إن الاعتداء على الأموال والمنشأت العامة واحداث أضرار عمدية وغير عمدية فيها وعرقلة سير المرفق العام بانتظام واطراد سواء وقع الأعتداء من قبل الموظف العام أو من قبل الأفراد فأن القوانين تجرمها وتعاقب مرتكبيها (1) . لذا فقد ينص القانون على عقوبة جنائية كجزاء لمخالفة قرار اداري صادر من الأدارة بازالة ذلك التجاوز من خلال اقامة دعوى جزائية ، والتي تعد احدى الوسائل لأجبار الأفراد الممتنعين عن تنفيذ القرار الأداري الصادر بمنع التجاوز (2) . وبذلك تنشأ المسؤولية الجزائية بحق الفرد والذي يعد فعله خرقاً لأمن واستقرار المجتمع مما يوجب انزال العقاب الجنائي بحقه ، وتكون العقوبة عادة تتناسب وخطورة جرمه على المجتمع ، وبذلك يمثل هذا العقاب زجراً للجاني وردعاً لغيره (3) . ومن هذا المنطلق فقد تكفلت التشريعات الجنائية على النص على معاقبة المتجاوز على المال العام ، ومع ذلك فقد تكون هذه العقوبة غير مجدية لحماية المال العام ، لذا فإن هذه التشريعات تفرض على المتجاوز ازالة تجاوزه ومحو آثاره (4) ، فالأدارة قد تلجأ الى القاضي الجنائي وبسبب عدم تخويلها القانون سلطة توقيع العقوبة الجنائية على المخالف .

ففي فرنسا نجد القضاء الأداري هناك يملك ولاية توقيع العقوبات بحق المخالف للقوانين التي تحمي المال العام في حالة التجاوز عليه أو احداث اضرار به أما موقف التشريع المصري فأن مجلس الدولة لا يملك مثل هذه السلطة كما هو الحال في التشريع الفرنسي (5) ، وقد وردت جرائم الأعتداء على الأموال العامة في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات المصري ، وهذه الجرائم هي الاختلاس والأستيلاء والضرر و التربح والأضرار العمدي بالمال العام والأهمال الجسيم وغيرها من الجرائم التي تقع على الأموال المملوكة للدولة ، أو الهيئات أو المؤسسات والوحدات التابعة لها ، أي شركات القطاع العام أو غيرها من الأشخاص المعنوية العامة .

ولا عبره بصفة من يقوم بجرائم الأعتداء تلك لذا يستوي أن يكون هذا الشخص موظف عام أو من عامة الناس ، فمنع قانون العقوبات المصري المتهم من التصرف في امواله أو ادارتها كإجراء تحفظي ضماناً لتنفيذها عسى أن يقضي به وتعويض الجهة المعتدى عليها وأن قرار المنع هذا يصدر من النائب العام نفسه دون غيره من اعضاء النيابة (6) ، وعلى هذا الأساس فقد صدر القرار الجمهوري رقم 7 لسنة 1967 فأحال بعض الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام الى محاكم أمن الدولة ومنها جرائم الأموال العامة ….(7). أما موقف المشرع العراقي فأن قانون العقوبات ، نص على معاقبة كل من يمتنع عن الأمتثال لقرار اداري ويعرض عن تنفيذه (8) . كما أن المشرع قد شدد في توقيع العقوبات بهذا الشأن حيث نص في البند (6 / 2)من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل بالرقم 154 لسنة 2001 بالعقوبات الآتية :-

أ-الحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات لمن خالف احكام الفقرة (1) من البند أولاً .

ب-الحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة أو السجن مدة لا تزيد على (10) عشر سنوات لمن خالف احكام الفقرة (2) من البند أولاً .

ج-الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على ستة اشهر لمن خالف احكام الفقرة (3) من البند أولاً .

والزم المشرع الجهة المالكة والتي تقع العقارات المتجاوز عليها تحت ادارتها واشرافها وحيازتها بتحريك دعوى جزائية وفق قانون اصول المحاكمات الجزائية المرقم 23 لسنة1971 بحق المنصوص عليهم في الفقرتين (1) و (2) من البند سادساً ،. وبدورنا نأمل من المشرع العراقي تشريع نصوص عقابية للحد من تلك التجاوزات لتحقيق الهدف منها بزجر الجاني وردع غيره .

______________________

1- د. صبري محمد السنوسي ، مرجع سابق ، ص383 .

2- د. سليمان محمد الطماوي ، النظرية العامة للقرارات الإدارية ، مرجع سابق ، ص950 .

3- ينظر د. عدنان ابراهيم السرحان و د. نوري حمد خاطر ، مرجع سابق ،ص361 .

4- ينظر علاء يوسف اليعقوبي ، حماية الأموال العامة ، في القانون الإداري رسالة ماجسستير مقدمة الى مجلس كلية القانون / جامعة بغداد ، 1977 ، ص171 وينظر كذلك – د. محمد زهير جرانة ، مرجع سابق ، ص152 .

5- د. احمد كمال الدين موسى ، دعاوي الإدارة امام القضاء الإداري ، منشور في مجلة العلوم الإدارية ، ع3 ، س19 لسنة 1977 ، ص10 .

6- د. مصطفى رضوان ، جرائم الأموال العامة ، فقهاً وقضاءً ،ط2 مجددة ، الناشر عالم الكتب ، 1970 ، ص19 وما بعدها .

7-د. مصطفى رضوان ، مرجع سابق ، ص24 .

8- ينظر نص المادة 240 من قانون العقوبات النافذ بالرقم (111) لسنة 1969 .

المؤلف : ذكرى عباس علي ناصر الدايني
الكتاب أو المصدر : وسائل الادارة لازالة التجاوز على الاموال العامة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .