اللجان شبه القضائية

د. ملحم بن حمد الملحم
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

صدر عام 1428هـ نظام القضاء ونظام ديوان المظالم متبوعا بالموافقة على آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء وديوان المظالم، تلك الآلية التي كانت تهدف لرسم آلية محددة للمرحلة الانتقالية التي يجب أن يسار عليها لتنفيذ ما تم صدوره في نظام القضاء. لقد جاء نظام القضاء ليحدث النقلة للنظام القضائي السعودي التي بدا من خلال النظام أن النظام القضائي السعودي قد تحددت معالمه، واتضح توجهه في السير على أن للقضاء مسارين، وهما مسار القضاء العام ومسار القضاء الإداري.

وبلغة مختصرة جدا مبتعدة عن كل النقاشات حول التعاريف أو الفروقات بين نوعي القضاء، فإنه من الممكن تجاوزا أن نقول إن القضاء العام هو القضاء المسؤول عن النزاعات التي يكون أطرافها أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين من المواطنين أو المقيمين أو القطاع الخاص، بينما القضاء الإداري فهو على اسمه أنه القضاء المسؤول عن النزاعات التي يكون أحد أطرافها أحد أطراف الدولة باعتبارها سلطة إدارة أو النزاعات الناتجة عن العقود الإدارية التي تكون الإدارة طرفا فيها.

جاءت الآلية التنفيذية لنظام القضاء صريحة في أن اللجان شبه القضائية بكل أنواعها التي تنظر في القضايا الجزائية التي تنظر في القضايا المدنية والقضايا التجارية يجب أن تنتقل إلى القضاء العام باستثناء ثلاث لجان.

بدأ العمل على نقل اللجان وبدأت مساعي سلخ بعض المحاكم، إلا أن اللجان شبه القضائية بدأت في التزايد فترة بعد فترة وبدأت في التوالد مع مجموعة من الأنظمة التي تصدر. فعندما تصدر بعض الأنظمة الجديدة، تحمل هذه الأنظمة الوليدة مادة تنص على أنه تشكل لجنة في النظر في مخالفات أو نزاعات هذه الأنظمة وآلية الطعن في قراراتها أمام ديوان المظالم.

مع مرور الوقت بدأت تتضح إشكالية وجود عدد من هذه اللجان من الناحيتين الموضوعية والشكلية في كون القضاء لم يعد ينحصر في نوعين من القضاء وهما العام والإداري، بل أصبح النظام القضائي السعودي على أربعة أنواع وهي: 1 – القضاء العام بدوائره؛ 2 – القضاء الإداري؛ 3 – اللجان الثلاث المستثناة وأخواتها؛ 4 – اللجان شبه القضائية.

تكمن إشكالية اللجان شبه القضائية في مسائل، ونقتصر على مسألتين مهمتين.

أولاهما أن اللجان شبه القضائية منها ما يشتمل على مخالفات جزائية أو جنائية بينما ينظر إلى هذه القرارات على أساس أنها قرارات إدارية يتم الطعن فيها أمام ديوان المظالم. وينتج عن هذا مسألة جوهرية وهو أن الدعوى بهذا الشكل لا تفصل بين الشق الجزائي والشق المدني من هذه الدعوى، ما يعني فرصة المطالبة بالحق الخاص وبالتالي يفوت على كل متضرر أو من فوتت مصلحته بناء على ذلك.

المسألة الأخرى أن قرار تلك اللجان يتم النظر فيه على أساس أنه قرار إداري، وبالتالي فإن الدعوى تكون دعوى طعن بقرار إداري ما يجعله قضاء طعن متعلقا بقرار إداري لا محكمة موضوع يتم النظر فيها إلى موضوع الدعوى من جديد ويتم تقديم أدلة جديدة من قبل الأطراف.