الإطار القانوني للحلول البديلة لفض المنازعات في نظام التحكيم السعودي

Alternative Dispute Resolution in Saudi Arbitration Law

 

مفهوم “القانون” في المملكة العربية السعودية مرادف للشريعة الإسلامية، وهو القانون الأساسي للبلد، على النحو المحدد في المادة 7 من القانون الأساسي لعام 1992 من النظام الأساسي.

وكما ورد في هذا النص: “سلطات الحكم للمملكة العربية السعودية تنبع من كتاب الله وسنة رسوله، وكلاهما يسود على هذا وعلى جميع قوانين الدولة الأخرى.” كما تنص المادة 23 من النظام الأساسي على ما يلي: “تحمي الدولة العقيدة الإسلامية وتلبي تطبيق الشريعة. تحظر الدولة الخير وتمنع الشر، وتتولى واجبات الدعوة إلى الإسلام.”

ما يمكن أن يشار إليه باسم “القوانين” في معظم أنظمة القانون المدني أو العام سيشار إليه باسم “اللوائح” في المملكة العربية السعودية. على عكس الشريعة الإسلامية، التي تأسست في الإسلام نفسه، عادة ما يتم سن اللوائح السعودية أو إصدارها كقرارات ملكية أو قرارات وزارية. تتألف اللوائح السعودية من قواعد محددة صادرة عن السلطات الحكومية لتكميل الشريعة وتفصيلها فيما يتعلق بممارسة الأنشطة اليومية في المملكة العربية السعودية. على سبيل المثال، تم اعتماد لوائح لمعالجة مواضيع محددة مثل الاستثمار الأجنبي، وتشكيل وتشغيل الشركات، وأسواق رأس المال، والنشاط المصرفي والجريمة الإلكترونية.

يمكن تقديم النزاعات في المملكة العربية السعودية عمومًا إلى التحكيم. احتفظت الهيئة القضائية (أو شبه القضائية) التي كانت ستتمتع بالولاية القضائية الأصلية للنظر في النزاع، تاريخياً إلى قدر كبير من السيطرة على التحكيم. ومع ذلك، دخل قانون تحكيم جديد حيز التنفيذ في عام 2012 والذي يوفر توجيهات إجرائية كبيرة. دخلت اللوائح التنفيذية لهذا القانون حيز التنفيذ في يونيو 2017. توفر هذه اللوائح وضوحًا إضافيًا فيما يتعلق، من بين أمور أخرى، بالمحاكم المختصة بتسوية المنازعات المتعلقة بالتحكيم.

باستثناء ما يتعلق بالنزاعات العائلية، والنزاعات العمالية، والنزاعات بين الموزع السعودي ومديره، لا توجد قوانين أو قواعد أو لوائح في المملكة العربية السعودية تتعامل مع حل النزاعات من خلال الوساطة.

مهد قانون التحكيم الجديد الطريق لاعتماد أحكام “صديقة للتحكيم” تسهل حل النزاعات في المملكة وتستكمل تقدم التحكيم الأخير. على سبيل المثال، أدى قانون التحكيم الجديد المستند إلى الأونسيترال، في عام 2013، إلى سن قانون إنفاذ جديد.

تنص المعاهدات والقوانين واللوائح التنفيذية التالية على حل بديل للنزاعات في المملكة العربية السعودية:

– على قانون التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم السلطاني م / 34 (24/05 / 1433 هـ الموافق 19 مارس 2012)؛

– وعلى قانون التنفيذ السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 31 (13/08 / 1433 هـ الموافق 3 يوليو 2012)؛

– اللائحة التنفيذية لمركز التحكيم التجاري لمجلس التعاون الخليجي وإجراءات التحكيم التي اعتمدها قرار المجلس الوزاري السعودي رقم 102 (20/04/1423 هـ الموافق 1 يوليو 2002)؛ و

– اتفاقية الاعتراف بقرار التحكيم الأجنبي وتطبيقه، نيويورك 1958، صادقت عليه المملكة العربية السعودية في 19 أبريل 1994.

– تتمتع أطراف العقد التجاري بحرية الاتفاق على شرط التحكيم، حيث تحيل أي نزاع ينشأ عن تنفيذ أو تفسير العقد إلى لجنة تحكيم داخل أو خارج المملكة العربية السعودية. بالطريقة نفسها، يمكن لأطراف الدعوى المعروضة أمام المحكمة التجارية أن يطلبوا من المحكمة وقف الإجراءات وإحالة النزاع إلى لجنة تحكيم. ومع ذلك، في جميع الحالات، يتم إعفاء أي اتهام أو قضايا ذات طبيعة جنائية بقوة القانون من نطاق اتفاق التحكيم.

– إذا تم إجراء التحكيم داخل المملكة العربية السعودية، فإن محكمة الاستئناف التجارية هي المحكمة المختصة للقبول بطلب التحكيم والتحكم في إجراءات التحكيم. يكون الحكم النهائي الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بناءً على قرار التحكيم قابلاً للتنفيذ في المملكة العربية السعودية من خلال عريضة يقدمها دائن الحكم إلى محكمة التنفيذ المختصة.

– في حالة إجراء التحكيم خارج المملكة العربية السعودية، يكون قرار التحكيم الأجنبي قابلاً للتنفيذ في المملكة العربية السعودية من خلال عريضة تقدم بها دائن التحكيم إلى محكمة تنفيذ الرياض، شريطة استيفاء جميع المتطلبات القانونية، بما في ذلك استيفاء القرار لا تنتهك أي مبادئ الشريعة.

أولاُ: مكان التقاضي وأشكاله
يتكون نظام المحاكم في المملكة العربية السعودية، كما هو موضح في النظم السعودية المختلفة، من نظامين متوازيين مستقلين:

– نظام المحاكم الإدارية؛ و

– نظام المحاكم العامة.

– نظام المحاكم الإدارية (المعروف أيضًا باسم “ديوان المظالم”) هو نظام المحاكم الذي يتعامل مع النزاعات التي تكون الإدارة العامة طرفًا فيها. التسلسل الهرمي للمحاكم في هذا النظام هو كما يلي:

المحكمة الإدارية هي المحكمة الابتدائية في نظام المحاكم الإدارية. تخضع الأحكام الصادرة عن هذه اللجنة للاستئناف أمام محكمة الاستئناف الإدارية.

– محكمة الاستئناف الإدارية هي سلطة الاستئناف في نظام المحاكم الإدارية وهي متاحة في أي مدينة رئيسية في المملكة العربية السعودية. الأحكام الصادرة عن هذه اللجان هي أحكام نهائية وقابلة للتنفيذ، ما لم تنشأ قضية قانونية. في هذه الحالة، يخضع الحكم لاستئناف آخر عن طريق النقض أمام المحكمة الإدارية العليا.

– المحكمة الإدارية العليا هي أعلى سلطة قضائية وتضمن التطبيق الصحيح للقانون ومبادئ الشريعة من قبل محكمة الاستئناف الإدارية.

نزاعات العلامات التجارية في المملكة العربية السعودية هي في معظمها ذات طابع إداري وتندرج ضمن اختصاص المحكمة الإدارية. تعد الاعتراضات على قبول طلبات العلامات التجارية، والطعن في رفض طلبات العلامات التجارية وإجراءات إلغاء العلامات التجارية كلها إجراءات إدارية حيث تكون السلطة التنظيمية للعلامات التجارية (أي وزارة التجارة والاستثمار).

يتكون التسلسل الهرمي للمحاكم في نظام المحاكم العامة من المستويات التالية:

المحكمة العامة
محكمة الاستئناف العامة؛ و
المحكمة العليا.
المحكمة العامة، وهي المحكمة الابتدائية في نظام المحكمة العامة، تنقسم داخليا إلى الدوائر المتخصصة التالية:

دائرة العمل؛
الدائرة الجنائية؛
الدائرة التجارية و
دائرة المسائل الشخصية.

تقع المنازعات المتعلقة بانتهاك العلامات التجارية ضمن نطاق اختصاص الدائرة التجارية. تخضع الأحكام الصادرة عن الدوائر التجارية للاستئناف أمام محكمة الاستئناف العامة، ويكون حكم هذه المحكمة نهائيًا وقابل للتنفيذ، ما لم تنشأ قضية قانونية في هذه الحالة، يخضع الحكم لاستئناف إضافي عن طريق النقض أمام المحكمة العليا.
ثانياً: التحكيم الأجنبي
ووفقًا للمادة 11 من نظام التنفيذ، لا يجوز لقاضي التنفيذ إنفاذ قرار تحكيم أجنبي إلا بناءً على مبادئ المعاملة بالمثل، شريطة أن يفي الطرف الباحث عن التنفيذ بالشروط التالية:

– ليس للمحاكم السعودية اختصاص في النزاع؛

-أن تكون إجراءات التحكيم ممتثلة للإجراءات القانونية الواجبة؛

– يكون القرار نهائيًا (وفقًا لقانون مقر التحكيم)؛

– لا يتعارض القرار مع حكم أو أمر صادر في نفس الموضوع عن طريق سلطة قضائية مختصة في المملكة العربية السعودية؛ و

– لا تتعارض الجائزة مع السياسة العامة السعودية أو مبادئ الشريعة الإسلامية.

ثانياً: نطاق نظام التحكيم الجديد
تنص المادة 2 على أن قانون التحكيم الجديد ينطبق على جميع التحكيم، سواء كان جالسًا في المملكة أو خارجها، حيث اتفق الطرفان على أن يخضع التحكيم لأحكامه.

في حين أن تعريف التحكيم الدولي بموجب المادة 3 يتوافق بشكل عام مع المادة (3) في قانون الأونسيترال النموذجي، فإن قانون التحكيم الجديد لا يميز بطريقة أخرى بين التحكيم الدولي والمحلي. سيتم تطبيقه بغض النظر عن طبيعة النزاع. ومع ذلك، هناك استثناءات للنزاعات الشخصية (والتي تشمل بعض المسائل المدنية مثل حضانة الأطفال) والمسائل التي لا يمكن التوفيق بينها (مثل المسائل الجنائية).

تشكيل هيئة التحكيم
المادة 13 تشترط أن تكون هيئة التحكيم من محكم واحد (1) أو أكثر، شريطة أن يكون عدد المحكمين رقمًا فرديًا؛ خلاف ذلك، يكون التحكيم باطلاً.

ذهبت المادة 14 إلى أبعد من ذلك في تحديد الشروط عند اختيار المحكم، حيث تتطلب من المحكم أن يكون:

– مختص قانونيا
– حسن السيرة والسلوك؛ و
– حاصل على شهادة جامعية على الأقل في الشريعة أو القانون. إذا كانت هيئة التحكيم مؤلفة من أكثر من محكم واحد، يكفي أن يستوفي الرئيس هذا الشرط.

تمنح المادة 15 محكمة الاختصاص المختص سلطة اختيار محكم في حال؛
(1) فشل الطرفان في اختيار محكم واحد، (2) فشل أحد الطرفين في تعيين محكم خلال الفترة الزمنية المسموح بها حيث تتكون المحكمة من ثلاثة محكمين أو (3) فشل محكمان عينهما الطرف في الاتفاق على تعيين محكم ثالث.

تمنح المادة 17 هيئة التحكيم سلطة الفصل في أي طعون أمام المحكمين في حالة عدم وجود اتفاق بين الطرفين على إجراءات القيام بذلك.

تعترف المادة 20 بمبدأ “الاختصاص “ وتنص صراحة على أن للمحكمة سلطة تحديد اختصاصها. قد تقوم بذلك قبل تحديد مزايا الحالة أو من خلال ربط المشكلة بالميزات وتحديد كلا المسألتين معًا.

ثالثاً: إجراءات التحكيم
يشترط نظام التحكيم الجديد أن يكون اتفاق التحكيم كتابيًا وذلك وفقاً (للمادة 9). كما ينص نظام التحكيم الجديد صراحةً على الفصل بين فقرة التحكيم، وبالتالي منع أي إلغاء أو إلغاء أو إنهاء للاتفاق الأساسي من التأثير على شرط التحكيم (المادة 21).

تمنح الأطراف استقلالية أكبر بموجب قانون التحكيم الجديد؛ تسمح المادة 25 للأطراف باختيار الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم عند إجراء إجراءات التحكيم، والتي تشمل الحق في إخضاع الإجراءات للقواعد الفعالة لأي منظمة أو وكالة أو مركز تحكيم داخل المملكة أو خارجها، شريطة ألا تتعارض القواعد المختارة مع أحكام الشريعة. لذلك، يُسمح للأطراف باختيار قواعد مثل قواعد التحكيم لغرفة التجارة الدولية (“قواعد المحكمة الجنائية الدولية”) أو قواعد محكمة لندن للتحكيم الدولي أو قواعد الأونسيترال.

وفقًا للمادة 28، يجوز للطرفين الاحتفاظ بحق تحديد مكان التحكيم داخل المملكة أو خارجها في اتفاقية التحكيم الخاصة بهما. في حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق، تحدد هيئة التحكيم مكان التحكيم، مع مراعاة ظروف القضية وملاءمة المكان لكلا الطرفين. ومع ذلك، لا يخل هذا بسلطة هيئة التحكيم في عقد أي مكان تراه مناسبًا للتداول، والاستماع إلى الشهود أو الخبراء، والتفتيش على الموضوع وفحص المستندات ذات الصلة ومراجعتها.

تمنح المادة 29 للطرفين حرية اختيار إجراء التحكيم بلغة غير العربية. تطبق اللغة المختارة على لغة البيانات المكتوبة والحجج الشفوية وأي قرار أو رسالة أو قرار صادر عن هيئة التحكيم، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك أو تقررهما هيئة التحكيم.

تمنح المادة 38 الطرفين خيار اعتماد قانون آخر غير القانون السعودي لتنظيم إجراءات التحكيم. ومع ذلك، يجب ألا يتعارض تطبيق القواعد أو القانون مع مبادئ الشريعة أو السياسة العامة.

تنص المادة 40 على أن قرار التحكيم يصدر من هيئة التحكيم خلال الفترة المتفق عليها بين الطرفين؛ ومع ذلك، في حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق، يصدر الحكم خلال اثني عشر (12) شهرًا من تاريخ بدء الإجراءات. يجوز أن تمنح المحكمة تمديد ستة (6) أشهر أخرى. في حالة عدم التمديد أو التمديد، يجوز لأي طرف التقدم بطلب لإنهاء التحكيم.

متى يكون قرار التحكيم نهائياً؟

وفقًا للمادة 52، يكون قرار التحكيم نهائيًا وله سلطة إصدار حكم قضائي. تنص المادة 49 على أن قرار التحكيم لا يخضع للاستئناف، بشرط أن يكون مطابقًا لمبادئ الشريعة والسياسة العامة. ومع ذلك، يجوز اتخاذ إجراء لتخليص الجائزة بموجب المادة 50 على الأسس التالية:

– في حالة عدم وجود اتفاق تحكيم، أو إذا كان هذا الاتفاق باطلاً، قابل للإلغاء، أو منتهي بسبب انتهاء مدته؛

– إذا كان أي من الطرفين، وقت إبرام اتفاق التحكيم، يفتقر إلى الأهلية القانونية، وفقًا للقانون الذي يحكم أهليته؛

– إذا فشل أي من طرفي التحكيم في تقديم دفاعه بسبب عدم الإخطار المناسب بتعيين محكم أو لإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته؛

– إذا استبعد قرار التحكيم تطبيق القواعد التي وافق الطرفان على تطبيقها؛

– إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تم تعيين المحكم بطريقة تتعارض مع قانون التحكيم الجديد أو اتفاق الطرفين؛

– إذا حكمت هيئة التحكيم في القضايا التي لا يشملها اتفاق التحكيم. ومع ذلك، يمكن فصل هذه المشكلات عن أجزاء أخرى من الحكم؛ أو

– إذا أخفقت هيئة التحكيم في مراعاة الشروط المطلوبة للحكم بطريقة تؤثر على جوهرها، أو إذا كان قرار التحكيم يستند إلى إجراءات تحكيم باطلة.

عملاً بالمادة 55 فقرة (2)، قبل إصدار أمر بتطبيق قرار التحكيم، يجب أن تكون المحكمة مقتنعة بأن القرار:

– لا يتعارض مع حكم أو قرار صادر عن محكمة أو لجنة أو لجنة تتمتع بصلاحية الفصل في النزاع؛

– لا ينتهك الشريعة أو السياسة العامة. على الرغم من أنه في حالة أن التعويض قابل للقسمة، إلا أنه قد يتم إصدار أمر يفرض جزءًا من التعويض وليس في انتهاك؛ و

– تم إخطاره بشكل صحيح للطرف الذي تم تطبيقه ضده.

بالنظر إلى منح الأطراف الحق في اختيار القانون الذي يحكم جوهر إجراءات التحكيم الخاصة بهم، يجب ألا يتضمن قرار التحكيم أي نتائج أو اتخاذ أي قرارات تتعارض مع الشريعة الإسلامية والسياسة العامة. من المحتمل أن تكون قرارات التحكيم التي تنص على الفائدة غير قابلة للتنفيذ في المملكة العربية السعودية إذا تعذر فصل عنصر الفائدة عن قرار التعويض. إذا كان عنصر الفائدة قابلاً للفصل عن باقي الجائزة، فقد يتم اعتبار الجائزة غير قابلة للتنفيذ جزئيًا. علاوة على ذلك، فإن الأضرار العقابية أو المثالية محظورة بموجب الشريعة الإسلامية، وعلى هذا، قد تكون القرارات التي تنص على هذه الأضرار غير قابلة للتنفيذ في المملكة العربية السعودية.