل محتوى الموقع المعلوماتي مترافقة مع مسائل المعايير والمواصفات ومقاييس امن المعلومات ومسائل الاتمتة المصرفية والمالية اعتبارا من مطلع التسعينات اما ولادة التجارة الالكترونية فقد جاء لاحقا لمعظم هذه الموضوعات ومترافقا مع الجزء الاخير منها ( منتصف التسعينات واواخر التسعينات بشكل واضح ) ، فلماذا اذن هي التي تطفو على السطح ؟؟
ان الاجابة على هذا التساؤل تكمن في تحليل عناصر ومسائل وتحديات التجارة الالكترونية ، فالتجارة الالكترونية تنطوي على عناصر وتثير تحديات في سائر الحقول والموضوعات المشار اليها ، امن المعلومات ووسائل الدفع الالكتروني والملكية الفكرية والتعاقد الالكتروني والحجية والمعايير و… الخ ، وحق لنا القول انها وان كانت التجارة الالكترونية الدرجة الاخيرة ن درجات سلم التطور التاريخي لموضوعات تقنية المعلومات – في وقتنا الحاضر طبعا – وانها وان كانت جزءا من الاعمال الالكترونية- فانها بحق الاطار الذي عاد مجددا ليؤطر سائر موضوعات تقنية المعلومات ، بل لعلها المعبر عن تحديات فرع قانون الكمبيوتر بوجه عام ؟؟
في هذا البحث المتواضع نتناول التجارة الإلكترونية والحماية الجنائية لها ، فنتطرق للمفاهيم والانماط والبيئة العامة للتجارة الالكتروينة ثم نقف امام احكام قانون المعاملات الالكترونية الاردني والتحديات القانونية التي تثيرها التجارة الالكترونية1

لم يكن اعداد هذا البحث على طلاب في السنه الاولى بتلك السهولة ، ولذلك سيكون تطرقنا لكثير من الامور كالاتفاقيات الدولية الخاصه بهذا الجانب والقواعد العرفية الحاكمة والمنظمة له تطرقا مختزلا نتمنى ان لا يؤثر في طبيعة بحثنا المتواضع .

• ابرز احكام التجارة الالكترونية في ضوء قانون المعاملات الالكترونية الاردني :

يتكون القانون من ( 41) مادة موزعة على سبعة فصول ، ويبدأ القانون في المادة الثانية بتثبيت تعريفات تشريعية لعدد من المفاهيم التقنية والقانونية الواردة في القانون ، اما الفصل الاول منه فقد جاء تحت عنوان (احكام عامة) ويضم المواد 3- 6 ، واما الفصل الثاني فجاء تحت عنوان ( السجل والعقد والرسالة والتوقيع الالكتروني ) ويضم المواد 7- 18 ، واما الفصل الثالث فقد جاء تحت عنوان (السند الالكتروني القابل للتحويل) ويضم المواد من 19-24 ، واما الفصل الرابع تحت عنوان (التحويل الالكتروني للاموال) فيضم المواد 25-29 ، والفصل الخامس جاء تحت عنوان (توثيق السجل والتوقيع الالكتروني ) ويضم المواد 30-34 ، والفصل السادس تحت عنوان (العقوبات) فيضم المواد 35- 38 ، والفصل السابع تحت عنوان (احكام ختامية) ويضم المواد ” 39-41.

أ :- اهداف القانون ونطاق تطبيقه والمعاملات التي يسري عليها

1. اهداف القانون :-

حددت المادة-3- من القانون اهدافة بانه يهدف الى تسهيل استعمال الوسائل الالكترونية في اجراء المعاملات وذلك مع مراعاة احكام أي قوانين اخرى ودون تعديل او الغاء لاي من هذه الاحكام ، وقد اشارت الفقرة ب من ذات المادة الى وجوب مراعاة قواعد العرف التجاري الدولي ذات العلاقة بالمعاملات الالكترونية ودرجة التقدم في تقنية تبادلها عند تطبيق القانون ، وهذه الاشارة في هذا الموضع محل نظر ، اذ وردت اشارة في قانون اليونسترال النموذجي(1) الى مراعاة المصدر الدولي للقانون عند اجراء التفسير ، ومن المتعارف عليه ان التشريعات تنص في احوال معينة الى مصادر تكميلية للقواعد الواردة فيها عند انتفاء النص ومن ضمنها العرف التجاري ، لكن في حالة المادة 3 فان الاشارة وردت ابتداء تحت عنوان الاهداف ، ثم لم ترد بوصفها تعالج مصادر تكميلية للتشريع ولم ترد ايضا بوصفها تتناول مسالة التفسير بل تعرضت لتطبيق القانون .

(1) جمعية اسست عام 1966 في اجتماع الجمعية العامه للامم المتحده مهمتها تتلخص في جمع وانشاء والتعريف بالشروط والعادات والاصطلاحات المنظمة للتجارة الدوليه وهي اختصار للعباره (United Nations Commission on international Trade Law) .

والحقيقة ان اهداف قانون المعاملات الالكترونية المستقاة من احكامه والمسائل محل التنظيم ، تتمثل بما يلي:-
أ- الاعتراف بالوسائل الالكترونية في التعاقد والاثبات ومنحها الحجية والمقبولية المقررة لوسائل التعاقد والاثبات القائمة في البيئة غير الالكترونية .
ب- كما انه يهدف الى توفير التنظيم القانوني للتجارة الالكترونية بما يكفل الثقة بها ويشجع رواجها في السوق الاردني .

2. نطاق سريان القانون :-
تنص المادة 4 من قانون المعاملات الالكترونية الاردني على ما يلي :-
“تسري احكام هذا القانون على ما يلي :
أ . المعاملات الالكترونية والسجلات الالكترونية والتوقيع الالكتروني واي رسالة معلومات الكترونية .
ب. المعاملات الالكترونية التي تعتمدها أي دائرة حكومية او مؤسسة رسمية بصورة كلية او جزئية .”

– المعاملات الالكترونية ، ويقصد بها ( كما يستفاد من تعريف “المعاملات” ، وتعريف “المعاملات الالكترونية” وتعريف عبارة ” الكتروني ” الواردة في المادة 2 من القانون ) كل اجراء ، او مجموعة من الاجراءات ، يتم بوسائل الكترونية بين طرفين او اكثر لانشاء التزامات على طرف واحد او التزامات تبادلية بين اكثر من طرف ويتعلق بعمل تجاري او التزام مدني او بعلاقة مع أي دائرة حكومية ، ويشمل مفهوم الوسائل ( الالكترونية ) تقنية استخدام وسائل كهربائية او مغناطيسية او ضوئية او الكترومغناطيسية او أي وسائل مشابهة في تبادل المعلومات وتخزينها .
– السجلات الالكترونية ، ويقصد بها – وفقا لتعريف المادة 2 من القانون – القيد او العقد او رسالة المعلومات التي يتم انشاؤها او ارسالها او تسلمها او تخزينها بوسائل الكترونية ، وعرفت المادة 2 العقد الالكتروني بانه ” الاتفاق الذي يتم انعقاده بوسائل الكترونية ، كليا او جزئيا ”
– التوقيع الالكتروني ، ويقصد به – وفقا لتعريف المادة 2 من القانون – البيانات التي تتخذ هيئة حروف او ارقام او رموز او اشارات او غيرها وتكون مدرجة بشكل الكتروني او رقمي او ضوئي او أي وسيلة اخرى مماثلة في رسالة معلومات او مضافة عليها او مرتبطة بها ولها طابع يسمح بتحديد هوية الشخص الذي وقعها ويميزه عن غيره من اجل توقيعه وبغرض الموافقة على مضمونه . وفي هذا المقام لا بد من التفريق بين التوقيع الالكتروني والتوقيع الرقمي ، اذ وفق البيان المتقدم فان التوقيع الالكتروني يكون باية صورة بما فيها الرسم الضوئي ، في حين ان التوقيع الرقمي ( والذي يصنعه برنامج خاص ) هو مجموعة مزايا رقمية ماخوذة من جسم الرسالة المرسلة تنقل بشكل مشفر ويتبين من فك تشفيرها مدى صحة او عدم صحة التوقيع .
– اي رسالة معلومات الكترونية . وقد عرفت المادة 2 من القانون رسالة المعلومات بانها “المعلومات التي يتم انشاؤها او ارسالها او تسلمها او تخزينها بوسائل الكترونية او بوسائل مشابهة بما في ذلك تبادل البيانات الكترونية او البريد الالكتروني او البرق او التلكس او النسخ البرقي” كما عرفت المادة 2 ” المعلومات ” بانها ” البيانات والنصوص والصور والاشكال والاصوات والرموز وقواعد البيانات وبرامج الحاسوب وما شابه ذلك ” .
– المعاملات الالكترونية التي تعتمدها أي دائرة حكومية او مؤسسة رسمية بصورة كلية او جزئية . وافراد تخصيص لمعاملات الحكومة الالكترونية اريد منه منح الحكومة مرونة في اعتماد المعاملات الالكترونية في ضوء تطور برامج الاتمتة المقررة فيها ضمن خطة الحكومة الالكترونية .

3. نطاق التطبيق :-
تنص المادة 5 من القانون على ما يلي :-
” أ . تطبق احكام هذا القانون على المعاملات التي يتفق اطرافها على تنفيذ معاملاتهم بوسائل الكترونية ما لم يرد فيه نص صريح يقضي بغير ذلك .
ب. لمقاصد هذه المادة لا يعتبر الاتفاق بين اطراف معينة على اجراء معاملات محددة بوسائل الكترونية ملزما لاجراء معاملات اخرى بهذه الوسائل .”
وبالوقوف على هذا النص نجد القانون حاول ان يجيب على التساؤل التالي:-
هل يطبق القانون بصدد كل معاملة الكترونية بين اي متعاملين ، وهل يملك اي متعامل منهما ان يدفع بانتفاء حجية ومقبولية وقانونية المعاملة لانها تمت بطريق الكتروني ؟؟
نتجه هنا نحو التحليل الذي قدمه الاستاذ المحامي يونس ابو عرب في بحثه لهذا الموضوع ونقتبس منه :
“ويبدو ان المشرع كان حائرا في امر هذه المسالة ، فالاصل الطبيعي ان القانون يطبق على المعاملات حكما ولا يمتنع تطبيقه الا اذا اتفق الاطراف على ذلك ، ونجد المشرع قد عكس الوضع فتطلب ابتداء ان يتوفر اتفاق بين الاطراف على تنفيذ معاملاتهم بالطرق الالكترونية ليصبح القانون قابلا للتطبيق على المعاملة محل الاتفاق ، وهذا مستفاد من عبارة (تطبق احكام هذا القانون على المعاملات التي يتفق اطرافها على تنفيذ معاملاتهم بوسائل الكترونية) اما ان لم يكن هناك اتفاق على تنفيذ المعاملات بالطرق الالكترونية فان القانون لن يطبق الا اذا حصل اتفاق على تطبيقه بكل الاحوال ، وهو ما يستفاد من عبارة ( ما لم يرد نص صريح يقضي بغير ذلك ) ” (1).
(1) محاضره للاستاذ المحامي يونس ابو عرب حول التجارة الالكترونية .

وقد قرر المشرع ايضا ان اتفاق الاطراف على تطبيق القانون بشان معاملة معينة لا يعني استمرار الاتفاق على سائر معاملاتهم الاخرى او ان هذا الاتفاق سيلزم الطرفين بالاستمرار بالاتفاق حكما على تطبيق القانون على المعاملات الاخرى ، وهو ما يعني ان تطبيق القانون بشان كل معاملة يتطلب اتفاقا مستقلا على تطبيق القانون بشان هذه المعاملة او اتفاقا عاما بشان كل التعاملات القائمة بين الطرفين .

4. الاستثناءات على نطاق سريان القانون .

ان قانون المعاملات الالكترونية يسري كاصل عام – كما اوضحنا اعلاه – على المعاملات الالكترونية والسجل الالكتروني والتوقيع الالكتروني ورسالة المعلومات الالكترونية بشان كافة معاملات اشخاص القانون الخاص ( الطبيعية والمعنوية ) متى توفر الاتفاق على تنفيذ معاملاتهم بالطرق الالكترونية ، كما ينطبق على المعاملات الالكترونية الحكومية التي تقرر جهة الحكومة او المؤسسة الرسمية اعتمادها كليا او جزئيا . وقد ارتاى المشرع استثناء معاملات وعقود معينة من نطاق السريان هذا تبعا لاعتبارات عديدة في مقدمتها الاهمية الخاصة التي تتصف بها المعاملة محل الاستثناء ، وقد بينت المادة 6 من القانون المعاملات المستثناة من نطاقه ، وتشمل ما يلي ( كما وردت في نص المادة 6 ) :-

أ . العقود والمستندات والوثائق التي تنظم وفقا لتشريعات خاصة بشكل معين او تتم باجراءات محددة .
وتبعا لهذا الوصف فان اي عقد او معاملة تتطلب شكلية معينة لا ينطبق عليها قانون المعاملات الالكترونية ، كما هو الحال بشان سندات نقل مليكة العقارات التي تتم في دوائر الاراضي او نقل ملكية السيارات التي تتم في دوائر الترخيص والمركبات .

ب. الاوراق المالية الا ما تنص عليه تعليمات خاصة تصدر عن الجهات المختصة استنادا لقانون الاوراق المالية النافذ المفعول.
استثنى القانون الاوراق المالية من نطاق سريان قانون المعاملات الالكترونية ، ويقصد بالاوراق المالية وفقا لحكم المادة 3 من قانون قانون الاوراق المالية المؤقت رقم 76 لسنة 2002 ” أي حقوق ملكية او اي دلالات او بينات متعارف عليها على انها اوراق مالية ، سواء كانت محلية او اجنبية ، وتشمل الاوراق المالية ، بصورة خاصة ، ما يلي :
1. اسهم الشركات القابلة للتحويل والتداول .
2. اسناد القرض الصادرة عن الشركات .
3. الاوراق المالية الصادرة عن الحكومة او المؤسسات الرسمية العامة او المؤسسات العامة او البلديات .
4. ايصالات ايداع الاوراق المالية .
5. الاسهم والوحدات الاستثمارية في صناديق الاستثمار المشترك .
6. اسناد خيار المساهمة .
7. العقود انية التسوية والعقود اجلة التسوية .
8. عقود خيار الشراء وعقود خيار البيع . ”
ولا يدخل في مفهوم الاوراق المالية – على نحو ما يقرر قانون الاوراق المالية في المادة 4 منه – ما يلي :-
1. الاوراق التجارية بما في ذلك الشيكات والكمبيالات .
2. الاعتمادات المستندية والحوالات والادوات التي تتداولها البنوك حصرا فيما بينها .
3. بوالص التامين والحقوق المترتبة في صناديق التقاعد للمنتفعين التي تتم تغذيتها من غير مصادر مساهماتهم .

ب :- المباديء والشروط والاحكام المقررة بشان قانونية وحجية السجلات والعقود والتواقيع الالكترونية

1. اقرار مبدأ ان الوثيقة الالكترونية معادل وظيفي للوثائق الخطية وان التوقيع الالكتروني معادل وظيفي للتوقيع الخطي
ان قانون المعاملات الالكترونية الاردني قد اقام في المادة 7 منه الحكم الرئيس الذي يحقق اهداف القانون ويحقق خطة الاعتراف بالتجارة الالكترونية وتعاملاتها ، لان الاعتراف بالوثيقة الالكترونية في التعاقد والاثبات ، والاعتراف بصلاحية التوقيع الالكتروني للدلالة على شخص المتعامل ، اهم حاجة قانونية لللاقرار بوجود التجارة الالكترونية ومقبولية وسائلها في التعاقد والاثبات .
وتنص المادة -7- من قانون اللمعاملات الالكترونية على انه :-
أ . يعتبر السجل الالكتروني والعقد الالكتروني والرسالة الالكترونية والتوقيع الالكتروني منتجا للاثار القانونية ذاتها المترتبة على الوثائق والمستندات الخطية والتوقيع الخطي بموجب احكام التشريعات النافدة من حيث الزامها لاطرافها او صلاحيتها في الاثبات .
ب. لا يجوز اغفال الاثر القانوني لاي مما ورد في الفقرة (أ) من هذه المادة لانها اجريت بوسائل الكترونية شريطة اتفاقها مع احكام هذا القانون.
وهذه المادة كما يظهر من نصها اعترفت بالوثائق الالكترونية كمعادل وظيفي للوثائق الخطية لهما ذات الاثر والفعالية من حيث الحجية وصحة الاثبات ، واعترفت بالتوقيع الالكتروني كمعادل وظيفي له ذات الاثر للتوقيع الخطي من حيث الحجية وصحة الاثبات ، وجاءت الفقرة (ب) لتعزز هذه الصلاحية والحجية للوثائق والتواقيع الالكترونية فاكدت على عدم جواز الدفع بانتفاء الصلاحية والحجية لمجرد ان التعاقد او الاجراء او التراسل اجري بطريق الكتروني .

– شروط اعتبار السجل الالكتروني معادلا للاصل الورقي

قضت المادة 8 من قانون المعاملات الالكترونية الاردني بوجوب توفير مجموعة شروط ( مجتمعة ) لاعتبار السجل الالكتروني من قبيل الاصل او له قوة الاصل وهذه الشروط هي :-
1. ان تكون المعلومات الواردة في ذلك السجل قابلة للاحتفاظ بها وتخزينها بحيث يمكن ، في أي وقت ، الرجوع اليها . وهذا الشرط هدف الى تحقيق اهم ركيزة من ركائز حجية المستندات في الاثبات ، وهي صلاحية الدليل للمراجعة في اي وقت ، وهذه الركيزة كانت السبب مثلا وراء اعتراف القضاء بالتلكس سابقا وعدم الاعتراف بالفاكس ، لان التلكس كما هو معلوم يمكن الرجوع الى بياناته لدى شبكة التلكس العالمي التي تخزن محتواه عندما يتم تبادل راسئل التلكس بين الطرفين عن بعد . وهذه الركسزة ايضا ( الشط ) هي الدافع وراء فكرة سلطات التوثيق التي تمثل طرفا ثالثا يقدم البينة على حصول التراسل من عدمه ويبين الوقائع ذات الصة بهذا التراسل .
2. امكانية الاحتفاظ بالسجل الالكتروني بالشكل الذي تم به انشاؤه او ارساله او تسلمه او باي شكل يسهل به اثبات دقة المعلومات التي وردت فيه عند انشائه او ارساله او تسلمه ، وهذا الشرط يتعلق بما يعرف بسلامة المحتوى وعدم حصول التغيير عليه ، وهي مسالة يتيحها النظام التقني المعتمد على معايير تقنية محددة تبين وضعية الملف واية تعديلات ادخلت عليه واوقات هذه التعديلات .
3. دلالة المعلومات الواردة في السجل على من ينشاه او يتسلمه وتاريخ ووقت ارساله وتسلمه . وهذه مسالة اخرى تتصل ايضا بالنظام التقني من خلال السجل الالكتروني الداخلي المتوافر في جذر النظام وقواعده المصدرية .
وقد قضت الفقرة ب من ذات المادة بانه لا تطبق الشروط الواردة اعلاه على المعلومات المرافقة للسجل التي يكون القصد منها تسهيل ارساله وتسلمه . اذ من المعروف للمتعاملين بالكمبيوتر والانترنت ان ثمة معلومات ينتجها النظام بشان الملفات وتبادلها ، وهذه المعلومات التي ترافق السجل ليست محلا للشروط المجتمعة الثلاث المتقدم بيانها .
واجازت الفقرة (ج) للمتعاملين ( المنشئ او المرسل اليه ) اثبات الشروط المقررة اعلاه بواسطة الغير ، وهذا ما اشرنا اليه حين تحدثنا عن سلطات التوثيق ، لكن الغير لا يكون فقط سلطة التوثيق اذ هناك مزود خدمات الانترنت ، ومدير الشبكة حين يكون النظام مربوطا على شبكة حليفة او خارجية تدار من جهة ثالثة ، وبالعموم فان هذه الشروط جائز اثباتها من اية جهة ثالثة تتوفر لديها المعلومة بشان انشاء السجل وتغيراته ومعلومات ارساله .

2. حجية المستخرج الورقي للوثيقة الالكترونية

في بعض الاحوال يستلزم التشريع تقديم المعاملة الى جهة معينة كوثيقة خطية ( محرر ) كما هو الحال ببوالص الشحن مثلا في حين تكون هذه الوثيقة اجريت بطريقة الكترونية ومخزنة في نظم الكمبيوتر ، او كالكشوف المحاسبية التي تجرى داخل النظام لكن يتعين تقديمها للقضاء كمستخرج ورقي ، ، فما هو الموقف.
لقد قررت المادة 9 من قانون المعاملات الالكترونية ان طباعة المعاملة المجراة بوسائل الكترونية من قبل المرسل اليه وتقديمها كمستخرج خطي يفي بالالتزام الذي تقرره التشريعات الخاصة حين تتطلب تقديم المستند او المعاملة بصورة خطية ، لكن هذه السجلات تعدو غير ملزمة للمرسل اليه ان عجز عن طباعتها او تخزينها والاحتفاظ بها لسلوك صادر عن المرسل ذاته ، ولتوضيح هذه الفكرة ، فان المرسل قد يرسل رسالة معلومات الى المرسل اليه بالبريد الالكتروني مثلا ، فان افترضنا ان تقنية الارسال تمنع المرسل اليه من الاحتفاظ بالرسالة وتخزينها واسترجاعها ورقيا فان هذه الرسالة لا تكون ملزمة للمرسل اليه .

3. قيام التوقيع الالكتروني مقام التوقيع الخطي بالنسبة للتشريعات التي تتطلبه .

تقرر بعض التشريعات – كما هو الحال في قانون التجارة وكذا التجارة البحرية – وجوب ان يكون المستند موقعا من الطرف المعني بالالتزام بمضمونه ، واما اجراء معاملات بالطرق الالكترونية فان هذا التوقيع ينفذ بوسائل الكترونية ، فهل لهذا التوقيع حجة تفي بالغرض المقرر في التشريعات التي تطلبته .
لقد اكدت المادة 10 من القانون ان التوقيع الالكتروني على السجل الالكتروني يفي بمتطلبات التشريع الذي يستوجب توقيعا على المستند او نص على ترتيب اثر على خلوه من التوقيع ، وهذا تكرسي للمبدأ السابق بيانه من ان التوقيع الالكتروني حقق المعادل الوظيفي للتوقيع الخطي ، لكن ايفاء التوقيع الالكتروني بهذه الوظيفة التي يحققها التوقيع العادي رهن بالثقة بصحة هذا التوقيع ، فكيف ستتحقق هذه الثقة . ان الفقرة ب من ذات المادة اجابت على هذا التساؤل حين قررت انه يتم اثبات صحة التوقيع الالكتروني ونسبته الى صاحبه اذا توافرت طريقة لتحديد هويته والدلالة على موافقته على المعلومات الواردة في السجل الالكتروني الذي يحمل توقيعه اذا كانت تلك الطريقة مما يعول عليها لهذه الغاية في ضوء الظروف المتعلقة بالمعاملة بما في ذلك اتفاق الاطراف على استخدام تلك الطريقة. ومن الطرق الشائعة في البيئة الرقمية ، انضمام الشخص ( ونقصد نظامه الالكتروني ) الى شبكة يديرها الغير تمنحه مصادقة على ان التوقيع الالكتروني المستخدم منه معتمد من قبلها لشخصه ونظامه وانه يستخدمه في تعاملاته الالكترونية ، ومن الطرق ايضا اثبات اشتمال نظام الكمبيوتر المستخدم في الارسال على برمجيات التوقيع الالكتروني مزودة من منتجيها بحيث يسهل اللجوء الى منتج البرنامج لتاكيد سلامة او عدم سلامة التوقيع الالكتروني محل الاستخدام.

4. صلاحية السجلات الالكتروني للقيام مقام السجل الخطي لغايات الاحتفاظ بالمستند للتوثيق والتدقيق والاثبات .

ان التعديلات التشريعة الواسعة التي اعتمدت مؤخرا حرصت على اعطاء طرق الحفظ الالكتروني للمستندات قيمة قانونية وصلاحية سواء في الحفظ لاغراض التوثيق او في الاثبات عندما يثور النزاع بشانها ، وبما ان السجل الالكتروني غير معترف به الا في عدد قليل من القوانيين كقانون البنوك مثلا فقد جاءت هنا المادة 11 من قانون المعاملات الالكترونية لتسد هذه الثغرة باقرارها صلاحية الحفظ الالكتروني ليقوم مقام الحفظ الورقي لاغراض التوثيق والاثبات والتدقيق ، الا اذا تطلب تشريع لاحق الحفظ الورقي للمستندات لاغراض التوثيق والاثبات والتدقيق .

5. رسالة المعلومات وسيلة صالحة للتعبير عن الارادة .

قررت المادة 13 من القانون ان رسالة المعلومات تعتبر وسيلة من وسائل التعبير عن الارادة المقبولة قانونا لابداء الايجاب او القبول بقصد انشاء التزام تعاقدي . وتشمل رسالة المعلومات كما قدمنا ( المعلومات التي يتم انشاؤها او ارسالها او تسلمها او تخزينها بوسائل الكترونية او بوسائل مشابهة بما في ذلك تبادل البيانات الكترونية او البريد الالكتروني او البرق او التلكس او النسخ البرقي) ، وبذلك ينهي القانون الجدل حول وسائل التعبير عن الارادة في البيئة الرقمية وما اذا كانت الوسائل الالكترونية مقبولة لهذا الغرض ، اذ كما هو معلوم فان القانون المدني نظم وسائل التعبير عن الارادة ( الكتابة واللفظ والاشارة … الخ ) وعالج الفقه القانوني ما يدخل في نطاق هذه الوسائل وما يعد منها ، والجدل الواسع في نطاق الفقه انصب على مدى اعتبار الوسيلة الالكترونية من قبيل الكتابة او ادخالها ضمن اية وسيلة صالحة للتعبير عن الارادة ، وحسما لجدل الفقهي فقد اكد القانون على صلاحية الوسيلة الالكترونية للتعبير عن الارادة وبالتالي صلاحيتها لانشاء العقود والغائها وفسخها .

• الخاتمة :

هذا الافساح مكننا من الاعتراف والقبول الحقيقي بمفهوم التجاره الالكترونيه على انه عنصر مستقبلي لابد من دراسته جديا ، فاننا وان تحققنا من السلامه القانونية لمبدئه الاساسي المتمثل في وسيلة التعبير عن الارادة ، الا اننا لم نتحقق بعد من خطوات القيام بهذه التجارة وما لها وما عليها فاضافة الى التعريفات التي اوردها قانون المعاملات الالكترونية الا انه لم يتطرق الى اي حماية جنائية خاصه بهذه التجاره كما انه لم يتطرق الى اعتبرات عده اهمها فكره الجريمه الالكترونية وعملية ربطها بالتجارة الالكترونية اخيرا فالتشريع الاردني وقف صامتا تماما بشأن امكانية تطبيق قانون التجاره الحالي على التجارة الالكترونية بالاخص ان الاردن قد وقع على اتفاقية اليونسترال .
كل هذا يضعنا في مضمار يصعب الحديث به بالاخص اننا نتحدث هنا في تقنية تجارية اكثر منها قانونية .

فالى هنا فضلنا ان ننهي بحثنا مختارين خبرتنا وعلمنا القليل ومؤكدين في ذات الوقت على ضرورة استكمال الاجابة النهائيه في بحوث لاحقة ان شاء الله .

قائمة المراجع :

1- موقع طلاب كلية الحقوق في الجامعة الاردنية – قسم الابحاث القانونية www.lawjo.net .
2- اتفاقية اليونسترال الخاصة بالتجارة الدولية .
3- قشقوش ، د.هدى – الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية ، عمان .
4- محاضره حول التجارة الالكترونية للاستاذ المحامي يونس عرب .
5- قانون المعاملات الالكترونية المؤقت رقم 85 لسنة 2001 .
6- القانون المدني الاردني رقم 43 لسنة 1976 .
7- قانون التجارة الاردني رقم 12 لسنة 1966
8- موقع كلية الحقوق بجامعة المنصوره .
9- بحث بعنوان ” الحماية الجنائيه للمستند الالكتروني ” للدكتور أشرف توفيق شمس الدين .