الإجراءات القضائية الجنائية الخاصة بالقصاص في السعودية

( القصاص حياة) جملة مفيدة معانيها نافذة لا تنفد ولا تموت لأنها حية وكلها حياة عمرها عمر الإسلام والإنسان، وآية بكل ما تحمل هذه الكلمة من مفهوم ومضمون، وهي أيضا حكمة تشريعية تحمل بين طياتها إعجازا تشريعيا لم تصل إليه حتى الآن السياسات الجنائية والعقابية في كافة النظم القانونية الوضعية الموجودة في العالم، رغم أن ظاهرها التناقض، فقد يودي القصاص بحياة الإنسان فتصل العقوبة إلي الإعدام، أي الموت، ولكن مع ذلك فإن الموت هنا حياة للمجتمع.

إن القانون ضرورة لا مفر منها للجماعة ولا غني عنها للبشر وهو في حقيقته ليس إلا أداة أوجدتها الجماعة لخدمتها وإسعادها، وتستمد القوانين وجودها وشرعيتها من حاجة الجماعة إليها، فوظيفة القوانين عامة هي خدمة الجماعة وسد حاجاتها وإسعادها، فوظيفة القانون تتمثل في تنظيم الجماعة ومنع المظالم وحفظ الحقوق وتحقيق العدالة وتوجيه الشعوب نحو النافع والمفيد، لذلك فإن كل قانون لا تحقق نصوصه هذه الوظيفة أو تخرج عليها يفقد مبررات وجوده ومسوغات مشروعيته، ويعد باطلا لا يطاع ولا يحترم ويجب نبذه وعدم تطبيقه.

الإجراءات القضائية الجنائية الخاصة بالقصاص:

1/ يطلب من المدعي الخاص ما يأتي:

‌أ- صك حصر ورثة المقتول.

‌ب- صك وكالة عن الورثة غير الحاضرين، ويذكر في الوكالة بأن للوكيل حق المطالبة بالقصاص واستيفائه.

2/ تضبط دعوى المدعي كاملة، وتشتمل على وصف حادثة القتل، وأن المدعى عليه قتل مورثهم عمداً عدواناً, ويطلب الحكم عليه بالقصاص.

3/ يُسمع جواب المدعى عليه، وله حالتان:

الحالة الأولى: أن يقر ويصادق على دعوى المدعي، فيدون إقراره بذلك وصِفة القتل.

الحالة الثانية: أن ينكر المدعى عليه القتل، فيطلب القضاة من المدعي البينة.

وعلى القاضي استعمال السياسة المناسبة لاستخراج الجواب من المدعى عليه.

4/ يتم تدوين الاطلاع على ما يأتي:

أ‌) صكوك الوكالات وأنها مطابقة لما ذكره المدعي وكالة وتتضمن حق المطالبة بالقصاص واستيفائه.

ب‌) صك حصر الورثة, وأنه يتضمن أن المدعين هم ورثة المقتول, وصلة قرابتهم به.

ويرى بعض القضاة: رصدَ صكوك الولاية وحصر الورثة مع بيان قرابتهم للقتيل بعد ذكر المدعي وقبل تدوين الدعوى, ثم يشير بعد الدعوى والإجابة إلى الاطلاع عليها.

5/ يتم تدوين ما يأتي:

أ‌- اعتراف المدعى عليه المصدق شرعاً المدون في المعاملة إن وجد.

ب‌- نتيجة التقرير الجنائي.

ت‌- قرار الاتهام الصادر من هيئة التحقيق والادعاء العام.

ث‌- نتيجة التقرير الطبي الشرعي.

ج‌- تقرير الأدلة الجنائية.

ح‌- تقرير البصمة الوراثية (DNA).

خ‌- بقية الأدلة المذكورة في المعاملة إن وجدت؛ كشهادات الحاضرين في مسرح الجريمة.

د‌- سوابق المدعى عليه الجنائية.

6/ إذا طلبت البينة من المدعي فيذكر -غالباً- أن بينته ما في أوراق المعاملة, وعليه يتم الاطلاع على أوراق المعاملة وتدوين ما سبق في الفقرة الخامسة.

7/ يتم عرض الاعتراف المصدَّق على المدعى عليه، فإن صادق عليه فيأخذ حكم الحالة الأولى وهي حالة الإقرار، وإن أنكره فلا يقبل؛ لأن الرجوع عن الإقرار في حقوق الآدميين لا يقبل.

8/ إن لم يوجد له اعتراف مصدق لكن وجد له اعتراف أثناء التحقيق، فيتم تدوينه ويعرض عليه، فإن أنكَر الاعتراف أصلاً، وأنكر نسبة البصمة له في الاعتراف فترسل بصمته إلى الأدلة الجنائية للتحقق من نسبتها له.

9/ إن أقر المدعى عليه بحصول الاعتراف، ولكن دفع المدعى عليه بالإكراه على الاعتراف فيسأل هل صادَق على اعترافه لدى المحكمة أو لا, فإن ذكر أنه صادق على اعترافه فلا تقبل منه دعوى الإكراه.

10/ إن لم يصادق على الاعتراف ودفع بالإكراه عليه فيتحرى القاضي ويسأله البينة على الإكراه.

11/ ثم يجري عرض العفو على المدعي، فإن رفض فيجري عرض الصلح على الطرفين.

12/ إن رفض الصلح يتم تسبيب الحكم، وينص فيه على تكليف المدعى عليه والعبرة بتكليفه, ومكافأته للمقتول مورث المدعين, و الإقرار المصدق شرعاً ورجوعه عنه في حالة الرجوع وعدم قبول رجوعه، والأدلة على القصاص.

13/ صيغة الحكم: ((… فبناءً على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وبناءً على صكوك الوكالة وحصر الورثة، ونظراً لكون المدعى عليه مكلفاً بالغاً عاقلاً مكافئاً لمورث المدعين، ونظرا لكون القتل عمداً عدواناً، ولقوله تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ولقوله تعالى: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب، ولقول الرسول: {من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتص وإما أن يدي}، لذا فقد حكمنا بقتل المدعى عليه … قصاصاً بضرب عنقه بالسيف حتى الموت…)).

14/ يعرض الحكم على الطرفين، ومن لم يقتنع يُمكَّن من الاعتراض خلال شهر من التاريخ المحدد لاستلام نسخة الحكم.