إنكار صفة القاعدة القانونية عن العقود النموذجية في مقال قانوني متميز

يذهب الاتجاه المعارض للصفة القاعدة القانونية للعقود النموذجية وعدم كفايتها الذاتية معتمدا في دلك أن التسميات التي أطلقت على هذه العقود { مثل قواعد واقع } أو قواعد شبه أمرة يعد ذلك تلاعبا بالألفاظ ولا يكشف عن حقيقة قانونية قائمة، لأن القاعدة القانونية إما أن تكون كذلك أو لا تكون، وهي إما قاعدة أمرة أو مكملة لا وسط بينها أو شبه بينها[1].

ومن ناحية أخرى فإن القضاء أنكر على أحكام العقود النمطية صفة القواعد القانونية بل قرر طبيعتها التعاقدية، وعلى فرض اعتبارها عادات فلا محل للتفرقة فيها بين عادات داخلية وأخرى دولية، ففي الصفتين تفتقد إلى صفة القاعدة القانونية، وأن أساس إلزامها هو خضوع الأطراف لها وارتضائهم تطبيقها على عقودهم. فأصحاب هذا الاتجاه لا يعتبرونها قواعد قانونية مادامت خارجة عن إطار الدولة. ومن جهة أخرى يرى أنصار هذا الاتجاه أن اعتبار رقابة المحاكم لشروط وأحكام العقود النموذجية رقابة مشروعية، حين يراقب القاضي مشروعية القواعد الموجودة بالعقد وعدم مخالفتها للقواعد القانونية العليا وهي قواعد قانون الدولة، وهذا يتفق والمنطق القانوني من جهة ويتعارض أيضا مع فكرة العقد بوصفه قانونا يكفي بذاته، وبالتالي هجر القانون الرسمي أو النظامي،[2] باعتبار أن القاضي إذا وجد شرطا مخالفا لقاعدة أمرة في قانون دولته يحكم برفض تطبيقه كشرط تعاقدي، أو يبطله إذا اقتضى الأمر ذلك فرقابة المحاكم لشروط العقد في إطار حماية الطرف المدعي هي رقابة عدالة وحماية للطرف الضعيف اقتصاديا، لأن العقود النمطية ليست إلا شروطا تعاقدية يكتنفها القصور رغم أنها قد تصير مع التكرار عادات اتفاقية دون أن ترقى إلى مرتبة القواعد القانونية، باعتبارها قواعد مقترحة وليست مفروضة.[3] ويستدل أصحاب هدا الاتجاه بعدة أمور

أولها: أن هذه العقود لاتطبق إلا إذا اتفق الأطراف على ذلك صراحة، ولا يكفي إحالة الأطراف الضمنية إليها بل تلتزم أن تكون الإحالة مكتوبة لا غموض فيها.

ثانيهما: أن تلك العقود النموذجية وما يكتنفها من قصور وثغرات تبدو أحيانا لا تتمتع بقدسية القواعد القانونية التي تطبق بقوة إلزامها الذاتية، بل أكثر من دلك بإمكان الأطراف استبعاد ما يشاؤون من أحكامها واستبدالها بغيرها مادام أن الإرادة هي المصدر الأول والوحيد لسريان هذه الأحكام.

ثالثهما: إن السلطة المخولة للمحاكم برفض تطبيق الشرط التعاقدي أو إبطاله أو تقويمه سواء بإسم المساواة، أو العدالة، يتعارض مع فكرة اعتبار هذه العقود قواعد قانونية.
أما ربعها وأخرها فيتمثل في أن قصور هذه القواعد لا يجعلها في غنى عن القانون بل إنه يفرض عليها في مجالات أخرى، مما لايسمح الادعاء بكفايتها الذاتية، ومن ذلك ما يتعلق بالتشريعات الخاصة ،وبالمنافسة وأدوات التصدير والاستيراد والرقابة على النقد وتحديد قيمة عملة الوفاء وسعر الصرف، باعتبار أن المسائل التي تتصل بأسس الاقتصادية لأن البلدان لاتجعل هناك محلا لإعمال ما اتفقت عليه إرادة الأطراف[4]

[1] للمزيد من التوسع يمكن الرجوع غالى الاستاد عبد الكريم سلامة – العقد الدولي الطليق – المرجع السابق ص 70 وما يليها.
[2] للمزيد من التوسع يمكن الرجوع إلى الاستاد عبد الكريم سلامة – العقد الدولي الطليق – المرجع السابق ص 71 وما يليها .
[3] أنظر المؤيد ص 84 وكذلك الاستاد سلامة ص 72 المرجعين السابق الاشارة اليهما.
[4] الأستاذ عبد الكريم سلامة العقد الدولي الطليق ص 73 وما يليها. المرجع السابق الإشارة إليه.