عملية حجز عقارات المدين ووضعها تحت يد القضاء تتم بعمل قانوني مركب يتكون من عنصرين هما، تبليغ أمر الحجز ثم تسجيله في الشهر العقاري (1)، هذا الحجز ليكون صحيحا ينبغي أن يكون قد توفرت فيه شروطا معينة أهمها إذا كان طالب التنفيذ دائنا عاديا أن يقدم محضرا بعدم وجود منقولات لدى المدين أو أنها لم تكفيه لاستيفاء دينه(2)، أو إثبات أنه دائن مرتهن أو يملك حق تخصيص أو امتياز على العقار المراد توقيع الحجز عليه، ويجب أن يسبق ذلك تبليغ السند التنفيذي للمدين وتكليفه بالوفاء وأن تترك له مهلة خمسة عشر يوما كاملة.

أولا: طلب استصدار أمر الحجز

بالرجوع إلى المادة 724 ف 1 من ق إ م د أن الحجز التنفيذي على العقار أو الحق العيني العقاري يتم بموجب أمر على عريضة يصدره رئيس المحكمة التي يوجد في دائرة اختصاصها العقار، ولأجل ذلك يتقدم المستفيد من السند التنفيذي أو ممثله القانوني أو الاتفاقي بطلب)3) إلى رئيس المحكمة المختصة يضمن ملتمسه بإجراء حجز على عقار مدينه، على أن يرفق طلبه بالوثائق المحددة في المادة 723 من ق إ م د والمتمثلة في الأتي:

– نسخة من السند التنفيذي، ونسخة من محضر التبليغ والتكليف بالوفاء.

-محضر عدم كفاية الأموال المنقولة أو عدم وجودها بالنسبة للدائن العادي.

– مستخرج عقد الرهن أو أمر التخصيص على عقار أو مستخرج من قيد حق الامتياز، بالنسبة لأصحاب التأمينات العينية.

– مستخرج من سند ملكية المدين للعقار.

– شهادة عقارية(4).

ومتى كان الطلب مستوفيا لكافة الشروط المستوجبة قانونا، يصدر رئيس المحكمة أمره بالحجز، وعند الرفض يمكن تحديد الطلب عند استكمال الوثائق المطلوبة(5) واذا كان للمدين عدة عقارات تقع في دوائر إختصاص مختلفة، يجوز للدائن أن يستصدر أمرا واحدا بالحجز عليها من طرف رئيس المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها إحدى هذه العقارات(6).

ثانيا: التبليغ الرسمي لأمر الحجز العقاري

يتولى عملية التبليغ الرسمي لأمر الحجز العقاري(7)، المحضر القضائي المصرح له قانونا باستلام الملف والكائن مكتبه في المحكمة التي يوجد بدائرة اختصاصها العقار المراد الحجز عليه. ويتم ذلك بموجب محضر تبليغ يشتمل فضلا عن البيانات العامة الواجب توافرها في أوراق المحضرين، البيانات التي نصت عليها المادة 379 من القانون الحالي وهي ذكر السند التنفيذي وتبليغ الحكم إذا كان الدين ثابتا بحكم، وحضور المدين أو غيابه في إجراءات الحجز. ثم إعذار المدين بأنه إذا لم يسدد الدين في الحال فإن أمر الحجز يسجل بمكتب الرهون في مصلحة الشهر العقاري ويصبح نهائيا(8) وأخيرا ذكر موقع العقار وصفته ومشتملاته بدقة، أما القانون الجديد لقد نص على هذا الإجراء في المادة 725 ف 2 منه، والتي ركز فيها على محتوى البيان المتعلق بالإنذار دون ذكر البيانات الأخرى المنصوص عليها في القانون الحالي، حيث جاءت صياغتها كالتالي ” ينذر المدين بأنه إذا لم يدفع مبلغ الدين في أجل شهر واحد من تاريخ التبليغ الرسمي يباع العقار ، أو الحق العيني العقاري جبرا عنه”. وعليه يكون الذهاب مباشرة للبيع على اعتبار أن قيد الأمر يتم فور تبليغه، هذا يفسر على أنه تقليص في المواعيد، ومنه يضاف إلى النقاط الإيجابية التي تحسب على القانون الجديد.

ثالثا: قيد أمر الحجز

استصدار أمر الحجز وتبليغه للمدين لا يترتب عليه أي أثر إذا لم يتم تسجيله بمصلحة الشهر العقاري، وبالتالي يعتبر العقار محجوز وموضوعا تحت يد القضاء من تاريخ إتمام هذا الإجراء.وقد نصت المادة 379 ف أخيرة من القانون الحالي على أن يودع أمر الحجز خلال شهر من تبليغه بمكتب الرهون الكائن بدائرة إختصاص موقع العقار لكي يسجل في السجل المنصوص عليه في القانون، بينما نصت المادة 725 ف 3من القانون الجديد على أن يودع أمر الحجز على الفور، أو في اليوم الموالي للتبليغ كأقصى أجل لأجل قيده. والملاحظ أن المشرع في القانون الجديد أمر بإيداع أمر الحجز المصلحة المختصة لأجل قيده، فور تبليغه للمدين، على خلاف القانون الحالي الذي وضع ميعاد شهر كامل لإتمام عملية الإيداع، وهذا ما يفسر كذلك على أنه تقليص في المواعيد. وقد بين قانون التسجيل(9)، وبكل دقة الإجراءات التي يجب على المحضر إتباعها، والوثائق التي يلزم بإيداعها، ومنها بالأساس السند التنفيذي وأمر الحجز (10)، ثم يأتي دور المحافظ العقاري المختص الذي أعطيت له صلاحيات واسعة تسمح له بقبول الإيداع أو رفضه، وحتى بعد قبول الإيداع يمكنه رفض القيد(11) وهنا يقع على عاتقه تبرير ذلك والقانون الجديد لم يشر إلى ذلك صراحة في المادة 728 منه، وعليه إذا قبل الإيداع لا يجوز له رفض القيد، أما إذا لم يوجد ما يبرر الرفض فإن القانون الجديد(12)، يوجب عليه قيد الأمر من تاريخ الإيداع (13)مع تسليم شهادة عقارية للمحضر القضائي خلال أجل أقصاه ثمانية أيام وٕالا تعرض للعقوبات التأديبية (14). وقد بينت المادة 381 من ق إ م، المادة 729 من ق إ م د الأعمال التي يقوم بها المحافظ العقاري عند قيد أمر الحجز وأهمها ذكر تاريخ وساعة الإيداع، وينوه بهامشه وبترتيب ورود كل أمر حجز سبق قيده، مع ذكر إسم ولقب وموطن كل الدائنين والجهة القضائية التي أصدرت أمر الحجز. ومنه إذا قبل الإيداع وتم قيد الأمر يعتبر حسب المادة 379 من ق إ م، المادة 725 من ق إ م د ما جرى من أعمال التنفيذ بمثابة حجز عقاري، وعملا بأحكام المادة 730 من ق إ م د إذا كان العقار المحجوز في حيازة المدين تسند الحراسة له إلى أن يتم البيع.

_______________

1- لمزيد من الإطلاع أنظر: – زروقي ليلى: إجراءات الحجز العقاري”، المجلة القضائية، العدد الثاني سنة 1997 ، المحكمة العليا، الجزائر ، ص 26

– أحمد خلاصي: قواعد وإجراءات التنفيذ الجبري وفقا لقانون الإجراءات المدنية الجزائري والتشريعات المرتبطة به، منشورات عشاش، الجزائر)الطبعة بدون تاريخ)، ص 367

– مروك نصر الدين: طرق التنفيذ في المواد المدنية، دار هومة للطباعة . والنشر، الجزائر 2005 ، 206.

– طلعت محمد دويدار : طرق التنفيذ القضائي منشأة المعارف الإسكندرية )الطبعة بدون تاريخ( ، ص 448.

2- وذلك عملا بقاعدة لا يجوز نزع ملكية عقارات المدين إلا في حالة عدم كفاية المنقولات أو عدم وجودها، هذه القاعدة نص عليها المشرع الجز ائري في المادة 379 من ق إ م، وأكدها في المادة 721 من ق إ م د ، وقبل ذلك قررتها المحكمة العليا في القرار رقم 1997 ، المنشور بالمجلة القضائية عدد 2 سنة 1997 ، ص 64 – 12 – 149600 الصادر بتاريخ 10

3- المادة 722 من ق إ م د ذكرت البيانات التي يتضمنها طلب الحجز والمتمثلة فيما يلي:

– إسم ولقب الدائن وموطنه الحقيقي وموطنه المختار في دائرة إختصاص المحكمة التي يوجد فيها العقار.

– إسم ولقب المدين وموطنه.

– وصف العقار المطلوب حجزه، مع بيان موقعه، طبقا لما هو ثابت في مستخرج سند الملكية.

4- هذه الشهادة وحسب مدلول المادة 728 ف 2 من ق إ م د تتضمن جميع القيود والحقوق المثقلة للعقار وكذا أسماء الدائنين وموطن كل منهم.

5- وبذلك نصت المادة 723 ف أخيرة من ق إ م د

6- أنظر المادة 724 ف 2 من ق إ م د.

7- ويطلق عليه أيضا التنبيه بنزع الملكية، أو التنبيه العقاري Commandement immobilier

أنظر أبو الوفاء: إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، دار الكتاب الحديث، منشأة المعارف الإسكندرية، الطبعة بدون تاريخ وبدون عدد ، ص 628.

8- هذا الإعذار لا يعتبر مقدمة من مقدمات التنفيذ ولا يعتبر هذا الإعلان في التشريع المقارن حج ا ز للعقار، ولا يترتب عنه سوى أثر واحد هو قطع التقادم، لمزيد من الإطلاع أنظر نجيب أحمد عبد الله: قانون التنفيذ الجبري في المسائل المدنية والتجارية، دراسة للتنفيذ المباشر وغير المباشر طبقا لقانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني رقم 40 لسنة 2002 ، الطبعة الثالثة، منشو ا رت مكتبة مركز الصادق، صنعاء 2006،ص 295

9- – المرسوم رقم 76- 63 المؤرخ في 25 مارس 1976 يتعلق بأسس السجل العقاري، ج ر رقم 30 ، ص 498

10- – القانون الجديد وفي المادة 724 ف 3 منه يلزم بأن يتضمن أمر الحجز بيانات أساسية نذكر منها البيان الثالث ويتعلق بتعيين العقار تعيينا دقيقا لا سيما موقعه، حدوده، نوعه، مشتملاته، مساحته، رقم القطعة الأرضية وٕاسمها عند الاقتضاء، وهذا ما يسهل الأمر على المحافظ العقاري عند فحصه للملف الخاص بطلب تسجيل أمر الحجز.

11- لمزيد من الإطلاع على إيجابيات هذا النظام والصلاحيات الواسعة التي يمنحها للمحافظ العقاري أنظر:

Pascale Salvage Gerest : les sûretés la publicité Foncière، Presses Universitaires de Grenoble 1994، P.P 165،166

12- أنظر المادة 728 من ق إ م د.

13- في بعض الحالات قد يتأخر التسجيل، وحتى لا يتضرر الحاجز ببعض التصرفات التي تمس بحقوقه في هذه الفترة، فإن القيد يسجل بعد إتمام الإجراءات بأثر رجعي من تاريخ الإيداع، وبذلك تنص المادة 187 من قانون التسجيل، وأكدته المادة 728 ف 1 من القانون الجديد.

14- عدم إحترام هذه الأجال يعرض صاحبه للعقوبات التأديبية المنصوص عليها في التشريع الساري المفعول وهذا هو الجديد الذي تضمنه قانون الإجرا ءات المدنية والإدارية والذي كان غائبا في القانون الحالي.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .