البعض يخلط بين اختصاصات هيئة قضايا الدولة بصفتها المدافع عن حقوق المجتمع ، وبين اختصاص الإدارات القانونية بالشركات والهيئات العامة ، فيراها تحل محل هيئة قضايا الدولة فى حماية الحقوق الخاصة بعمل هذه الكيانات، رغم ملكية هذه الكيانات للدولة ذاتها ، وهو تفسير ضيق الافق كما هو ضيق الرؤية للمصلحة العامة ، كما كان الحال قبل ثورة 25 يناير ، مما أفسح المجال لنهب أموال وممتلكات الدولة ، ومن ثم وجب على المشرع الا يسمح بتكرار ذلك “ الهزل “ خاصة ونحن مقدمون على إصلاح تشريعى واسع المدى ، يجب أن يتسع بعرض مصالح الوطن ولا برؤية المصالح الخاصة والمكاسب الشخصية.

أن كل من تبنى تفسيرا فاسدا لولاية الادارات القانونية فى الشركات والهيئات العامة بزعم أن هذه الأدارات هى بديلا لهيئة القضايا فى الحفاظ على حقوق هذه الكيانات فهى جريمة فى حق الوطن، فالقانون المنشىء لهذه الادارات صريح فى أنها جهات معاونة وتابعة لرئيس مجلس الادارة الذى لايملك سوى إعمال الادارة بالنسبة للشركة أو الهيئة التى يترأسها، وتربطة بالأدارة القانونية علاقة وكالة من أصيل الى محامى مقيد بنقابة المحامين، ومن ثم فإن محامى الادارة القانونية لايعبر عن أرادة ذاتية له فى القضايا التى يباشرها، ولكنه يعبر عن إرادة مجلس الادارة فى حدود التوكيل، وفى حدود اعمال الادارة ، أما ملكية الشركة ذاتها وأعمال التصرف فيها فهى للدولة ، والسلطة القضائية وحدها متمثلة فى هيئة قضايا الدولة هى صاحبة ولاية الدفاع عن حقوق المجتمع فى هذه الشركات، ويشير المستشار خلف الى أن هيئة قضايا الدولة لا تربطها بالدولة ذاتها ولا بالحكومة، علاقة وكالة، ولا نيابة ولكن هى سلطة تأسيسية تستمد سلطتها من الدستور مباشرة، وهى تتولى ولاية واختصاص ذاتى خاص بها ولا تنوب فيه عن أحد ، ولكنها تتولاه بوصفها سلطة قضائية مستقلة، فضلا عن أن قانون الادارات القانونية ذاته نص على شرط عدم اخلال أختصاص الادارات القانونية بما للهيئات القضائية من اختصاص، بمعنى أن دفاع محامى الشركة كوكيل عن مجلس الادارة فيما لايجاوز أعمال الادارة ، ولا يجوز أن يمنع هيئة قضايا الدولة كصاحبة لسلطة الدولة القضائية “ أى الدولة التى تملك الشركة أو الهيئة والتى يتبعها رئيس مجلس الادارة ذاته “..

إن القول بان اختصاص الادارات القانونية يحجب أختصاص هيئة قضايا الدولة فى حماية الحقوق والحريات فى مجال عمل الشركة أو الهيئة العامة، هو قول يقود الى نتائج غير دستورية،.. ومن هنا تظهر جريمة كل قاض تعمد قبل ثورة يناير أن يمنع عن هيئة قضايا الدولة ضمانات السلطة القضائية ، فوزير العدل كان قاضيا، وكان يرسل قاضيا ممثلا للوزارة لحضور جلسات مجلس الشعب والاعتراض على الحصانة القضائية للهيئة، فهذه جريمة ترتب عليها افساح المجال لسرقة أموال وممتلكات الدولة، حيث لا حماية الا من سلطة، وكذلك من كان يتولى صياغة التشريعات التى منعت عن هيئة قضايا الدولة سلطة التحرك التلقائى للكشف عن انتهاك إرادة الدولة وتسوية منازعاتها بدون حاجة لاجراءات التقاضى التى تضيع الوقت والمال وربما حق الدولة ذاته ، وهذه جريمة يجب الا نسمح بتكرارها بعد ثورة يناير.

بقلم المستشار د. عبد الله خلف

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .