الأعذار القانونية و الظروف القضائية المخففة و المشددة

والاعذار تعني الأسباب التي يمكن ان تجدها المحكمة متزامنة مع الفعل الجرمي للمتهم ، وهذه الأعذار أما ان تكون معفية من العقوبة أو مخففة لها ، ولاعذر الا في الأحوال التي يعينها القانون ، اي ان هذه الاعذار غير مطلقـــة وانما عينها القانون وحدد ضوابط تطبيقها .

والاعذار القانونية وقائع منصوص عليها حصرا تلتزم بها المحكمة ، أما الظروف القضائية المخففة فمتروك للمحكمة أن تستخلصها من وقائع القضية لما لها من سلطة تقديرية في بيان ذلك .

والسلطة التقديرية مناطة بمحكمة الموضوع يقدرها القاضي من خلال ماتوفره القضية من معلومات عن ظروف المتهم بالأضافة الى فطنته وثقافته في معرفة الظروف والأسباب المتعلقة بالمشتكي والمتهم والقضية ، وهذه السلطة لاتخضع للتدقيقات التمييزية ، ولكن على القاضي الذي يريد تطبيقها أن يوضح تلك الظروف والأسباب في قرار العقوبة ، ولطريقة الأستناد اليها وتوضيحها اهمية كبيرة في صحة الحكم .

ويعتبر أرتكاب الجريمة لبواعث شريفة عذراً قانونياً مخففاً للعقوبة ، ويعتبر أرتكاب الجريمة غسلاً للعار أو بناء على ماعده القانون من جرائم الزنا التي يفاجيء بها الزوج زوجته او احدى محارمه متلبسه بالزنا في فراش الزوجية ، ويعتبر أيضاً ارتكاب الجريمة بناء على استفزاز خطير من المجني عليه بغير حق عذراً قانونيا مخففاً .

والأعذار القانونية المعفية من العقاب التي ورد ذكرها في اسباب الاباحة وهي ، اداء الواجب ، واستعمال الحق ، وحق الدفاع الشرعي ، غير ان على المحكمة ان تبين في اسباب استنادها على هذه الاعذار عند صدور قرارها باعتبار العذر معفيا من العقوبة.

الظروف القضائية المخففة للفعل

هذه الظروف هي وقائع أو عناصر أو حالات تلازم ظروف القضية وشخصية الفاعل و يرجع تقديرها للمحكمة تستطيع المحكمة ان تستخلصها من ظروف المتهم وعمله وتاريخه الشخصي وسلوكه الاجتماعي ، وترك أمر تقدير هذه الظروف الى فطنة القاضي وقدرته على استنباط هذه الظروف من القضية ، تلتزم بها المحكمة وفقاً لقواعد معينة وكما تستطيع ان تعتبر ظروف الجريمة والمجرم مايستدعي الرأفة ليجوز لها أبدال العقوبة كعدم وجود سوابق في ارتكاب الجرائم للمتهم ، أو كون المتهم خدم الدولة مدة طويلة بأستقامة ونزاهة ، او كون الفاعل صغير السن وشاب في مقتبل العمر ، ما يوجب على المحكمة أن تنزل بالعقوبة وفق ما ينص عليه القانون ، على ان تبرر ذلك اللجوء الى التخفيف في قرار الحكم .

الظروف المشددة للفعل

ترد في النصوص العقابية أحياناً ظروفا مشددة تقتضي العقوبة ، وهذه الظروف الزامية اقتضتها المصلحة العامة حددها المشرع ، غير ان ظروفا عامة يمكن ان تستخلصها المحكمة من حيثيات القضية ومن ظروفها ومن اظروف الفاعل ، يمكن اعتبارها ظروفا عامة مشددة عند فرض العقوبة .
فأرتكاب الجريمة بباعث دنيء كأن يكون القاتل أجيراً مقابل مبلغ من المال ، او أن القتل لقاء منفعة أو عطية ، وكذلك ارتكاب الجاني الجريمة بأنتهاز فرصة كون المجني عليه مريضاً أو ضعيفاً او مقعداً أو عاجزاً عن المقاومة أو تحت أية ظروف لاتمكنه من الدفاع عن نفسه ، وكذلك استعمال الجاني طرق وحشية لأرتكاب الجريمة أو التمثيل بالمجني عليه ، وأستغلال الجاني في ارتكاب الجريمة صفته الوظيفية أو اساءته استعمال سلطته أو نفوذه المستمدين من وظيفته وعمله ، وكذلك كون المتهم من ارباب السوابق والعائدين المحكوم عليهم سابقاً ، كل هذه الأمور تعتبر من قبيل الظروف القضائية المشددة التي تجنح اليها المحكمة في تشديد العقوبة عند فرضها على الجاني ، والتي ستشير لها في قرار الحكم .

سقوط الأحكام الجزائية وانقضاء الدعوى الجزائية

سقوط الحكم الجزائي يتبع سقوط العقوبة ، وبعد أن تصدر المحكمة حكمها بأدانة المتهم وتجريمه وتحديد العقاب المتناسب مع فعله مع التطبيقات القضائية للظروف القضائية المشددة أو المخففة للفعل ، وبعدان يتم تصديق قرار الحكم من المحكمة المختصة ويصبح باتاً ويبدأ تطبيقه عملياً على المدان ، ، مع العلم بان الحكم الجزائي البات بالادانة يعتبر حجة في ما يتعلق بتعيين الواقعة المكونة للجريمة ونسبتها الى فاعلها ووصفها القانوني يحصل ان يتم سقوط الحكم الجزائي لأسباب منها :

1- وفاة المتهم : وبوفاة المتهم والفاعل تنقضي الدعوى الجزائية ، فأذا توفي المتهم أثناء التحقيق أوقفت الأجراءات الجزائية وقفا نهائيا ، كما يتم ايقاف الدعوى المدنية تبعا لذلك ، ويحق للمدعي عند صدور القرار بايقاف الاجراءات الجزائية بحق المتهم المتوفى ان يراجع المحكمة المدنية للمطالبة بالضرر ان كان له مقتضى . أما أذا توفي المحكوم عليه قبل صيرورة الحكم نهائيا تسقط الجريمة ايضا ، ويزول كل أثر لهذاالحكم ، وان للمتضرر اقامة الدعوى المدنية . وعلى هذا الأساس تنقضي الدعوى الجزائية بوفاة المتهم حتى لو صدر حكم بات يقضي بادانة المتهم ، اذ تزول جميع النتائج المترتبة على قرار الحكم القضائي البات ، ويعتبر موت المدان أنقضاءاً للفعل الجرمي .

2- صدور العفو العام : ويصدر العفو بقانون ينظم احكامه ويفصل طرق اتباعه ، ويترتب على هذا الاعفاء انقضاء الدعوى الجزائية ومحو حكم الادانة الذي يكون قد صدر فيها ، كما يتبع ذلك سقوط جميع العقويات الأصلية والتبعية والتكميلية وجميع التدابير الأحترازية ، ولايكون لهذا الأعفاء أثر على ماسبق تنفيذه من العقوبات مالم ينص قانون العفو على غير ذلك . ولايمس العفو العام الحقوق الشخصية للغير . وهذا العفو يصدر من السلطة التشريعية المخولة بذلك ، فيزيل القانون عن المشمول بالعفو من عقوبة الجريمة ويسقطها ولكن دون ان يلغي حق المدعي بالحق الشخصي من المطالبة بالالتزامات المدنية المترتبة بحق المدان المعفو عنه .

3- العفو الخاص : ويصدر بمرسوم جمهوري يخصص الأعفاء ، ويترتب عليه أيضاً سقوط العقوبة المحكوم بها نهائيا كلها أو بعضها أو أبدالها بعقوبة أخف منها من العقوبات المقررة قانوناً . ولايترتب على العفو الخاص سقوط العقوبات التبعية والتكميلية ولا الاثار الجزائية الاخرى ولا التدابير الأحترازية ولايكون له أثر على ماسبق تنفيذه من العقوبات ، وكل ذلك وفق ماينص عليه المرسوم الجمهوري .

4- صفح المجني عليه عن الجاني : يستطيع المجني عليه ان يتقدم بطلب الصفح عن الجاني للمحكمة التي اصدرت الحكم ، وللمحكمة ان تقبل هذا الصفح عمن صدر عليه الحكم بعقوبة اصلية مقيدة للحرية ن بشرط ان تكون الجريمة مما يجوز الصلح عنها وهي بموافقة القاضي في جرائم التهديد والايذاء واتلاف الاموال وتخريب الاموال ، ودون موافقة القاضي في الدعاوى التي يتوقف تحريكها على شكـوى من المجني عليه ، وسيان ان كان قرار الحكم اكتسب الدرجة القطعية من عدمها . ولايجوز قبول طلب الصفح المنفرد اذا كان المجني عليهم متعددين ، اما اذا كان المحكوم عليهم متعددين فيمكن ان يقبل الصفح عن احدهم دون الاخرين ، ولاتقبل المحكمة طلب الصفح اذا كان معلقا على شرط أو مقترنا بشرط .

5- وقف الاجراءات القانونية : لرئيس الادعاء العام بناء على اذن من وزير العدل ان يطلب الى محكمة التمييز وقف اجراءات التحقيق او المحاكمة مؤقتا او نهائيا في اية حالة كانت عليها الدعوى حتى صدور القرار فيها ، اذا وجد سببا يبرر ذلك