يقصد بالأثار الجماعية مدى امكانية نقل الوطنية الطارئة جنسيتها الجديدة الى اولادها القاصرين الذين ولدوا من زواج سابق ، فالاولاد الذين يولدون نتيجة الزواج من الوطني لا شك انهم سوف يتبعون جنسية والدهم فلا توجد مشكلة عندئذ (1) . لكن المشكلة تثور اذا ما تزوجت الاجنبية من الوطني وكان لها اولاد من زواج سابق أي ان تكون المرأة (مطلقة او ارملة) فهل تستطيع الزوجة نقل جنسيتها الطارئة الى اولادها ام لا ؟ بادىء ذي بدء لابد من التفرقة بين الاولاد البالغين والاولاد القاصرين إذ ان الاولاد البالغين لانزاع في شأن جنسيتهم إذ يبقون محتفظين بجنسيتهم ولا تستطيع الوطنية ان تنقل جنسيتها اليهم ، ولكن لهؤلاء البالغين اكتساب الجنسية عن طريق التجنس العادي المفتوح امام سائر الاجانب (2) .ولكن المشكلة تثور حول مدى امكنية نقل الوطنية الطارئة جنسيتها الجديدة الى القاصرين ، فمن خلال تقصي التشريعات تبين وجود اتجاهات اربعة تناولت هذا الموضوع على النحو الآتي :

الاتجاه الاول : عدم السماح للوطنية الطارئة بنقل جنسيتها الى اولادها القاصرين:

ويراد بذلك هو ان الوطنية الطارئة لا تتمكن من نقل جنسيتها الجديدة التي اكتسبتها بالزواج من الوطني الى اولادها القاصرين ، لذا فان اولادها سوف يبقون محتفظين بجنسيتهم الاجنبية رغم ان والدتهم من الوطنيين (3) . لقد عبر المشرع العراقي عن مسلكه هذا صراحة في نص المادة (19) من قانون تعديل قانون الجنسية رقم 6 لسنة 1941 إذ جاء فيها “اذا تزوجت ثيب اجنبية عراقيا فان اولادها المولودين قبل هذا الزواج لا يكتسبون هذه الجنسية بسبب زواجها وحده” . وبذلك افتى ديوان التدوين القانوني في قراره الصادر في 30/5/1961، إذ جاء فيه : “المرأة الاجنبية اذا تجنست بالجنسية العراقية فان اولادها الصغار المعروفي الاب لا يكتسبون الجنسية العراقية”، فالتشريع العراقي لا يسمح للزوجة بأن تنقل جنسيتها بالزواج من الوطني الى جنسية اطفالها، لكن المشرع العراقي سمح للوطنية الطارئة بان تنقل جنسيتها الى اطفالها اذا تجنست بالجنسية العراقية من غير طريق الزواج (4). ومن التشريعات الاخرى التي سلكت هذا الاتجاه قانون الجنسية الاردني لسنة 1928 حيث جاء في المادة (13): “اذا تزوجت ارملة او امرأة مطلقة اجنبية من اردني فان اولادها المولودين من قبل الزوج لا يكتسبون الجنسية الاردنية بسبب زواج كهذا فقط ” ، وكذلك تشريع الجنسية الليبي حيث جاء في الفقرة الاخيرة من المادة (7): ” اذا تزوجت الاجنبية من ليبي فان اولادها من غيره لا يكتسبون الجنسية الليبية بحكم هذا الزواج ” ومن التشريعات الاخرى قوانين الجنسية في كل من المجر ( م2 قانون سنة 1946 ) تايلاند ( م3 قانون سنة 1952 ).

الاتجاه الثاني : السماح للزوجة بنقل جنسيتها الى اولادها القاصرين :

يضم هذا الاتجاه قوانين الجنسية في الدول التي تسمح للزوجة ان تنقل جنسيتها الى القاصرين ،وذلك في حالات معينة اذا كان الاب متوفياً اوعديم الجنسية ،ولا يسمح قانون الاب للابن بأن يكتسب جنسيته ومن هذه التشريعات قانون الجنسية التونسي الذي يجيز للزوجة نقل جنسيتها الى اولادها القاصرين في حالات منها وفاة الاب او طلاقها منه(5) . ومن التشريعات الاخرى التي سلكت هذا المسلك قانون الجنسية اللبناني لسنة 1960 حيث الحق القاصرين بجنسية امهم الجديدة اذا توفي الاب او طلقت الزوجة منه مع اعطائهم خيار رد هذه الجنسية في السنة التالية لبلوغهم سن الرشد وذلك حسبما نصت عليه الفقرة الاخيرة من المادة (4) : ” ان اولاد اللبنانية المتأهلة من شخص يحمل جنسية غير معينة يمكن قيدهم على خانة والدتهم بالاستناد الى وثائق منظمة حسب الاصول ” (6). الا ان بعض الفقهاء يذهب الى (7). القول بأن هذا النص يتعلق بالاجنبية التي اكتسبت الجنسية اللبنانية عن طريق التجنس وليس عن طريق الزواج من لبناني . ومن التشريعات الاخرى قانون الجنسية التركي الصادر سنة 1964حيث يؤمن هذا القانون جنسية المرأة الاجنبية الثيب التي تتزوج من تركي على اطفالها في حالات معينة منصوص عليها في المادة (14) وهذه الحالات :

1-اذا كان والد الطفل مجهولا.

2-اذا كان والد الطفل عديم الجنسية .

3-اذا كان الطفل عديم الجنسية .

4-اذا كانت لوالدة الطفل ولاية عليه .

ففي هذه الحالات الاستثنائية يكتسب الطفل غير البالغ الجنسية التركية تبعا لامه بزواجها من تركي واكتسابها الجنسية التركية سواء أكان شرعيا او غير شرعي (8) . على انه اذا بلغ الاطفال سن الرشد فيكون لهم حق اختيار جنسيتهم الاصلية والخروج من الجنسية التركية حسب المادة (17) من قانون سنة 1964 المعدل بموافقة وزير الداخلية وقرار مجلس الوزراء . الا انه اذا توفي الزوج التركي في الحالات السابقة واختارت الوطنية الطارئة العودة الى جنسيتها الاصلية فانهم يخرجون من الجنسية التركية تبعا لوالدتهم . ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد ان قانون الجنسية التركي كان يفرض الجنسية على اولاد الاجنبية المتزوجة من تركي بقوة القانون دون النظر فيما اذا توافرت الحالات اعلاه ام لا ولم يكن يسمح لهم بالرجوع الى جنسيتهم الاصلية خلال مدة معينة عند بلوغهم سن الرشد (9) . ولابد من القول ان بعض الفقهاء انتقد (10). هذا الاتجاه بالقول ان الاولاد حسب القاعدة العامة يكتسبون جنسية دولة الاب الذي توفي او الذي طلق الام او هجرها ومن ثم ليس هناك مبرر لمنحهم جنسية دولة الام الجديدة بل ان منحهم جنسية الام يجر عليهم مشكلة ازدواج الجنسية ولذلك ليس لهم الا ان يسلكوا طريق المتبنى الذي رسمه المشرع الوطني لدولة الوطنية الطارئة (11) .ومن التشريعات الاخرى التي تسلك هذا الاتجاه قوانين الجنسية في كل من النمسا ( م3/1 قانون سنة 1949 ) اليابان ( م2 قانون سنة 1950 ) الصين (م1قانون سنة 1929 ) ايطاليا ( م1 قانون سنة 1912 ) سويسرا ( م5 قانون سنة 1941) فنلندا (م1 قانون سنة 1941) هولندا (م2 قانون سنة 1929) الدنمارك (م1 قانون سنة 1950) السويد (م1 قانون سنة 1950) النرويج (م1 قانون سنة 1950) .

الاتجاه الثالث : السماح للوطنية الطارئة نقل جنسيتها الى اطفالها بشكل مطلق :

يضم هذا الاتجاه تشريعات الدول التي اعطت للزوجة الحق في ان تنقل جنسيتها الى اولادها القاصرين حتى ولو كان والدهم على قيد الحياة ، وكانت لديه جنسية معينة ، وعلى ذلك اذا ما طلقت الزوجة من زوجها وكان لها منه اولاد وتزوجت من وطني فيكون لها بمقتضى قانون جنسية الزوج نقل جنسيتها إلى اولادها الصغار ، وبذلك تكون هذه الدول التي سلكت هذا المسلك قد طبقت مبدأ المساواة في مجال الجنسية تطبيقا كاملا ، والدول التي تسلك هذا الاتجاه كثيرا ما يكون من وراء مسلكها هذا توخي تحقيق اغراض سياسية تتمثل في حرص الدول على تقوية ركن الشعب فيها لزيادة نفوذها (12). ومن التشريعات التي تسلك هذا الاتجاه تشريع الجنسية الفرنسي الصادر سنة 1973 حيث تقضي المادة (84) ان “الولد القاصر الذي يكتسب احد ابويه الجنسية الفرنسية يصير فرنسيا بقوة القانون فاولاد الزوجة القصر يتبعون والدتهم اذا اكتسبت الجنسية الفرنسية بالزواج من فرنسي بحيث يكتسبون الجنسية الوطنية”، وكذلك اخذ بهذا الاتجاه قانون الجنسية البرتغالي لسنة 1981 بموجب المادة الثانية منه ، واشترط لذلك اعلان اقاصر لرغبته في اكتساب جنسية والدته ، وبذلك قضت المادة (11) من تشريع الجنسية الهولندي لسنة 1985 (13). ومن التشريعات الاخرى قوانين الجنسية في كل من بولندا ( م6 قانون سنة 1952 ) بلغاريا ( م2 من قانون سنة 1952 ) رومانيا (م1/2 من قانون سنة 1948).

من خلال ما تقدم نستنتج ما يلي :

1-ان الاتجاهات التشريعية اختلفت في تناولها اثر اكتساب الاجنبية الجنسية الوطنية في جنسية اولادها بحسب ما اذا كانت تأخذ بمبدأ وحدة الجنسية او استقلالها.

2-مما يؤخذ على الاتجاه الاول أنه لا يعطي للمرأة امكانية نقل جنسيتها الى جنسية اطفالها ، فاذا كان الاب عديم الجنسية فكيف يكون بامكان الاولاد مارسة حياتهم في هذه الحالة الا وهم عديمو الجنسية .

3-ايضا الاتجاه الثالث من شأنه ان يؤدي الى ازدواج جنسية الاطفال في الغرض الذي تنقل الزوجة جنسيتها اليهم ، رغم تمتعها بجنسية والدهم .

4-ان الاتجاه الثاني هو الاتجاه الاكثر توفيقا ونجاحا في هذا الخصوص لانه يحقق ما يلي من الفوائد :

أ- مصلحة الزوجة التي سوف تطمئن الى وجود الاطفال بقربها واكتسابهم جنسيتها.

ب- مصلحة الاطفال في الفرض الذي يكتسبون جنسية امهم بعد ان كانوا عديمي الجنسية لان والدهم عديم الجنسية.

ج- مصلحة الدولة ، ذلك ان الدولة سوف تضمن ولاء الزوجة اذا ما ضمنت لها وجود اولادها بقربها ويكتسبون جنسيتها ومن ثم فلا يؤدي الى خروج الوطنية الطارئة من الجنسية الجديدة اذا أحست ان اطفالها بحاجة لها اكثر من حاجتها لدولة الزوج ، خصوصا اذا ما نشبت حرب بين دولة الزوج ودولة الاطفال فمع من سوف يكون ولاء الزوجة ؟

اذا الاتجاه الثاني يحافظ على كيان الاسرة والمجتمع من خلال السماح لاولاد الوطنية الطارئة اكتساب جنسية امهم من جهة ولا يفرض جنسية على اولاد الزوجة دون الاعتداد بإرادتهم من جهة اخرى لأن التشريعات التي سلكت هذا الاتجاه تسمح للاولاد القاصرين اذا ما بلغوا سن الرشد الخروج من جنسية والدتهم اذا رغبوا بذلك .

______________________________________

1- عزالين عبدالله ، دراسات في القانون الدولي الخاص الكويتي ، ص 330 ، 326. هشام علي صادق ، الجنسية والموطن ومركز الاجانب ، ص 452-453.

2- عكاشة عبدالعال ، الجنسية اللبنانية ، ص 217 . فؤاد عبدالمنعم رياض ، الجنسية في التشريعات العربية المقارنة ، ص 48-49 . عزالدين عبدالله، القانون الدولي الخاص ، ص 436-437. جابر جاد عبدالرحمن ، القانون الدولي الخاص العراقي، ص 150 . حامد مصطفى ، المصدر السابق ، ص 129.

3- مصطفى كامل ياسين، المصدر السابق، ص 70-71 . هشام علي صادق ، الجنسية والموطن ومركز الاجانب ، ص 452.

4- حامد مصطفى ، المصدر السابق ، ص 129 . حسن الهداوي ، الوجيز في القانون الدولي الخاص ، ج1، ص 74-77.

5- غالب الداودي ، تأثير الزواج في جنسية الزوجة في القانونين العراقي والتركي ، ص 117-121.

6- صوفي ابو طالب ، الجنسية اللبنانية ، ص 278-280 ، عكاشة عبدالعال ، الجنسية في التشريعات العربية ، ص 242.

7- عكاشة عبدالعال ، احكام الجنسية اللبنانية ، ص 218.

8- غالب الداودي ، تأثير الزواج في جنسية الزوجة في القانونين التركي والعراقي ، ص 120 . فؤاد عبدالمنعم رياض ، الاتجاهات المعاصرة في مسائل الجنسية ، ص 44-45.

9- غالب الداودي ، المصدر السابق ، ص 119-120.

10- احمد عبد الكريم ، المصدر السابق ، ص 663.

11- من الجدير بالذكر في هذا الشأن ان البرلمان المصري يناقش مشروع قانون يقضي بأحقية ابناء الام المصرية المتزوجة من اجنبي في الحصول على الجنسية المصرية ولا يمنح القانون المصري لهؤلاء الابناء حق الحصول على الجنسية . وذلك في حالة وفاة الاب او طلاقها او الهجر شريطة اقامة الابن خمس سنوات كاملة في مصر وتخليه عن جنسية الاب “. جريدة الشرق الاوسط في 31/ك2/2001.

12- فؤاد عبدالمنعم رياض ، المصدر السابق، ص 45.

13- احمد عبدالكريم ، المصدر السابق ، ص 163 . غالب الداودي ، القانون الدولي الخاص ، الجنسية الاردنية ، ص 149.مما يذكر في هذا الشأن ان تشريع الجنسية التونسي سار على نهج القانون الفرنسي حيث يمنح الاجنبية حق نقل الجنسية التونسية التي اكتسبتها بالزواج الى اولادها قاصرين بشرط ان لا يكون الصغير متزوجا وان لا ينص امر التجنس على خلاف ذلك . انظر في ذلك ، حسن الميمي ، المصدر السابق ، ص 80 ، غالب الداودي ، المصدر السابق، ص 149.

المؤلف : مثنى محمد عبد القيسي
الكتاب أو المصدر : اثر الزواج المختلط على جنسية الزوجة
الجزء والصفحة : ص157- ص163

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .