اولا : المعالم الطبيعية :

والأقليم الأرضي هو جزء من اليابسة من أقليم الدولة وكل ما يحتويه هذا الجزء من معالم طبيعية كالجبال والتلال والسهول والوديان والصحارى ومجاري المياه التي تقع باكملها في أقليم الدولة من انهار وبحيرات وقنوات وكذلك ما يحتويه باطن الأرض من مياه جوفيه وثروات طبيعية. والقانون الدولي العام لايشترط في أقليم الدولة ان يكون متصل الأجزاء، فقد يفصل أقليم الدولة البحر أو أقاليم دول أخرى، كما هو الحال في الفلبين مثلا واليابان وأندنوسيا حيث يتكون أقليم كل منها من مجموعة عديدة من الجزر التي يفصل بين كل منها البحر. وكذلك الباكستان التي كان أقليمها يتألف من باكستان الشرقية وباكستان الغربية التي يفصل بينهما الهند، كذلك الحال في ولاية الآسكا التي يفصلها عن الولايات المتحدة الأمريكية أقليم كندا. والجمهورية العربية المتحدة سابقًا كان أقليمها يتألف من سوريا ومصر المفصولين عن بعضهما بالبحر الأبيض المتوسط ودولة فلسطين. كما انه لايشترط في أقليم الدولة ان يكون على سعة معينة من حيث المساحة. فكما تقوم الدولة على مساحات شاسعة من الأراضي(1)، فهي تقوم ايضًا على أصغر المساحات كدولة مالطا وقطر والبحرين. وكل ما يشترط في الأقليم هو ان يكون ثابتًا ومحددًا وواضح المعالم لكي يتميز عن أقليم الدول الأخرى(2)

ثانيا : الحدود :

لكل دولة حدود معينة تحدد نطاق أقليمها الأرض ي، وللحدود أهمية كبيرة من الناحية السياسية وكذلك القانونية، فالدولة تمارس سيادتها لتنتهي عند حدودها حيث تبدأ سيادة دولة أخرى. والحدود إما ان تكون أصطناعية اي اوجدتها الدول لتعيين الحدود الفاصلة بينها كالحواجز والعلامات والأسلاك الشائكة. وقد تكون حدودًا وهمية يتم تحديدها تبعًا لخطوط الطول والعر ض، أو ان تكون طبيعية أوجدتها الطبيعة كسلسلة جبال أو أنهار أو قنوات.

أ- الحدود الاصطناعية : وهي على نوعين :

1) الحدود الوهمية (الفلكية): وهي تتبع خطوط الطول والعر ض. كخط العرض 38 الذي يفصل كوريا الشمالية عن كوريا الجنوبي ة. وخط العرض 17 الذي يفصل فيتنام الشمالية عن فيتنام الجنوبية قبل ان يتوحدا عام 1976

2) الحدود الهندسية: وهي عبارة عن خط مستقيم يصل بين نقطتين معروفتين أو خطوط مائلة كالحدود بين سوريا والأردن وبين لبييا ومصر.

ب- الحدود الطبيعية :

وهي حدود أوجدتها الطبيعة، وهناك قواعد معينة تتبع عند تحديد الحدود بين الدول، واهم هذه القواعد هي:

1) اذا كانت الحدود عبارة عن سلسلة جبلية فخط الحدود يكون:

أ) إما خط سفوح الجبال فتكون الحدود عند قاعدة السلسلة الجبلية.

ب) أو خط القمة، اي الخط الذي يصل بين أعلى رؤوس الجبال في السلسلة الجبلية(3).

ج) أو خط انقسام المياه بين حوضين مائيين حيث تمر الحدود من طرفي مجرى النهر(4) .

2) اذا كانت ال حدود عبارة عن نهر يجري بين دولتين، فخط الحدود يكون:

أ) اذا كان النهر صالحًا للملاحة، فيكون خط الحدود في منتصف مجرى النهر الرئيسي، اي وسط اعمق جزء من النهر وهو ما يسمى بخط التالوك (Talweg) كالحدود بين فرنسا والمانيا في نهر الراين طبقا لمعاهدة فينا 1815 (5) .

ب) اذا كان النهر غير صالح للملاحة، فيعتبر منتصف النهر الحد الفاصل بين دولتين كالحدود بين فرنسا واسبانيا في نهر بيداسو. ويجوز ان يكون النهر باكمله تابعًا لأحدى الدولتين اذا ما تم الأتفاق على ذلك فيما بينهما.

3) اذا كانت هناك بحيرة تفصل بين دولتين، فان خط الحدود يكون في منتصف البحيرة. بحيث يكون خط الحدود يفصل بين قسمين متساويين بين الدولتيين، كما هو الحال في بحيرة ليما بين فرنسا وسويسرا والحدود الفاصلة بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا في البحيرات الكبرى. أما اذا كانت هناك جزرًا في هذه البحيرة فان خط الحدود لايجزئ الجزر وانما يمر حولها.

4) في حالة وجود حدود بحرية فيما يتعلق بالدول الساحلية، فيكون خط الحدود هو الحد الفاصل ما بين البحر الأقليمي والمنطقة الأقتصادية الخالصة باعتبار ان البحر الأقليمي يتبع لسيادة الدولة. كما ان الحدود يتم تحديدها وتعيينها فيما بين الدول المتجاورة عن طريق المعاهدات الثنائية أو المعاهدات الجماعية كما في معاهدات الصلح والتنازل.

ثالثا – الانهار : والأنهار في النظام القانوني الدولي تنقسم الى نوعين: الأنهار الوطنية والدولية.

أ- الانهار الوطنية : وهي التي تقع من منابعها الى مصابها في أقليم دولة واحدة كنهر التايمز في بريطانيا والسين في فرنسا. والنهر الوطني يخضع لسيادة الدولة التي يجري في أقليمها ولها وحدها الحق في تنظيم أستغلاله سواء كان لأغراض الزراعة والصناعة أو الملاحة فيه.

ب- الانهار الدولية : وهي الأنهار التي تجتاز أقليم دولتين أو اكثر، ولكل دولة من الدول التي يجري النهر في أقليمها ان تباشر سيادتها على هذا الجزء من النهر، وخاصة فيما يتعلق بمسائل الأنتفاع المشترك بمياه النهر من حيث الزراعة والصناعة والملاحة الدولية في النهر، ومن الأمثلة على الأنهار الدولية نهر الفرات والنيل والراين والدانوب. والأنهار الدولية موضع اهتمام القانون الدولي العام وذلك من ناحيتين:

الأولى، من حيث الملاحة فيها؛ والثانية، من حيث الأستفادة منها لأغراض الزراعة والصناعة.

1- الملاحة في الانهار الدولية : ان الملاحة في الأنهار الدولية كانت في السابق تخضع لقيود كبيرة وأستمرت على هذا الحال حتى عام 1648 عندما أبرمت معاهدة وستفاليا فقررت رفع القيود المفروضة على الملاحة في الأنهار الدولية. وفي عهد الثورة الفرنسية تم الأعلان عن وجوب تقرير مبدأ حرية الملاحة في الأنهار الدولية، وقد طبقت هذا المبدأ فعلا بالنسبة لنهري الموز والأيسكو اللذين ينبعان من أقليمها ويجريان ايضًا في أقليمي بلجيكا وهولندا(6).

وفي أوائل القرن التاسع عشر تم اعتماد نظام خاص للملاحة في الأنهار الأوروبية وذلك أعقاب مؤتمر فينا لعام 1815 ، كما تم أنشاء لجان خاصة للأشراف على الملاحة في كل نهر من الأنهار الأوروبية كنهر الألب والراين والموز والأيسكو والدانوب(7) .

وقد توسع هذا المفهوم بعد الحرب العالمية الأولى، فقد اعتبرت معاهدة فرساي لعام 1919 الأنهار التالية أنهارًا دولية كنهر الراين والألب والأودر والميمل والدانوب ونهر المورفا والفوستولا والبرو ت، وقد أخضعتها لمبدأ حرية الملاحة لجميع الدول.

وبعد مؤتمر برشلونة الذي عقد برعاية عصبة الأمم عام 1921 تم اعتماد مبدأ حرية الملاحة لسفن جميع الدول الموقعة على هذه الأتفاقية وجعلته واحدًا من المبادئ القانونية التي تنظم الملاحة في الأنهار الدولية ومع ذلك مازالت الأحكام القانونية التي ت نظم الملاحة في الأنهار الدولية تختلف من دولة لأخرى وذلك تبعًا للأتفاق الذي يخضع اليه النهر الدولي في التنظيم.

2- الاستغلال الزراعي والصناعي للانهار الدولية :

لقد كان الأهتمام في السابق مقتصرًا على الملاحة في الأنهار الدولية فقط، إلا ان للتطورات العلمية والت قنية الحديثة دورًا كبيرًا في زيادة الأهتمام بالأنتفاع بمياه الأنهار الدولية لأغراض الزراعة والصناعة وأقامة المنشآت والمشاريع المختلفة عليها. لذلك ظهرت الحاجة الى تنظيم حقوق الدول النهرية وواجباتها في هذا الخصوص(8) . اما في حالة عدم وجود أتفاقات بين الدول النهرية لتنظيم الأنتفاع بمياه الأنهار التي تمر في أقليمها، فيمكن القول ان هناك احكامًا قانونية وإن كان الفقه الدولي يختلف في تعيينها، إلا انه يمكن التمييز بين ثلاثة اتجاهات فقهية في هذا المجال:

الاتجاه الفقهي الاول :

ويذهب الى سيادة الدولة المطلقة على جزء الن هر الذي يمر في أقليمها بلا قيد أو شرط. وهذا الأتجاه هو ما يعرف بنظرية السيادة الأقليمية المطلقة.

الاتجاه الفقهي الثاني :

ويرى في ان سيادة الدولة على الجزء من النهر الذي يمر في أراضيها ليست مطلقة، بل هي مقيدة لضرورة مراعاة الوحدة الطبيعية للنهر من المنبع وحتى المصب، ومن ثم لايحق للدولة من أستغلال مياه النهر بالشكل الكامل الذي يؤدي الى الأضرار بحقوق ومصالح الدول المشتركة في النهر. وهذا الأتجاه يعرف بنظرية الوحدة الأقليمية المطلقة.

الاتجاه الفقهي الثالث :

ويذهب الى الملكية المشتركة للنهر من المنبع والى المصب بين جميع الدول التي يجري النهر في أراضيها. وهو ما يعرف بنظرية الملكية الشائعة.

اما على الصعيد الدولي، فالقانون الدولي يعترف للدولة بالسيادة على الجزء الذي يمر في أقليمها، ولها الأستفادة المطلقة من مياهه وأستغلالها وقت ماتشاء شرط عدم المساس بحقوق ومصالح الدول المشتركة في النهر. والواقع ان هذا المبدأ تأكد من خلال الحكم الذي أصدرته محكمة التحكيم الدولية عام 1957 ، في النزاع ما بين فرنسا وأسبانيا بخصوص بحيرة لانوكس(9).

رابعا : المياه الداخلية :

وهي المياه العذبة أو المالحة التي تخترق أراضي الدولة أو تتغلغل فيها. وقد عرفت المادة الثامنة من أتفاقية قانون البحار لعام 1982 المياه الداخلية بأنها “المياه الواقعة على الجانب المواجه للبر من خط الأساس للبحر الأقليمي”(10) وتخضع المياه الداخلية لسيادة الدولة، والمياه الداخلية تشتمل على الموانئ البحرية والخلجان والبحيرات والبحار المغلقة وشبه المغلقة، وفيما يلي الأحكام الخاصة بكل منها:

أ-المؤانئ البحرية :

وهي المنافذ الطبيعية أو المصطنعة التي تتردد عليها السفن البحرية والتي تكون معدة لخدمة التجارة الخارجية. وبعبارة اخرى فهي المنشآت التي تقيمها الدولة في مواقع معينة من شواطئها لإرشاد السفن واستقبالها، كما ان هذه المنشآت تعد جزءًا من أقليم الدولة. وهو ما أكدته أتفاقية قانون البحار في المادة 11 منها بالقول (…، تعتبر جزءًا من الساحل أبعد

المنشآت المرفئية الدائمة التي تشكل جزءًا أصليًا من النظام المرفئي،….).والدول عادة ما تسمح للسفن الخاصة بدخول موانئها، كما انها تستطيع ان تغلق بعض موانئها بصفة مؤقتة أو دائمة، والأغلاق الدائم عادة يكون في حالة ما اذا كان الميناء مخصص للأغراض العسكرية فقط(11)

ب- الخلجان :

والخليج هو مساحة من البحر تتغلغل في أقليم الدولة ويؤدي الى نشوء مساحة من البحر تكاد تكون محصورة بين الأر ض. وقد عرفت الفقرة الثانية من المادة السابعة من معاهدة جنيف للبحر الأقليمي الخليج بانه عبارة عن (انحراف حاد يكون عمقه وفتحة فمه في نسبة تجعله يحتوي مياهًا محبوسة بالأرض بحيث يعتبر اكثر من انحناء عادي للشاطئ، ولايعد الأنحراف خليجًا مالم تكن مساحته تساوي أو تزيد على شبه دائرة يكون قطرها الخط المرسوم بين فتحتي هذا الأنحراف).

والخلجان في نطاق القانون الدولي العام تنقسم الى :

1- الخلجان الوطنية :

والخليج الوطني هو الذي يقع بأكمله في أقليم دولة واحدة ولايزيد أتساع الفتحة التي تربطه بالبحر عن 24 ميلا بحريًا. كما يعد الخليج الوطني جزءًا من المياه الداخلية للدولة الساحلية ويخضع لسلطانها وسيادتها.

2- الخلجان الدولية :

وهي التي تقع في أقليم دولة واحدة أو اكثر ويزيد فتحة أتساعها على 24 ميلا بحريا. وهذا النوع من الخلجان يعتبر جزءًا من المنطقة الأقتصادية الخالصة فيما عدا المساحة التي تدخل في البحر الأقليمي للدولة التي يقع في أقليمها هذا الخليج.

3- الخلجان التاريخية :

وهي الخلجان التي تخضع لسيادة دولة أو لسيادة عدة دول، وقد جرى العرف الدولي على الأعتراف بهذه السيادة رغم ان مياه هذه الخلجان لاتعتبر من قبيل المياه الوطنية لأن الفتحة التي توصلها بالبحر تزيد على 24 ميلا بحريًا.

ج- البحيرات :

وهي مساحات واسعة من المياه محاطة باراضي دولة أو اكثر ولا تكون متصلة بالبحار. واذا كانت البحيرة في أقليم دولة واحدة فتكون حينئذ خاضعة لسيادتها المطلقة كما هو حال بحيرة كومو في ايطاليا وبحيرة بالاطون في هنغاريا.

د- البحار المغلقة وشبه المغلقة

والبحار التي تحيط بها الأرض من جميع الجهات تسمى بحارًا مغلقة أما اذا أمتدت في اليابسة وتتصل بالبحر فتسمى عندها بالبحار شبه المغلقة.

1- البحار المغلقة :

وهي البحار التي لاتتصل بالبحار الأخرى كالبحر الميت بين فلسطين والأردن، وبحر قزوين بين ايران وروسيا، وبحر البودن الذي تحيط به كل من المانيا والنمسا وسويسرا.

ومن الطبيعي اذا كان البحر المغلق تحيط به اراضي دولة واحدة فهو يخضع لسيادتها بالكامل، ويشكل جزءًا من أقليمها شأنه في ذلك شأن الأقليم الأرضي. اما اذا كانت الأراضي المحيطة به تجمع بين عدة دول كبحر بودن مثلا، ففي هذه يكون خاضعًا لسيادة الدول المحيطة به، والتي تقوم بتنظيم الملاحة فيه وأستغلاله وفقًا لأتفاقات تعقد فيما بينها لهذا الغرض كالأتفاقية المعقودة بين كل من المانيا والنمسا وسويسرا عام 1973 بخصوص تنظيم الملاحة بين الدول الأطراف، إذ اكدت ان الملاحة فيه من حق الدول الأطراف وعلى أساس المساوا ة، كما وحصرت حق الملاحة فيه على رعايا دولها فقط(12) (13)

ب- البحار شبه المغلقة :

وهي البحار الممتدة في اليابسة وتتصل بالبحار الأخرى بواسطة ممر أو مضيق كالبحر الأسود وبحر البلطيق. واذا كان البحر واقعًا برمته في أقليم دولة واحدة أعتبر جزءًا من أقليمها ويخضع لسيادتها، شرط ان لاتتجاوز الفتحة التي توصله بالمنطقة الأقتصادية الخالصة ضعف عرض البحر الأقليمي، وان تكون هذه الفتحة داخلة ضمن أقليم الدولة أيضًا. اما اذا كانت الفتحة تتجاوز هذا القدر أو كانت تقع في أقليم دولة اخرى، عندها يعتبر البحر جزءًا من المنطقة الأقتصادية الخالصة أو أعالي البحار فيما عدا حدود البحر الأقليمي.

والمادة 122 من أتفاقية قانون ال بحار لعام 1982 أوردت تعريفًا موحدًا للبحار المغلقة أو شبه المغلقة بأنها عبارة عن (خليجًا أو حوضًا أو بحرًا تحيط به دولتان أو أكثر ويتصل ببحر آخر أو بالمحيط بواسطة منفذ ضيق، أو يتألف كليًا أو أساسًا من البحار الأقليمية والمناطق الأقتصادية الخالصة لدولتين ساحليتين أو أكثر).

خامسا – الممرات البحرية :

وهي الفتحات التي توصل بين بحري ن، وقد تكون صناعية فيطلق عليها القنوات وقد تكون طبيعية فيطلق عليها المضائق.

أ- القنوات :

والقناة هي ممر مائي صناعي تصل بين بحرين بهدف تسهيل الملاحة البحرية ، وتعد القناة جزءًا من أقليم الدولة التي تمر فيها وتخضع لسيادتها. ولما كانت القنوات من طرق المواصلات الدولية فمن مقتضيات المصلحة الدولية ان لاتقتصر منفعتها على الدولة التي تخضع لسيادتها فقط، بل تكون مفتوحة للتجارة الدولية بأسرها(14).

لذلك فقد تم تنظيم شؤون الملاحة فيها بواسطة أتفاقات دولية، حيث يوجد في العالم اليوم ثلاث قنوات ذات أهمية دولية، وهي قناة السويس(15) وقناة بنما(16) وقناة كييل(17)، وهناك قناة أخرى لكنها أقل أهمية هي قناة كورينث(18) التي تقع بكاملها في اليونان.

ب- المضائق :

والمضيق هو ممر مائي طبيعي يصل بين بحري ن، وهو محدود الأتساع اذ لايتجاوز أتساعه عن ضعف عرض البحر الأقليمي. وقد صنفت أتفاقية قانون البحار لعام 1982 (19) المضيق الى ثلاث أنواع وهي:

1) المضائق المستخدمة للملاحة الدولية بين جزء من أعالي البحار أو منطقة أقتصادية خالصة وجزءًا آخر من أعالي البحار أو منطقة أقتصادية خالصة.

2) المضائق المشكلة بجزيرة للدولة المشاطئة للمضيق وبين هذه الدولة.

3) المضائق الموجودة بين جزء من أعالي البحار أو منطقة أقتصادية خالصة وبين البحر الأقليمي لدولة أجنبية.

وقواعد القانون الدولي تقرر نظامين للملاح ة، وهي تكاد تحكم الأنواع الثلاثة للمضائق الآنفة الذكر، وهما نظام المرور العابر ونظام المرور البرئ الذي لايجوز وقفه.

حيث طبقت نظام المرور العابر على النوع الأول من المضائق التي تربط بين جزئين من أعالي البحار أو منطقة أقتصادية خالصة وجزء آخر من أعالي البحار أو منطقة أقتصادية خالصة (المواد 37 – 44 من أتفاقية قانون البحار). وطبقت نظام المرور البرئ الذي لايجوز وقفه على النوعين الآخرين (المادة 45 من أتفاقية قانون البحار). وجدير بالذكر ان الفقرة الثانية من المادة 38 من أتفاقية قانون البحار قد حددت مفهوم المرور العابر بأنه العبور المتواصل السريع ولجميع السفن وكذلك الطائرات من دون تمييز بين الدول ولغرض عبور المضيق فقط، وهذا يعني ان التوقف فيه محظور إلا في حالات الشدة أو القوة القاهرة. وكذلك فان المرور العابر يعتبر حقًا وليس رخصة تمنحه الدولة الساحلية، وعليها ان تمتنع عن اي عمل يؤدي الى عرقلة ممارسة هذا الحق. بل على العكس من ذلك فعليها ان تقوم بالأعلان عن اي خطر يهدد الملاحة والطيران (المادة 44 ) وفي المقابل على جميع السفن والطائرات ان تمتنع اثناء ممارستها لحق المرور العابر عن اي عمل يؤدي الىتهديد سيادة الدولة الساحلية أو المشاطئة للمضيق أو حتى الأخلال بالأنظمة والتعلي مات التي تضعها الدولة لحماية أمنها القومي والأقتصادي والصحي.

اما عن نظام المرور البر ئ، فهو لايختلف عن نظام المرور العابر إلا من حيث عدم جواز إيقافه خلال هذه المضائق، وبمعنى آخر ان للدولة الساحلية أو المشاطئة الحق من إيقاف السفن عندما تعتقد بان هذا المرور لايتصف بالبراء ة. كما ان نظام المرور البرئ يختلف عن العابر من حيث اقتصاره على الملاحة البحرية فقط،، في حين ان المرور العابر يشمل الملاحة الجوية اضافة للبحرية. ولايحق للدولة الساحلية أو المشاطئة من وقف أو أعاقة المرور فيه.(20)

___________________

1- كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والبرازيل والأتحاد السوفياتي سابقًا.

2- للزيادة أنظر، د. محمد سامي عبد الحميد، القانون الدولي العام، الدار الجامعية، الأسكندرية، 1985 ، ص190

3 – كالحدود الفرنسية الأسبانية في جبال البيرنيه طبقًا لمعاهدة عام 1856.

4- كالحدود الفرنسية الأيطالية طبقًا لمعاهدة تورينو عام 1860

5- Vgl. Matthias Herdegen، a.a.O.، S. 173

6- أنظر في ذلك، شارل روسو، ص 189 .

7- لمزيد من التفاصيل، أنظر، د. حامد سلطان، القانون الدولي العام في وقت السلم، 6، دار ال نهضة العربية، القاهرة، 1976 ، ص 400 كذلك أنظر، د. عدنان طه الدوري والدكتور عبد الأمير العكيلي: القانون الدولي العام، ج 2، منشورات الجامعة المفتوحة، طرابلس، 1994 ، ص 271 .

8- كالأتفاق المبرم بين الجمهور ية العربية المتحدة والسودان عام 1959 لتنظيم الأنتفاع بمياه نهر النيل. أنظر، د. حامد سلطان، مرجع سابق، ص 417

9- إذ جاء في حيثيات الحكم أنه (تمشيًا مع مبدأ حسن النية يجب ان تأخذ الدولة ) صاحبة المجرى الأعلى في الأعتبار وعلى قدم المساواة جميع مصالح الدول النهرية الأخرى أسوة بمصالحها. وجدير بالذكر ان بحيرة لانوكس تقع في جبال البيرنيه الشرقية ويزودها رافدان ينبعان من فرنسا، ويخرج من البحيرة نهر كارول الذي يجري في الأراضي الفرنسية لمسافة 25 ميلا ويصب بعدها في الأراضي الأسبانية. حيث أرادت فرنسا تحويل مجرى نهر كاول الى نهر الآريجيه لتوليد الطاقة الكهربائية، على ان تعيد لأسبانيا احتياجاتها من المياه دون إضرار بالأقتصاد الأسباني. وثار الخلاف حول ذل ك، وعرض الأمر للتحكيم الدولي، حيث قررت المحكمة بأن فرنسا لهل الحق في ممارسة حقوقها ويجب عليها ان لاتهمل أو تتجاهل مصالح أسبانيا ايضًا. أنظر في ذلك:

– Berichte der internationalen Schiedssprüche، Vol. X، 4. 2. 7.

Lake Lanoux Case، 1957، S. 466.

10- Vgl. Matthias Herdegen، a.a.O.، S. 210 f.

11- للزيادة أنظر، د. محمد طلعت الغنيمي و الدكتور محمد السعيد الدقاق: القانون الدولي العام، دار المطبوعات الجامعية، الأسكندرية، 1991 ، ص 444- 450

12- Vgl. Hans-Joachim Pieper، Schifferpatent für den Bodensee (Allgemeiner Teil) mit Fragen- und Antwortenkatalog، IBNVerlag (Internationale Bodensee + Boot-Nachrichten)، Balingen 2002، S. 45 f.

13- أنظر، د. سموحي فوق العادة، القانون الدولي الع ام، ترجمة (رينيه جان دوبو ي)، ط 3، باريس، 1983 ، ص ، ص 434

14- للزيادة راجع، د. عدنان طه الدوري و د. عبد الأمير العكيلي، مرجع سابق، ص 281

15- وطولها 160 كم وتصل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر وتقع في الأقليم المصري وتحكمها أتفاقية القسطنطينية لعام 1888 . للزيادة راجع، د. عدنان طه الدوري و د. عبد الأمير العكيلي، مرجع سابق، ص 283

16- وطولها 81 كم وتصل المحيط الأطلسي بالمحيط الهندي وتقع باكملها في أقليم بنما وتحكمها معاهدة هاي باونسيفوت العقودة بين بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية عام 1901 . للزيادة أنظر، المرجع السابق، ص 287

17- وطولها 98 كم وتصل بحر البلطيق ببحر الشمال وتقع باكملها في الأقليم الألماني،وتخضع لنظام قانوني حددته معاهدة فرساي للصلح عام 1919 وذلك في المواد من 321- 386 منها، عندما قررت فتح القناة لجميع سفن الدول التي تكون في حالة سلام مع المانيا. للزيادة أنظر، المرجع السابق نفسه، ص 289

18- وطولها 6.3 كم تصل بحر الأدرياتيك ببحر إيجة في البحر الأبيض المتوسط. )

19- أنظر المواد 37-1/38-1/45 من أتفاقية قانون البحار.

20- للزيادة أنظر، د. سليم حدا د، التنظيم القانوني للبحار والأمن القومي العربي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط 1، بروت، 1994 ، ص 32-39

المؤلف : علي خليل اسماعيل الحديثي
الكتاب أو المصدر : القانون الدولي العام
الجزء والصفحة : ج1،ص103-117

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .