أولا: المقصود بالاختصاص الشخصى للدولة : 

ينصرف مصطلح الاختصاص الشخصى الى جميع السلطات التى تمارسها الدولة فى مواجهة رعاياها نتيجة لتمتعهم بجنسيتها .

  ثانيا : الأساس القانونى لممارسة الاختصاص الشخصى للدولة : الجنسية :

لبيان الأحكام المتعلقة بالجنسية ينبغى أن نعرض للمسائل التالية :

1- جنسية الشخص الطبيعى :

تعد الجنسية الأساس القانونى لممارسة الدولة للاختصاص الشخصى وتظهر أهميتها بالنسبة للمقيمين فى الخارج وينصرف مصطلح الجنسية الى العلاقة أو الرابطة السياسية والقانونية القائمة ما بين الفرد والدولة ، وتنظيم الجنسية من المسائل التى تتمتع بشأنها الدولة بسلطة تقديرية كاملة سواء فى معايير وطرق اكتسابها وأسباب فقدها أو سقوطها مراعية مصلحتها فى المقام الأول ، الا أن هذا لا يمنع أن تقيد هذه السلطة بارتباط الدولة باتفاقية دولية معينة وعندئذ يجب على الدولة أن تراعى اذ تمارس اختصاصاتها فى مجال الجنسية أحكام هذه الاتفاقية .

والفقهاء عادة يقسمون الجنسية الى :

1- جنسية أصلية : ويقصد بها تلك الجنسية التى تثبت للفرد وقت ميلاده وبسبب ميلاده وعلى أساس من حق الدم أو حق الاقليم .

2-جنسية مكتسبة : ويقصد بها تلك الجنسية التى تمنحها الدولة للفرد بناء على طلبه .

فمعيارين أساسيين فى مجال منح الجنسية الأصلية هما معيار حق الدم ومعيار حق الاقليم :

_ ومقتضى الأول أن جنسية الدولة تمنح لكل من يولد لأب يتمتع بجنسيتها .

_ ومقتضى الثانى هو منح جنسية الدولة لكل من يولد على اقليمها .

   ونتيجة السلطة المطلقة للدولة فى بناء مادة جنسيتها وتعدد المعايير التى تتبناها فى هذا الشأن أنه – قد يوجد شخص يتمتع بأكثر من جنسية  ، ” التنازع الايجابى بين الجنسيات ” وقد يوجد شخص لا يتمتع بأى جنسية ، “التنازع السلبى ” .

وفيما يتعلق بالتنازع الايجابى فان محكمة العدل الدولية قد واجهته بفكرة الجنسية الفعلية حيث أنه لا يجوز للدولة أن تحتج فى مواجهة غيرها من الدول بأن شخص معين يحمل جنسيتها ما لم تكن تلك الجنسية جنسية فعلية . أما فيما يتعلق بالتنازع السلبى فقد واجهته الجماعة الدولية للتقليل من حالات انعدام الجنسية وكانت أول محاولة عملية لمواجهته كانت باتفاقية نيويورك التى نصت على أن :

_ تمنح كل دولة طرف جنسيتها لمن يولد على اقليمها من ناحية ، ويجب على كل دولة طرف أن لا تحرم أى شخص من جنسيتها اذا كان سيصبح عديم الجنسية من ناحية آخرى .

2- جنسية الأشخاص الاعتبارية : 

يوجد نوعين من الأشخاص الاعتبارية : الأشخاص الاعتبارية العامة والأشخاص الاعتبارية الخاصة .

1- الأشخاص الاعتبارية العامة : وتكتسب جنسية الدولة وينطبق عليها اختصاصها الشخصى بناء على رابطه الجنسية .

2- الأشخاص الاعتبارية الخاصة : فان القضاء الدولى قد استقرت أحكامه على وجوب تمتع الشخص الاعتبارى الخاص بجنسية الدولة التى يوجد فى اقليمها مركز ادارته الرئيسى .

3- جنسية السفن والطائرات : 

كقاعدة عامة فان كل دولة لها السلطة التقديرية الكاملة فى تحديد الشروط التى بناء عليها تمنح جنسيتها للسفن والطائرات . ولكن فيما يتعلق بالسفن هذه السلطة التقديرية مقيدة بمبدأ فحواه أنه : يجب أن توجد رابطة فعلية أو علاقة جوهرية ما بين الدولة والسفينة وهذا ما نصت عليه اتفاقية جنيف الخاصة بالبحر العالى .

ويوجد شرطين أساسيين لاكتساب أى سفينة جنسية دولة معينة وهما :

  _ شرط وجود العلاقة الجوهرية بين الدولة والسفينة .

_ شرط ممارسه سلطات اشراف ورقابة فنية وادارية واجتماعية على السفينة .

ثالثا : مضمون الاختصاص الشخصى للدولة : 

_ رعايا الدولة المقيمين على اقليمها :   ويخضعون لكل من اختصاصها الاقليمى واختصاصها الشخصى .

_ رعايا الدولة المقيمين فى الخارج :    ويخضعون كأصل عام للاختصاص الاقليمى لدولة الاقامة والاستثناء هو أنهم يخضعون للاختصاص الشخصى لدولة الجنسية .

1- نطاق الاختصاص الشخصى للدولة فى مواجهة رعاياها المقيمين على اقليمها ” نطاق عام وشامل ” :

رعايا الدولة المقيمين على اقليمها يخضعون خضوعا كاملا لاختصاصات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية ؛ وتبعا يمكن القول أن مضمون الاختصاص الشخصى للدولة يتفق تماما مع مضمون اختصاصها الاقليمى فى مواجهة الرعايا المقيمين على اقليمها .

_ حدود الاختصاص الشخصى للدولة فى مواجهة رعاياها المقيمين على اقليمها :

هذا الاختصاص لم يعد قاعدة مطلقة فى ظل تطور قواعد القانون الدولى العام والقيد الوحيد على هذا الاختصاص هو ” الالتزام بضرورة احترام حقوق الانسان وحرياته الأساسية” ، والذى يمكن تعريفه بأنه واجب قانونى تتحمل به كل دولة تجاه المجتمع الدولى ويتضمن قيامها باتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لكفالة احترام وتطبيق حقوق الانسان وحرياته الأساسية وامتناعها عن كل ما هو من شأنه تعطيل هذا الهدف ويكون للمجتمع الدولى سلطة اجبارها على ذلك . ويتضح من هذا التعريف :

1- هذا الالتزام يعد التزام قانونى يستند الى مصادر قانونية واضحة ومحدده تتركز كأصل عام فى الاتفاقيات الدولية العالمية والاقليمية المتعددة فلسنا بصدد التزام أخلاقى أو طبيعى يترتب على تخلف الوفاء به من قبل الدولة قيام مسئوليتها الدولية .

2- أن هذه المسئولية تكون تجاه المجتمع الدولى الذى يملك من الوسائل التى تمكنه من رقابة سلوك الدولة فى هذا الشأن .

3- مضمون الالتزام هو أن الدولة يجب عليها أن تتخذ جميع الاجراءات اللازمة لكفالة احترام وتطبيق حقوق الانسان وحرياته وامتناعها عن كل ما هو من شأنه تعطيل هذا الهدف .

2- نطاق الاختصاص الشخصى للدولة فى مواجهة رعاياها المقيمين فى الخارج ” نطاق محدود ” :

يعد اختصاصا محدودا حيث أن رعايا الدولة المقيمين فى الخارج يخضعون للاختصاص الاقليمى لدولة الاقامة ويخضعون فى حالات محدودة ” كرعاية شئونهم ومباشرة حقوقهم السياسية والانتخابية ” للاختصاص الشخصى لدولة الجنسية .