إستحالة قبول دليل

متولد عن جريمة

مالم يكن دليل براءة

ـــــــــــــ

يستحيل ويمتنع قانوناً أن يكون المتولد عن جريمة المتولد عن جريمة دليلاً أو أستدلالاً يطرح فى مساحة القضاء ، ومن المقطوع به قولاً واحد أن ما تم من نسجيل صوتى ومرئى لواقعه الضبط – وما بعدها ؟!! – يشكل جريمة مؤثمة فى قانون العقوبات ، ذلك أن التسجيل المرئى كلاهما جريمة مؤثمة على إستقلال فى الماده / 209 مكرراً من قانون العقوبات ، لا تباح – أن أبيحت – إلا بإذن مشروع صادر من سلطة التحقيق فى شأن جريمة واقعه بالفعل وترجحت إلى متهم بعينه ، فإن لم تأذن سلطة التحقيق بالإجراء ، باتت مباشرته جريمة تستوجب عقاب من قارفها فضلاً عن المصادرة والمحو والإعدام !!

فقد قضت الماده / 309 عقوبات بأنه :- ” يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنه من كل من إعتدى هلى حرمة الحياة الخاصه للموطن ، وذلك بأن إرتكب أحد الأفعال الآتيه فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجنى عليه .

( أ ) أســـــــترق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه

محادثات جرت فى مكان خاص أو عن طريق التليفون .

(ب ) إلتقــط ( صور ) أو نقل جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه صورة شخص فى مكان خاص .

فإذا صدرت الأفعال المشار إليها فى الفقرتين السابقتين أثناء إجتماع على مسمع أو مرآى من الحاضرين فى ذلك الإجتماع فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضاً .

ويعاقب بالحبس الموظف العام الذى يرتكب أحد الأفعال المبينه بهذه المادة إعتماداً على سلطة وظيفته .

ويحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد أستخدم فى الجريمة ، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها أو إعدامها . ”

ويتضح من صياغة النص أن المشرع حرص على صيانه حرمة الحياة الخاصه للمواطنين من أى أنتهاك ، سواء كان ذلك بالتسجيل ، أو التصوير ، أو التصنت ، أو الاستراق أو غير ذلك من الوسائل التى أتاحتها المدنيه الحديثة .. ومن حرص المشرع على تحقيق هذه الغايه ، عنى بالتنصيص على تجريم كل صوره من صور هذا الأنتهاك على الأستقلال .. فواضح فى صياغته للماده / 309 مكرر .

أن المشرع حرص على التمييز بين كل صوره وأخرى من وسائل أنتهاك الحياة الخاصه ، وعلى بيان أن كلا منها يشكل – بذاته – جريمة مستقله ، وأستخدم ذلك أداه العطف ” أو ” التى تفيد المغايرة ، حيث جرى النص على أنه : ” ( ………. وذلك بأن أرتكب أحد الأفعال الآتيه فى غير الاحوال المصرح بها قانونا ، أو بغير رضاء المجنى عليه ( أ ) أسترق السمع ” أو ” السجل ” أو ” نقل عن طريق جهاز … محادثات جرت فى مكان خاص ” أو ” عن طريق التليفون أو إلتقط أو نقل صوره … ألخ ونصت الفقرة الأخيره للنص على أنه ” يعاقب الموظف العام الذى يرتكب أحد الأفعال المبينه أعتماداً على سلطات وظيفته ” – ” وعلى مصادره الأجهزة ومحو التسجيلات وأعدامها ” .

كذلك فى الماده / 95 أ . ج التى عرضت لتنظيم الأحوال والشروط التى يسوغ فيها – بأمر قاضى التحقيق – هذا الأنتهاك ، فقد حرص المشرع فى هذا النص أيضاً على التفرقة بين كل صورة من صور الأنتهاك الأخرى ، وبذات استخدام أداه العطف ” أو ” التى تفيد المغايره .، فجرت الماده / 95 أ . ج على أنه : ( لقاضى التحقيق أن يأمر … بمراقبه المحادثات السلكية واللاسلكية ” أو ” إجراء تسجيلات …. ألخ ) ، ثم أضاف فى الفقرة الثانيه للمادة : ( وفى جميع الأحوال يجب ان يكون ” الضبط ” أو ” المراقبة ” أو ´” التسجيل ” بناء على أمر مسبب ولمدة لا تزيد على ثلاثين يوما ……. ) .

ومؤدى ذلك ، أنه لا يجوز للمندوب – تنفيذاً لأمر الندب – أن يجرى أو يسمحبإجراء أى صوره أو وسيلة من صور أو وسائل الأنتهاك المجرمه بالنص ‘ مالم يكن مأذوناً بها صراحة فى أمر الندب ‍‍‍‍‍‍‍!!! وأن يثبت أن تنفيذ الإذن قد جرى من المندوب والوسائل القانونيه وتحت
إشرافة ومراقبته .

والإعتراض على طرح جسم جريمة أو المتولد عن جريمة ، كدليل يسمع أو يشاهد فى ساحة القضاء ، ليس هروباً ولا تهرباً من واقع حقيقى يدين المتهم ، وإنما هو حماية لعقيده المحكمه من تأثير عبث مؤكد حدث فى هذه الأشرطة ، – من ذلك العبث إجراء مونتاج لأدخال عبارة أو عبارات فى غير مواعها – وقد كان هذا العبث ميسراً متاحاً لأن سلطة التحقيق لم تراع الضمان المبدئى الواجب بوضع بصمه صوتيه لها بأول وبآخر كل شريط مع التوقيع على أصل الشريط كضمان أن تكون النسخة التى تأتى بها الضبطية هى النسخة الأصلية ، وع ذلك فإن هذه الضمانات واهيه لأن النسخة الأصلية نفسها عرضه هى الأخرى للعبث بالتركيب والحذف والإضافة والمونتاج عن طريق النقل ثم أعاده النقل من شريط الى شريط ثم اعادة النقل الى النسخة الأصلية للشريط – لذلك فإن أشرطة التسجيلات بحكم طبيعتها وبحكم الواقع مشكوك فيها ويتعين الاحتياط الشديد فى الأخذ بها !!

ومن العلم العام ، أن التسجيلات الصوتية والشرائط المرئية صالحة بطبيعتها لعمليات المونتاجالتى يمارسها كل يوم مقدموا البرامج ومخرجوا الإذاعة والتليفزيون والسينما ، – وبغير عمليات المونتاج يستحيل عمل المصنفات الفنية المسموعه أو المرئية ، ويستحيل عمل البرامج المختلفه المسموعه أو المرئية التى قد يحدث أثناء تسجيلها أو تصويرها ما يستدعى الحذف أو التعديل لبعض مسامع او مشاهد أو عبارات قبلت خطأ أو حدث فى نطقها ما يعيبها أو فرط فيها مالا تسمح به الرقابة أ أو ما يستدعى نقل مسمع أو مشهد أو عبارة أو عبارات إلى موضع آخر فى المصنف أو الحوار لإجلاء أمر أو إستحساناً لترتيب ما فى العرض إلى غير ذلك من الأسباب العديده المعلومة الشائعة التى تمارس كل يوم !!!

لذلك فإن التسجيلات الصوتية والشرائط المرئية لا يؤخذ بها بتاتاً كدليل فى الدول المتمدينة ، – وغايتها إن أبيحت أن تتخذ وسيلة للإهتداء إلى دليل ، فالتسجيلات الصوتية والشرائط المصورة ، حتى نجيا من البطلان ، عرضه للعبث والحذف والإضافة والتقديم والتأخير وكل عمليات المونتاج ، من أجل ذلك كان من المقرر أن التسجيلات الصوتيه ليست من الأدله فى الدعوى الجنائيه ، ولم يذكرها قانون الإجراءات الجنائية فى تعداده لأدله الإثبات ، والتسجيلات الصوتيه والأشرطة المرئية ليست من قبيل المحررات ،

لأن الأصوات بعد تسجيلها ليست قابله للتحقيق ممن أسندت أليه ” كقابلية ” الكتابه والتوقيع والختم للتحقيق من صحتها عند الأنكار أو الطعن عليه،وهى ليست من قبيل الشهود، لأن الذى ينطق آله طوع من يوجهها ، ولذلك فهى لا يعول عليها فى الدول المتمدينة كدليل ولا تبنى عليها أدانه وأنما هى فقط وسيلة بوليسية قد تكشف لسلطات البحث أو التحقيق عن دليل يفيد فى الضبط .

لذلك لا يؤخذ بالتسجيلات ولا بالأشرطة المصورة كدليل فى الدعوى الجنائيه ، فإذا ما أضيف إلى هذا ثبوت أن هذه وتلك كانا حصيلة لجريمة تستوجب عقاب فاعلها ومصادره الأجهزة المستخدمة فيها ومحو وإعدام الشرائط الصوتية المسجلة والشرائط المرئية المصورة ، – فإنه يستحيل ويمتنع وغير مقبول والأمر كذلك أن تطرح كدليل أو إستدلال يسمع أو يشاهد فى ساحة القضاء .

* عدم جواز الإعتداد بالتسجيلات كدليل فى الدعوى الا يكون دليلاً بالبراءه

قد سبق منا حديث عما إعتور التسجيلات من بطلان لإسباب عديدة …. وهذه التسجيلات ، لو برئت جدلا من البطلان … ، ولا تقوم مقام مقام الدليل فى الإسناد الجنائى ..

لقد ثبت أن هذه التسجيلات تعرضت لعبث محقق ..

وثبت أن النيابه العامه لم تتحوط بوضع بصمه صوتية على أول وآخر كل شريط للتأكد من أن ما سوف تأتيها به الرقابة أصلية لا نسخة منقولة ممنتجة !!

وثبت أن المبلغ هو الذى قام بالتسجيل – وهو من آحاد الناس ، – وهو الذى كان يتحكم فيه على ما يشاء ، – يوقفه متى يشاء ، – ويسيره متى يشاء .. يسجل ما يحبه هواه .. ويسقط تسجيل ما يأباه ، – ليستقيم السياق الذى يشاء !!

وعلى ذلك ، – ورغمه ، فإن هذه التسجيلات الباطلة ليس فيها ما يمكن أن يحمل على أنه دليل إدانة 00 بل ولا يمكن بتركيب جمله من هنا على جمله من هناك ، أن تخرج متصلة متسقة

، – وأنما يجد القارىء للتفريغ هذه
التسجيلات الباطلة – يجد عناء شديدا فى فهم وتفسير عبارتها ولا يمكن لإثنين بثلاثة .. أن يخرجوا بنفسير واحد وفهم واحد لما ورد فى هذه التسجيلات .. فهى لا تشفى بذاتها ، – ولا تدل بذاتها على معنى واضح مفهوم .. وإنما لا غناء للقارىء لتفريغاتها أو السامع لها عن القيام بدور المفسر الذى قد يصيب فى إجتهاده التفسير وقد يخطىء !!

من أجل ذلك كان من المقرر أن التسجيلات الصوتية ليست من الأدله فى الدعوى الجنائية ، ولم يذكرها قانون الإجراءات الجنائيه فى تعداده لأدلة الإثبات .

والتسجيلات الصوتية ليست من قبيل المحررات ، لأن الأصوات بعد تسجيلها ليست قابله للتحقيق ممن أسندت اليه ” كقابلية ” الكتابة والتوقيع والختم للتحقيق من صحتها عند الأنكار أو الطعن عليه .

وهى ليست من قبيل الشهود ، لأن الذى ينطق بها ‘ آله ” طوع من يوجهها ، ولذلك فهى لا يعول عليها فى الدول المتمدينة كدليل ولا تبنى عليها أدله وأنما هى فقط وسيلة بوليسية قد تكشف لسلطات البحث أو التحقيق عن دليل يفيد فى
الضبط .

وفضلا عن ذلك ، فإن عمليه تفريغ التسجيل الصوتى ، عملية اجتهادية .. كلها مجال للتخمين والخيال والتفسير ، لأنها فى الغالب عمليه ” أنتشال ” جمل وألفاظ من هنا وهناك فى بحر خضم من الضجة والخشخشة والأصوات المختلطة والمبهمة والمتداخلة يتخللها فترات هبوط وخفوت وصمت وأنقطاع .

كما أن التسجيل الصوتى لا يشكل بينه كتابية أو قولية مباشرة أو غير مباشرة ، قابته نسبتها الى مصدرها الأدمى – .. ولا يلزم أحداً حتى من قام بالتفريغ فإنه فيه مجرد ” مفسر ” يخطىء ويصيب ويحاول التصيد والأنتشال لنتف وألفاظ ..