الجزاء المترتب على إخلال المحامي بواجباته إزاء موكله

تعليق على حكم المحكمة الاتحادية العليا الصادر في 15 يناير 2007م

الطعن رقم 160 سنة 27 جزائي

الدكتور أحمد عبد الظاهر

أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة

الخبير القانوني لدى دائرة القضاء – أبو ظبي

تتحصل وقائع القضية في أن مدير شركة داغا للصناعة والتجارة تقدم بشكوى في الثلاثين من يونيو سنة 2003 للسيد وكيل وزارة العدل المساعد ضد أحد المحامين، ضمنها أنه كلف المشكو في حقه في 29 يوليو سنة 2002 برفع دعوى أمام محكمة عجمان ضد إحدى شركات المقاولات بالمطالبة بمبلغ (56515) درهما وسلمه المستندات الخاصة بذلك، وقام بسداد رسوم الدعوى ونصف الأتعاب إلى مكتب المحاماة المذكور إلا أن المحامي الطاعن أخطر الشاكي بان دعواه قد تحدد لنظرها جلسة الأول من يونيو سنة 2003م أمام محكمة عجمان. وبمراجعة ذلك، تبين أن الدعوى لم تقيد إلا في السادس عشر من يونيو سنة 2003م، وبذلك تأخر المحامي في إقامة الدعوى المذكورة لمدة تقرب من العام، مما أضر به. قامت النيابة العامة بتحقيق الواقعة بسؤال الشاكي الذي ردد مضمون ما سبق ذكره وسؤال المحامي المشكو في حقه الذي أفاد بصحة ما جاء بشكوى الشاكي وعلل الخطأ في تحديد موعد جلسة الدعوى التي أقامها للشاكي أمام محكمة عجمان والذي أخطره بها إلى حصوله على موعدها خطأ عن طريق مندوب المكتب وطلبت النيابة إحالة المحامي المشكو في حقه إلى المحكمة التأديبية، إعمالا لنص المادتين (35/2)، (46) من القانون الاتحادي رقم (23) لسنة 1991م في شأن تنظيم مهنة المحاماة.

بجلسة الرابع عشر من نوفمبر سنة 2005م، أصدرت محكمة الشارقة الاستئنافية (مجلس تأديب المحامين) قرارها بوقف المحامي المشكو في حقه الطاعن لمدة ثلاثة أشهر عن العمل. طعن المحامي على هذا القرار بصحيفة قيدت قلم كتاب المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ العاشر من ديسمبر سنة 2005م، طالبا – وبصفة مستعجلة – وقف القرار المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه. وينعى الطاعن على القرار المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون بالقول أنه لم يتعمد تعطيل الفصل في الدعوى المكلف بإقامتها ولم يخل بواجبات مهنته. وقدمت النيابة العامة مذكرة بالرأي انتهت بطلب الحكم برفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه.

قررت المحكمة الاتحادية العليا رفض طلب وقف التنفيذ. وفي الموضوع، حكمت المحكمة برفض الطعن وتأييد القرار المستأنف وألزمت الطاعن الرسم وأمرت بمصادرة التأمين. وقد جاء في حيثيات هذا الحكم أن ن ما ينعاه الطاعن على القرار المطعون فيه في غير محله لما هو مقرر – في قضاء المحكمة الاتحادية العليا – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة في الدعوى واستخلاص الحقيقة منها طالما أقامت قضاءها في ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله. وحيث أنه لما كان ذلك، وكانت أسباب القرار المطعون فيه قد عرضت لواقعات الدعوى وظروفها وملابساتها وقد أوردت أقوال الشاكي والطاعن وخلصت المحكمة المستأنف قرارها إلى خطأ الطاعن وإدانته على سند مما جاء بتحقيقات النيابة العامة وبالقول «أن ما بدر من المحامي يشكل إخلالا بواجباته وما تقتضيه مصلحة موكله بأن عطل دعواه بما لا يتفق مع أصول المهنة ويتلخص ذلك في تأخير قيد الدعوى لمدة عام من تاريخ تكليفه بها في 29/7/2002 وقيدها في 16/6/2003 وإخطار الشاكي بموعد جلسة لهذه الدعوى سابقة على قيد الدعوى». ومن ثم، فإن ما خلصت إليه المحكمة المستأنف قرارها قد أقيم على أسباب سائغة وسليمة، لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفى لحمله، بما يتعين معه القضاء برفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه.

تعليق على الحكم:

بالإطلاع على الحكم، يلاحظ أن النيابة العامة طلبت إحالة المحامي المشكو في حقه إلى المحكمة التأديبية، إعمالا لنص المادتين (35/2)، (46) من القانون الاتحادي رقم (23) لسنة 1991م في شأن تنظيم مهنة المحاماة. وتتعلق المادة (35) الفقرة الثانية من القانون الاتحادي المشار إليه ببيان التزامات المحامي تجاه موكله، مؤكدة التزام المحامي بأن «يتجنب كل ما من شأنه تعطيل الفصل في الدعاوى أو الإخلال بسير العدالة». ولا شك أن الفعل المنسوب إلى المحامي في القضية الماثلة يشكل إخلالا بالواجب الملقى عليه في المادة (35) الفقرة الثانية من قانون تنظيم مهنة المحاماة. أما المادة (46) من هذا القانون، فتنص على أنه «إذا وقع من المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بالنظام أو أي أمر يستدعي مؤاخذته تأديبيا أو جنائيا يأمر رئيس الجلسة بتحرير محضر بما حدث ويحيله إلى النيابة العامة وللنيابة العامة أن تتخذ الإجراءات الجنائية إذا كان ما وقع من المحامي جريمة معاقبا عليها في القانون أو أن تحيله إلى المحاكمة التأديبية إذا كان ما وقع منه مجرد إخلال بواجباته. وعلى النيابة العامة إخطار لجنة قبول المحامين بما تنتهي إليه الإجراءات». والواقع أن هذه المادة تتعلق بالحالة التي يقع فيها من المحامي «أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه» إخلال بالنظام أو أي أمر يستدعي مؤاخذته تأديبيا أو جنائيا. فهذه المادة تنصرف إذن إلى الأفعال التي تقع أثناء الجلسة، الأمر الذي لا يصدق على الحالة الماثلة، والتي تتعلق بتأخر المحامي في إقامة الدعوى لمدة تقرب من العام، مما أضر بموكله. ويبدو أن ثمة خطأ ماديا في ذكر رقم المادة، وأن المادة المقصودة هي (47)، والتي تنص على أن «كل محام يخالف واجبات مهنته المنصوص عليها في هذا القانون أو يتصرف تصرفا يحط من قدرها يجازى بإحدى العقوبات التأديبية الآتية: 1- التنبيه، ويكون بكتاب موجه إلى المحامي بلفت نظره إلى ما وقع منه ويطلب منه عدم تكراره مستقبلا. 2- الوقف عن العمل مدة لا تجاوز السنتين. 3- شطب الاسم نهائيا من الجدول». وأيا ما كان الأمر، فإن المحامي المشكو في حقه قد أخل بواجبات مهنته، واستحق بالتالي مؤاخذته ومساءلته تأديبيا طبقا لأحكام القانون الاتحادي رقم (23) لسنة 1991م في شأن تنظيم مهنة المحاماة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .