حماية المبلغين والنظام المرتقب

ديمه بنت طلال الشريف
‏مستشارة قانونية، عضو الاتحاد الدولي للمحامين

أفادت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) بأن نسبة البلاغات الواردة بعام 2018 ارتفعت 50%، مقارنة بعام 2017م، وترأست القائمة قضايا الفساد المالي والإداري بنسبة 74.3%.

إحصائيات دقيقة كهذه في محيط يعتبر غير آمن بالشكل الكافي للمبلغين تعتبر محفزة وتوضح أهلية واستعدادية الأغلبية لمكافحة الفساد ومحاربته، إلى جانب الدور الكبير الذي تلعبه في تحفيز اقتصاد الدولة والحفاظ على موارده التي نهشها الفساد في العقود الماضية ولن ينتهي.

في ظل هذا التفاعل والتجاوب الإيجابي الذي تعكسه نسب البلاغات وزيادة الوعي بدور المواطن الفردي في مكافحة الفساد، أقل مايمكن توفيره لتكثيف هذه الجهود هو توفير الحماية الآمنة والفعالة. حيث أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، باتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي توفر الحماية للمبلغين. بالإضافة إلى نصوص اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المالي والإداري الذي انضمت إليه المملكة، والذي طالب بسن التشريعات اللازمة لحماية المبلغين عن جرائم الفساد في الدول الأعضاء.

خير كفيل بهذه الحماية بعد الله هو نظام حماية الشهود والمبلغين الذي يُنتظر إصداره في القريب العاجل ليتفاعل مع حجم البلاغات الواردة ويتناسب مع أثرها على سلامة أملاك الدولة ومواردها.

فيجب أن يسن هذا النظام على منع المساس بالمبلغ سواء وظيفياً، جسدياً أو حتى نفسياً، ويجب ألا يركز النظام فقط على المبلغ نفسه، بل يوفر الحماية الفعالة بكل أشكالها ايضاً لأفراد أسرته وشركائه بالعمل للتصدي لأي تهديد أو تصفية حسابات لاحقة. وفي حال استدعى الأمر تغيير أماكن إقامتهم أو عملهم، يجب أن يضمن النظام توفير البديل المناسب للمبلغ على كافة المستويات.

ومع أن بيانات المبلغين تحظى بسرية تامة وخصوصية، إلا أن طرق الوصول إلى بياناتهم تعددت وتنوعت وتعتبر للأسف غير مستحيلة خاصةً إذا كان الموظف المبلغ مطلع بشكل مباشر وحصري على حوادث فساد معينة.

نأمل في المستقبل أن يمتد مصطلح حماية الشهود ليشمل كافة أنواع البلاغات ليس فقط بلاغات الفساد المالي والإداري. فحماية قانونية نظامية كهذه تحفز ثقافة التبليغ لدى المجتمع وترسخ حس المسؤولية الوطنية لدى كافة الأفراد.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت