الغاء خصخصة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار
الدائرة السابعة
*********
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الأربعاء الموافق 21/9/2011
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حمدي ياسين عكاشة نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / جمال محمد سليمان عمار نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار /حاتم محمد داود نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / حسام محمد إكرام مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ أحمد محمد عبد النبي أمين السر
أصدرت الحكم الآتي:
في الدعوى رقم 40510 لسنة 65 القضائية
المقامة من:
1 ـ عادل قرني أحمد مدكور
2- حسن حامد عبد العال خالد أبو الدهب
3- عادل حسانين علي موسى
4- ربيع سعد عيسى قطب
5- ياسر أحمد إسماعيل أحمد جادو
6- حمدي الدسوقي محمد الفخراني (خصم متدخل)
ضــــــــد:
1- رئيس مجلس الوزراء بصفته
2- وزير الاستثمار بصفته
3- رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بصفته
4 ـ رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بصفته
5- رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية
(الصناعات الهندسية سابقاً) بصفته
6- رئيس مجلس إدارة شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية بصفته
7- رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للصناعات الحديدية
(إحدى مجموعة شركات أوراسكوم للإنشاءات والصناعة ـ المستحوذة بالشراء على الشركة الدولية لصناعة المراجل البخارية والأعمال المعدنية (شركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط “سابقاً” ـ عدا الأرض) بصفته
8 ـ الممثل القانوني للشركة القابضة للصناعات الكيماوية بصفته (خصم مدخل)
9- وزير العدل
بصفته رئيساً لمصلحة الشهر العقاري (خصم مُدخل)
10 ـ وزير المالية “بصفته” (خصم مُدخل)
*************
الوقـــــائع:
*******
بتاريخ 22/6/2011 أقام المدعون هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة وطلبوا في ختامها الحكم:
بقبول الدعوي شكلاً ، وبصفه مستعجلة التحفظ علي كل موجودات الشركة ومعداتها الموجودة بالشركة الوطنية للصناعات الحديدية المملوكة لـ ( ناصف ساويرس ) ، ووقف بيع أرض الشركة بمنطقة منيل شيحة والتحفظ عليها .
وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بامتناع المدعي عليه الأول عن اتخاذ الإجراءات اللازمة بطلب وقف بيع الشركة وإعادة تشغيلها . وإعادة المتعاقدين إلي الحالة التي كانت عليها الشركة قبل 27/9/1994 ، واسترداد الدولة لجميع أصول وفروع الشركة لكافة ممتلكاتها ومعداتها وإعادة العاملين إلى سابق أوضاعهم طبقاً لأحكام قانون العمل ، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.
وقال المدعون شرحا لدعواهم إنهم من ضحايا المعاش المسمي بالمبكر حيث كانوا يعملون بشركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط والمنشأة بالقرار الجمهوري رقم 2460 لسنة 1962 علي مساحة 32 فدان علي النيل – منطقة منيل شيحة ـ وكانت هذه الشركة إحدى شركات الصناعات الثقيلة حينما كانت الدولة تتبني المشاريع القومية الصناعية لتكون الدولة في مصاف الدول المتقدمة ، وتُعنى بتشغيل الأيدي العاملة وتدريبها ، وكانت الشركة تنتج ( المراجل ) الغلايات المصنعة من مواسير الحديد وألواح الصاج وتعمل بحرق الوقود لتنتج بخاراً عند ضغط ودرجة حرارة عالية ، ولتستخدم تلك المراجل ومنتجات الشركة في الصناعات الغذائية والأسمدة والمنسوجات والورق والبتروكيماويات والمستشفيات وكقوي محركة للسفن وفي أجزاء المحطات الحرارية بإنتاج الكهرباء ولاستخدامات أخرى غير تقليدية في الصناعات السلمية وغير السلمية ، إلا أن الدولة بدأت في مشروع الخصخصة بترغيب وترهيب العمال والفنيين لدفعهم إلي الخروج للمعاش المبكر ، وبدأت أعمال التدمير المخطط حيث قام الدكتور / عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق وزير قطاع الأعمال العام الأسبق بإصدار قراراً بإلغاء قرار وزير الصناعة الأسبق الدكتور / عزيز صدقي الذي كان يلزم أي شركة آو أي جهة تحتاج أي منتج يصنع محليا بعدم اللجوء إلى الاستيراد إلا بعد الرجوع إلي الشركة المنتجة حتى يتم الاعتماد علي المنتج المحلي للحفاظ علي الصناعات الوطنية .
وأضاف المدعون أن الدولة قامت في 27/9/1994 بنقل تبعية الشركة إلي الشركة القابضة للصناعات الهندسية برئاسة عبد الوهاب الحباك صاحب قضية الرشوة الشهيرة في ذلك الوقت والذي قام بدوره بإعلان طرح الشركة للمشاركة وتقدم لذلك عدد (9) شركات وتم ترسية المشاركة علي شركة (بابكوك و ويلكوكس مصر) لمدة 25 عاماً ، وتم تغيير اسم الشركة ، وقد شاب هذه العملية مخالفات قانونية جسيمة ودخل الحباك السجن في قضية الرشوة الشهيرة واستمرت الشركة تحت الاسم الجديد وأمدت العديد من الشركات بمنتجاتها وبعد أن شبع الشريك الأجنبي وحصل الأموال وقام بتحويلها إلى بلاده ، ترك الشريك المصري (خالد شتا) ليقوم بتغيير اسمها إلى الشركة الدولية لتصنيع المراجل حيث قاد عملية تدمير للشركة مستغلا بعض الحوادث المفتعلة لمنتجات الشركة والتي أثبت التحقيقات أنها ناتجة عن عيوب في التشغيل وليس المنتج واستناد تشغيل المنتج إلي غير مدرب علي تشغيلها وبدأ إنتاج الشركة يقل وقام المسئولون بالشركة بإجبار العاملين على اللجوء للمعاش المبكر .
واستطرد المدعون قائلين أن خالد شتا قام ببيع الشركة بالمخالفة للقانون في 1/6/2008 إلي الشركة الوطنية للصناعات الحديدية ( إحدى شركات أوراسكوم للإنشاءات والصناعة ـ ناصف ساويرس ) واستكمل الأخير مسلسل التدمير بتفكيك الشركة ومعداتها وقام بنقل جميع موجوداتها ومعداتها إلي مقر الشركة المملوكة له بمدينة 6 أكتوبر ونقل العاملين والإداريين أيضا مع معدات الشركة المفككة دون العمل وبدأت استغاثات العمال والقوي الوطنية لوقف هذه المهزلة التي طالت كل المشاريع القومية التي أنشأتها الدولة في عصر الرئيس الراحل / جمال عبد الناصر ، حيث كانت الدولة في عهد النظام السابق ترفع شعار صنع في مصر اسما فقط وكانت بسياساتها تعمل علي إسقاط الشعار بسياسات فاسدة لا تري إلا مصلحة الطفيليين الذين ليسوا برجال الأعمال والذين كانوا يدخلون شركاء أجانب اتضح فيما بعد أن شركة ويلكوكس يملكها يهوديان منذ 1875 وينتمون إلي الصهيونية ، فضلاً عن أن الشركة محل التدمير كانت مملوكة ملكية خاصة للمواطنين العاديين وقد نُزعت ملكيتها للمنفعة العامة فصارت مملوكة للدولة ملكية عامة ، إلا أن الشركة المشترية بالمخالفة للقانون قامت بتحويل أرض الشركة إلي سوق عقاري واستثماري هدفه المصلحة الخاصة مخالفين السبب الذي نزعت الملكية من أجله ودون مراعاة للبعد القومي والاجتماعي والوطني ، وتم استكمال تدمير الشركة بدمج الشركة الدولية لتصنيع المراجل البخارية والأعمال المدنية مع الشركة الوطنية للصناعات الحديدية المملوكة لرجل الأعمال ناصف ساويرس ، ودمج شركة الخلود للاستثمارات العقارية ـ إحدى شركات أوراسكوم للسياحة والفنادق المملوكة لرجل الأعمال سميح ساويرس بعد تفكيك معدات الشركة واقتلاعها ونقلها إلى الشركة الوطنية ، لذلك فإنهم وبعد ثورة 25 يناير بشبابها وشعب مصر العظيم تقدموا إلى رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 21/5/2011يطالبونه بإعادة أموال الشعب المسلوبة وإصلاح ما تم إفساده ، وإعادة تشغيل المصنع والعمالة المدربة التي تم تشريدها ، إلا أنه لم يتخذ أي إجراء لمواجهة تلك المخالفات القانونية ومنها مخالفة شروط التعاقد والخصخصة وكراسة الشروط لقرارات اللجنة الوزارية للخصخصة ، والتفريط في حقوق العمال وإهدارها ، والقضاء على إحدى الصناعات الوطنية والاستراتيجية ، ومخالفة القوانين والقرارات المنظمة لبيع شركات قطاع الأعمال العام ، والاستيلاء على أصول الشركة الثابتة والمنقولة بالمخالفة للقانون ، الأمر الذي حدا بهم إلي إقامة هذه الدعوي بالطلبات أنفة الذكر.
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 4/7/2011 قدم المدعون حافظتي مستندات طويتا علي المستندات المعلاة بغلافها وتضمنت صور ضوئية من الخطاب المرسل من المدعين إلى رئيس مجلس الوزراء ، وقرار رئيس الجمهورية رقم 2460/1962 باعتبار مشروع إقامة مصنع شركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط بناحية منيل شيحة مركز الجيزة محافظة الجيزة من أعمال المنفعة العامة ، وبالاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لإنشاء المشروع والبالغ مساحتها 134343 متراً مربعاً (31 فدان و 23 قيراط و 13 سهم) ، والنظام الأساسي لتأسيس الشركة والعقد الابتدائي لبيع الشركة ، و قرار تأسيس شركة بابكوك و ويلكوكس مصر ، وقرار رئيس الهيئة العامة للاستثمار رقم 354 لسنة 2011 ، ورد وزارة التجارة الخارجية بشأن أوضاع الشركة بعد البيع ، وقرار هيئة الاستثمار رقم 1184/2 لسنة 2006 بالترخيص بتقسيم الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية إلى شركتين (قاسمة ومنقسمة) ، وعقد إيجار أرض الشركة عام 2005 ، ومحضر الجمعية العامة غير العادية لشركة أوراسكوم للفنادق والتنمية المنعقدة بتاريخ 30/1/2008 ، ومحضر نقل الشركة إلى الشركة الوطنية بمدينة 6 أكتوبر ، وشهادة مصلحة الشهر العقاري بالجيزة المؤرخة 16/3/2008 بالقيود الواردة على أرض الشركة ، وشكوى عمال الشركة ، وصور لمنتجات الشركة ، وبعض قصاصات الصحف عن استغاثات العمال ، وتأجلت الدعوى لجلسة 11/7/2011 لاختصام خصوم جدد ، ولتحديد الطلبات علي وجه الدقة بصحيفة معلنة ، حيث تحددت الطلبات بقبول الدعوي شكلاً ، وبصفة مستعجلة بالتحفظ على موجودات الشركة ومعداتها الموجودة بالشركة الوطنية للصناعات الحديدية المملوكة لـ ناصف ساويرس ، ووقف بيع أراضي الشركة بمنطقة منيل شيحة والتحفظ عليها ومنعهم من التصرف فيها.
وفي الموضوع ببطلان عقد بيع شركة النصر لصناعة المراجل البخارية المؤرخ 27/9/1994، واسترداد الدولة لجميع أصول وفروع الشركة وكافة ممتلكاتها ومعداتها، وإعادة العاملين إلى سابق أوضاعهم مع ما يترتب علي ذلك من أثار.
وبجلسة 11/7/2011 قدم الحاضر عن الدولة حافظتي مستندات طويتا علي المستندات المعلاة بغلافيهما متضمنة صور ضوئية من قرار رئيس الجمهورية رقم 2460 لسنة 1962 بشأن اعتبار مشروع إقامة مصنع شركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط بناحية منيل شيحة مركز الجيزة محافظة الجيزة من أعمال المنفعة العامة ، وبالاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لإنشاء المشروع ، وخطاب التفتيش على أعمال البناء على أعمال الهدم والتخريب وإثبات نقل جميع المعدات ـ فيما عدا معدة واحدة ـ وتفكيك الأسقف المعدنية والأرضيات المؤرخ26/11/2008 ، وخطابات موجهة من وزير الاستثمار إلى كل من محافظ الجيزة و محافظ 6 أكتوبر , وأحمد علاء الدين المغربي وزير الإسكان والمرافق , والمستشار ممدوح مرعي وزير العدل ، ويوسف بطرس غالي وزير المالية بشأن لفت انتباه تلك الجهات إلى أن تقييم أراضي شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط موضوع عقد البيع المؤرخ 27/9/1994 قد تم وقت البيع على أساس استمرار النشاط الصناعي ، والتوجيه بالحصول على حقوق الدولة في حالة عدم الالتزام بالاستمرار في النشاط أو محاولة تعديل استخدام الأرض في نشاط آخر ، وصورة من رد وزير المالية بأن صاحب الصفة في مواجهة إخلال المشتري بالعقد هو الشركة القابضة للصناعات الكيماوية كخلف للشركة القابضة للصناعات الهندسية ، ورد وزير العدل بما يفيد حصول قيود بالشهر العقاري على تلك الأراضي ،وصور من القرار رقم 2641 لسنة 2003 وعقد إيجار بين شركة الخلود والشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية ، وصور مذكرات ومحاضر تشميع وجنح مخافة تنظيم أعمال المباني ، وصور من كتاب الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية التابعة لمحافظة 6 أكتوبر بما يفيد صدور توجيهات رئيس مجلس الوزراء بعدم تغيير استخدامات الأرض المقام عليها شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط (تحت أي مسمى) ، وصورة خطاب وزير الاستثمار إلى محافظ 6 أكتوبر بما يفيد أن أرض شركة المراجل تم تقييمها وقت البيع على أساس استمرار النشاط بحسبانها مخصصة أساساً للمنفعة العامة بالقرار الجمهوري رقم 2410 لسنة 1962، وصورة من صحيفة الدعوى رقم 17323 لسنة 65 القضائية المقامة من محمد عبد المحسن شتا بالمطالبة بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء بمنعه من التصرف في الأرض المقام عليها الشركة.
وقرر الحاضر عن المدعين اختصام كل من وزير المالية والشركة القابضة للصناعات الكيماوية في المواجهة للحاضر عن الدولة وقام بتسليم صورة من صحيفة الدعوى للحاضر عن الشركة القابضة للصناعات الكيماوية ، كما حضر حمدي الدسوقي محمد الفخراني بشخصه وأثبت بمحضر الجلسة تدخله منضماً للمدعين في المواجهة ، وبذات الجلسة قررت المحكمة في مواجهة الحاضر عن الدولة إدخال وزير العدل بصفته رئيس مصلحة الشهر العقاري للرد على ما تضمنه كتابه بحافظة مستندات الحكومة بجلسة 4/7/2011 بالمستند رقم (10) بشأن القيود والتسجيلات التي أوردتها المصلحة على أراضي الشركة وقد قبل ذلك . وقدمت الحاضرة عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حافظة مستندات طويت علي المستندات المعلاة بغلافها وتضمنت أصل الكتاب الوارد لقطاع الشئون القانونية بالهيئة المؤرخ 28/7/2011 بشأن تأسيس كل من شركة بابكوك و ويلكوكس مصر والشركة الوطنية للصناعات الحديدية، وصور ضوئية من قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 649 لسنة 1994 بالترخيص بتأسيس شركة بابكوك و ويلكوكس مصر ، والقرار رقم 354 لسنة 2001 بتعديل المادتين 2 و 25 من النظام الأساسي لشركة بابكوك و ويلكوكس مصر ، والقرار رقم 528 لسنة 1995 بالترخيص بتأسيس الشركة الوطنية للصناعات الحديدية ، والنظام الأساسي لشركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط ، وطلبت الهيئة العامة للاستثمار على وجه الحافظة الحكم : أصلياً ـ بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لها لرفعها على غير ذي صفة ولانتفاء الصفة والمصلحة في اختصامها ، واحتياطياً ـ بإخراج الهيئة من الدعوى بلا مصروفات ، مع إلزام المدعين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
كما قدم الحاضر عن الشركة القابضة للصناعات المعدنية حافظة مستندات طويت علي المستندات المعلاة بغلافها وتضمنت صور ضوئية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 940 لسنة 2003بدمج الشركة القابضة للصناعات الهندسية في الشركة القابضة للصناعات الكيماوية ، عقد بيع شركة المراجل البخارية ، للتدليل بهما على انتفاء صفتها في الدعوى ، كما قدمت مذكرة دفاع طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها لرفعها على غير ذي صفة ، وبالجلسة ذاتها قدم الحاضر عن الدولة ثلاث مجلدات (موسوعة الخصخصة المصرية ـ برنامج إعادة الهيكلة وتوسيع قاعدة الملكية لقطاع الأعمال ـ الخصخصة) بعنوان (الكتاب الأبيض ـ شركة المرجل البخارية)
وبجلسة 11/9/2011 قررت المحكمة حجز الدعوي للحكم لجلسة اليوم مع تكليف هيئة مفوضي الدولة بإعداد تقرير بالرأي القانوني يودع ملف الدعوي خلال أجل غايته الساعة الثانية ظهر يوم الأربعاء الموافق 14/9/2011 ، وصرحت لأطراف الخصومة بالاطلاع علي التقرير والتعقيب ، وتقديم المستندات والمذكرات حتى الساعة الثانية ظهر يوم الأحد الموافق 18/9/2011 .

وأوعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم:
بقبول الدعوي شكلا وإلغاء قرار جهة الإدارة فيما تضمنه من بيع شركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط المؤرخ في 27/9/1994 ، واسترداد الدولة لجميع أصول وممتلكات الشركة ومعداتها وإعادة العاملين إلي سابق أوضاعهم مع ما يترتب علي ذلك من آثار.

وخلال الأجل المضروب لتقديم المستندات والمذكرات والتعقيب على تقرير هيئة مفوضي الدولة أودعت الشركة القابضة للصناعات الكيماوية مذكرة دفاع طلبت فيها فتح باب المرافعة في الدعوى لتتمكن من تقديم المستندات والرد على تقرير هيئة مفوضي الدولة ولاختصام وزارة المالية التي آلت إليها حصيلة الخصخصة ، وأوردت بمذكرتها أنه “نظراً لطول الفترة الزمنية منذ قرار البيع وعقد البيع اللذين تما عام 1994 لم نتمكن من استخراج تلك المستندات التي توضح موقف شركة المراجل البخارية قبل البيع ولا سيما ميزانيات الشركة قبل البيع التي تؤيد مبررات بيع هذه الشركة ” ، إذ منحت المحكمة الشركة المذكورة كغيرها من الخصوم الأجل الذي قدرت أنه مناسب والذي سمح لهم بالتعقيب على التقرير وتقديم ما لديهم من مذكرات ومستندات ، وفي ظل ما عرضته الشركة من صعوبة استخراج المستندات لمضي فترة زمني طويلة على البيع بما ترى معه المحكمة الالتفات عن هذا الطلب بعد أن تهيأت الدعوى للحكم فيها.
كما أودعت الشركة الوطنية للصناعات الحديدية خلال الأجل مذكرة دفاع طلبت في جانبها الأول إعادة الدعوى للمرافعة لاتخاذ إجراءات التدخل انضمامياً هجومياً مع المدعين ضد رئيس مجلس إدارة شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية ـ بحسب ما سطرته الشركة بمذكرتها ـ وهو ما التفتت عنه المحكمة بحسبان أن التخل أياً كان نوعه لا يجوز إجرائه إلا قبل قفل باب المرافعة وان الدعوى قد تهيأت للحكم ، كما أن الشركة المذكورة قد تم اختصامها وفقاً لصحيح حكم القانون ، وتقدمت بدفاعها في هذه المذكرة فطلبت في ختامها الحكم احتياطياً : أولاً ـ بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى . وثنياً ـ بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ، ولخلو الدعوى من دليل ثبوتها برفض الدعوى . وفي جميع الأحوال بإلزام رافعي الدعوى المصاريف وأتعاب المحاماة. وأرفقت بمذكرتها مستنداً واحداً تضمن اتفاقية عمل جماعية.
وخلال الأجل ذاته أودع الجهاز المركزي للمحاسبات حافظة بالمستندات المعلاة على غلافها طويت على سبعة مستندات تضمنت صورة من تقرير مراقب الحسابات عن مراجعة ميزانية شركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط في 30/6/1993 والحسابات الختامية بعد التعديل ، وصورة من تقرير إدارة مراقبة الحسابات عن الميزانية في 30/6/1993 ، وصورة من التقرير السنوي عن الميزانية في 30/6/1993 ، وملاحظات مراقب الحسابات في 30/6/1993 ، ومذكرة إدارة مراقبة حسابات الصناعات الهندسية بشأن انعقاد الجمعية العامة غير العادية لشركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط بتاريخ 6/2/1994 للنظر في بيع الأصول الثابتة والمخزون الخاص بالشركة ، والمركز المالي للشركة في 31/12/1993 ، وتقرير المتابعة وتقويم الأداء للشركة عن العام المالي 92/1993.
وخلال الأجل أودعت شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية حافظة مستندات ومذكرة دفاع وطلبت إعادة الدعوى للمرافعة ، التفتت عنه المحكم لمناسبة الوقت الذي قدرته المحكمة لتقديم المستندات والمذكرات ، ولإرفاق الشركة المذكورة مستنداتها ودفاعها بالطلب , وقد طويت حافظة مستندات الشركة على أربعة مستندات على النحو المبين على غلافها تضمنت صورة ضوئية من عقد التنازل النهائي في الطلب رقم 69 لسنة 2007 سجل عيني الأهرام بتنازل الشركة الدولية لتصنيع المراجل عن الأرض الكائنة بطريق مصر/أسيوط (منيل شيحة) لشركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية ، وصورة من قرار رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 201184/2006 بالترخيص بتقسيم الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية إلى شركتين ، وصورة ضوئية من اتفاقية العمل الجماعي المؤرخة 2/6/2008 ، وصورة ضوئية من شهادة بالتأشيرات والقيود الواردة بالسجل العيني على قطعة الأرض رقم 436 حوض العمدة/12 قسم أول ناحية منيل شيحه / مركز أبو النمرس 6 أكتوبر ، وتضمنت مذكرة الشركة طلب الالتفات عن تقرير هيئة مفوضي الدولة لما اعتوره من مخالفات قانونية ، وطلب الحكم : أولاً ـ وفي الشكل وقبول الدعوى : أصلياً ـ بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى. واحتياطياً ـ بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة أو مصلحة مباشرة. وثانياً : وفي الموضوع ، أصلياً ـ بسقوط الحق في إقامة الدعوى بمضي خمسة عشر سنة مدة التقادم الطويل المسقط. واحتياطياً ـ برفض الدعوى للعجز عن الإثبات وخلوها من أي سند قانوني. وفي جميع الأحوال إلزام رافعي الدعوى بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وخلال ذات الأجل أودعت الشركة القابضة للصناعات المعدنية (المدعى عليه الخامس) طلباً لإعادة الدعوى للمرافعة بدعوى تقديم مستندات قاطعة ، وقد التفتت المحكمة عن هذا الطلب لكون الشركة قد تم تمكينها من إبداء دفاعها على مدى جلسات المحكمة ولم تقدم سوى حافظة للمستندات ودفاعاً مقتضاه عدم قبول الدعوى بالنسبة إليها لرفع الدعوى على غير ذي صفة لكون صاحب الصفة هو الشركة القابضة للصناعات الكيماوية .
كما أودع المدعون خلال الأجل مذكرة بدفاعهم تعقيباً على ما ورد بتقرير هيئة مفوضي الدولة طلبوا في ختامها الحكم بما جاء بتقرير هيئة مفوضي الدولة وبما تضيفه المحكمة من أسباب ، وأكدوا أن تفكيك الشركة ونقل معداته وتدميرها بدأ عندما أعلنت الدولة عن دخولها عصر الطاقة النووية السلمية ، وأن المدعين وغيرهم من أبناء مصر مستعدون لإعادة وتركيب معدات الشركة وتشغيلها في أقرب وقت.
وأودع كذلك المتدخل انضمامياً إلى المدعين حمدي الدسوقي محمد الفخراني مذكرة بدفاعه طلب في ختامها الحكم ببطلان قرار بيع شركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط واسترداد الدولة لأصولها ، وإعادة العاملين والحكم بالطلبات الختامية للمدعين.
وخلال ذات الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الجهات الإدارية المختصمة (رئيس مجلس الوزراء ـ وزير الاستثمار ـ وزير المالية ـ وزير العدل بصفته رئيس مصلحة الشهر العقاري) مذكرة دفاع أوردت بها أن طلباتها في هذه الدعوى تنطلق من دور هيئة قضايا الدولة في مكافحة الفساد الذي ران على بعض المسئولين بالدولة ، والذي تم اكتشافه بعد قيام الشعب المصري بثورته في الخامس والعشرين من يناير 2011 ، واستناداً لكون الهيئة هي الحصن الحصين الذي تلوذ به الدولة عند الشدائد والمحن دفاعاً عن حقوق الشعب وأمواله ، ولما أضفاه المشرع على هذه الهيئة من صفة الشرف في الخصومة ، فإنه يحق لها أن ترفع لواء العدل في أي خصومة بين الدولة والأفراد ، كفالة لحقوق الشعب المشروعة بأسرع وقت ، وتمكيناً للمحكمة من الفصل فيها ، وهي بذلك تؤدي عملاً قانونياً يتفق ووظيفتها القضائية في النيابة القانونية عن الدولة مستقلة عن أشخاص الحكام والوزراء ضماناً لمبدأ خضوع الدولة للقانون ، وأنه لما كانت الحكومة في العهد السابق على ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 قد قامت ببيع بعض وحدات قطاع الأعمال العام وشركاته إلى بعض المستثمرين تنفيذاً لسياسة الخصخصة التي تبنتها رئاسة مجلس الوزراء وقتئذ والتي تمخض عنها عقد بيع شركة المراجل البخارية المطالب بإلغاء قرارات خصخصته وببطلانه ، فإنه وبناء عليه:
” تفوض هيئة قضايا الدولة ـ نائبة عن الجهات الإدارية ـ المحكمة في القضاء بما يحقق الصالح العام ، وحماية الحق والمال العام”.

وبعد انقضاء الأجل أودع بنك فيصل الإسلامي طلباً لإعادة الدعوى للمرافعة لتقديم دفاعاً في الدعوى لكون البنك مساهماً بنسبة 70% بشركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية ، وأرفق مستنداً يثبت تلك المساهمة ، وقد التفتت المحكمة عن هذا الطلب لتهيؤ الدعوى للفصل فيها من جانب ولوجود الشركة التي تمثل البنك في الخصومة وتقديمها لدفاعها عن كل المساهمين فيها من جانب آخر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

“المحكمـــــــــة”
************
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث انه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها هو من تصريف محكمة الموضوع تجريه وفقا لما هو مقرر من أن القاضي الإداري يهيمن على الدعوى الإدارية وله فيها دور ايجابي يحقق من خلاله مبدأ المشروعية وسيادة القانون ولذلك فإنه يستخلص تكييف الدعوى مما يطرح عليه من أوراق ومستندات ودفاع وطلبات الخصوم فيها وما يستهدفونه من إقامة الدعوى دون توقف على حرفية الألفاظ التي تستخدم في إبداء تلك الطلبات ودون تحريف لها أو قضاء بما لم يطلبوا أو يهدفون إلى تحقيقه ، والعبرة دائماً بالمقاصد والمعاني وليست بالألفاظ والمباني .(حـكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4011 لسنة 50 ق ع جلسة 5/12/2006).
وحيث إن القرار الذي يصدر من جهة الإدارة بإبرام عقد من العقود يمثل إفصاح الإدارة عن إرادتها بقصد إحداث أثر قانوني. وبتحليل العملية القانونية التي تنتهى بإبرام العقد إلى الأجزاء المكونة له، يتضح أن القرارات السابقة أو اللاحقة على العقد، كوضع الإدارة لشروط المناقصة أو المزايدة، وقرارات لجنة فحص العطاءات، وقرارات لجنة البت، والقرار بإرساء المناقصة أو المزايدة، هي بغير منازع قرارات إدارية منفصلة عن العقد، ومن ثم يجوز الطعن فيها بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة، ويمكن المطالبة بالتعويض عن الأضرار المترتبة عليها إن كان لهذا التعويض محل. (محكمة القضاء الإداري ـ الدعوى رقم 734 لسنة 7 ق ـ جلسة 8/1/1956ـ س 10 ص 135ـ والمحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم 666/24 ق ـ جلسة 14/4/1979 ـ م 15 سنة ص 178)
وحيث إنه ينبغي التمييز في مقام التكييف بين العقد الذي تبرمه جهة الإدارة، وبين الإجراءات التي يمهد بها لإبرام هذا العقد أو تهيئ لمولده، ذلك أنه بقطع النظر عن كون العقد مدنياً أو إدارياً فإن من هذه الإجراءات ما يتم بقرار من السلطة الإدارية المختصة له خصائص القرار الإداري ومقوماته من حيث كونه إفصاحاً عن إرادتها الملزمة بناء على سلطتها العامة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث مركز قانوني تحقيقاً لمصلحة عامة يتغياها القانون. ومثل هذه القرارات وإن كانت تسهم فى تكوين العقد وتستهدف إتمامه، فإنها تنفرد في طبيعتها عن العقد مدنياً كان أو إدارياً وتنفصل عنه، ومن ثم يجوز لذوى الشأن الطعن فيها استقلالا، ويكون الاختصاص بنظر طلب الإلغاء والحال كذلك معقودا لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها، ذلك أن المناط فى الاختصاص هو التكييف السليم للتصرف. (المحكمة الإدارية العليا. الطعنان رقما “456 و320″ لسنة 17ق. جلسة 5/4/1975ـ س 20 ص 307)

وحيث إن مجلس الوزراء قد أقر في بداية التسعينات برنامج الخصخصة في مختلف المجالات وناط بكل من مجلس الوزراء ورئيس مجلس الوزراء ووزير قطاع الأعمال العام مسئولية تنفيذ البرنامج بتحديد المشروعات والشركات التي يمكن طرحها للخصخصة، وما يتعين أن يبقى منها تحت سيطرة الدولة، واقتراح المعايير والضوابط التي تتم على أساسها الخصخصة ، واقتراح أوجه صرف أو استثمار ناتج الخصخصة ، ثم اعتماد تقييم الشركات والأصول المطروحة ورفع النتائج بعد موافقتهما عليها إلى مجلس الوزراء ، وفي نطاق هذا الاختصاص نشأت فكرة خصخصة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط حينما وضعت وزارة الكهرباء خطة مستقبلية لإنشاء عدد من محطات القوى الكهربائية الضخمة التي تستخدم بها المراجل ذات السعات الكبيرة لتوليد الطاقة الكهربائية ، وقامت وزارة الكهرباء بالاشتراك مع المؤسسات العالمية بإجراء دراسات ميدانية على العديد من الشركات المحلية انتهت منها إلى أن ” شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط لديها القدرات والإمكانيات الفنية التي تؤهلها لتعميق نسبة التصنيع المحلي عن طريق إنشاء شركة مشتركة مع إحدى الشركات الأجنبية ذات الخبرة”، فتم عرض الأمر على مجلس الوزراء ووزير قطاع الأعمال العام ورئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء حيث تقرر إدراج شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ضمن برنامج توسيع قاعدة الملكية (الخصخصة) ، وفي هذا الإطار تم تكليف كل من الشركة القابضة للصناعات الهندسية والشركة التابعة (شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ) باتخاذ إجراءات الخصخصة لصدور قرارات اعتماد تلك الإجراءات من كل من وزير قطاع الأعمال العام ورئيس مجلس الوزراء بالتنسيق مع وزير الكهربا ء لإقرار خصخصة الشركة بمعرفة مجلس الوزراء القائم على تنفيذ برنامج توسيع قاعدة الملكية (الخصخصة) ، وعلى إثر ذلك وافق مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية بتاريخ 29/12/1992على دعوة الشركات العالمية المتخصصة لتقديم عروضها (لمشاركة) شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط في إدخال صناعة مراجل محطات القوى محلياً ، وتم إسناد تقييم الشركة فنياً ومالياً إلى المكتب الاستشاري (كوبرز آند ليبرنت) ، وقامت لجنة بمراجعة التقييم ، وتم إعداد كراسة الشروط والمواصفات ، والإعلان عن المزايدة لإنشاء (الشركة المشتركة) بجريدة الأهرام يومي 30 و 31/12/1992 ، وتم التفاوض مع مقدمي العروض حتى انتهت لجنة التفاوض في تقريرها بتاريخ 27/11/1993 إلى التوصية بالموافقة على العرض المقدم من شركة بابكوك و ويلكوكس بسعر 16,2 مليون دولار أمريكي (11 مليون دولار مقابل شراء الأصول الثابتة لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، و 5,2 مليون دولار أمريكي مقابل “المخزون” على أساس رصيد المخزون في 30/6/1993 ، وعلى أن يتم تصويب قيمة المخزون على ضوء رصيده في تاريخ التسليم) ، وبتاريخ 31/1/1994 ، بناء على توجيهات مجلس الوزراء تم عقد اجتماع بمكتب المهندس وزير الكهرباء بحضوره وحضور كل من وزير قطاع الأعمال العام ورئيس هيئة كهرباء مصر ورئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية ، ورئيس مجلس إدارة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، وممثلي شركة بابكوك و ويلكوكس ، ناقشوا موضوع بيع كامل أصول ومخزون شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، وأسفر الاجتماع عن موافقة ممثلي شركة بابكوك و ويلكوكس على زيادة السعر المقدم منها إلى 17 مليون دولار أمريكي (11 مليون دولار مقابل شراء الأصول الثابتة لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، و 6 مليون دولار أمريكي مقابل “المخزون” على أساس رصيد المخزون في 30/6/1993 ، وعلى أن يتم تصويب قيمة المخزون على ضوء رصيده في تاريخ التسليم) ، وبتاريخ 6/2/1994 وافقت الجمعية العامة غير العادية لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط على بيع تلك الأصول الثابتة والمخزون إلى شركة بابكوك و ويلكوكس ، كما وافق مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية بتاريخ 14/12/1994 وافقت الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة ذاتها بتاريخ 27/5/1995 برئاسة وزير قطاع الأعمال العام الدكتور عاطف عبيد على جميع إجراءات البيع ونتائجه ، كما وافق مجلس الوزراء على عملية البيع ، واعتمد خصخصة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط على هذا الأساس.

وحيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن حقيقة طلبات المدعين إنما تتمثل في طلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار مجلس الوزراء بالموافقة على بيع كافة الأصول الثابتة والمخزون السلعي لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط إلى شركة بابكوك آند ولكوكسانترناشيونال انفستمنت إنك (BABCOCK & WILCOX INTERNATYONAL INVESTMENTS C . INK)
، وما لحقه من تصفية للشركة المباعة ، ومن بيوع وتصرفات في تلك الأصول إلى الغير ، وما يتصل بذلك من دمج أو انقسام أدي إلى توقف أو تصفية الأصول محل البيع أو نقل عمالها أو تفكيك معداتها وأدواتها ، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها بطلان عقد بيع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط المبرم بين كل من الشركة القابضة للصناعات الهندسية وشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط كنائبة عن الدولة بتفويض من وزير قطاع الأعمال العام (كبائع) ، وبين شركة بابكوك آند ولكوكس انترناشيونال انفستمنت إنك (كمشتري)، وبطلان جميع القرارات والتصرفات التي تقررت وترتبت خلال مراحل إعداده ونفاذه، وبطلان التعامل على ارض الشركة لكونها منافع عامة، وبطلان أية تسجيلات بالشهر العقاري أو بالسجل العيني بما فيها الطلبين رقم 525 في 12/11/1996 المقيد بالسجل العيني بالجيزة برقم 264 في 9/10/1997 لصالح شركة بابكوك و ويلكوكس مصر ، ورقم 69 في 4/2/2007 المقيد بالسجل العيني بالجيزة برقم 563 في 4/2/2007 لصالح شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية ،واسترداد الدولة للأصول محل العقد مطهرة من القيود والرهون وأي التزامات يكون قد أجراها المشتري وخلفه ، وإعادة تجهيز مصانع الشركة على كامل أراضيها بمنطقة منيل شيحة وإعادة العاملين بالشركة إلى سابق وضعهم متمتعين بكامل مزاياهم وحوافزهم ، وإلزام الجهة الإدارية والمشترين المدعى عليهم المصروفات.
وحيث إن النظر في قبول التدخل من عدمه يأتي في الصدارة تحديداً للخصومة عامة قبل التطرق لبحث الدعوي باستعراض الدفوع الشكلية والموضوعية والدفاع وتمحيص المستندات والأوراق المقدمة منهم جميعاً خلوصاً إلي نتيجة قد تقف عند عدم القبول وقد تنفذ إلي الموضوع ، وقبول التدخل في الدعوي إبتداءً يرتهن بما يكون للمتدخل من مصلحة مرتجاة ولا يتوقف بحال عما قد يسفر عنه الفصل في الدعوي بعدئذ حثي لا يأتي رجماً بآجل أو مصادرة لعاجل، ومن ثم فإن المحكمة تنظر التدخل في الصدارة تحديداً للخصومة قبل التطرق لبحث الخصومة شكلاً وموضوعاً .
وحيث إنه وفقاً لحكم المادة (126) من قانون المرافعات المدنية والتجارية فإن التدخل نوعان: تدخل انضمامى ويقصد به المتدخل المحافظة على حقوقه عن طريق مساعدة أحد طرفي الخصومة في الدفاع عن حقوقه، وتدخل هجومي أو خصامي يبغى منه المتدخل الدفاع عن مصلحته الخاصة ضد طرفي الدعوى، ويشترط لقبول التدخل بنوعيه شرطان: الأول أن تكون لطالب التدخل مصلحة في التدخل والثاني أن يكون هناك ارتباط بينه وبين الدعوى الأصلية ، ويتحقق الارتباط بوجود صلة تجعل من حسن سير العدالة نظرهما معاً لتحقيقهما والفصل فيهما بحكم واحد تلافياً لاحتمال صدور أحكام متناقضة أو يصـــعب التوفيق بينها، ويتعين أن يتم التدخل بأحد وسيلتين: الأولى بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوي قبل يوم الجلسة، والثانية بطلبه شفاهة في الجلسة بحضور الخصم، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة.
وحيث إنه بالنسبة لطلب التدخل الانضمامي إلى المدعين المبدى من حمدي الدسوقي محمد الفخراني بمحضر الجلسة في مواجهة الخصوم وبعد اتخاذ الإجراءات المقررة قانوناً للتدخل ، فإنه ومتى كانت شركة مصر النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط هي من الأموال المملوكة للدولة ملكية عامة والتي أوجب الدستور ومن بعده المادة (6) من الإعلان الدستوري على كل مواطن حمايتها ودعمها والذود عنها ضد كل من يحاول العبث بها أو انتهاك حرمتها، ، فقد أصبح على كل مواطن، بما في ذلك الخصم المتدخل، واجب حمايتها بالمطالبة بالتحقق من مشروعية الإجراءات التي اتخذت للتصرف فيها ومدى صحة عقد بيع أصولها وتأجير أراضيها ، ومن ثم يتوافر للمتدخل انضمامياً للمدعين الصفة والمصلحة في تأييد المدعين في طلباتهم والانضمام إليهم للقضاء بهذه الطلبات ، ومن ثم فإن تدخله يكون قد تم من ذي صفة ومصلحة وبالإجراءات المقررة قانوناً بما يتعين معه قبول تدخله انضمامياً إلى المدعين.
وحيث إنه وعن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى ، فمن الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائي يعتبر من النظام العام، ويكون مطروحا دائما على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضى فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم بما يكفل ألا تقضى المحكمة في الدعوى أو في شق منها على حين تكون المنازعة برمتها مما يخرج عن اختصاصها وولايتها. (المحكمة الإدارية العليا – الطعن رقم 382 لسنة 34 ق – جلسة 20/6/1994 ـ والطعن رقم 1597 لسنة 30 ق – جلسة 8/6/1991)

وحيث إن اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى يتحدد بحسب المنازعة المعروضة على المحكمة وطبيعة القرار الإداري المطعون فيه إن وجد ، والثابت أن القرار المطعون فيه هو قرار مجلس الوزراء بالموافقة على بيع كافة الأصول الثابتة والمخزون السلعي لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط إلى شركة بابكوك آند ولكوكس انترناشيونال انفستمنت إنك ، والذي قام بتنفيذه والتمهيد له وزير قطاع الأعمال تنفيذاً لبرنامج توسيع قاعدة الملكية (الخصخصة)، بعد أن قرر مجلس الوزراء إدراج شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ضمن ذلك البرنامج وفي هذا الإطار تم تكليف كل من الشركة القابضة للصناعات الهندسية والشركة التابعة (شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ) باتخاذ إجراءات الخصخصة وصدر قرارات الموافقة على تلك الإجراءات من كل من وزير قطاع الأعمال العام ورئيس مجلس الوزراء بالتنسيق مع وزير الكهرباء ، واعتمد مجلس الوزراء عملية البيع ، وصدر بها القرار المطعون فيه الذي على أساسه تم إبرام عقد البيع ، وهو ما يشكل قراراً إدارياً مما يكون الطعن عليه من اختصاص القضاء الإداري ، ولا يغير من ذلك أن يكون القرار الإداري المشار إليه تم على سند من إجراءا تولتها الشركة القابضة للصناعات الهندسية ، وهي إحدى الشركات القابضة التي تعتبر من أشخاص القانون الخاص بحسبانها من الشركات المساهمة التي يسرى عليها نصوص قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وفقا لما تقضى به المادة الأولى من مواد إصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون وبما لا يتعارض مع أحكامه، إلا أن صدوره على سند من تلك الإجراءات التي اتبعتها الشركة القابضة للصناعات الهندسية لا ينفى عن القرار المطعون فيه صفة القرار الإداري باعتباره إفصاحا للإدارة بما لها من سلطة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ذلك جائزاً وممكنا ابتغاء تحقيق مصلحة عامة، ومن ثم لا يُخرج الدعوى الماثلة عن نطاق الاختصاص الولائي المقرر لمحاكم مجلس الدولة، أو يجعلها غير مقبولة لانتفاء القرار الإداري ، ذلك أن الدولة لم تترك أمر الخصخصة سُدى ، كما لم تترك أمر تحديد المشروعات والشركات التي تطرح للخصخصة وتلك التي تبقى تحت سيطرة الدولة ، وتنفيذ خطتها، لتوسيع قاعدة ملكية شركات قطاع الأعمال العام من خلال تنفيذ برنامج الخصخصة والتحول إلى القطاع الخاص وتطوير أداء الشركات في إطار السياسة العامة للدولة ، لم تترك ذلك كله لشركات قطاع الأعمال العام ذاتها، سواء كانت من الشركات القابضة أو التابعة لتقرر بشأنها ما تشاء من قرارات ، وإنما حرصت على أن يكون تنفيذ هذه الخطة من اختصاص الدولة ووزاراتها ولجانها وأجهزتها الإدارية بموجب قرارات تصدر عنها وتحت رقابتها وإشرافها، وهو أمر ليس بغريب فالمال محل الخصخصة هو مال عام وحصيلة بيع المال العام هي من نصيب الخزانة العامة للدولة وليس من نصيب خزانة الشركات القابضة أو الشركات التابعة ، ومن ثم فقد أشركت الدولة معها الشركات القابضة في بعض إجراءات عمليات الخصخصة بمنحها قدر من اختصاصات الجهة الإدارية بتفويضها نيابة عن وزارة قطاع الأعمال العام في اتخاذ إجراءات البيع والخصخصة وإبرام عقد البيع تحت إشراف ورقابة ومتابعة واعتماد وزير قطاع الأعمال العام وفقاً لقرارات تنظيمية صادرة عن الدولة ، وتحت إشراف ومراقبة ومتابعة وموافقة واعتماد مجلس الوزراء المنوط به تنفيذ برنامج الخصخصة ، ومن ثم لا تكون الشركات القابضة حين تمارس وتباشر هذا الاختصاص المفوضة به من قبل الجهات الإدارية ، مباشرة له بصفتها شخص من أشخاص القانون الخاص ، وإنما تباشره بصفتها مفوضة من الدولة في اتخاذ إجراءات محددة ضمن برنامج الخصخصة وفقاً لموافقات سابقة وأخرى لاحقة واعتماد من الجهات الإدارية المسئولة عن الخصخصة للخطوات التمهيدية والنهائية ، وعلى ذلك فالشركات القابضة لا تملك أي حق في بيع أي قدر من المال العام إلا وفقاً لقرارات إدارية تصدر من السلطات الإدارية بالدولة ضمن برنامج الخصخصة تبدأ بتحديد الدولة للمشروعات والشركات التي يمكن طرحها للخصخصة، وما يتعين أن يبقى منها تحت سيطرة الدولة ، ووضع خطة شاملة للخصخصة مدعمة ببرنامج زمني في ضوء ما تقدمه الجهات المختصة من بيانات أو تقارير، واقتراح المعايير والضوابط التي تتم على أساسها الخصخصة ، وتوجيه صرف أو استثمار ناتج الخصخصة إلى الخزانة العامة ، ثم اعتمادها لتوصيات الوزراء المعنيين بشأن تقييم الشركات والأصول المطروحة للبيع وتحديد قيمتها والجدول الزمني لطرح هذه الشركات والأصول ، وتنتهي بتولي باعتماد مجلس الوزراء الذي يتعين عليه اعتماد لعملية البيع التي تتم في إطار برنامج الخصخصة.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن الجهات التي تتولى بيع مساهمات المال العام المملوكة للدولة والبنوك وشركات قطاع الأعمال العام والأشخاص الاعتبارية العامة، ومنها الشركة القابضة للصناعات الهندسية إنما تقوم بإجراءات البيع نيابة عن الدولة وأشخاصها الاعتبارية العامة، وبتفويض منها، ومن ثم فإن القرارات التي تصدرها تلك الجهات ما هي في حقيقة الأمر، إلا تعبيراً عن الإرادة الملزمة للدولة بقصد تنمية وتشجيع الاستثمار من خلال توسيع قاعدة ملكية شركات قطاع الأعمال العام تحقيقاً للمصلحة العامة، وتعد بهذه المثابة صادرة عن هذه الجهات باعتبارها سلطة عامة ، وتكون القرارات الصادرة في شأنها قرارات إدارية مما يندرج الطعن عليها ضمن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
وحيث إنه وفضلاً عما تقدم ، فإن الأموال التي تتولى تلك الجهات اتخاذ إجراءات طرحها وبيعها نيابة عن الدولة، فهي وإن كانت من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة، وفقا لما تقضى به المادة (12) من قانون قطاع الأعمال العام التي تنص على أن ” تعتبر أموال الشركة من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة…………”، إلا أن ذلك لا يحول دون إضفاء صفة القرار الإداري على القرارات التي تصدرها تلك الجهات للتصرف في هذه الأموال، إذ يتعين في هذا الشأن التمييز بين نوعين من الأعمال:
النوع الأول: ويشمل الأعمال التي تؤدى إلى اكتساب الدولة لملكية أموالها الخاصة أو التصرف فيها بأي تصرف ناقل للملكية كالبيع أو الهبة، أو مقيد لها كتقرير حق من الحقوق العينية الأصلية عليها كحق الانتفاع أو حق الارتفاق أو الحقوق العينية التبعية كالرهن الرسمي أو حقوق الامتياز:
وتصدر هذه الأعمال عن الدولة باعتبارها “سلطة عامة” وفقا للقوانين واللوائح التي تنظم كيفية قيامها بهذه الأعمال، والإجراءات والقواعد التي يتعين عليها الالتزام بها عند إجرائها لهذه التصرفات، كقوانين ولوائح المناقصات والمزايدات، وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين في شأن المال المملوك لها ملكية خاصة، بغية تحقيق مصلحة عامة. وبهذه المثابة تعتبر هذه الأعمال قرارات إدارية مما يختص قضاء مجلس الدولة بالفصل في المنازعات المتعلقة بوقف تنفيذها وإلغاءها والتعويض عن الأضرار الناتجة عنها.
النوع الثاني: ويشمل الأعمال التي بموجبها تمارس الدولة الحق في إدارة واستعمال واستغلال الأموال المملوكة لها ملكية خاصة والانتفاع بها، مثلها في ذلك مثل عموم الأفراد العاديين من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين:
ومن ثم لا يصدق على هذه الأعمال وصف القرار الإداري، وتخرج المنازعات التي تثور بشأنها عن الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة لتختص بها جهة القضاء العادي.
وقد اشترط قضاء مجلس الدولة الفرنسي لعدم إضفاء صفة الأعمال الإدارية على القرارات غير اللائحية التي تتعلق بإدارة الأموال المملوكة للدولة وأشخاصها الاعتبارية العامة ملكية خاصة Les decisions non reglementaires relatives a la gestion du domaine prive ألا تكون هذه القرارات منفصلة “Detachable” عن إدارة المال الخاص، أو تتعلق بتسيير مرفق عام “se rattache a l’execution d’un service public”. ومن ثم قضى مجلس الدولة الفرنسي باعتبار القرارات الصادرة بتقسيم استعمال بعض الأماكن الواقعة بمباني مملوكة للدولة ملكية خاصة بين بعض النقابات قرارات إدارية، كما قضى باعتبار القرار الصادر بالترخيص بقطع الأخشاب بإحدى الغابات المملوكة للدولة ملكية خاصة قراراً إدارياً لارتباطه بمرفق حماية الغابات.(Rene Chapus, Droit Administratif General, tom1, 11edition, p480-482)
وحيث إنه في ضوء ما تقدم، فإن القرار المطعون فيه، ولئن تعلق ضمن مراحله بإجراءات خصخصة وبيع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط كمال مملوك للدولة ملكية خاصة التي تولتها ـ في مرحلة من مراحل إجراءات البيع ـ الشركة القابضة للصناعات الهندسية رغم كونها شخص من أشخاص القانون الخاص ، إلا أنه يُعد قراراً إدارياً بامتياز، باعتبار أنه جاء تعبيرا عن الإرادة الملزمة لجهة الإدارة التي حددت شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ضمن برنامج الخصخصة وقررت معايير وضوابط خصخصتها ، وأنابت وفوضت الشركة القابضة المذكورة في التعبير عن هذه الإرادة بل واعتمدت تلك الإجراءات وأقرت بما انتهت إليه بالعرض على كل من وزير قطاع الأعمال العام ومجلس الوزراء ، وتضمن تصرفا ناقلا للملكية ببيع كافة الأصول الثابتة والمخزون السلعي لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط إلى شركة بابكوك آند ولكوكسانترناشيونال انفستمنت إنك ، ومن ثم لا يكون ثمة شك في الطبيعة القانونية للقرار المطعون فيه ، وبالتالي تختص هذه المحكمة بالفصل في طلب إلغاءه ، الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى والقضاء باختصاصها.
وحيث إنه وعن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة والمصلحة بالنسبة للمدعين، فإنه من المقرر أن المصلحة هي المساس بالمركز القانوني للمدعي في الدعوي الموضوعية أو الاعتداء علي حقه الذاتي في الدعوي الذاتية، أما الصفة في الدعوي فهي “قدرة الشخص علي المثول أمام القضاء في الدعوي كمدعي أو كمدعى عليه” فهي بالنسبة للفرد كونه أصيلاً أو وكيلاً، ممثلاً أو وصياً أو قيماً، وهي بالنسبة للجهة الإدارية كون المدعى عليه صاحب الاختصاص في التعبير عن الجهة الإدارية أو الشخص الاعتباري العام المدعي عليه في الدعوي والمتصل بها موضوعاً، والذي تكون له القدرة الواقعية علي مواجهتها قانوناً بالرد وبتقديم المستندات ، ومالياً بالتنفيذ ، وبينما الصفة مسألة شكلية تتضح قبل الدخول في الدعوي فإن المصلحة مسألة ذات صفة موضوعية لا تتضح ولا تبين إلا عند فحص موضوع الدعوي فيها، ومن ثم فإن التعرض للمصلحة يكون تالياً للتعرض للصفة، فالمصلحة شرط لقبول الدعوي، بينما الصفة شرط لمباشرة هذه الدعوي أمام القضاء وإبداء دفاع فيها، ذلك أنه قد يكون الشخص صاحب مصلحة تجيز له طلب إلغاء القرار، ومع ذلك لا يجوز له مزاولة هذه الدعوي بنفسه لقيام سبب من أسباب عدم الأهلية ، ومن المسلم أن شرط المصلحة هو شرط جوهري يتعين توافره ابتداء عند إقامة الدعوى، كما يتعين استمراره قائما حتى صدور حكم نهائي فيها ، وأنه على القاضي الإداري بما له من هيمنة إيجابية على إجراءات الخصومة الإدارية التحقق من توافر شرط المصلحة وصفة الخصوم فيها والأسباب التي بنيت عليها الطلبات، ومدى جواز الاستمرار في الخصومة في ضوء تغير المراكز القانونية لأطرافها، وذلك حتى لا يشغل القضاء الإداري بخصومات لا جدوى من ورائها ، كما أن دعوى الإلغاء دعوى عينيه تنصب على مشروعية القرار الإداري في ذاته وتستهدف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطلوب إلغاؤه فإذا حال دون ذلك مانع قانوني لا يكون ثمة وجه للاستمرار في الدعوى ويتعين الحكم بعدم قبولها لانتفاء شرط المصلحة.
(الطعن رقم 12915 لسنة 52 ق – جلسة 11/11/2006 – مكتب فني س 52 – الجزء 1- ص 129 ـ والطعن رقم 9122 لسنة 48 ق – جلسة 25/11/2006- س 52 – الجزء 1 – ص 142)

كما أن المستقر عليه أن الصفة تندمج في المصلحة في الدعاوى الإدارية وبخاصة دعاوى المشروعية ، وهو ما يعبر عنه بالمصلحة المانحة للصفة في التقاضي ، وهو ما أوجبته الطبيعة القانونية لهذه الدعاوى، كما فرضه هدفها الأسمى الذي استنت من أجله هذه الوسيلة القضائية لتكون ضماناً لمبدأ المشروعية الذي يرتكز عليه بناء الدول المتحضرة، والذي يؤسس عليه البنية التحتية التي يؤسس عليها بناء الحقوق والحريات المكفولة دستورياً ودولياً ، الأمر الذي لا يجوز معه تطبيق نص المادة (3) من قانون المرافعات المدنية والتجارية معدلة بالقانون رقم (81) لسنة 1996 في النزاع المثال وعلى النحو الذي يطبق بالدعاوى لما يمثله في ذلك من تعارض مع طبيعة المنازعة الإدارية وهو ما يفقد النص المشار إليه شرط انطباقه حرفياً على روابط القانون العام ،وهو ما أكدته المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ في حكمها الصادر في الطعن رقم 1522 لسنة 27ق عليا بجلسة 9/4/2007 ، وفي حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 5546 و 6013 لسنة 55 ق عليا بجلسة 27/2/2010 .
وحيث إن المادة (6) من الإعلان الدستوري المعمول به حاليا (المقابلة للمادة (33) من دستور جمهورية مصر العربية الساقط) قد نصت على أن (للملكية العامة حرمة، وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون) ، وبذلك فقد ألقى المشرع الدستوري على عاتق كل مواطن التزاماً بحماية الملكية العامة من أي اعتداء والذود عنها ضد كل من يحاول العبث بها أو انتهاك حرمتها، الأمر الذي من شأنه أن يجعل لكل مواطن صفة ومصلحة أكيدة في اللجوء للقضاء مطالبا بحماية الملكية العامة، سواء بإقامة الدعوى ابتداء أو بالتدخل في دعوى مقامة بالفعل. ومتى كانت شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط من الأموال المملوكة للدولة، فقد أصبح على كل مواطن، بما في ذلك المدعين والخصم المتدخل، واجب حمايتها بالمطالبة بالتحقق من مشروعية الإجراءات التي اتخذت للتصرف فيها ومدى صحة عقد بيع أسهمها، ومن ثم يتوافر للمدعين في الدعوى الصفة والمصلحة كما يتوفر للخصم المتدخل الصفة والمصلحة في تأييد المدعين في طلباتهم والانضمام إليهم للقضاء بهذه الطلبات، وبالتالي يغدو الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرطي المصلحة والصفة غير قائم على أساس سليم من القانون مما يتعين القضاء برفضه.
وحيث إنه وعن الدفع المبدى من شركة الشركة القابضة للصناعات المعدنية (المدعى عليها الخامسة) بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها لرفعها على غير ذي صفة وإخراجها من الدعوى بغير مصروفات ، تأسيساً على أن الشركة القابضة للصناعات الهندسية لم تحل محلها الشركة القابضة للصناعات المعدنية (المدعى عليها الخامسة) ، وإنما حل محلها الشركة التي اندمجت فيها وهي الشركة القابضة للصناعات الكيماوية (المدعى عليها الثامنة والخصم المُدخل في الدعوى) ، فقد جاء هذا الدفع قائماً على سند صحيح من القانون ، ذلك أن الشركة القابضة للصناعات المعدنية لم تقم بأي إجراء من إجراءات البيع للشركة التابعة حتى يكون لها صفة في الدعوى، وإنما القائم بتلك الإجراءات هي الشركة القابضة للصناعات الهندسية التي صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 940 لسنة 2003 بدمجها في الشركة القابضة للصناعات الكيماوية (المدعى عليها الثامنة) ، ومن ثم يضحي الدفع المشار إليه قائما على سنده من القانون الأمر الذي يتعين معه قبوله والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للشركة القابضة للصناعات المعدنية.
وحيث إنه وعن الدفع المبدى من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة (المدعى عليها الخامسة) بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها لرفعها على غير ذي صفة أو مصلحة وإخراجها من الدعوى بغير مصروفات ، فإنه لما كانت الهيئة المشار إليها هي من أصدرت القرارات رقم 230 لسنة 1989 بالترخيص بتأسيس شركة بابكوك و ويلكوكس مصر والتي تعدل اسمها بقرار الجمعية العامة غير العادية بتاريخ 26/11/200 إلى(الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية ، والقرار رقم 1184/2 لسنة 2006 بالترخيص بتقسيم الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية إلى شركتين ، وكانت تلك القرارات ذات أثر على إجراءات بيع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، سواء في قرارات الخصخصة أو ما عسى أن يترتب عليها من علاقات عقدية وتراخيص بتأسيس شركات وبتعديل بعض مواد نظمها الأساسية ، الأمر الذي تكون معه للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة الصفة في الدعوى في هذه الحدود ويكون للمدعين مصلحة في اختصامها بهذه الصفة ليصدر الحكم في مواجهتها ، ومن ثم يغدو الدفع فاقداً سنده وأساسه من القانون جديراً بالرفض.
وحيث إنه وعن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري ، فإنه دفع مردود بما سلف بيانه من توافر القرار الإداري الجائز الطعن عليه وفقاً للتكييف القانوني لطلبات المدعين ، بما يكون معه هذا الدفع خليقاً بالرفض.
وحيث إنه وعن الدفع المبدى من شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية بسقوط الحق في إقامة الدعوى لمضي خمسة عشر سنة مدة التقادم الطويل المسقط ، فإن المادة (374) من القانون المدني تنص على أن (يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون…) ، وتنص المادة (386/1) من القانون ذاته على أن (يترتب على التقادم انقضاء الالتزام ومع ذلك يتخلف في ذمة المدين التزام طبيعي) ، كما أن المادة (87) من القانون المدني ـ بحسبانها نصاً خاصاً يقيد القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة (374) من القانون المدني قد نصت على أن (1 ـ تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة ، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص.
2 ـ وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم).
وحيث إن الثابت أن أراضي ومصنع ومباني شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط هي من الأموال العامة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 2460 لسنة 1962 باعتبار مشروع إقامة مصنع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بناحية منيل شيحة مركز الجيزة محافظة الجيزة من أعمال المنفعة العامة ، والذي نصت المادة (1) منه على أن (يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع إقامة مصنع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بناحية منيل شيحة مركز الجيزة محافظة الجيزة الموضح بيانه وموقعه بالمذكرة والرسم المرافقين) ، ونصت المادة (2) منه على أن (يُستولى بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لإنشاء المشروع المذكور والبالغ مساحتها 134343 متراً مربعاً ” 31 فدان و 23 قيراط و 13 سهم ” ) ، ومن ثم فإن اعتبار مشروع إقامة مصنع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط على المساحة المشار إليها بناحية منيل شيحة والمنزوع ملكيتها من المواطنين من أعمال المنفعة العامة يجعل المشروع بأصوله المادية والمعنوية وأراضيه ومبانيه من الأموال العامة المملوكة للدولة ـ بصرف النظر عن مدى مشروعية قرار البيع ـ وبالتالي لا يتم تملك ذلك المشروع أو أراضيه بالتقادم ولا يسري في شأنه أحكام انقضاء الالتزام بالتقادم أياً كان نوعه وفقاً لحكم المواد (87) و (374) و (386/1) من القانون المدني ، الأمر الذي يغدو معه هذا الدفع فاقداً أساسه وسنده من صحيح حكم القانون خليقاً بالرفض.
وحيث إنه وعن مدى مراعاة المواعيد المقررة قانوناً لدعوى الإلغاء، فإن المحكمة ترجئ الفصل في هذه المسألة لحين الفصل في موضوع طلب الإلغاء.
وحيث إن الفصل في طلب الإلغاء يغني ـ بحسب الأصل ـ عن الفصل في طلب وقف التنفيذ.
وحيث إنه وعن موضوع طلب إلغاء القرار المطعون فيه، فإنه على الرغم من قيادة القطاع العام لنجاحات مهمة مكنت مصر من بناء أعظم مشروعاتها علي مر العصور ومنها السد العالي، وبناء قواعد هامة للصناعة الثقيلة والصناعات الاستهلاكية، وتنمية وتطوير قطاع الصناعة ومنه ذلك المشروع العملاق محل البيع في هذه الدعوى (المراجل البخارية وأوعية الضغط) ، بل ومكنت تلك النجاحات مصر من مواجهة التحديات الخارجية المتمثلة في الأطماع الإسرائيلية خلال الفترة الحرجة ما بين حربي 1967، و1973، التي أثبت الاقتصاد المصري خلالها وبالذات قطاعه الصناعي، قدرته علي تشكيل ركيزة أساسية للدولة، إلا أنه ومنذ بدء الانفتاح الاقتصادي فإن الحكومات المصرية المتتابعة، قد تركت هذا القطاع يغرق في سوء الأداء وسوء الإدارة وضعف كفاءة قياداته وتفشي الفساد في أرجائه، مما عرضه للخسائر وللتدخلات الخارجية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، وكان ذلك تمهيداً لطرح هذا القطاع للبيع للقطاع الخاص المصري والأجنبي ضمن عملية التحول نحو الاقتصاد الرأسمالي الحر في مصر، تنفيذاً لسياسات ومتطلبات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، بدلا من إصلاح هذا القطاع، مع فتح المجال أمام القطاع الخاص للعمل في جميع قطاعات الاقتصاد.
وحيث إن الخصخصة في ذاتها ليست شراً مستطيراً يجب مقاومته ، كما أنها ليست خيراً مطلقاً يتعين أن تذلل أمامه الطرق وتفتح الأبواب على مصراعيها ، فالخصخصة إنما تعني في مفهومها الفني قيام الدولة بتحويل ملكية المؤسسات العامة أو المشروعات العامة جزئياً أو كلياً إلى القطاع الخاص، وتهدف الخصخصة إلى تحسين الكفاءة الاقتصادية من خلال الاعتماد على آليات السوق والمنافسة، وتخفيف الأعباء المالية عن الدول التي تعاني من الخسارة الكبيرة في شركات القطاع العام، وتوسيع حجم القطاع الخاص، والاعتماد عليه أكثر في عملية النمو والتنمية، وعلى هذا فإن أسلوب الخصخصة يتضمن – إلى جانب تحويل ملكية المنشآت العامة إلى خاصة – التحول أيضا في أساليب العمل حيث يتم إتباع أساليب عمل جديدة تهتم في المقام الأول بالمنافسة وتلبية احتياجات السوق وهو ما يؤدي إلى الارتقاء بكفاءة وإنتاجية المؤسسات ،كما أنه يتضمن إعطاء السوق الحر والقطاع الخاص الدور الأكبر في المجتمع، وتتميز الخصخصة باستهدافها رفع الكفاءة الإنتاجية للمنشأة التي تم تخصيصها وتحسين أدائها، وتحسين نوعية وجودة الخدمات والسلع المقدمة للعملاء, وذلك من خلال الاقتراب من حاجات ورغبات العملاء، وترشيد التكاليف، وزيادة المنافسة بين الشركات، وزيادة فعالية الإدارة من خلال تقليص دور الدولة في إدارة المؤسسات العامة والتخلص من القيود الحكومية والروتينية والبيروقراطية، وتوسيع فرص الاستثمار المحلي والدولي، من خلال اجتذاب رؤوس الأموال المحلية والعالمية لشراء أو تأجير المشروعات أو الخدمات العامة، وإعادة توزيع مصادر وإيرادات الدولة بشكل أفضل ، إلا أن الشر المستطير الذي يصاحب الخصخصة المدمرة لاقتصاد الوطن هو الخصخصة القائمة على الإذعان لبيع القطاع العام بشروط المؤسسات الدولية لإعطاء القروض والتسهيلات الجديدة والسماح بإعادة الجدولة لبعض الديون الخارجية، سعياً نحو تصفية القطاع العام ، وهي الخصخصة التي بدأت الحكومة برنامجها في مصر عام 1991 بإعلان جمهوري في خطاب رئيس الجمهورية السابق بمناسبة الاحتفال بعيد العمال في الأول من مايو 1991بأن (الحكومة سوف تتبني الخصخصة كسياسة رسمية بهدف خلق اقتصاد أكثر حرية) ، وعلى إثر ذلك تم إنشاء مكتب قطاع الأعمال العام في 1992 بموجب اتفاقية بين برنامج التنمية للأمم المتحدة UNDP والحكومة المصرية للإشراف على برنامج الخصخصة ومتابعة تنفيذه ، والتنسيق لضمان توفير بيئة تنظيمية ملائمة للخصخصة وتسهيل عملية الرقابة ورفع التقارير للجهات العليا في الداخل والخارج، والتنسيق بين الجهود التي تبذلها الأطراف المتعددة من جانب الحكومة (بما فيها الشركات القابضة والشركات التابعة لها) والمانحين ومستشاريهم من الدول الأجنبية، ومن ثم اتضحت الإرادة الأجنبية في إخضاع السيادة المصرية لسياسات الخصخصة في تقرير أصدرته السفارة الأمريكية بالقاهرة في 1991 دعت فيه مباشرة إلى التخلي عن الملكية العامة حيث ورد بالتقرير: ” إن انتشار نظام ملكية الدولة في القطاع الصناعي قد وضع عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد القومي وعلى ميزانية الدولة، بما خلقه من مشروعات عديدة تتسم بقلة الكفاءة، وتضخم العمالة بلا مبرر، ومن نظام الدعم والتحكم في تفاصيل النشاط الاقتصادي، بهدف حماية القطاع العام من المنافسة، الأمر الذي شجع على تبديد الموارد وشوه مسارها، وخنق الحافز على زيادة الإنتاج” ( u.s.a embassy in cairo:foreign economic trends and their , implications for the u.s , report for the a. r.e ,april 1991 , p. 3)

وحيث إنه من المقرر أن أساليب الخصخصة وأشكالها تتحدد أهمها فيما يلي:

أولاً ـ البيع المباشر أو التجاري وهو البيع الذي يتم في حالات الشركات الخاسرة أو بيع الشركات العامة كوحدات منفصلة أو في حالة عدم وجود سوق مالية نامية تصلح لتنفيذ عمليات الخصخصة، وغالباً ما يستخدم البيع المباشر لما يعرف بالمستثمر الاستراتيجي أو المستثمر الرئيسي.
ثانياً ـ البيع للجمهور(IPO) أو لمستثمر رئيسي من خلال بورصة الأوراق المالية ،ويتم هذا النوع من البيع من خلال طرح أسهم الشركات العامة في بورصة الأوراق المالية لأكبر عدد من الجمهور، ويحقق هذا النوع من البيع مفهوم توسيع قاعدة الملكية في عمليات الخصخصة، ويتوقف نجاحه على عوامل كثيرة منها أساليب التقييم والقيم التي تطرح بها الأسهم ومدى نمو وتطور سوق المال ومؤسساته وأساليب إدارة السوق وكذلك نظافة البرنامج وعلانية وشفافية جميع الإجراءات.
ثالثاً ـ البيع لمستثمر رئيسي بالتفاوض المباشر.
رابعاً ـ البيع لاتحادات العاملين المساهمين، والذي غالباً ما يكون بتسهيلات ومزايا خاصة ومشجعة ، ويتطلب نجاح هذا الأسلوب تدريب العاملين والمديرين على التحول إلى إدارة المشروعات الخاصة.
خامساً ـ التصفية القانونية للشركات العامة وبيع مكوناتها كوحدات منفصلة أو
كأصول منتجة لشركات ومستثمري القطاع الخاص.
سادساً ـ تأجير الشركات والوحدات الإنتاجية والأصول للقطاع الخاص، لتشغيلها حيث تبقى الملكية للحكومة وتؤجر الأصول بمقابل للاستغلال من قبل المستثمرين.
وحيث إنه وعن الإجراءات التي يمر بها البيع لمستثمر رئيسي ، فإنها تتحصل فيما يلي:
(1) تقوم الشركات القابضة ـ بعد تخير مجلس الوزراء للمشروع أو الشركة محل الخصخصة ـ بإسناد عمليات تقييم الشركات التابعة المراد بيعها لاستشاريين محليين وعالميين، ويتم التقييم من خلال الاستشاريين بالأسلوب الذي يتفق مع طبيعة نشاط الشركة. ويقوم المكتب الفني لوزير قطاع الأعمال العام بدور المنسق بين الاستشاريين ، كما يقوم خبراء من الشركات التابعة تحت إشراف الشركة القابضة المعنية بإجراء تقييمات مماثلة .
(2) يتم اعتماد هذه التقييمات من الجهاز المركزي للمحاسبات باعتباره بيت الخبرة المالي الوطني، والمراقب الوطني لحسابات الشركات العامة. ويتم هذا الاعتماد بعد المراجعة وأخذ كافة ملاحظاته موضع الاعتبار.
(3) تعرض هذه التقييمات بعد اعتمادها من الجهاز المركزي للمحاسبات على الجمعية العامة للشركة التابعة لدراستها واعتمادها، وتصدر القرارات بالإجماع.
(4) تعرض التقييمات بعد ذلك على مجلس إدارة الشركة القابضة للدراسة والاعتماد ويصدر القرار بالإجماع.
(5) بعد اعتماد تقييم الشركة من الجهات المذكورة تتم وزير قطاع الأعمال العام على بيع الشركة لمستثمر رئيسي ، وبعد موافقة الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة على البيع تقوم الشركة القابضة باختيار المروج أو تتولى القيام بنفسها عملية الترويج والبيع.
(6) يقوم المروج أو الشركة القابضة (حسب الحالة) بإعداد مذكرات البيانات ومواد الترويج وإعلانات الترويج والبيع.
(7) تنشر إعلانات الترويج والبيع في الصحف المحلية والعالمية التي تتيح للمستثمر الإطلاع على كافة البيانات والوثائق والإفصاح عن الشركة المطروحة وتحدد له شروط البيع وتسمح له بالفحص الفني والمالي والقانوني للشركة المطروحة وإجراء التقييمات اللازمة من وجهة نظره كمشترى Due Delegence .
(8) يتقدم المشترى قبل نهاية المدة المحددة في الإعلان بعرضه الفني والمالي.
(9) تقوم الشركة القابضة بتشكيل لجنة لتلقى العروض وفضها ويدعى لها ممثلو الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية ويتم فض العروض في جلسة علنية.
(10) تشكل لجنة للبت في العروض المقدمة بنفس الطريقة والتكوين الخاص بلجنة تلقى العروض. وتتم عملية البت بعد تقييم فني ومالي دقيق.
(11) تحدد لجنة البت أفضل العروض من الناحية الفنية والمالية ويتم مفاوضة المشترى إذا كان العرض أقل من قيمة الشركة المعتمدة ، وتقدم اللجنة توصياتها.
(12) تعرض توصية لجنة البت على مجلس إدارة الشركة القابضة الذي يدرس توصية اللجنة ويصدر قراره (بالإجماع).
(13) يعرض قرار مجلس الإدارة على الجمعية العامة للشركة القابضة التي تصدر قرارها (بالإجماع).
(14) يعرض قرار الجمعية العامة للشركة القابضة على وزير قطاع الأعمال ، ثم تتم موافقة مجلس الوزراء على عملية البيع.
(15) تقوم الشركة القابضة بإعداد عقد البيع الذي يتم توقيعه مع المشترى ـ نيابة عن الدولة مالكة المال العام ـ بعد أن يكون قد سدد الثمن المتفق عليه .
( في هذا المعنى: الإصلاح الاقتصادي والخصخصة (التجربة المصرية) ـ بحث لوزير قطاع الأعمال العام /د. مختار خطاب ـ 2003 ـ مجلس الوزراء ـ وزارة قطاع الأعمال العام باعت في عهد الوزير الباحث 203 شركة تمتلكها الدولة)

وحيث إن القاعدة المستقرة هي أن القرار الإداري يجب أن يقوم على سبب يبرره في الواقع وفى القانون، وذلك كركن من أركان انعقاده، والسبب في القرار الإداري هو حالة واقعية أو قانونية تحمل الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانوني هو محل القرار ابتغاء الصالح العام الذي هو غاية القرار. وأنه ولئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراها ويفترض في القرار غير المسبب أنه قام على سببه الصحيح ما لم تكشف الأوراق عن عدم مشروعية السبب، إلا أنها إذا ذكرت أسباباً له فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار.
وحيث إنه وعن مدى مشروعية القرار المطعون فيه ، فإن بحث مدى سلامة القرار أو عدم مشروعيته يتصل اتصالاً مباشراً بالمراحل التي اكتنفت إصدار القرار بدءاً من مدى جواز خضوع الشركات والأصول المؤممة أو المنزوع ملكيتها للخصخصة وما ينجم عنها من مخاطر تغيير غايات التأميم أو نزع الملكية أو التصرف في الأراضي المقام عليها الشركات أو المشروعات محل التأميم أو نزع الملكية للمنفعة العامة ، ومدى مشروعية تخير وتحديد شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط كأحد الشركات التي يتعين بيعها على وجه السرعة ضمن برنامج توسيع قاعدة الملكية (الخصخصة) ، ومروراً بمدى مشروعية تحويل فكرة خصخصة تلك الشركة من أسلوب الخصخصة على أساس مشاركة الشركات العالمية مع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط في شركة مشتركة لتحقيق غايات خطة الدولة ووزارة الكهرباء لدعم إنشاء عدد من محطات القوى الكهربائية الضخمة لاستخدام المراجل ذات السعات الكبيرة لتوليد الطاقة الكهربائية إلى أسلوب البيع الكامل لكافة الأصول الثابتة للشركة ومخزونها السلعي ومدى تحقق غايات الخصخصة بإتباع الأسلوب الثاني ، ثم مدى مشروعية الضوابط والقواعد التي قررها المكتب الاستشاري لتقييم الشركة ، ومدى سلامة تقييم الشركة ، وانتهاءً بمدى مشروعية الترسية والبت على المشتري وسلامة بنود التعاقد في ضوء هدف حماية المال العام واستمرار النشاط ورعاية حقوق العاملين.

ومن حيث إنه وعن مدى جواز خضوع الشركات والأصول المؤممة أو المنزوع ملكيتها للخصخصة وما ينجم عنها من مخاطر تغيير غايات التأميم أو نزع الملكية أو التصرف في الأراضي المقام عليها الشركات أو المشروعات محل التأميم أو نزع الملكية للمنفعة العامة ، فقد ذهبت المحكمة الدستورية العليا إلى أن التأميم إنما يعني نقل ملكية أموال المشروع الخاص إلي الدولة بأكملها أو في جزء منها وفقا لما يقرره قانون التأميم بتعويض تؤديه الدولة التي آل إليها المشروع المؤمم لأصحابه وفقا لأنصبتهم في رأس ماله , ولم يتدخل المشرع بقوانين التأميم لتصفية المشروعات التي أخضعتها لأحكامها أو لإنهاء الشخصية الاعتبارية التي كانت لها من قبل التأميم وإنما نقل المشرع مباشرة ملكيتها جزئيا أو كليا إلي الدولة مؤكدا في الحالتين احتفاظها بشخصيتها الاعتبارية السابقة واستمرارها في مباشرة نشاطها ويظل نظامها القانوني وذمتها المالية مستقلين عن شخصية الدولة وذمتها المالية ومن ثم فإن التأميم إذا ما فرض علي المنشأة لا ينصرف إلى ما لا تملكه هذه المنشأة، فإذا كان العقار الذي تشغله المنشأة المؤممة مؤجراً لها فإن التأميم لا يرد علي العقار إنما فقط يرد علي حق الإيجار باعتباره عنصرا من عناصر المنشأة المؤممة .
(الطعن رقم 16 لسنــة 9 ق ـ تنازع – جلسة 7/3/1992 ـ المكتب الفني س 5 – الجزء 1 – الصفحة 431).
وحيث إن إفتاء الجمعية العامة لقسمي الفتوى والتشريع قد استقر على أن الأموال التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة تعتبر من أموال الدولة العامة، وهذه الأموال طبقاً للمادة (87) من القانون المدني لا يجوز التصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم . ومن ثم فإن الأراضي المنزوع ملكيتها للمنفعة العامة لا تدخل ضمن أصول الشركة ، وأن نقل المال العام من جهة إلى أخري ليس نقلاً لملك يتمكن به المنقول إليه من استغلاله والتصرف فيه ، وإنما هو في حقيقته نقل إشراف ورعاية وصيانة وإدارة لمال هو خارج عن مجال التعامل بموجب تخصيصه للنفع العام ، وقد انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في ختام فتواها إلى أن: (الأراضي التي نزعت ملكيتها للمنفعة العامة لصالح الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية تُعد من الأموال العامة ، ولا تدخل ضمن أصول الشركة المصرية للاتصالات) .
(فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ـ ملف رقم 7 / 2 / 275)
كما أن كل من إدارة الفتوى لوزارتي الخارجية والعدل والجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في فتويين لها بمناسبة طلب الرأي حول مدى جواز مساهمة إحدى المحافظات في تأسيس شركة استثمارية بالمشاركة في رأسمالها بحصة عينية عبارة عن قطعة أرض تمثل جزءاً من مسطح منزوع ملكيته للمنفعة العامة ، فانتهت إدارة الفتوى لوزارتي الخارجية والعدل في فتواها رقم 260 بتاريخ 20/7/1987 إلى عدم جواز ذلك وعدم جواز السير في إجراءات تسجيل قطعة الأرض على سند من القول بأنه ( كان يتعين على المحافظة احترام الغرض الذي نزعت من أجله ملكية العقار وهو إقامة مشروع للإسكان العاجل وعدم مجاوزته بتقديم قطعة الأرض كحصة عينية في إحدى شركات الاستثمار ) ، وبجلسة الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في 21/6/1989 انتهت إلى تأييد فتوى إدارة الفتوى المشار إليها ، وأعيد عرض الموضوع ذاته على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بناء على الطلب المقدم من وزير العدل إلى المستشار رئيس مجلس الدولة للعرض على الجمعية للعدول عن ذلك الرأي والإفتاء بقانونية التخصيص ، وبإعادة العرض بتاريخ 17/10/1990 استبان للجمعية أن: “ ما انتهت إليه بجلستها سالفة البيان من عدم قانونية تخصيص المسطح المنزوعة ملكيته للمنفعة العامة كحصة عينية من المحافظة في رأسمال شركة استثمارية يقوم على ما حرص الدستور على تأكيده من صون للملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون ، وأن رئيس الجمهورية في الحالة المعروضة قد أصدر قراره رقم 1071 لسنة 1969 بنزع ملكية العقارات الكائنة بزمام ناحية ساقية مكي بمدينة الجيزة للمنفعة العامة لإقامة “مشروع الإسكان العاجل لتوفير السكن الصحي للمواطنين ” ومن ثم فقد كان يتعين على جهة الإدارة (محافظة الجيزة ) احترام الغرض من نزع ملكية المسطح المشار إليه وعدم مجاوزته إلى حد تقديم جزء من المسطح كحصة عينية في رأس مال الشركة الاستثمارية ، وأنه لا ينال من ذلك القول بأن المشرع في التقنين المدني نص على حالات إنهاء تخصيص المال العام للمنفعة العامة كوسيلة لتحويله إلى مال خاص ، ومن بين هذه الحالات صدور قرار من الوزير المختص بإنهاء التخصيص ، وأن المحافظ بمقتضى قانون نظام الإدارة المحلية أضحت له بالنسبة لجميع المرافق العامة التي تدخل في اختصاصه جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء في القوانين واللوائح ، مما يجوز معه صدور قرار من المحافظ بإنهاء تخصيص المال للمنفعة العامة وتحويله إلى مال خاص ثم استخدامه كحصة عينية في شركة ، فهذا القول مردود عليه بأن: حالات إنهاء تخصيص المال العام للمنفعة العامة المشار إليها في المادة (88) من القانون المدني لا تنطبق إلا على الأموال العامة المملوكة للأشخاص العامة بهذا الوصف (ابتداءً) ، دون تلك التي نُزعت ملكيتها من الأفراد لتحقيق غرض معين ذي نفع عام، والتي لا تفقد صفتها كأموال عامة إلا بانتهاء الغرض الذي خُصصت من أجله تلك الأموال للمنفعة العامة طبقاً لصريح نص المادة (88) المشار إليها ، والقول بغير ذلك يشكل انتهاكاً صارخاً لأحكام نزع الملكية للمنفعة العامة التي لم تتقرر إلا استثناءً وفي حدود معينة مما يتعين معه الاقتصار على تلك الحدود وعدم مجاوزتها” ، وارتأت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أن تلك الأسباب التي قام عليها إفتاؤها السابق صحيحة في الواقع والقانون وأكدت الفتوى على مسائل ومبادئ متعددة منها : (أن الجهة الإدارية ليست شركة ولا تاجراً) ، وأنه (لا يحق للجهة الإدارية أن تخرج عن الغرض المحدد لنزع الملكية للمنفعة العامة جرياً وراء تحقيق مصلحتها المالية ، فذلك مما يتسم بعدم المشروعية لما فيه من إهدار للضمانات التي حددها الدستور لنزع الملكية وانحراف بهذه الوسيلة عن الغرض الذي شُرعت من أجله) ، وأنه: (لا يصح في هذا المقام التعلل بالمصلحة العامة ، إذ ليست هناك مصلحة عامة تتحقق بمخالفة أحكام القانون والدستور) ، وعقبت الفتوى على القول بأن قرار رئيس الجمهورية بنزع ملكية تلك الأراضي للمنفعة العامة قد انقضى عليه ما يزيد على عشرين عاماً ، وأن ملاك تلك الأراضي تقاضوا مقابل نزع الملكية رضاءً بقيمته أو قضاءً ، فأكد الإفتاء على: (أن ذلك لا يغير من وجه الرأي الصحيح في المسألة في شيء، من حيث أثر القرار في ضم ملكيتها إلى ملكية الدولة العامة ، وتخصيصها للغرض الذي حدده ذاك القرار ، وليس في القانون ما يجعل للمحافظة أو للإدارة العامة أن تخرجها من تلك الملكية إلى الملكية الخاصة للشركة الخاصة التي أرادت المحافظة أن تسهم في رأسمالها بقيمة تلك الأرض كحصة عينية فيه) ، وانتهى رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى تأييد فتواها السابقة بجلسة 21/6/1987 في هذه المسألة.
(فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع رقم 1071 بتاريخ 18/12/1990 ـ ملف رقم 100/1/73 برئاسة المستشار عبد الفتاح محمد صقر رئيس الجمعية)
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن كل من التأميم و نزع الملكية للمنفعة العامة يتم بهما نقل ملكية الأموال المملوكة ملكية خاصة إلي ملكية الدولة وفقا لما يقرره قانون التأميم أو القرار الجمهوري بنزع الملكية للمنفعة العامة وذلك بتعويض تؤديه الدولة التي آلت إليها الملكية الخاصة إلى مالكي الأرض أو المشروع , وتحتفظ تلك المشروعات بشخصيتها الاعتبارية السابقة وتستمر في مباشرة نشاطها ويظل نظامها القانوني وذمتها المالية مستقلين عن شخصية الدولة وذمتها المالية ، وبذلك فإن الأموال التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة تعتبر من أموال الدولة العامة ، ولا يجوز التصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم ، وبالتالي لا تدخل ضمن أصول الشركة ، كما أنه من المتعين احترام الغرض الذي نزعت من أجله ملكية العقار وعدم مجاوزته إلى أي غرض مغاير، وأساس ذلك هو ما حرص الدستور على تأكيده من صون للملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون ، وأن حالات إنهاء تخصيص المال العام للمنفعة العامة المشار إليها في المادة (88) من القانون المدني لا تنطبق إلا على الأموال العامة المملوكة للأشخاص العامة بهذا الوصف (ابتداءً) دون تلك التي نزعت ملكيتها من الأفراد لتحقيق غرض معين ذي نفع عام ، والتي لا تفقد صفتها كأموال عامة إلا بانتهاء الغرض الذي خُصصت من أجله تلك الأموال للمنفعة العامة طبقاً لصريح نص المادة (88) المشار إليها ، والقول بغير ذلك يشكل انتهاكاً صارخاً لأحكام نزع الملكية للمنفعة العامة التي لم تتقرر إلا استثناءً وفي حدود معينة مما يتعين معه الاقتصار على تلك الحدود وعدم مجاوزتها” ، وبالتالي فإن الجهة الإدارية المالكة للمال العام المنزوع ملكيته أو المؤمم ليست شركة وليست تاجراً ، ولا يحق لها أن تخرج عن الغرض المحدد لنزع الملكية للمنفعة العامة جرياً وراء تحقيق مصلحتها المالية حتى ولو كانت سداد ديون الشركات التابعة الخاسرة وفق برنامج الخصخصة، فلا يجوز لها السماح بتغيير النشاط الذي تقررت له نزع الملكية للمنفعة العامة أو الذي تقرر تأميمه لغايات محددة ، سواء بنفسها أو بفعل الغير تحت سمعها وبصرها ، فذلك مما يتسم بعدم المشروعية لما فيه من إهدار للضمانات التي حددها الدستور لنزع الملكية والتأميم وانحراف بهاتين الوسيلتين عن الغرض الذي شُرعتا من أجله ، ولا يصح في هذا المقام التعلل بالمصلحة العامة الداعية لإتباع أسلوب الخصخصة، إذ ليست هناك مصلحة عامة تتحقق بمخالفة أحكام القانون والدستور، ومن ثم لا يجوز في مجال سياسات الخصخصة أن تكون الأرض المؤممة أو المنزوع ملكيتها للمنفعة العامة المقام عليها المشروع أو الشركة التابعة المراد خصخصتها وطرحها للبيع محلاً للبيع من الدولة ممثلة في وزير قطاع الأعمال العام أو وزير المالية أو وزير الاستثمار أو مجلس الوزراء أو الشركات القابضة إلى المستثمر أو المشتري للشركة أو المشروع ، أو محلاً للبيع من جانب المستثمر أو المشتري إلى الغير سواء احتفظ ذلك الغير بنشاط الشركة أو المشروع أو لم يحتفظ بذلك النشاط ، فالمال محل التأميم أو المال محل نزع الملكية قد صار في الملكية العامة للدولة ، مخصصاً للغرض الذي حدده القانون أو القرار ، وليس في القانون ما يجعل للدولة ـ أياً من كان يمثلها ـ أن تخرجها من تلك الملكية إلى الملكية الخاصة للمشتري أو المستثمر أو للشركة الخاصة المشترية ، وبالتالي لا يجوز للأموال التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة أو التي تكون محلاً للتأميم بحسبانها من أموال الدولة العامة ، أن تكون محلاً للتصرف فيها ، أو الحجز عليها ، أو تملكها بالتقادم ، أو تغيير الغرض الذي تم على مقتضاه التأميم أو نزع الملكية ، كما لا تخضع تلك الأموال للتسجيل للغير بالشهر العقاري أو السجل العيني أو للرهن أياً كان نوعه ولا يترتب عليها للغير أي من الحقوق العينية التبعية سواء أكان رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً أو حق اختصاص أو حق امتياز .
وحيث إنه وبإنزال ما تقدم على القرار المطعون فيه بالموافقة على بيع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط إلى شركة بابكوك آند ولكوكس انترناشيونال انفستمنت إنك ، شاملة الأرض ، فإن الثابت من الأوراق أن أراضي ومصنع ومباني شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط هي من الأموال العامة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 2460 لسنة 1962 باعتبار مشروع إقامة مصنع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بناحية منيل شيحة مركز الجيزة محافظة الجيزة من أعمال المنفعة العامة ، والذي نصت المادة (1) منه على أن (يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع إقامة مصنع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بناحية منيل شيحة مركز الجيزة محافظة الجيزة الموضح بيانه وموقعه بالمذكرة والرسم المرافقين) ، ونصت المادة (2) منه على أن (يُستولى بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لإنشاء المشروع المذكور والبالغ مساحتها 134343 متراً مربعاً ” 31 فدان و 23 قيراط و 13 سهم ” ) ، ومن ثم فإن اعتبار مشروع إقامة مصنع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط على المساحة المشار إليها بناحية منيل شيحة والمنزوع ملكيتها من المواطنين من أعمال المنفعة العامة يجعل المشروع بأصوله المادية والمعنوية وأراضيه ومبانيه من الأموال العامة المملوكة للدولة وبالتالي يُعد المشروع من الأموال التي لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم ، وفقاً لحكم المادة (87) من القانون المدني ، ومن ثم تكون شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ـ بجميع أصولها المادية والمعنوية ومصنعها ومبانيها ـ هي إحدى الشركات المنزوع ملكية أراضيها للمنفعة العامة لأغراض محددة ـ وفقاً للمادة (3) من نظامها الأساسي تتحدد في:
1 ـ إنتاج المراجل البخارية بكافة أنواعها سواء مراجل مواسير اللهب أو مراجل مواسير المياه لكافة الأغراض سواء كانت صناعية أو خدمية ، وكذا محطات القوى الكهربائية بجميع سعاتها.
2 ـ إنتاج أوعية الضغط للأغراض الصناعية والبترول من مختلف السعات.
3 ـ إنتاج أوعية نقل وتخزين الغازات السائلة من جميع السعات.
4 ـ إنتاج وحدات تحلية مياه البحر من السعات المختلفة.
5 ـ إنتاج وحدات معالجة مياه الشرب ومياه الصرف الصحي ومخلفات المصانع.
6 ـ إنتاج وحدات معالجة مياه المراجل من السعات المختلفة.
7 ـ إنتاج المبدلات الحرارية.
8 ـ إنتاج المعدات الاستثمارية.
9 ـ الاتجار في تلك المنتجات وتصديرها وتقديم الخدمات اللازمة لهذه الأغراض.
وبالتالي تظل تلك الشركة المنزوع ملكية أراضيها والمعتبرة قانوناً بكافة أصولها ومصنعها ومبانيها من الأموال العامة المملوكة للدولة ملكية عامة ، ولا يجوز للجهة الإدارية المالكة للمال العام المنزوع ملكيته والمخصص للمنفعة العامة أن تخرجه عن الغرض المحدد للمنفعة العامة، أو تسمح بالتعامل عليه بنفسها أو عن طريق الغير جرياً وراء تحقيق مصلحتها المالية ، حتى ولو كانت سداد ديون الشركات التابعة الخاسرة وفق برنامج الخصخصة، كما لا يجوز لها السماح بتغيير النشاط الذي تقررت له نزع الملكية للمنفعة العامة ولغايات محددة ، كما لا يجوز لها بيع أراضي تلك الشركة لأية جهة أو السماح للغير بالتعامل أو بيع تلك الأراضي ، فذلك مما يتسم بعدم المشروعية لما فيه من إهدار للضمانات التي حددها الدستور للتأميم وانحراف بهذه الوسيلة عن الغرض الذي شُرعت من أجله ، كما لا يجوز للجهة الإدارية إنهاء تخصيص المال العام المنزوع ملكيته أو الذي تقرر اعتباره من أعمال المنفعة العامة لغايات معينة ، إذ لا تنطبق المادة (88) من القانون المدني إلا على الأموال العامة المملوكة للأشخاص العامة بهذا الوصف (ابتداءً) ، دون تلك التي تم نزع ملكيتها من الأفراد لتحقيق غرض معين ذي نفع عام ، والتي لا تفقد صفتها كأموال عامة إلا بانتهاء الغرض الذي خُصصت من أجله تلك الأموال للمنفعة العامة طبقاً لصريح نص المادة (88) المشار إليها ، والقول بغير ذلك يشكل انتهاكاً صارخاً لأحكام نزع الملكية للمنفعة العامة التي لم تتقرر إلا استثناءً وفي حدود معينة مما يتعين معه الاقتصار على تلك الحدود وعدم مجاوزتها، ومن ثم فمتى قامت الجهة الإدارية ببيع أراضي شركة النصر للمراجل البخارية ضمن طرح الشركة في مزايدة عامة ، وسمحت ولو ضمناً للمستثمر المشتري بالتصرف في الأرض أو استعمالها في غير الأغراض الصناعية ، أو نقل عامليها إلى مصانع أخرى ، وتفكيك معداتها وآلاتها وأدواتها وهدم مبانيها وتفريغ المشروع من غاياته وأهدافه المقررة لغايات تقرير المنفعة العامة ، فإن قرارها المطعون فيه يكون قد خرج عن نطاق المشروعية خروجاً جسيماً ، وصار فعلاً مادياً معدوماً يجعله والعدم سواء.

وحيث إن هذا العمل المادي المتخذ صورة قرار إداري تحت ستار ما أسمته الحكومات المتعددة توسيع قاعدة الملكية يجد كذلك سند وصمه بالانعدام في أن تقرير المنفعة العامة لمشروع إقامة مصنع شركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط لم يتم على أموال مملوكة ابتداءً للدولة ، ولم يكن الطريق مفروشاً بالورود وإنما دفع ثمنه الملاك الأصليين لتلك الأراضي بتعويض ضئيل طوعاً أو اختياراً ، ولم يكن يواسي فقدهم لملكيتهم الخاصة سوى ما يتطلعون إليه ومعهم جموع المواطنين من نهضة تنموية وعدالة اجتماعية ، فإذا بهم يجدون ملكهم الخاص المُسلم إلى الدولة لغايات المنفعة العامة يستأثر به مستثمر أو مشتري بغير سند من القانون وبمعاونة بعض الساسة الذين لم يتفهموا كيف تكون الخصخصة مصدر خير للمجتمع وقصروا معناها على مجرد تصفية المال العام دون اعتبار للملاك المنزوعة ملكية أراضيهم للمنفعة العامة الذين إن تغيرت غايات نزع الملكية وأعلنت الدولة أنها قد أنهت التخصيص للمنفعة العامة فإنهم يكونون أولى بأراضيهم من الدولة ذاتها عندما تنزل عنها للغير ، وأولى من مستثمر لم يحقق استمرار الغايات من المنفعة العامة واستهدف مجرد الربح على أشلاء كل من منفعة البلاد وحقوق المنزوعة ملكية أراضيهم من العباد ، وهو أمر ينحدر بقرار من هذا النوع إلى مدارج الانعدام فلا ينتج أثراً ويصير والعدم سواء.
وحيث إنه وعن تخير وتحديد شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط كإحدى الشركات التي يتعين بيعها لتكون من بواكير تجارب الخصخصة ، فإنه ولئن كان للجهة الإدارية سلطة تقدير التصرف في المال المملوك للدولة أو تخير سُبل استعماله ، إلا أن هذه السلطة ليست سلطة مطلقة ، وإنما هي سلطة يحدها عيب الانحراف في استعمال السلطة فيتعين أن تكون ثمة ضرورة ملحة أوجبت التصرف في المال العام المطلوب التصرف فيه لما يمثله من عبء على خزانة الدولة يعوق أدائها لواجباتها المقررة قانوناً ، وألا تكون الدولة ممثلة في الحكومات المصرية المتتابعة، قد تركت هذا الشركة التي تقرر بيعها تغرق في سوء الأداء وسوء الإدارة وضعف كفاءة القيادات وتفشي الفساد بما يعرضها للخسائر ، وأن تكون الدولة قد بذلت من الجهد ما يكفي لإصلاحها وإعادة هيكلتها ، وألا يكون البيع لمجرد الانصياع لمتطلبات جهات أجنبية أو اتفاقات دولية تمس سيادة القرار السياسي والاقتصادي للبلاد بغاية طرح الشركة ضمن قطاع الأعمال العام للبيع للقطاع الخاص المصري والأجنبي ضمن عملية التحول نحو الاقتصاد الرأسمالي الحر في وقت لم تكن الشركة تحتاج سوى بعض الإصلاح الرشيد.
وحيث إن الثابت من الأوراق أنها أجدبت عن مبرر واحد يدعو إلى تخيرها ضمن الشركات الواجب خصخصتها حيث لم تكن ثمة ضرورة ملحة أوجبت التصرف في المال العام المملوك للدولة ببيع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، وبالتالي لم تكن خصخصة تلك الشركة إلا استجابة لمتطلبات تمويل الجهات الأجنبية لقرارات الخصخصة في مصر والتي كانت خير شاهد على التدخل السافر في الشئون الاقتصادية الداخلية للبلاد وتسخير أموال المنح والهبات المشروطة للمساس بسيادة الوطن وتحقيق غايات الخصخصة دون النظر لأية اعتبارات اجتماعية ، وذلك على ما تكشف عنه (اتفاقية منحة مشروع الخصخصة بين حكومتي جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية) ـ ممثلة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ـ الموقعة بالقاهرة بتاريخ 30/9/1993 ، والصادر بالموافقة عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 534 لسنة 1993 والتي حظيت بموافقة مجلس الشعب المنحل وذلك بتاريخ 8/3/1994 وتصديق رئيس الجمهورية السابق بتاريخ 12/3/1994 ونشرت بالجريدة الرسمية بقرار وزير الخارجية رقم 39 لسنة 1994 بتاريخ 5/5/1994 والتي استهدفت مساعدة الممنوح (جمهورية مصر العربية) في تنفيذ برنامجه للخصخصة من خلال التطوير المؤسسي وتقديم المساعدة لبيع مشروعات وأصول عامة تبلغ 150 مشروعاً وأصل من الأصول الكبيرة التي تمتلكها الحكومة المصرية ، وهو ما يصم تخير شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بالانحراف في استعمال السلطة بما يجعل القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقرير بيعها ضمن فاقداً سنده وأساسه من القانون.
وحيث إنه وعن مدى توافق القواعد التي حكمت خصخصة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط مع أحكام قانون قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 ، فإن الثابت من استقراء المجلدات الثلاث التي قدمتها الجهة الإدارية وما تضمنته من قواعد وضوابط تم على أساسها تقييم هذه الشركة أنها قد خالفت الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 التي لا تجيز التصرف بالبيع في أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بعد موافقة الجمعية العامة وطبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية، حيث لم ترد تلك الضوابط ضمن اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام المشار إليه ، كما خالفت تلك الضوابط والقواعد المادة (26) من اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1590 لسنة 1991 التي نصت على أنه ” لا يجوز للشركة التصرف بالبيع في أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بموافقة الجمعية العامة غير العادية وطبقاً لما يأتي:
1 ـ أن تكون الشركة عاجزة عن تشغيل هذه الخطوط تشغيلا اقتصاديا أو أن يؤدي الاستمرار في تشغيلها إلى تحميل الشركة خسائر مؤكدة.
2 ـ ألا يقل سعر البيع عن القيمة التي تقدرها اللجنة المنصوص عليها في المادة (19) من القانون ” ، إذ الثابت أن شركة النصر للمراجل البخارية لم تكن من الشركات العاجزة عن تشغيل خطوط الإنتاج الرئيسية تشغيلاً اقتصادياً ، كما لم يثبت أن الاستمرار في تشغيلها من شأنه أن يؤدي إلى تحميل الشركة خسائر مؤكدة ، وإنما على العكس فقد ثبت أن الشركة من الشركات التي أدت دوراً رائداً في صناعة المراجل البخارية، حيث قامت وزارة الكهرباء بالاشتراك مع المؤسسات العالمة بإجراء دراسات ميدانية على العديد من الشركات المحلية منذ عام 1989، انتهت إلى تخير شركة النصر للمراجل البخارية ـ من بين قائمة تضم أربعون شركة ـ لما لديها من قدرات وإمكانيات فنية تؤهلها لتعميق نسبة التصنيع المحلي عن طريق إنشاء شركة مشتركة بين شركة المراجل البخارية وإحدى الشركات الأجنبية ذات الخبرة ( المجلد الأول من الجلدات الثلاث المقدمة للمحكمة من جهة الإدارة ـ المقدمة ـ ومذكرة الشركة القابضة للصناعات الهندسية المعروضة على مجلس إدارة الشركة برقم 1305/92 الموافق عليها من مجلس الإدارة بجلسته المنعقدة بتاريخ 17/12/1992) ، وبالتالي لا يكون ثمة مبرر لتخير تلك الشركة للخصخصة بأسلوب البيع بما ينحدر معه قرار تخيرها للبيع إلى مرتبة العدم.
وحيث إنه وعن مدى مشروعية تحويل أسلوب خصخصة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط من أسلوب (المشاركة مع شريك أجنبي) إلى أسلوب (بيع أصول الشركة بالكامل إلى مستثمر أجنبي وتصفية شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط) ، فإن الثابت من الأوراق قرار الجهة الإدارية بخصخصة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط وإدراجها ضمن ما سمي ببرنامج توسيع قاعدة الملكية ، هو ما هدفت إليه وزارة الكهرباء من زيادة الطاقة الكهربائية بمقدار ستة آلاف ميجا وات بما يعادل (20 مرجل جديد) بطاقة 300 ميجا وات للمرجل الواحد والذي تبلغ قيمته بأسعار عام 1990 مبلغ (600 مليون جنيه) ستمائة مليون جنيه ، وان تبدأ الوزارة برنامجها للتصنيع المحلي من عام 1993 بمناقصة لأربعة مراجل هي:
1 ـ عدد (2) مرجل لمحطة سيدي كرير 300 ميجا وات غاز/وقود سائل
2 ـ عدد (2) مرجل لمحطة عيون موسى 300 ميجا وات غاز/وقود سائل
لذلك تخيرت وزارة الكهرباء ـ بعد دراسة استغرقت من عام 1989 حتى 1992 مع العديد من المؤسسات العالمية (شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط) من بين (40) شركة محلية للمشاركة مع إحدى الشركات العالمية في شركة تنشأ في مصر تقوم بأعمال التصميم والتصنيع والإشراف على التركيب وتشغيل مراحل محطات توليد الكهرباء ، على أن يُسند للشركة المشتركة أعمال المناقصات المتعلقة بإقامة المراجل الأربعة المشار إليها لتكون نسبة التصنيع للمراجل 50% على الأقل مع التركيز على الأجزاء المعرضة للضغط لكون الأجزاء الأخرى يتم تصنيعها محلياً بالكامل ، ومن ثم فإنه لم يكن مستهدفاً بيع أصول الشركة أو تصفيتها، وإنما كانت الغاية تدعيم الصناعة المحلية بالخبرات العالمية بأسلوب (المشاركة).
وحيث إن الثابت بالأوراق أن وزير قطاع الأعمال العام الدكتور عاطف عبيد (رئيس الجمعية العامة للشركة القابضة للصناعات الهندسية) ، والمهندس عبد الوهاب أحمد الحباك (رئيس مجلس إدارة ذات الشركة) ومعهم أعضاء مجلس الإدارة وأعضاء الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة قد أحدثوا تعديلاً في غايات انتقاء واختيار شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط للقيام بدورها مع وزارة الكهرباء في تنفيذ خطتها لتنمية وزيادة الطاقة الكهربائية للبلد والمشاركة مع شركة عالمية لتصنيع المراجل لمحطات توليد الطاقة ، وتمثل ذلك التعديل الباطل في أنه رغم موافقة مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية بتاريخ 29/12/1992 على دعوة الشركات العالمية المتخصصة لتقديم عروضها لمشاركة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، في إدخال صناعة مراجل محطات القوى محلياً وإسناد تقييم الشركة إلى المكتب الاستشاري (كوبرز آند ليبرنت) وتشكيل لجنة لمراجعة التقييم ، فقد تم إعداد كراسة الشروط والمواصفات للمزايدة المتعلقة بدعوة الشركات العالمية لإنشاء الشركة المشتركة وتضمنت خياراً آخر بشراء أصول شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بالكامل ، وأوصت لجنة التفاوض لما قُدم من عروض بقبول العرض المقدم من شركة بابكوك آند ويلكوكس انترناشيونال انفستمنت إنك حيث وافق مجلس إدارة الشركة القابضة على ذلك 2/2/1994 ، ووافقت الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة بتاريخ 13/2/1994 ، وتم توقيع العقد بتاريخ 27/9/1994 ، ثم وافقت الجمعية العامة غير العادية لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بعد ذلك وبتاريخ 1/8/1995 على تصفية الشركة وصرف (10%) من صافي حصيلة البيع للعاملين بالشركة ، وهو ما يصم جميع تلك الإجراءات بالانعدام لتغيير الغاية التي استهدفتها المزايدة من (المشاركة) مع شركة عالمية لتصنيع المراجل لمحطات توليد الطاقة ، إلى بيع لكامل أصول الشركة بالمخالفة للمزايدة العامة التي طرحت لهذا الغرض ولما خضع له القائمون على خصخصة تلك الشركة من ضغوط من المتقدمين للمزايدة استهدفت تصفية شركة المراجل البخارية وأوعية الضغط والسطو على أصولها وتدمير كيانها وتعطيل مسيرتها في خدمة مجموعة كبيرة من الصناعات المحلية وقفاص لإنتاج مميز يسهم في نهضة التصنيع المحلي وهو ما كشفت عنه الأوراق لمراحل أخرى من مراحل استهداف تلك الشركة وتلك الصناعة الاستراتيجية ، الأمر الذي يضحي معه القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون ومنطوياً على عيب الانحراف بالسلطة وغصبها بما يجعل القرار والعدم سواء.
ومن حيث إنه وعن مدى سلامة تقييم شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط والتزام التقييم بضوابط وقواعد التقييم سواء المقررة بقانون قطاع الأعمال العام أو القواعد والضوابط المتعارف عليها محاسبياً للتقييم ، ومدى إهدار التقييم للمال العام ، فإن الثابت من الأوراق أن تقييم أصول شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط وإعادة التقييم قد تم وفقاً لأسس باطلة ومهدرة للمال العام على النحو السالف بيانه ، وتتمثل أهم مخالفات التقييم فيما يلي:
المخالفة الأولى ـ أن تقييم شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط الذي أعده المكتب الاستشاري (كوبرز آند ليبرنت) قد شابه عيب فني ومالي تبينته لجنة مراجعة أسس تقييم الشركة المشكلة بالقرار رقم 109 لسنة 1993 الصادر بتاريخ 26/8/1993 تمثل في أن المكتب الاستشاري اتخذ من بعض طرق التقييم وسيلة لتحديد قيمة الشركة حال كونها لا تصلح وهي التقييم بأسلوب القيمة الدفترية وهي قيمة تاريخية ، وأسلوب القيمة الاستبدالية وهي قيمة غير واقعية .

المخالفة الثانية ـ أن تقييم المكتب الاستشاري للشركة على أساس (قيمة التدفقات النقدية المخصومة) D.C.F قد تم باحتساب القيمة على أساس 25 عاماً من عام 1993 حتى عام 2017 ، إلا أن الدراسة بينت أسس التقديرات حتى عام 2000 ، ولم تبين أسس التقديرات من عام 2001 حتى عام 2017 إنما كررت ذات تقديرات عام 2000 على باقي السنوات بما أثر على قيمة التقييم وأورد لها قيمة غير حقيقية (تقرير اللجنة المؤرخ 2/9/1993 ـ المجلد الأول السالف الذكر).

المخالفة الثالثة ـ مخالفة التقييم للقيمة الحقيقية لأصول الشركة لقيامه على تقديرات لا أساس لها نتيجة لعدم وجود البيانات الأساسية للتقييم والمتمثلة في بيانات مراجل محطات القوى ، والاستثمارات الإضافية ، وحجم الإيرادات ، وهو ما يؤثر بالسلب على نتائج الدراسة وعلى تحديد القيمة (التقرير المشار إليه).

المخالفة الرابعة ـ مخالفة اقتصار حساب التقييم على أساس معدل خصم واحد وثابث هو (12%) وهو معدل مرتفع بما كان يستوجب قيام التقييم على أساس بدائل لمعدلات خصم مختلفة.

المخالفة الخامسة ـ أن التقييم أخذ في الاعتبار تخفيض العمالة بمعدل من 25% إلى 50% بينما الثابت أن عدداً من العروض اشتملت على تشغيل العمالة بالكامل.
المخالفة السادسة ـ أن تقييم المكتب الاستشاري للشركة على أساس (القيمة السوقية) M.V قد تم على أساس ميزانية 1991 وكان من المتعين إتمامها على أساس آخر ميزانية معتمدة عند التقييم وهي ميزانية 1993 وهو ما يجعل التقييم ليس معبراً عن حقيقة القيمة الفعلية للشركة (التقرير المشار إليه).

المخالفة السابعة ـ أن تقدير تقييم المعدات ووسائل النقل الخارجي والعدد والأدوات والأثاث ومعدات المكاتب والأصول المتداولة قد تم بقيم محددة ، دون تحديد لأسس التقويم وفقاً للأصول المالية والمحاسبية المتعارف عليها ، وبغير بيان لتأثير الأسس المفتقدة على قيمة كل عنصر منها(التقرير المشار إليه).
المخالفة الثامنة ـ مخالفة تدني تقدير تقييم المكتب الاستشاري لقيمة (الأراضي) ، حيث أورد تقرير مكتب صبور المقدم من شركة كوبر أن سعر الفدان 225 ألف جنيه مصري ، وسعر المتر المربع 53,5 جنيه مصري ، وهو تقدير متدني للغاية بحسب ما قررته لجنة مراجعة أسس تقييم الشركة المشكلة بالقرار رقم 109 لسنة 1993، التي رأت أن التقييم منخفض جداً وغير مقبول لعدم سلامة الأسس التي بنيت عليها الدراسة بالنسبة لمعدل ارتفاع الأسعار أو تقييم العوامل المؤثرة على تحديد سعر المتر المربع (التقرير الثاني للجنة المؤرخ 21/9/1993).

المخالفة التاسعة ـ أن لجنة مراجعة تقييم المكتب الاستشاري لأصول شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط قد جاء تقديرها للقيمة الكلية لبيع الشركة متدنياً للغاية إذ قدره بمبلغ (16 مليون دولار أمريكي) ، بينما ارتأت لجنة مراجعة التقرير أن نتيجة التقييم حسب طريقة (التدفقات النقدية المخصومة) D.C.F هي (29 مليون دولار) ، وأن نتيجة التقييم حسب طريقة (القيمة السوقية) M.V هي (27,5 مليون دولار).

وحيث إنه ـ وفضلاً عما تقدم ـ وعن مدى مشروعية إجراءات طرح شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغطللبيع بالمزايدة العامة بالمظاريف المغلقة وإجراءات المفاوضات والبت والترسية على المشتري ، فإن الأصل أن تتم إما على أساس القواعد الخاصة للشركة التي يضعها مجس إدارة الشركة عملاً بحكم المادة (6) من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، أو وفقاً لأحكام القانون العام لتنظيم المناقصات والمزايدات عند عدم وجود لوائح خاصة تنظم إجراءات المناقصات والمزايدات التي تجريها الشركات ، ولما كانت الشركة القابضة لم تقدم ما يفيد خضوع مناقصاتها ومزايداتها لأية لوائح تنظمها بالشركة ، ومن ثم تعين رقابة إجراءات تلك المزايدة وفقاً لأحكام القانون العام المنظم لإجراءات طرح المناقصات والمزايدات الساري في تاريخ الإعلان عن المزايدة.
وحيث إن طرح شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ـ في إطار برنامج الحكومة لتوسيع قاعدة الملكية “الخصخصة” ـ في مزايدة عامة قد تم وفقاً للقواعد والنصوص الحاكمة للتصرف في الأموال المملوكة للدولة ، لذلك تم النص صراحة في البند (سابعاً) ـ (القانون الواجب التطبيق:) من كراسة الشروط لبيع على أن : ( تخضع عملية البيع لأحكام القانون المصري ، ويتم تفسيرها وفقاً له ) ، ومن ثم تخضع عملية البيع بكامل إجراءاتها طرحاً وبتاً وترسية وتعاقداً لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 بحسبانه أحد القوانين المصرية التي تخضع لها عملية بيع وخصخصة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، وقد أفرد المشرع في قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم (9) لسنة 1983، باباً كاملاً من هذا القانون للأحكام التي أوجب العمل بها في بيع المنقولات وتأجير المقاصف، حيث جعل الأصل في التصرف في الأراضي المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية للأفراد سواء بالبيع أو التأجير أو الترخيص بالانتفاع بها أو باستغلال العقارات أملاك الدولة أن يتم عن طريق مزايدة علنية، عامة أو محلية أو بالمظاريف المغلقة، واستثناء إما بطريق الممارسة المحدودة في حالات محددة أو التعاقد بطريق الاتفاق المباشر في حالات عاجلة معينة حصراً على أن تتبع في هذه الحالات الإجراءات المنصوص عليها في القانون ولائحته التنفيذية ، وعلى ذلك فإن جميع التصرفات المتصلة بالتصرف في المال العام الذي تجريه الدولة عن طريق الشركات القابضة ، يتعين أن تتم وفقاً لأحكام هذا القانون. ( في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية في الطعن رقم 9820 لسنة 48ق.ع جلسة 6/7/2003، وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 55 بتاريخ 16/5/2001 جلسة 17/2/2001ملف 96/1/58 ، رقم 224 بتاريخ 22/3/2004 جلسة 14/1/2004 ملف 227/2/7 ـ وحكم محكمة القضاء الإداري في قضية مدينتي ـ الدعوى رقم 12622 لسنة 63 القضائية ـ جلسة 22/6/2010 ـ وحكم المحكمة الإدارية العليا في ذات القضية تأييداً لحكم محكمة القضاء الإداري ـ الطعنان رقما 30952 و 31314 لسنة 56 القضائية عليا ـ جلسة 14/9/2010 ).

وحيث إن المستقر في قضاء مجلس الدولة وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أن المشرع حدد حصراً في أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات أساليب التعاقد وهي المزايدة العامة ، والمناقصة العامة والمناقصة المحدودة والمناقصة المحلية والممارسة والأمر المباشر، ورسم لكل أسلوب منها حدوده وبين حالاته والإجراءات التي يقتضيها الأخذ به ومن خلاله، ومن ثم يكون لكل من هذه الأساليب مجال إعماله الذي لا يجوز أن تختلط خلاله بغيره من الأساليب ، وعلى ذلك فالقاعدة في المزايدة العامة هي قيامها على أساس من مبادئ العلانية والمساواة وحرية المنافسة، بما يسمح باشتراك أكبر عدد ممكن من مقدمي العطاءات والعروض للتوصل إلى أفضل الشروط وأقل الأسعار في حالة المناقصة، وأعلى الأسعار في حالة المزايدة ، ومن ثم فإنه مما يتعارض مع هذه المبادئ إجبار المتزايدين على الدخول في الممارسة بعد أن تعلقت حقوقهم بالمزايدة التي يجب أن تكون الأساس في اختيار العرض الأفضل شروطا والأعلى سعراً ، ذلك أن للممارسة حالاتها وليس من بينها تحويل المزايدة العامة إلى ممارسة ، وأنه بفتح المظاريف المغلقة المقدمة في المزايدة العامة يحظر الدخول في مفاوضات مع أحد مقدمي العروض في شأن تعديل عرضه إلا في الحدود المقررة للجنة البت والتي لا تجاوز مفاوضة مقدم العرض الأعلى المقترن بتحفظ أو بتحفظات للنزول عنها كلها أو بعضها ومفاوضة صاحب العطاء الأعلى غير المقترن بتحفظات للوصول إلى مستوى أسعار السوق أو الثمن أو القيمة الأساسية لمحل البيع ، وتلغى المزايدة قبل البت فيها إذا استغنى عنها نهائياً، أو اقتضت المصلحة العامة ذلك، أو لم تصل نتيجتها إلى الثمن أو القيمة الأساسية ، ولذلك فإنه لا يجوز للجنة البت ولا للسلطة المختصة بالاعتماد أن تحول المزايدة العامة إلى ممارسة ، وكل ما يمكن إتباعه إذا ما تبين أن الاستمرار في المزايدة يتعارض مع الصالح العام أو أن أعلى المتزايدين لم يصل عرضه إلى الثمن أو القيمة الأساسية السرية أن توصي لجنة البت بإلغاء المزايدة بعد التثبت من قيام إحدى الدواعي المبررة للإلغاء، ويعقب ذلك صدور قرار مسبب من السلطة المختصة، فإذا ما حدث ذلك، أمكن للسلطة المختصة طرح العملية في ممارسة متي تحققت إحدى الحالات التي يجوز إجراء الممارسة فيها طبقا لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات.
(انتهى رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في شان إحدى المناقصات العامة وتحويلها إلى ممارسة إلى ما يأتي:
أولا: عدم جواز تحويل المناقصة العامة إلى ممارسة في الحالة المعروضة.(وهو ما يسري على المزايدة العامة بالمظاريف المغلقة).
ثانيا: يجوز للسلطة المختصة في هذه الحالة أن تلغي المناقصة ثم تعيد طرح العملية في ممارسة إذا توافرت الشروط التي يتطلبها القانون.
يراجع في ذلك على سبيل المثال :الفتوى رقم 404 لسنة 44 ـ جلسة 21/3/1990 بتاريخ 11/4/1990 ـ رقم الملف 280/1/54 الصفحة رقم 715)
وحيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخي 30 و 31/12/1992 أعلنت الشركة القابضة للصناعات الهندسية ـ في إطار برنامج الحكومة لتوسيع قاعدة الملكية (الخصخصة) ـ عن مزايدة عامة لتقديم عروض للشركات العالمية للمشاركة مع شركة النصر للمراجل البخارية في تكوين شركة مشتركة ، ولم يتضمن الإعلان أي خيار بشأن بيع الأصول الثابتة للشركة ، وإنما تضمنت كراسة الشروط هذا الخيار في وقت لاحق ، فتقدم على إثرها 6 شركات عالمية بعروضها ، ولم يصل أي من العروض إلى القيمة الأساسية لتقييم الشركة ، وعقدت لجنة التفاوض المنشأة بالقرار رقم 94 لسنة 1993 عدد (12) اجتماعاً اعتباراً من 25/8/1993 حتى 20/11/1993 وتشكلت لجنة فرعية من بين أعضاء لجنة التفاوض وخبراء الشركة القابضة وشركة المراجل لمراجعة أسس التقييم وأسفرت عن أن قيمة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط في حدود 16 مليون دولار أمريكي ، واستمرت المفاوضات مع الشركات الثلاثة الأعلى سعراً التي تقدمت بطلب شراء كامل الأصول الثابتة عدا أرصدة العملاء بدلاً من إنشاء شركة مشتركة ، وعلى إثر ذلك قامت الشركة القابضة بتعديل الشروط العامة للمزايدة ، تنفيذا لتعليمات وزير قطاع الأعمال العام الدكتور عاطف عبيد (رئيس الجمعية العامة للشركة القابضة للصناعات الهندسية) ، والمهندس عبد الوهاب أحمد الحباك (رئيس مجلس إدارة ذات الشركة) ومعهم أعضاء مجلس الإدارة وأعضاء الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة الذين أحدثوا تعديلاً في غايات انتقاء واختيار شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط للقيام بدورها مع وزارة الكهرباء في تنفيذ خطتها لتنمية وزيادة الطاقة الكهربائية للبلاد والمشاركة مع شركة عالمية لتصنيع المراجل لمحطات توليد الطاقة ، وتمثل ذلك التعديل في أنه رغم موافقة مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية بتاريخ 29/12/1992 على دعوة الشركات العالمية المتخصصة لتقديم عروضها لمشاركة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، في إدخال صناعة مراجل محطات القوى محلياً وإسناد تقييم الشركة إلى المكتب الاستشاري (كوبرز آند ليبرنت) وتشكيل لجنة لمراجعة التقييم ، فقد تم إعداد كراسة الشروط والمواصفات للمزايدة المتعلقة بدعوة الشركات العالمية لإنشاء الشركة المشتركة وتضمنت خياراً بشراء أصول شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بالكامل ، وأوصت لجنة التفاوض لما قُدم من عروض بقبول العرض المقدم من شركة بابكوك آند ويلكوكس انترناشيونال انفستمنت إنك ، وبتاريخ 31/1/1994 أسفر اجتماع وزير قطاع الأعمال ووزير الكهرباء ورئيس هيئة كهرباء مص ورئيسي مجلس إدارة الشركة القابضة والشركة التابعة عن موافقة ممثلي شركة بابكوك و ويلكوكس على زيادة العرض إلى (17 مليون دولار) منها (11 مليون دولار) مقابل الأصول الثابتة و (6 مليون دولار) مقابل المخزون على أساس رصيده في 30/6/1993 ، وعلى أن يتم تصويب قيمة المخزون نقصاً أو زيادة في تاريخ التسليم ، وتم الحصول على موافقات مجلسي إدارة الشركتين القابضة والتابعة والجمعية العامة غير العادية لهما بموافقة ومتابعة وزير قطاع الأعمال العام رئيس الجمعية العامة للشركة القابضة وبموافقة مجلس الوزراء على التقييم وعلى القيمة وتم توقيع العقد بتاريخ 27/9/1994 ، ثم وافقت الجمعية العامة غير العادية لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بعد ذلك وبتاريخ 1/8/1995 على تصفية الشركة وصرف (10%) من صافي حصيلة البيع للعاملين بالشركة ، وقد تبين في 3/4/1995 من الميزانية أن نتائج عملية البيع قد أسفرت عن أن قيمة الأصول الثابتة والمخزون السلعي (بعد تصويبه) بلغت (16,3 مليون دولار) بما يعادل (55,4 مليون جنيه مصري) تم سداد مقابل مديونيات البنوك والالتزامات الأخرى وقدرها (39,8 مليون جنيه) ، وبلغت حصيلة البيع (15,6 مليون جنيه) وبعد خصم ديون أخرى بلغت الحصيلة (9مليون جنيه مصري) ، تم صرف 10% منها كمكافآت للقيادات والعاملين.
وحيث إن الثابت مما تقدم أن إجراءات طرح المزايدة العامة للمشاركة مع شركة عالمية ، قد تحولت دون مبرر قانوني أو سند شرعي لتكون لبيع الأصول الثابتة والمخزون السلعي للشركة بما يبطل المزايدة وما أسفرت عنه من نتائج على ما سلف بيانه ،كما قد شابها العديد من المخالفات الجسيمة التي أهدرت مبادئ العلانية والمساواة وحرية المنافسة ، وأخصها :
1 ـ عدم اتخاذ إجراءات إلغاء المزايدة العامة لتحقق أحد الأسباب الوجوبية لإلغائها وفقاً لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات المتمثل في عدم وصول قيمة عروض المزايدة إلى الثمن أو القيمة الأساسية .
2 ـ عدم اتخاذ إجراءات إلغاء المزايدة العامة لاقتران العروض المقدمة كلها بتحفظات ولقيام لجنة المفاوضات بالكشف لأصحاب العروض عن السعر الأساسي لبيع الشركة وفقاً للتقييم المعتمد وهو السعر المتعين الإبقاء عليه سرياً بالمخالفة للقانون ، وقد تم ذلك لدى تحويل المزايدة إلى ممارسة وإجراء التفاوض مع جميع العروض ثم السماح لثلاثة عروض منها بتقديم عروض بديلة لشراء الأصول الثابتة والمخزون السلعي بعد تعديل كراسة الشروط التي خالفت الإعلان عن المزايدة.
4 ـ تحويل المزايدة العامة إلى ممارسة محدودة للعروض جميعها ثم لثلاثة عروض منها من العروض المتنافسة بالمخالفة للقانون وللمبادئ القانونية المستقرة سالفة البيان.
5 ـ السماح لغير المتزايدين المتقدمين للمزايدة العامة بالمشاركة في الممارسة المحدودة بعد انتهاء مواعيد التقدم للمزايدة وانتهاء فض المظاريف والتفاوض مع العروض المقدمة في الميعاد والكشف عن السعر الأساسي لبيع الشركة وفقاً للتقييم المعتمد ، وذلك بدعوة مستثمرين جدد للتنافس وذلك بالمخالفة للقانون ولقواعد العلانية والمساواة وحرية المنافسة ، حيث لا يجوز إجبار المتزايدين على الدخول في الممارسة بعد أن تعلقت حقوقهم بالمزايدة التي يجب أن تكون الأساس في اختيار العرض الأفضل شروطا والأعلى سعراً ، ذلك أن للممارسة حالاتها وليس من بينها تحويل المزايدة العامة إلى ممارسة ، وأنه بفتح المظاريف المغلقة المقدمة في المزايدة العامة يحظر الدخول في مفاوضات مع أحد مقدمي العروض في شأن تعديل عرضه إلا في الحدود المقررة للجنة البت والتي لا تجاوز مفاوضة مقدم العرض الأعلى المقترن بتحفظ أو بتحفظات للنزول عنها كلها أو بعضها ومفاوضة صاحب العطاء الأعلى غير المقترن بتحفظات للوصول إلى مستوى أسعار السوق أو الثمن أو القيمة الأساسية لمحل البيع ، ولذلك فإنه لا يجوز للجنة البت ولا للسلطة المختصة بالاعتماد أن تحول المزايدة العامة إلى ممارسة ، وكل ما يمكن إتباعه إذا ما تبين أن الاستمرار في المزايدة يتعارض مع الصالح العام أو أن أعلى المتزايدين لم يصل عرضه إلى الثمن أو القيمة الأساسية السرية أن توصي لجنة البت بإلغاء المزايدة بعد التثبت من قيام إحدى الدواعي المبررة للإلغاء، ويعقب ذلك صدور قرار مسبب من السلطة المختصة، فإذا ما حدث ذلك، أمكن للسلطة المختصة طرح العملية في ممارسة متي تحققت إحدى الحالات التي يجوز إجراء الممارسة فيها طبقا لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات.
6 ـ الترسية على صاحب عرض يقل سعره عن السعر الأساسي المحدد بمعرفة لجنة مراجعة التقييم ، فالعبرة في مدى مناسبة سعر العرض محل الترسية والإسناد إليه إنما تكون بالسعر الأصلي للتقييم الذي تتم على أساسه خصخصة الشركة قبل إدخال أية تعديلات عليه بعد المفاوضة في شأنه، باعتبار أن المفاوضة في شروط وأسعار العروض لا يجب أن تتم إلا مع صاحب العرض المقبول مالياً وفنياً المستوفي لشروط المزايدة العامة غير المقترن عرضه بأي تحفظات أو اشتراطات خاصة لم ترد بكراسة الشروط ، وذلك للحصول على شروط وأسعار أفضل.
7 ـ مخالفة العرض المقبول للأحكام الواردة بكراسة الشروط ، فمن المقرر أنه يشترط لقبول أي عرض، أن يكون العرض مطابقا للشروط الواردة بكراسة الشروط، غير أنه بدراسة العرض المقدم في المزايدة المشار إليها تبين أنه غير مطابق للشروط للأسباب الآتية:

السبب الأول ـ أن الجهاز المركزي للمحاسبات أورد في تقريره السنوي ملاحظة حول طرح الشركة في مزايدة لتكوين شركة مشتركة لتصنيع وتوريد وتركيب وحدات توليد البخار وهي عدم القيام بإجراء دراسة جدوى اقتصادية ، إلا أن الشركة ردت بأن الهدف الأول كان تكوين شركة مشتركة ، إلا أنه تحول إلى بيع للشركة بالكامل فأصبحت دراسة الدوى الاقتصادية تهم المشتري.(تقرير الجهاز والرد عليه ـ حافظة مستندات الجهاز المركزي للمحاسبات ـ المستند رقم 1 والمستند رقم 3)

السبب الثاني ـ أن الجهاز المركزي للمحاسبات قد عاب على كراسة الشروط تضمنها إمكانية بيع أصول الشركة بالكامل بالمخالفة للإعلان عن المزايدة بالصحف اليومية يومي 30 و 31/12/1992 التي لم يرد بها سوى تقديم العروض على أساس التعاون مع شريك أجنبي لتكوين (شركة مشتركة) ، الأمر الذي لا يعطي الفرصة الكاملة لكافة المستثمرين الوطنيين والأجانب لدراسة عرض بيع كامل الأصول ، ويحرم الشركة من تلقي عروض متعددة لدراستها واختيار الأنسب والأفضل لها شروطاً وقيمة وأسلوباً (المستند رقم 4 ـ حافظة مستندات الجهاز المركزي للمحاسبات).
السبب الثالث ـ أن نتائج عملية البيع تثبت أن المشاركة كانت الأسلوب الأكثر جدوى، حيث أظهرت ميزانية الشركة التي استعرضها مجلس إدارة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بتاريخ 3/4/1995 أن قيمة بيع الأصول الثابتة والمخزون السلعي (بعد تصويبه) بلغت 16,3 مليون دولار أمريكي ، بما يعادل (55,4 مليون جنيه مصري) ، سُدد منها مقابل مديونيات البنوك والالتزامات المستحقة مبلغ (39,8 مليون جنيه) وتبقى كحصيلة للبيع مبلغ (15,6 مليون جنيه) ، تم صرف 10% منها للعاملين بالشركة بموافقة الجمعية العامة غير العادية المنعقدة بتاريخ 1/8/1995 ، بما يكشف بطلان البيع وعدم تحقيق أي نتيجة إيجابية سوى الرغبة المحمومة للتخلص من هذه الصناعة وتلك الشركة.(ص 4 من المجلد الأول ـ حافظة مستندات الجهة الإدارية).
السبب الرابع ـ أن لجنة البت ومجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية والجمعية العامة غير العادية للشركة قد أهدروا عرضاً أعلى قيمة تقدمت به شركة براون بوفيري ABB-CE قدره (17,5 مليون دولار أمريكي) بسبب عدم استكمال قيمة خطاب الضمان وهو سبب كان يوجب استبعاد الشركة من المزايدة ابتداءً لا الاستمرار في فحص عرض الشركة ومفاوضتها ثم عند تقدمها بعرض أعلى من شركة بابكوك آند ويلكوكس تلوح لها بالاستبعاد بسبب خطاب الضمان .
السبب الخامس ـ بطلان البيع لعدم موافقة مجلس إدارة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بالإجماع وفقاً لضوابط الخصخصة المقررة لموافقات الشركات القابضة والتابعة بالإجماع ، حيث لم يوافق في اجتماع المجلس بجلسته رقم (23) بتاريخ 3/2/1994 على بيع الأصول الثابتة والمخزون للشركة إلى شركة بابكوك آند ويلكوكس كل من المهندس/محمود علي الساعي لاعتراضه على الأسلوب والإجراءات التي تمت ، والسيد/سيد إمام عبد ربه الجيار ، والسيد/محمد علي عبد السميع بسبب انخفاض سعر بيع الأصول الثابتة (المجلد الثالث من الكتاب الأبيض المقدم من الجهة الإدارية بجلسة 11/9/2011).
السبب السادس ـ أن الجمعية العامة غير العادية لشركة النصر للمراجل البخارية قد تطوعت بعد المفاوضات ـ وبغير سند من القانون أو كراسة الشروط للموافقة على البيع وتقرير تيسير للشركة المشترية لم يسبق التفاوض حوله وتقدير قيمته وهو الموافقة على شروط الدفع بسداد (25%) من ثمن الشراء الأساسي عند توقيع العقد ، وباقي ثمن الشراء عند التسليم ، وعلى الرغم من ذلك فقد قامت شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بتسليم الأصول الثابتة والمخزون للشركة المشترية بعد توقيع العقد في 27/9/1994 إلا أن الشركة المشترية لم تسدد باقي قيمة العقد وقدرها (11541065 دولار أمريكي) أحد عشر مليون وخمسمائة واحد وأربعون ألف وخمسة وستون دولار أمريكي مما ترتب عليه أن ضاع على الشركة تخفيض السحب على المكشوف بهذه القيمة ، وبالتالي تخفيض قيمة الفوائد المتعلقة بها خلال المدة من تاريخ التسليم حتى تاريخ التحصيل الفعلي وهو ما يبلغ مليون جنيه ، فضلاً عن فوات الفرصة على الشركة لسداد ديون البنوك وغيرها ، وتحمل المشتري لجميع أجور العاملين من تاريخ (التسليم) ،وأنه لا مجال للقول بأن العبرة بالتسليم النهائي إذ لم يتضمن قرار الجمعية العامة سوى عبارة ” التسليم ” ولا أساس للحديث عن تاريخ آخر مجهول يسمى التسليم النهائي لما في ذلك من إهدار للمال العام (مذكرة مراقب الحسابات ومحضر اجتماع لجنة المفاوضة في 12/12/1994 ـ المجلد الثالث للكتاب الأبيض المقدم من الجهة الإدارية).
السبب السابع ـ مخالفة تمكين المشتري من عدم سداد الثمن المتفق عليه للتساهل معه في دراسة خطاب الاعتماد المستندي المقدم منه حيث لم يتم تحصيل قيمة الاعتماد وقدره (11541065 دولار أمريكي) أحد عشر مليون وخمسمائة واحد وأربعون ألف وخمسة وستون دولار أمريكي) بسبب (وجود خلاف) في المستندات المقدمة من المشتري بابكوك آند ويلكوكس إلى البنك التجاري الدولي عن المستندات التي وقعها ممثل الشركة على نفس هذه المستندات عند التوقيع (محضر اجتماع المفاوضة السالف الإشارة إليه).

ومن حيث إنه وعن انعدام قرار البيع لقيامه على إجراءات شابها البطلان والفساد، فإن بيع كافة أصول شركة النصر للمراجل البخارية الذي تم بموافقة مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية قد شابه (عيب تعارض المصالح) لما هو ثابت من أوراق الدعوى أن المهندس / محمد عبد المحسن هلال شتا كان عند البيع عضواً بمجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية (الشركة البائعة) ، ووافق على البيع لشركة بابكوك آند ويلكوكس انترناشيونال انفستمنت إنك و (شركة بابكوك و ويلكوكس مصر ـ شركة مساهمة مصرية) الصادر بتأسيسها قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 649 لسنة 1994، وقد أثبتت الأوراق أن نجلي محمد عبد المحسن شتا وهما (هشام محمد شتا ) و (خالد محمد شتا) كانا من المشاركين بكل من الشركتين المشتريتين المشار إليهما، وهما من الموقعين لعقد شراء شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط (طرف رابع و طرف خامس) ضمن نسبة المشاركة المصرية وقدرها 49% ، والتي تعدلت بقرار رئيس الهيئة العامة للاستثمار رقم 354 لسنة 2001 بتعديل اسم الشركة إلى (الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية) والتي تملك أسهمها بالكامل وقدرها 23579 سهماً كل من (محمد عبد المحسن هلال شتا) و (هشام محمد شتا) و (خالد محمد شتا) ، وهي الشركة التي انقسمت إلى شركتين بقرار رئيس الهيئة العامة للاستثمار رقم 1184/2 لسنة 2006 ، فصارت الشركة الأولى (القاسمة) هي (الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية) ويرأس مجلس إدارتها (خالد محمد شتا) ، والشركة الثانية (المنقسمة) هي (شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية) ويرأس مجلس إدارتها (محمد عبد المحسن هلال شتا) ومن ثم يثبت أن عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية المهندس / محمد عبد المحسن هلال شتا كان عند بيع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط عضواً بمجلس إدارة الشركة القومية للصناعات الهندسية ، وأسهم في بيعها لشركة بابكوك و ويلكوكس التي ساهم فيها نجليه هشام محمد شتا و خالد محمد شتا ، اللذين انفردا بالشركة بعد تخارج الشريك الأجنبي ثم إنضم إليهما والدهما عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية (البائعة) ،ليغيرا اسم الشركة المملوكة لثلاثتهم إلى (الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية) ثم ليقسموها إلى شركتين قاسمة وهي (الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية) برئاسة (خالد محمد شتا) ، ومنقسمة وهي (شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية) برئاسة (محمد عبد المحسن هلال شتا) ، وعلى ذلك فقد شاب إجراءات البيع عيب الفساد والانحراف بالسلطة وتعارض المصالح وإهدار قواعد الإفصاح والشفافية ، وانتهاك أسس وقواعد حوكمة الشركات التي تحظر على أعضاء مجالس إدارة الشركات والمديرين والعاملين بها التعامل في أسهم الشركة لمدد تسبق الإعلان عن نتائج نشاطها المالي ومدد تالية للأحداث المؤثرة على نشاط الشركة ومركزها المالي ، ولمخالفة صريح نص المادة (108) من القانون المدني التي حظرت على الشخص التعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء أكان هذا التعاقد لحسابه هو أو لحساب شخص آخر ، ومخالفة المادة (76) من قانون الشركات الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 التي تبطل كل قرار يصدر من الجمعية العامة بالمخالفة للقانون أو لنظام الشركة ، وتجيز إبطال كل قرار يصدر لصالح فئة معينة من المساهمين أو للإضرار بهم أو لجلب نفع خاص لعضو أو أعضاء مجلس الإدارة أو غيرهم دون اعتبار لمصلحة الشركة ، فضلاً عن مخالفة المادة (97) من قانون الشركات المشار إليه التي أوجبت على كل عضو في مجلس إدارة الشركة وكل مدير من مديريها تكون له مصلحة تتعارض مع مصلحة الشركة في عملية تعرض على مجلس الإدارة لإقرارها أن يُبلغ المجلس ذلك وأن يُثبت إبلاغه في محضر الجلسة ، ولا يجوز له الاشتراك في التصويت الخاص بالقرار الصادر في شأن هذه العملية ، ولا يغير من ذلك أن يكون المذكور قد اعتذر عن عدم حضور بعض الجلسات إذ يتعين عليه الإفصاح عن تعارض المصالح ، وإبلاغ مجلس الإدارة بأوجه التعارض رسمياً وصراحة ، وأن يثبت هذا الإبلاغ في محضر الجلسة ، وكذا ثبت تعارض المصالح من مخالفة المادة (99) من القانون ذاته التي حظرت ـ بغير ترخيص خاص من الجمعية العامة ـ على عضو مجلس الإدارة لشركة مساهمة أو لمديرها الاتجار لحسابه أو لحساب غيره في أحد فروع النشاط التي تزاولها الشركة ، وإلا كان للشركة أن تطالبه بالتعويض أو باعتبار العمليات التي باشرها لحسابه الخاص كأنها أجريت لحسابها هي ، وهي مخالفات تجعل العقد المبرم عن عملية البيع متحصلاً عليه بطريق الفساد ، كما أنها مخالفات تلقي بظلال كثيفة على إدارة عملية الخصخصة في مصر وبخاصة في بيع تلك الشركة، ودور رأس المال المستغل في نهب ثروات الشعب بمعاونة السلطات القائمة على الخصخصة ، وتجعل من قرار بيع كافة أصول شركة النصر للمراجل البخارية قراراً منعدماً لا يرتب أي أثر.

وحيث إنه ومتى كان ما تقدم فإن إجراءات عملية بيع كافة أصول شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط يكون قد شابها عيب تعارض المصالح بمشاركة أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية في تلك الإجراءات التي أسفرت عن ترسية البيع والتعاقد عليه مع إحدى الشركات التي يساهم فيها نجليه ثم انضمامه شخصياً إلى الشركة المشترية بالاستحواذ الكامل له ولنجليه على كامل أسهم الشركة المباعة وقسمتها إلى شركتين إحداها برئاسة أحد نجليه والثانية برئاسته شخصياً مما جعل صفقة البيع لشركة المراجل البخارية وأوعية الضغط مشوبة بالفساد ، باطلة بطلاناً مطلقاً وما ترتب عليها من آثار.
(يراجع في شأن عضوية المهندس محمد عبد المحسن هلال شتا لمجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية محاضر جلسات مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية بالكتاب الأبيض ـ المجلد الأول المقدم من هيئة قضايا الدولة بجلسة 11/9/2011 ، وخاصة الجلسة السابعة لعام 1992 المنعقدة بتاريخ 8/7/1992 ، والجلسة التاسعة لعام 1992 المنعقدة بتاريخ 8/9/1992 ، والجلسة الثالثة عشر لعام 1992 المنعقدة بتاريخ 17/12/1992 ، والجلسة الخامسة عشر لعام 1992 المنعقدة بتاريخ 29/12/1992 ـ وفي قرارات تأسيس الشركات وتعديل نظمها الأساسية ودمجها وانقسامها: يراجع المجلد الأول والثاني والثالث للكتاب الأبيض المشار إليه ، وكذلك حافظة مستندات الحكومة المقدمة بجلسة 11/7/2011، وحافظة مستندات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المقدمة بجلسة 11/9/2011 ـ المستندات أرقام (1) و (2) و (3) و (4) ـ وحافظة مستندات المدعون المقدمة بجلسة 4/7/2011 ـ المستندات أرقام (4) لبيان مساهمة كل من هشام محمد شتا و خالد محمد شتا لشركة بابكوك و ويلكوكس (المشترية)في إبرام عقد شراء شركة المراجل البخارية وأوعية الضغط ، والمستندات أرقام 7 و 8 و 11 و عقد إيجار أرض الشركة بمنيل شيحة من شركة الخلود برئاسة محمد عبد المحسن هلال شتا إلى الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية برئاسة خالد محمد عبد المحسن هلال شتا ص 62 )

وحيث إنه وترتيباً على ما تقدم ، يبين أن القرار المطعون فيه بالموافقة على بيع كامل الأصول الثابتة والمخزون السلعي لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط إلى شركة بابكوك آند ويلكوكس ، قد شابه العديد من العيوب التي تهبط به إلى مدارج الانعدام فوقع باطلاً بطلاناً مطلقاً ، لانطوائه على بيع لأراضي وأصول شركة النصر للمراجل البخارية حال كونها من الشركات المنزوع ملكيتها والمعتبرة من المنافع العامة التي لا تخضع أراضيها للتصرف فيها على أي نحو ولا يجوز تغيير الغرض من تأميمها بأي صورة ، ولتخير وتحديد النصر للمراجل البخارية كأحد الشركات التي يتعين بيعها على وجه السرعة ، ولتدني قيمة الشركة محل البيع وفقاً للتقييم المعتمد، ولما عاصر عملية البيع من مظاهر التفريط والفساد في تقييم المال العام للتخلص منه وفقاً لسياسات الخصخصة سالفة البيان ، وما شاب مراحل إجراءات البيع من فساد تعلق بتعارض المصالح وعدم الشفافية والإفصاح ومخالفات لمبادئ حوكمة الشركات ، ولبطلان تقييم شركة النصر للمراجل البخارية وعدم الالتزام بضوابط وقواعد التقييم سواء المقررة بقانون قطاع الأعمال العام أو القواعد والضوابط الباطلة اتبعتها المكاتب الاستشاري للتقييم، ولإهدار التقييم للمال العام ، ولمخالفة التقييم للفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 التي حظرت التصرف بالبيع في أي أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بعد موافقة الجمعية العامة وطبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية دون غيرها من القواعد ، ولإجراء تقييم شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط على أساس مركز مالي قديم مر عليه عام كامل ولا يعبر عن حقيقة الوضع المالي للأصول محل التقييم بما يفسد التقييم ويبطله ، ولجنوح التقييم إلى تحميل الدولة ديون الشركة مخصومة من ناتج التقييم دون تحميله للمستثمر المشتري ضمن صفقة البيع ، ولعدم مدى مشروعية إجراءات طرح شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط للبيع بالمزايدة العامة وإجراءات المفاوضات والبت والترسية على المشتري بالمخالفة للإعلان عن المزايدة وتعديل كراسة الشروط بعد فض المظاريف وتلقي عروض جديدة بعد الميعاد ، بما يجعل القرار الطعين باطلاً بطلاناً مطلقاً يصل إلى حد العدم.
وحيث إنه وعن شكل الدعوى وميعاد قبولها الذي أرجأته المحكمة لحين الفصل في موضوع الدعوى لتبين طبيعة القرار المطعون فيه ومدى ما عسى أن يكون قد لحقه من بطلان ودرجة هذا البطلان إن وجد ، فإن القرارات التي تولد حقا أو مركزاً شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضى استقرار تلك الأوامر، أما بالنسبة للقرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة عكس ذلك إذ يجب على جهة الإدارة أن تسحبها التزاماً منها بحكم القانون وتصحيحاً للأوضاع المخالفة له. إلا أن دواعي المصلحة العامة أيضا تقتضى أنه إذا صدر قرار إداري فردى معيب من شأنه أن يولد حقاً فإن هذا القرار يجب أن يستقر عقب فترة من الزمن بحيث يسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح الذي يصدر فى الموضوع ذاته. وقد استقر الرأي على تحديد هذه الفترة بستين يوماً من تاريخ نشر هذا القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائي، بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار، إلا أن هناك ثمة استثناءات من موعد الستين يوما تتمثل أولا فيما إذا كان القرار معدوماً أي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني لتنزل به إلى حد غصب السلطة وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانونا ولا تلحقه أي حصانه، وثانيا فيما لو حصل أحد الأفراد على قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه، إذ أن الغش يعيب الرضاء ويشوب الإرادة، والقرار الذي يصدر من جهة الإدارة نتيجة الغش والتدليس يكون غير جدير بالحماية. وفى هذه الأحوال الاستثنائية التي توجب سحب القرار دون التقيد بموعد الستين يوما، ويكون لجهة الإدارة سحب قرارها في أي وقت حتى بعد فوات هذا الموعد ، كما تكون دعوى إزالة الفعل والأثر المادي للقرار مقبولة دون تقيد بمواعيد دعوى الإلغاء.
وحيث إنه في ضوء ما تقدم فإنه يكون من الثابت أن القرار المطعون فيه قد خالف أحكام القانون والقرارات المنظمة لبيع مساهمات المال العام المملوكة للدولة والبنوك وشركات قطاع الأعمال العام والأشخاص الاعتبارية العامة، وقد بلغت هذه المخالفات على نحو ما سلف بيانها حداً من الجسامة أدى إلى إهدار المال العام والتفريط فيه ببيع الأصول الثابت لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بثمن لا يتناسب مطلقاً وقيمة الأصول والحقوق والامتيازات التي حصل عليها المشترى، وغيرها من المخالفات السالف بيانها ، وهي مخالفات من شأنها أن تهوى بالقرار المطعون فيه إلى درك الانعدام، ليصبح هو والعمل المادي سواء، فلا تلحقه أي حصانة، ولا يتقيد من ثم بالمواعيد المقررة لسحب وإلغاء القرارات الإدارية، الأمر الذي يتعين معه قبول الدعوى شكلاً.
ومما يؤكد انعدام القرار المطعون فيه أن وزير قطاع الأعمال العام والجمعيات العامة للشركة القابضة والمسئولين عن ملف الخصخصة تصرفوا في شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ليس باعتبارها صرحاً صناعياً عظيماً ساهم على مدار تاريخه الطويل تلبية الحاجات الأساسية لقطاعات عريضة من الشعب في عدد وفير من الصناعات المعتمدة على هذا المشروع العملاق وفي تلبية متطلبات التصدير للخارج وتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه الصناعة الاستراتيجية ، ولكن تصرفوا فيها باعتبارها رجس من عمل الشيطان يجب التطهر منه بأي ثمن ، أو بوصفها ذنباً يلقي على الشركة والدولة واجب تقديم القربان للاستغفار عن ارتكابه، وتعاملت مع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، بكل ما اشتملت عليه من آلاف من العمال والموظفين وأراض وعقارات ومباني ومصانع وآلات ومعدات، وكأنها كماً من المهملات أو كأنها أصنافاً سريعة التلف يتعين التصرف فيها على وجه السرعة قبل نهاية تاريخ الصلاحية. الأمر الذي من شأنه أن يثير الشك والريبة حول حقيقة التصرفات التي قام بها جميع المسئولين عن إتمام تلك الصفقة، فلقد بلغت تلك التصرفات حداً كبيراً من الجسامة يصل إلى شبهة التواطؤ لتسهيل تمرير الصفقة بكل ما شابها من مخالفات ، وقد كشف عن تلك المثالب السابقة على البيع ذلك المصير الذي لحق بالعاملين ومعدات وآلات المصنع التي تم تفكيكها على مرأى ومسمع من أجهزة الدولة وبمعاونة جهات تملك القرار لوقف تدمير تلك الصناعة وتجهيز أراضيها المملوكة للشعب لمشروعات سياحية كان من الممكن توفيرها للمستثمرين وفقاً للأساليب المحددة للاستثمار السياحي والعقاري لا على حساب التصنيع المحلي وتنمية الصادرات الصناعية التي غابت عن مهندسي الخصخصة القائمة على مجرد التخلص من الأصول وإنفاق حصيلة الخصخصة في غير ما يقيم مجتمع التنمية الصناعية والاقتصادية.
وحيث إن أوراق الدعوى قد كشفت عن مخالفات صارخة للقانون مارستها أجهزة الدولة سواء عن عمد أو عن فهم غير مستقيم للقانون ، سواء في مجال تأسيس شركات ودمجها وقسمتها للتحضير لبيع الأموال العامة دون تدقيق في طبيعة العلاقة العقدية ووجوب استمرار النشاط ، والتنسيق مع القائمين على الخصخصة ، فكانت قرارات الهيئة العامة للاستثمار السالف بيانها ، والتي اعتمدت على الإجراءات الباطلة التي نشأت عن عملية البيع المنعدمة والتي قامت بها مصلحة الشهر العقاري بتسجيل أراضي شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط باسم المستثمرين المشترين رغم أن الصحيفة العقارية الخاصة بتلك الأرض قد تضمنت أن الأرض (منافع عامة عن مشروع 65 صناعة لمصنع شركة المراجل البخارية وأوعية الضغط بناحية منيل شيحة9 وهو ما تم تسجيله بنظام السجل العيني على القسم المساحي الخاص بمنيل شيحة اعتباراً من 1/7/1993 ، إلا أن مأمورية الشهر العقاري قد سجلت العقد بالطلب رقم 525 في 12/11/1996 المقيد بالسجل العيني بالجيزة برقم 264 في 9/10/1997 باسم الشركة المشترية بإدعاء أن مشروع مصنع المراجل البخارية قد تم تصفيته وهو أمر يناقض الواقع ويخالف القانون ، فالواقع أن الشركة المشترية قد اشترت الأصول لتتعهد باستمرار نشاطها ، والثابت أن البند (7/5) من العقد تضمن تدريب العاملين ، وأن البند (7/2) منه تضمن المحافظة على نشاط الشركة المباعة وليس تصفيتها ، كما قامت مصلحة الشهر العقاري بتسجيل عقد تنازل نهائي بدون مقابل عن ذات الأرض من الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية (بابكوك و ويلكوس سابقاً) لصالح شركة الخلود للتنمية العقارية السياحية بموجب الطلب رقم 69 مأمورية الشهر العقاري بالأهرام في 4/2/2007 وقيدته بالسجل العيني بالجيزة برقم 563 في 25/9/2007، ومن ثم فإن تلك القيود والتسجيلات تكون قد ترتبت على بطلان شاب خصخصة الشركة على النحو السالف بيانه بما يتعين معه الحكم ببطلان تسجيل أرض شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط في الطلب رقم 525 بتاريخ 12/11/1996 المقيد بالسجل العيني بالجيزة برقم 264 في 9/10/1997 ، وفي الطلب رقم 69 بتاريخ 4/2/2007 المقيد بالسجل العيني بالجيزة برقم 563 في 25/9/2007 ، كأثر لبطلان التصرف في الأرض المذكورة وما يترتب على ذلك من آثار.

وحيث إنه ومتى ثبت بطلان إجراءات بيع شركة المراجل البخارية وأوعية الضغط ، فإنه وبالضرورة تبطل جميع الإجراءات والتصرفات التي تمت لاحقة للبيع والتعاقد ومنها قيام الشركة المشترية بتاريخ 27/2/2008 ببيع أسهم الشركة الدولية لتصنيع المراجل إلى الشركة الوطنية للصناعات الحديدية (إحدى مجموعة شركات أوراسكوم) ،بما فيها بيع كامل الآلات والمعدات والعقود المبرمة بين الشركة البائعة والغير وما اشتمله البيع من حصول الشركة الوطنية للصناعات الحديدية على خدمات كافة العاملين بالشركة في تاريخ الشراء ـ دون الأرض المقام عليها مصنع الشركة الكائنة بمنطقة منيل شيحة ، بطلاناً مطلقاً وما يترتب على ذلك من آثار ، على أن يعيد البائع إلى المشتري كامل ثمن الشراء ، وإعادة الآلات والمعدات والعقود المشتراة والعاملين إلى شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط نفاذا لما لحق إجراءات وقرارات بيع تلك الشركة من بطلان وانعدام.

وحيث إنه وترتيباً على ثبوت انعدام القرار المطعون فيه للأسباب سالفة البيان، فإن أثر ذلك ينعكس بالضرورة بالبطلان على العقد الذي تمخض عن هذا القرار، فينسحب هذا البطلان بحكم اللزوم على كامل الالتزامات التي ترتبت على العقد، وذلك وفقا لحكم الفقرة الأولى من المادة (142) من القانون المدني التي تنص على أنه ” في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد. فإذا كان هذا مستحيلاً جاز الحكم بتعويض معادل “. ذلك أن بطلان إجراءات البيع على النحو السالف بيانه تجعل جميع ما يترتب على هذه الإجراءات والعدم سواء فيضحي العقد المبرم بين الشركة القابضة للصناعات الهندسية بصفتها مفوضة عن وزير قطاع الأعمال الممثل للدولة مالكة الأموال محل البيع وبين شركة بابكوكس و ويلكوكس هو الآخر والعدم سواء ولا ينتج ثمة أثر قانوني، بما يستوجب إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، فتسترد الدولة جميع أصول ومصانع الشركة وكافة ممتلكاتها المسلمة للمشتري مطهرة من أي رهون أو التزامات يكون قد أجراها المشترى، وإعادة العاملين إلى أوضاعهم السابقة مع منحهم كامل مستحقاتهم وحقوقهم ، ويتحمل المشتري وحده كامل الديون والالتزامات التي رتبها خلال فترة نفاذ العقد، وكذا جميع الخسائر التي عساها تكون قد نجمت خلال مدة إدارته للشركة وسداد جميع المستحقات الضريبية شاملة الضرائب الناشئة خلال فترة نفاذ العقد، وسداد جميع القروض التي حصل عليها من البنوك بضمان العقد، وبطلان بيع المستثمر لأي نسبة من رأس مال الشركة إلى أي جهة كانت وما يترتب على ذلك من آثار، وبطلان جميع ما عسى أن يكون قد أبرمه المستثمر مع الغير من عقود أو اتفاقات بشأن أي من الحقوق أو الالتزامات الناشئة عن العقد خلال فترة نفاذه شاملة أية اتفاقات تتعلق ببيع أو بالوعد ببيع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط أو أي جزء منها للغير في الماضي أو في الحال أو المستقبل، وبطلان جميع الإجراءات والتصرفات التي تمت لاحقة للبيع والتعاقد ومنها قيام الشركة المشترية بتاريخ 27/2/2008 ببيع أسهم الشركة الدولية لتصنيع المراجل إلى الشركة الوطنية للصناعات الحديدية (إحدى مجموعة شركات أوراسكوم) ،بما فيها بيع كامل الآلات والمعدات والعقود المبرمة بين الشركة البائعة والغير وما اشتمله البيع من حصول الشركة الوطنية للصناعات الحديدية على خدمات كافة العاملين بالشركة في تاريخ الشراء ، وبطلان أية قيود أو تسجيلات بالسجل العيني أو بالشهر العقاري لأية أراضي تتعلق بهذا العقد ، وتحمل المستثمر لجميع أعباء وتكاليف فترة نفاذ العقد وسداد قيمة حقوق الإيجار أو الانتفاع بالعقارات أو الأصول أو المعدات والآلات وغيرها التي سُلمت له ، وفي المقابل إجراء المقاصة بين ما أداه المستثمر للدولة من مقابل للصفقة وبين ما حصل عليه وما استحق عليه من أموال أو ديون، وحصول كل من طرفي التعاقد على حقوقه الناتجة عن المقاصة.
وحيث إن المحكمة وقد فحصت مدى مشروعية القرار المطعون فيه كأحد القرارات التي تمخض عنها بيع أحد قلاع الصناعة في مصر ، لتلحظ أن ثمة آثار ونتائج اقتصادية لبرنامج الخصخصة الذي تم تنفيذه من عام 1991 وحتى الآن ، تهيب بحكومة ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 أن تضعها محل الدراسة والاهتمام سعياً نحو مجتمع العدالة الاجتماعية وحماية المال العام وتحفيزاً للاستثمار الجاد العامل على المشاركة في النهضة الاقتصادية ومحاسبة لكل من أسهم في تجريف الاقتصاد القومي ، فلقد كان لسياسات الخصخصة وسبل تنفيذها تأثير جد خطير على الاستثمار ، وعلى البطالة ، وفي إهدار المال العام وشيوع الفساد ، ثم على سيطرة رأس المال الأجنبي وتأثيره على متطلبات حماية الأمن القومي المصري ، فقد أثر التنفيذ السلبي لسياسة الخصخصة على الاستثمار بقطع الطريق على تنفيذ استثمارات جديدة، حيث تحولت الاستثمارات إلى تمويل تداول أصول قائمة فعلياً، وهو ما دفع الاقتصاد إلى الجمود والركود، كما لم تستخدم الدولة حصيلة الخصخصة في بناء مشروعات إنتاجية جديدة، ذلك أن برنامج الخصخصة كان أقرب ما يكون إلى استهلاك رصيد الأصول الذي بنته الأجيال والحكومات السابقة لصالح تمويل الإنفاق الجاري للحكومة لتغطية عجزها عن توفير التمويل الضروري لهذا الإنفاق وبخاصة بسبب التهرب الضريبي لرجال الأعمال ، وغياب المسئولية الاجتماعية لهم ، والعمل على حماية المستثمر الحق حسن النية بحصوله على ما عسى أن يكون قد أنفقه من أموال بغير إضرار بالمال العام ، وبغير فساد في الحصول على العقود أو تخريب للاقتصاد.
وحيث إنه فيما يتعلق بمدى امتداد آثار بطلان العقد إلى شرط التحكيم المحلي المنصوص عليه بالمادة الرابعة عشر من العقد، في ضوء بطلان العقد واستقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي وفقا لنص المادة (23) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية التي تقضى بأن (يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى، ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته). فإن ذلك يتوقف على الطبيعة القانونية لعقد بيع أسهم شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط ، وهل يعتبر عقداً مدنياً أم من العقود الإدارية.
وحيث إن المستقر عليه أن العقد الإداري يتميز عن العقد المدني أو التجاري من ثلاثة وجوه. أولها: أنه عقد يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام. وثانيها: أنه لا ينزل فيه عند إبرامه منزلة الأفراد وأشخاص القانون الخاص من بيع وإيجار ونحوه ولكنه يبرمه في إطار استخدامه لسلطته وما نيط به من أمانة إدارة المصالح العامة وإنشاء المرافق العامة وتنظيمها وتسييرها، أي يبرمه بمناسبة تصديه للشأن العام للجماعة وممارسته لوسائط الرعاية والتنظيم والضبط الذي ما قامت الأشخاص المعنوية العامة أو الهيئات العامة وما تبوأت مكانتها في المجتمع على رأس الجماعة إلا للقيام به. وثالثها: أن يظهر الشخص المعنوي العام نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وأحكامه بتضمين العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص Clauses Exorbitantes .
وحيث إن عقد بيع الأصول الثابتة لشركة النصر للمراجل البخارية قد جرى إبرامه بين كل من الشركة القابضة للصناعات الهندسية وهي شركة من شركات قطاع الأعمال العام المفُوضة من وزير قطاع الأعمال في اتخاذ إجراءات طرح الشركة للخصخصة وإجراءات إبرام عقد البيع نيابة عن الدولة مالكة رأس مال الشركة بالكامل، وبين شركة بابكوك و ويلكوكس وقد تمت إجراءات التفويض للشركة في إبرام العقد وفقاً للقواعد التي قررها مكتب قطاع الأعمال العام والمعتمدة من وزير قطاع الأعمال العام ومجلس الوزراء ، ومن ثم فإن إبرام الشركة القابضة للصناعات الهندسية للعقد موضوع النزاع يكون قد تم باسم الدولة مالكة المال العام وبالتالي يكون أحد أطراف العقد شخصاً من أشخاص القانون العام ، وقد تعلق العقد بتسيير مرفق عام يتمثل فى مرفق الصناعة والإسهام في تنمية الصناعات المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير لإنتاج وتصنيع المراجل البخارية وأوعية الضغط وتسويقها داخلياً وخارجياً ، وذلك وفقاً للبرنامج الذي قررته الدولة لإدارة الأصول المملوكة لها ويهدف إلى تسيير مرفق الصناعة والتنمية الصناعية لتلبية حاجات المواطنين من تلك الصناعات، وإلى استمرار النشاط الصناعي للشركة المباعة وتطويره لخدمة جموع المواطنين والمحافظة على اسم المنشأة والعاملين فيها وحقوقهم ومزاياهم. كما تضمن العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في مجال القانون الخاص منها ما ورد في البندين (7/4) و (7/5) و (7/2) و (7/3) من العقد من التزام المشتري بالحفاظ على جميع العمالة الموجودة بالشركة وعلى كافة مزاياها وأجورها وعدم جواز الاستغناء عن أي عامل إلا وفقاً لقانون العمل ،التزام المشتري باستمرارية نشاط الشركة والعمل على تطويره في جميع المواقع طبقاً لخطة التطوير والتحديث ، وترتيباً على ما تقدم يكون العقد المبرم بين كل من الشركة القابضة للصناعات الهندسية بصفتها مفوضاً من وزير قطاع الأعمال لتمثيل الدولة المالكة لأموال شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط وبين شركة بابكوك و ويلكوكس هو عقد إداري تكاملت له جميع الشروط اللازمة للعقد الإداري.
وحيث إنه لا ينال من اعتبار العقد محل النزاع عقداً إدارياً، القول بأن الأموال محل العقد (أسهم شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط) من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة، متى تضمن العقد تصرفاً ناقلاً لملكية هذه الأموال، عملاً بالتفرقة سالفة البيان بين الأعمال التي تؤدى إلى اكتساب الدولة لملكية أموالها الخاصة والتصرف فيها بأي تصرف ناقل للملكية كالبيع أو الهبة، أو مقيد لها كتقرير حق من الحقوق العينية الأصلية عليها كحق الانتفاع أو حق الارتفاق أو الحقوق العينية التبعية كالرهن الرسمي أو حقوق الامتياز، واعتبار هذه الأعمال أعمالا إدارية، والأعمال التي بموجبها تمارس الدولة الحق في إدارة واستعمال واستغلال الأموال المملوكة لها ملكية خاصة والانتفاع بها، لا يصدق عليها وصف الأعمال الإدارية.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة (1) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية المضافة بالقانون رقم 9 لسنة 1997 تنص على أنه (وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، ولا يجوز التفويض في ذلك)

وتنص المادة (11) من ذات القانون على أنه (لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه …… )
وحيث إن مفاد ما تقدم أن الأصل هو عدم جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية، وأن (موافقة الوزير) على شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية هي شرط جوهري يترتب على تخلفه بطلان الشرط ذاته، فقد أورد تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية أن تلك الموافقة (وجوبية) وأنها لا تكون إلا من (الوزير المختص) أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، وحدد التقرير الأشخاص الاعتبارية العامة التي تتولى اختصاص الوزير بأنها (الأشخاص الاعتبارية العامة التي لا تتبع الوزير كالجهاز المركزي للمحاسبات) وليست الهيئات العامة التي تتبعه. وإحكاماً لضوابط الالتجاء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية حظر المشرع التفويض في ذلك الاختصاص فلا يباشره إلا من أوكل له القانون هذه المهمة، إعلاءً لشأنها وتقديراً لخطورتها، ولاعتبارات الصالح العام، وباعتبار أن الوزير يمثل الدولة في وزارته. (تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية المقدم إلى رئيس مجلس الشعب بتاريخ 21/4/1997).
وحيث إن البين مما تقدم أن موافقة الوزير المختص على شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية بالتطبيق على المنازعة الماثلة تحكمها ضوابط تشريعية لا فكاك منها:

أولها: أن موافقة الوزير المختص الممثل للدولة في وزارته هي موافقة من النظام العام لا يصح شرط التحكيم في منازعات العقد الإداري إلا بوجودها بضوابطها المقررة قانوناً، وبتخلفها على أي نحو يبطل الشرط ويصير عدماً لا تتغير به ولاية أو اختصاص ويبطل كل إجراء جرى حال تخلف تلك الموافقة .

وثانيها : أن الوزير المختص وحده دون غيره هو المنوط به الموافقة على شرط التحكيم المشار إليه بالنسبة لوزارته والهيئات العامة والوحدات الإدارية التابعة له سواء تمتعت تلك الهيئات العامة بالشخصية الاعتبارية أو لم تتمتع بها، أما الأشخاص الاعتبارية العامة التي تتولى اختصاص الوزير فهي ليست الهيئات العامة أو الوحدات الإدارية التي تتبع الوزير، وإنما هي الأشخاص الاعتبارية العامة التي لا تتبع وزيراً بذاته كالجهاز المركزي للمحاسبات، ذلك أن الهيئات العامة التابعة للوزير لا تستقل عنه وإنما تخضع لإشرافه عليها وموافقته واعتماده لقراراتها أو رفضها بوصفه السلطة الوصائية على تلك الهيئات. ومن ثم لا يغني عن موافقة الوزير المختص على شرط التحكيم في منازعات العقد الإداري توقيع رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة التابعة له على العقد أو اتفاق التحكيم أو المفوض منه في توقيع العقد فلئن جاز التفويض في بنود العقد الإجرائية والموضوعية فإنه لا يجوز التفويض في التوقيع أو الموافقة على شرط التحكيم ومن ثم فلا اختصاص قانوني لأي من هؤلاء في ذلك ولا جواز لتفويض لهم أو لغيرهم في هذا الاختصاص.

وثالثها : أن الخطاب التشريعي بمضمون القاعدة القانونية موجه لطرفي التعاقد ممن رغبوا في إدراج شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية المبرمة بينهما، فليس لطرف أن يلقي بعبء التأكد من تحقق الموافقة على الطرف الآخر، وإنما على كليهما السعي لوضع الشرط المتفق عليه فيما بينهم موضع التطبيق وإلا كان ذلك تقاعساً عن تلبية الخطاب التشريعي، وانصياعاً وقبولاً للاختصاص الأصيل للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع.
وحيث إنه متى كان ما تقدم جميعه، وكان العقد المقضي ببطلانه تبعاً لبطلان وانعدام إجراءات بيع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط قد تضمن في المادة (12/6) منه شرطاً للتحكيم بين الطرفين في أي نزاع ينشأ عن العقد أو يتعلق به، وكان هذا الشرط لم ينل موافقة الوزير المختص وهو وزير قطاع الأعمال العام، بغير خلاف في ذلك بين جميع أطراف العقد وأطراف الدعوى الماثلة، وإنما وقع العقد متضمناً الشرط رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الهندسية، ومن ثم يكون شرط التحكيم المشار إليه قد وقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لا أثر له ويكون هو والعدم سواء وما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إنه لا ينال مما تقدم ، ولا يجعل في مُكنة المستثمر اللجوء إلى التحكيم الدولي أن تكون جمهورية مصر العربية قد انضمت إلى الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا دول أخري (ICSID)الموقع عليها بواشنطن بتاريخ 11 فبراير 1972 والتي عمل بها اعتباراً من 2 يونيه 1972، والتي دخلت حيز التنفيذ بالنسبة لجمهورية مصر العربية بتاريخ 2 يونيه 1972 ، ذلك لأمور ثلاثة :
الأمر الأول ـ أن المستثمر المشتري لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط لا تسري في شأنه الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا دول أخري (ICSID)المشار إليها التي تستوجب لسريانها أن تتضمن المنازعة طرفان أولهما من دولة مضيفة للاستثمار وثانيهما مستثمر من رعايا دولة أخرى منضمة إلى الاتفاقية ، والحال هنا أن المستثمر المشتري من المستثمرين المصريين ، فالثابت أنه ولئن تم إبرام العقد الباطل بين الشركة القابضة للصناعات الهندسية وبين (شركة بابكوك و ويلكوكس مصر ـ شركة مساهمة مصرية) الصادر بتأسيسها قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 649 لسنة 1994، والمشتملة على مساهمي مصريين هما (هشام محمد شتا ) و (خالد محمد شتا) ، إلا أن تلك الشركة المشترية تعدلت بقرار رئيس الهيئة العامة للاستثمار رقم 354 لسنة 2001 لتكون (الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية) ويتملك أسهمها بالكامل كل من (محمد عبد المحسن هلال شتا) و (هشام محمد شتا) و (خالد محمد شتا) ، وجميعهم من المصريين ، وإذ انقسمت إلى شركتين بقرار رئيس الهيئة العامة للاستثمار رقم 1184/2 لسنة 2006 ، فصارت الشركة الأولى (القاسمة) هي (الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية) ويرأس مجلس إدارتها (خالد محمد شتا) وهو مصري ، والشركة الثانية (المنقسمة) هي (شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية) ويرأس مجلس إدارتها (محمد عبد المحسن هلال شتا) وهو مصري ، ومن ثم افتقد النزاع ـ إن وجد ـ لأي عنصر أجنبي من رعايا أي دولة أجنبية من المنضمين لتلك الاتفاقية.
الأمر الثاني ـ أن الاختصاص المعقود للمركز الدولي لتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار المنصوص عليه في المادة (1) من الاتفاقية المشار إليها بنظر أية طلبات للتحكيم الدولي عن أية خلافات قانونية تنشأ مباشرة عن استثمار بين دولة متعاقدة وبين مواطن من دولة أخرى متعاقدة وفقاً للمادة (25) من الاتفاقية لا يتحقق إلا إذا وافق طرفي النزاع “كتابة” على تقديمها للمركز ، فإذا أعطى الطرفين موافقتهما لا يحق لأي منهما أن يسحب تلك الموافقة دون قبول من الطرف الآخر ، والثابت أن أحداً من طرفي التعاقد حول بيع وشراء شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط لم يُعط موافقته “كتابة” على تقديم المنازعات عن هذا العقد للمركز الدولي لتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار المنصوص عليه في المادة (1) من الاتفاقية ، بل على العكس من ذلك فقد اتفق الطرفان على اللجوء عند النزاع إلى التحكيم المحلي الذي ثبت بطلانه للسبب السالف بيانه ، كما أنه وفقاً لحكم المادة (26) من الاتفاقية ذاتها تعتبر موافقة الأطراف على التحكيم في ظل هذه الاتفاقية موافقة على استبعاد أي علاج آخر ما لم ينص على خلاف ذلك ، ومن ثم فقد تخير المتعاقدان التحكيم المحلي مستبعدين التحكيم الدولي المنصوص عليه في الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا دول أخري (ICSID).
والأمر الثالث ـ أن المستقر عليه في نزاعات التحكيم أمام مركز تسوية منازعات الاستثمار بواشنطن (الإكسيد) ، أن ” العقد المتحصل عليه بطريق الفساد غير جدير بالحماية الدولية المقررة للاستثمارات الأجنبية والتي يغطيها وينظر منازعاتها مركز تسوية منازعات الاستثمار في واشنطن ، لما فيها من مخالفة للنظام العام الدولي ordre public international ، وللنظام العام الداخلي في جمهورية مصر العربية “.

ويؤكد ذلك ويدعمه السوابق التحكيمية الصادرة عن هيئات التحكيم وفقاً لأحكام الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا دول أخري (ICSID)الموقع عليها بواشنطن بتاريخ 11 فبراير 1972، ومنها ما صدر عن مركز تسوية منازعات الاستثمار بواشنطن (الإكسيد) ، من هيئة التحكيم في القضية التحكيمية رقم [ICSID Case No. ARB/00/7] ، بتاريخ 4/10/2006 في النزاع القائم بين شركة World Duty Free Limited ضد الجمهورية الكينية حول قيام الحكومة الكينية بفسخ عقد التزام تطوير مطار كينيا الدولي ، فقد بينت هيئة التحكيم في الفقرة 157 من الحكم أنه :
“157. In light of domestic laws and international conventions relating to corruption, and in light of the decisions taken in this matter by courts and arbitral tribunals, this Tribunal is convinced that bribery is contrary to the international public policy of most, if not all, States or, to use another formula, to transnational public policy. Thus, claims based on contracts of corruption or on contracts obtained by corruption cannot be upheld by this Arbitral Tribunal.”

ومفاد هذه الفقرة أنه :
“وهدياً بما ورد في كل من القوانين الداخلية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالفساد، وفي ضوء الأحكام الصادرة في الخصوص من المحاكم وهيئات التحكيم ، فإنه يكون قد وقر في ضمير هذه الهيئة أن جريمة الرشوة تخالف النظام العام الدولي في معظم ، إن لم يكن في جميع ، دول العالم ، ولهذا فإن الدعاوى المبنية على عقود الفساد أو على عقود تم التحصل عليها بطريق الفساد ، لا يمكن أن تحظى بتأييد هيئة التحكيم الماثلة “.
الأمر الذي خلصت معه هيئة التحكيم في نهاية حكمها إلى أن:
“3) The Claimant is not legally entitled to maintain any of its pleaded claims in these proceedings as a matter of ordre public international and public policy under the contract’s applicable laws.”
” أن الشركة المدعية ليس لها قانوناً الحق في طلباتها المقدمة أثناء هذه الإجراءات نتيجة للنظام العام الدولي والنظام العام الداخلي للقانون واجب التطبيق لكل من دولتي العقد “.

وعلى ذلك فإن ما شاب الإجراءات السابقة على التعاقد من مواطن الفساد والبطلان يكشف أن عقد بيع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط قد تم إبرامه مشوباً بالفساد وإهدار المال العام والمساس والإضرار بالاقتصاد القومي ، ووفق سياسات اقتصادية قام عليها عدد كبير من المسئولين عاثوا في الأرض فساداً فطالتهم الاتهامات الجسيمة بإهدار المال العام والتربح وتخريب الاقتصاد المصري حيث شاركهم نفر من المستثمرين لم يكن غايتهم الاستثمار الحق وإنما زيادة أرباحهم على حساب التزاماتهم العقدية وعلى حساب حقوق العمالة وإهدار المال العام واستباحته ، الأمر الذي يجعل هذا العقد الباطل وفقاً لما استقر في مجال التحكيم الدولي أمام مركز تسوية منازعات الاستثمار بواشنطن (الإكسيد) عقداً تم التحصل عليه بطريق الفساد ، وهو ما يجعله ومنازعات المستثمر فيه غير جدير بالحماية الدولية المقررة للاستثمارات الأجنبية والتي يغطيها وينظر منازعاتها ذلك المركز ، لما في ذلك من مخالفة للنظام العام الدولي ordre public international ، وللنظام العام الداخلي في جمهورية مصر.
وحيث إنه وترتيباً على ما تقدم تظل أمور تصفية آثار عقد بيع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط واستحقاقات كل طرف من اختصاص القضاء المصري صاحب الولاية المقررة دستوراً وقانوناً ويسقط الإدعاء بوجود أي سبيل للجوء للتحكيم المحلي بعد ثبوت بطلان شرط التحكيم وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة (1) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية المضافة بالقانون رقم 9 لسنة 1997، كما يسقط أي إدعاء بأي اختصاص للتحكيم الدولي وفقاً للاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول ورعايا دول أخري (ICSID)، الموقع عليها بواشنطن بتاريخ 11 فبراير 1972 والتي عمل بها اعتباراً من 2 يونيه 1972 ، ووفقاً للسوابق التحكيمية أمام مركز تسوية منازعات الاستثمار بواشنطن (الإكسيد) التي تجعل منازعات عقود الاستثمار المبنية على الفساد أو المتحصلة عن طريق الفساد غير جديرة بالحماية الدولية .
وحيث إنه ولئن كانت العولمة دافعاً لخصخصة الشركات والملكية العامة في مصر ، فإن هذه المحكمة وقد هالها ما انطوت عليه الدعوى من معالم الفساد الذي عاث في أملاك الدولة وأموالها فاستباحها وأهدرها لتنوه إلى فساد جد خطير صاحب تنفيذ صفقة بيع شركة النصر للمراجل البخارية ألا وهو تمويل الجهات الأجنبية لقرارات الخصخصة في مصر الذي جاء ضمن حزمة من الإجراءات التزمت بها مصر للوصول إلى اتفاق مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، للتخلص من نصف ديونها الخارجية مطلع تسعينيات القرن الماضي ، والتي كانت خير شاهد على التدخل السافر في الشئون الاقتصادية الداخلية للبلاد وتسخير أموال المنح والهبات المشروطة للمساس بسيادة الوطن وتحقيق غايات الخصخصة دون النظر لأية اعتبارات اجتماعية ، ويبين ذلك من خلال الإطلاع على (اتفاقية منحة مشروع الخصخصة بين حكومتي جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية) ـ ممثلة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ـ الموقعة بالقاهرة بتاريخ 30/9/1993 ، والصادر بالموافقة عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 534 لسنة 1993 والتي حظيت بموافقة مجلس الشعب بتاريخ 8/3/1994 وتصديق رئيس الجمهورية بتاريخ 12/3/1994 ونشرت بالجريدة الرسمية بقرار وزير الخارجية رقم 39 لسنة 1994 بتاريخ 5/5/1994 وتم العمل بها اعتباراً من 30/9/1994 ، وقد أوردت الاتفاقية أن هدفها مساعدة الممنوح (جمهورية مصر العربية) في تنفيذ برنامجه للخصخصة من خلال التطوير المؤسسي وتقديم المساعدة لبيع مشروعات وأصول عامة تبلغ 150 مشروعاً وأصل من الأصول الكبيرة التي تمتلكها الحكومة المصرية ، وأن المشروع سيوفر الخبرات وتنمية قدرات مكتب قطاع الأعمال العام والشركات القابضة وبنوك الدولة لتنفيذ المهام الخاصة بالخصخصة ، وسوف يتطلب المشروع تمويلاً من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قدره 35 مليون دولار أمريكي، وأن المشروع سيركز على تمويل خمسة مجالات رئيسية: أولها (الترويج للبرنامج) . وثانيها (التطوير التنظيمي) . وثالثها (المبيعات) بتوفير خدمات للشركة القابضة عن طريق مكتب قطاع الأعمال العام ولبنوك الدولة عن طريق البنك المركزي المصري لتقييم صلاحية العناصر المرشحة للخصخصة للعرض في السوق والمساعدة في المهمة الملحة الخاصة ببيع هذه العناصر . ورابعها (تطوير الأدوات المالية) . وخامسها (تدعيم اتخاذ القرار) .
وقد أديرت مسئوليات تنفيذ الخصخصة بواسطة (مكتب الشئون المالية والاستثمار التابع لإدارة التجارة والاستثمار بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية) وهي جهة أجنبية تحكمت تماماً في المسئوليات الخاصة بالتنفيذ ، وعن أسلوب المساعدة في عملية البيع نص الملحق رقم (1) من الاتفاقية على أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ستبرم عقداً لمساعدة الحكومة المصرية في عملية البيع مع كونسورتيوم من بنوك أعمال أمريكية يديره بنك أمريكي واحد ، وسيوفر العقد مجموعة من الحوافز للمقاول لتنفيذ ومتابعة عمليات البيع في مصر ، ونظم عمليات الدفع عند التوصل إلى اتفاق بين (السلطة المختصة بالخصخصة في الحكومة) سواء الشركة القابضة أو مكتب قطاع الأعمال العام أو بنك الدولة مع مقاول خدمات القيام بالبيع ، كما تبرم عقوداً مستقلة مع الحكومة المصرية تشمل هياكل أتعاب محددة سلفاً تبعاً للنجاح أو الإخفاق وأتعاب (المفاوضات المتعلقة بعملية البيع) ، ومنحت الاتفاقية للجانب الأمريكي (الوكالة) حق المتابعة والمراجعة والتقييم بالاشتراك بصفة منتظمة مع موظفي مكتب قطاع الأعمال العام والشركات القابضة ، وكذلك عن طريق (التقارير) وخولت لجانب الأمريكي حق (تحديد القيود على استمرار الحكومة المصرية في عملية التخصيصية) (البند رابعاً من الملحق رقم 1) ، وأشارت الاتفاقية إلى أنها تضع في اعتبارها مساهمات الحكومة المصرية المقررة لذات الغرض التي تبينتها من توفير الحكومة المصرية لمبلغ 23 مليون جنيه لصالح مكتب قطاع الأعمال العام من حساب الباب الثالث من ميزانية الحكومة المصرية عن السنة المالية1992 / 1993 (البند سادساً من الملحق رقم 1 من الاتفاقية) وما تلاها من ميزانيات ، ثم أشارت الاتفاقية في ختام الملحق رقم (1) منها إلى ( التزام الحكومة المصرية بتقديم تقارير سنوية إلى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عن عدد المشروعات العامة والعناصر المرشحة للخصخصة التي تم بيعها بنجاح نتيجة لبرنامج التخصيصية وعمليات البيع التي تضمنت مساعدة الوكالة الخاصة بعمليات البيع ، وإبلاغ الوكالة الأمريكية عن طريق مكتب قطاع الأعمال العام عند إتمام كل عملية من عمليات البيع وبقيمة أتعاب النجاح المدفوعة ) ، وأورد الملحق رقم (2) من الاتفاقية بعض أحكام الشراء من المنحة فأوجب على الحكومة المصرية عند تمويلها لسيارات من المنحة أن تكون من صنع الولايات المتحدة الأمريكية ، وأن يكون النقل الجوي الممول من المنحة للملكية أو الأشخاص وأمتعتهم الشخصية على ناقلات تحمل علامة الولايات المتحدة الأمريكية .

وعلى ذلك فإن عمليات الخصخصة ومنها خصخصة شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط قد دارت بإشراف ورقابة وتمويل جهات أجنبية ووفقاً لتعليماتها وتوجيهاتها ، وأسهمت أموال المنحة في الرغبة الجامحة لإتمام الخصخصة في أسرع وقت وعلى أي نحو بلوغاً لاستنفاد المبالغ المحدد بالمنحة وتجنب ما قد يسمى الإخفاق الذي من شأنه استرداد ما عساه قد صرف من تلك المنحة الأمر الذي ما كان ينبغي على مجلس الشعب المنحل الذي كان يمثل الأمة أن يوافق على مثل تلك المنحة الماسة بسيادة الدولة والتدخل في شئونها الداخلية، وهو ذات ما كان يتعين معه على رئيس الجمهورية السابق ألا يوافق عليها ابتداءً في 28/12/1993 مع التحفظ بشرط التصديق ثم يتولى التصديق على الاتفاقية في 12/3/1994 .

وحيث إنه وعن أثر الحكم القضائي على مناخ الاستثمار فإن الحماية القانونية للمستثمر هي من أبرز الضمانات التي تحدو بالمستثمرين إلى إن يقرروا اتخاذ قرار الاستثمار ، ومن ثم يكون تحفيز المستثمر الجاد بمنحه ضمانات الحماية من التعرض لمخاطر البلد المضيف، كالحروب أو التأميم أو المنع من تحويل ناتج الاستثمار إلى الخارج ، هذه المخاطر لا تتعلق بالتعامل التجاري للمستثمر وسُبل حصوله على تعاقداته في الدولة المضيفة ومدى حرصه على مصالحها الوطنية والاقتصادية ، ومن ثم فإن المستثمر المخطئ والذي تعتري تعاقداته شبهات الفساد لا يمكن اعتباره مستثمراً حسن النية ،سيما عندما يتكشف الغرض من التعاقد وأساليبه في انتهاك قوانين الدولة المضيفة وعدم المحافظة على النشاط محل الاستثمار والتقاعس عن تطويره ورعاية العاملين به ، ومدى الإفساد والتخريب والتدمير الذي ألحقه بالمشروع المسند إليه ، وعندما تشوب عملية التعاقد الفساد الفاحش ، فإن صمت القضاء عن هذه الجرائم ـ فيما هو معروض عليه من أقضية ـ وعدم القضاء بما هو حق بداع الحفاظ على المستثمر ، أو بذريعة الحفاظ على مناخ الاستثمار ، لا يكون إلا إنكاراً للعدالة يُعاقب عليه القاضي، كما يعاقب عليه المدافعون عن المال العام والمطالبون بمستثمر حريص على حماية ورعاية مصالح الدولة المضيفة والمشاركة في تنميتها ، ومن ثم لا يكون القضاء بالحق والعدل إلا حماية للمستثمر الجاد وتشجيعاً للاستثمار وتنقية لمناخه من المتسلقين والساعين لتدمير اقتصاديات الدولة المضيفة للاستثمار، ومن هنا فإنه يقع على عاتق الدولة ممثلة في السلطة التنفيذية تخير المستثمر الجاد ومنحه أقصى الضمانات ، وألا تسمح للمنتمين إليها أن يتربحوا على حساب الدولة والاستثمار بأي إسهام في تخير مستثمر غير جاد ، وأن تسارع إلى اتخاذ القرارات اللازمة والسريعة والحاسمة لتنقية أجواء الاستثمار من الغث والخبيث ، قبل أن تصل المنازعة إلى القضاء ، وأن تنفذ ما يصدر من الأحكام القضائية التي تصدر لمواجهة ذلك الفساد ، وأن يطمئن المستثمر الجاد أنه في حماية الدولة المضيفة ، وحماية قضاء المشروعية لا يضيع له حق ولا يحرم من حافز أو ميزة أو ضمان طالما التزم القانون واحترم حقوق العمل وحقوق الدولة المضيفة.
وحيث إنه ليس من شك في أن (المستثمر الحق) هو من يسهم في تنمية المجتمع الذي يستثمر أمواله فيه ويعمل على النهوض بالمشروع المكلف بتنميته وتطويره وليس فقط تنمية أمواله واستثماراته على حساب التعاقدات التي التزم بها. ففضيلة الاستثمار الحق إنما تتمثل في قدر من التوازن بين رؤية جادة للدولة المضيفة للاستثمار بالحرص على رعاية مصالحها الوطنية وعلى رأسها الحفاظ على الممتلكات العامة وعلى العاملين بها وحقوقهم، يقابله مسلك جاد من المستثمر في تعاقده مع سلطات الدولة المضيفة، مسلك يخلو بالأقل من شبهات الفساد أو الإفساد ، فضلا عن تنفيذ الالتزامات بحسن نية بحسبان تعدد أوجه وأهداف الخصخصة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، كل ذلك يعتبر مفترضا أولياً لكونه أصبح من العلم العام في عقود الاستثمار التي تبرم في إطار الخصخصة، تحولاً من اقتصاد موجه إلى نظام الاقتصاد الحر.

وحيث إنه وعن مسئولية الدولة عن تنفيذ الأحكام القضائية فهي مسئولية تقوم على مبادئ الشرعية وخضوع الحاكم والمحكوم للقانون ، فأساس الوجود الشرعي للسلطة الحاكمة هو احترام وتنفيذ الأحكام القضائية ، وتغدو تلك المسئولية أكثر أهمية في جميع مراحل الحكم وعلى رأسها المراحل الانتقالية عندما تتعلق بأمرين جوهريين أولهما حماية المال المملوك للدولة ومنع سلبه أو نهبه واسترداد ما كان محل اعتداء غير مشروع ، وثانيهما مراحل الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي التي تتطلب تحقيق الإصلاح المحقق للتنمية والاستقرار الأمني والاجتماعي ، ومن هنا فإنه ولئن كان القضاء هو ملجأ من يلوذ به ويستغيث لحماية مبدأ الشرعية وحماية المال العام ، فإنه ومهما أوتي من عزم وعزيمة على أداء دوره يعاونه في ذلك كل جهات الرقابة على المال العام ، فإنه لن يُلبي متطلبات إعمال مبدأ الشرعية إلا باستجابة فورية وإرادة فعالة من السلطة التنفيذية على أن تنفذ أحكام القضاء وأن تنهض بمسئولياتها الدستورية في هذا الشأن ، خاصة بعد أن فوضت السلطة التنفيذية قضاء مجلس الدولة في الحكم بما يراه محققاً للمصلحة العامة وحماية المال العام.
وحيث إنه ولحين التنفيذ الكامل للحكم فإن واجباً هاماً يضحي واقعاً على كاهل (الجهة الإدارية) ورئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير قطاع الأعمال العام وعلى (محافظي الجيزة و6 أكتوبر) ، ألا وهو حماية مقار وأماكن الشركة محل تنفيذ الحكم القضائي من أي عبث بمستنداتها ووثائقها الرسمية أو عقود خصخصتها أو أي تلاعب منتظر لها ، وحماية ما بقي منها من أطلال أراض أو مباني أو معدات وآلات أو عمالة ماهرة أينما كان مكانها ، وأن تتخذ السلطات المختصة من الإجراءات التحفظية الفورية ما يحول دون الإهدار أو الإضرار بالمزيد من المال المملوك للدولة ، وأن تسارع إلى وضع آليات تسلم الشركة على النحو المبين بالأسباب ، وبما لا يحول دون استمرار تشغيل الشركة على النحو المحقق لحماية المستندات والوثائق ومعدات وآلات الشركة والصالح العام .

وحيث إن المحكمة وهي تؤدي رسالتها القضائية قد تكشف لها ما تقدم من إهدار جسيم للمال العام وتجريف لأصول الاقتصاد المصري تم تحت قيادة العديد من الوزارات لأكبر عمليات تخريب للاقتصاد المصري وهي جرائم جنائية ـ إن ثبتت بعد تحقيقها ـ فضلاً عن كونها تمثل فساداً إدارياً يستوجب المساءلة ، وتضارباً للمصالح في إسناد عملية البيع إلى الغير من ذوي القربى ، وعملاً بحكم المادة (25) من قانون الإجراءات الجنائية التي أوجبت على كل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها ، والمادة (26) من القانون ذاته التي أوجبت على كل من علم من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب، أن يبلغ عنها فورا النيابة العامة ، أو أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي” ، فإن المحكمة تعتبر حكمها القضائي هذا بلاغاً لكل جهات التحقيق بالدولة ، للنيابة العامة ، ونيابة الأموال العامة ، وإدارة الكسب غير المشروع ، والنيابة الإدارية ، لتتخذ كل جهة حيال هذا الأمر ما أوجبه عليها القانون وما يقي البلاد شر الفساد.

وحيث إن هذا الحكم صادر بإلغاء القرار المطعون فيه بالموافقة على كافة الأصول الثابتة لشركة النصر للمراجل البخارية، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها بطلان عقد البيع المبرم بين كل من الشركة القابضة للصناعات الهندسية كنائبة عن الدولة ، وبين شركة بابكوك و ويلكوكس (أياً كان المسمى الذي صارت عليه وقت تنفيذ الحكم ـ وبطلان جميع القرارات والتصرفات التي تقررت وترتبت خلال مراحل إعداد العقد ونفاذه،وبطلان أية قيود أو تسجيلات بالشهر العقاري أو بالسجل العيني لأية أراضي تخص هذا العقد ، وبطلان شرط التحكيم الوارد بالمادة (12/6) من العقد المشار إليه ، وإعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، واسترداد الدولة لجميع أصول الشركة وكافة ممتلكاتها المسلمة للمشتري مطهرة من أي حقوق عينية تبعية يكون المشترى قد أجراها ، وإعادة العاملين إلى سابق أوضاعهم السابقة مع منحهم كامل مستحقاتهم وحقوقهم ، وتحمل المشتري وحده كامل الديون والالتزامات التي رتبها خلال فترة نفاذ العقد، وما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وكانت المادة (181) من قانون المرافعات المدنية والتجارية توجب ختم صورة الحكم التي يكون التنفيذ بموجبها بخاتم المحكمة ويوقعها الكاتب بعد أن يذيلها بالصيغة التنفيذية ، ولا تُسلم إلا للخصم الذي تعود عليه منفعة من تنفيذ الحكم ، وإذا تعدد المحكوم لهم أو تعدد من تعود عليه منفعة من تنفيذ الحكم كان لكل منهم الحق في الحصول على صورة تنفيذية للتنفيذ بمقتضاها فيما حُكم به، ومن ثم فإن الدولة ممثلة في هيئة قضايا الدولة (نائبة عن كل من رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير قطاع الأعمال العام ووزير العدل ممثلاً لمصلحة الشهر العقاري) وقد فوضت المحكمة في الحكم بما تراه محققاً للمصلحة العامة وحماية المال العام، والشركة القابضة للصناعات الكيماوية (الهندسية سابقا)، يكونوا من الخصوم الذين “تعود عليهم منفعة من تنفيذ الحكم”، باستعادة أصول شركة النصر للمراجل البخارية على النحو المبين بالأسباب، الأمر الذي يحق لكل من هذه الجهات الحصول على صورة تنفيذية للحكم مذيلاً بالصيغة التنفيذية.
وحيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة (184/1) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

” فلهذه الأسبـــــاب “
******************
حكمت المحكمة:
أولا: بقبول تدخل حمدي الدسوقي محمد الفخراني خصماً منضماً إلى المدعين في طلباتهم.
ثانياً ـ برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى ، وباختصاصها.
ثالثاً ـ برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة أو مصلحة ، وبقبولها .
رابعاً ـ برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للهيئة العامة للاستثمار (المدعى عليها الثالثة) ، وبقبولها بالنسبة لها، وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للشركة القابضة للصناعات المعدنية (المدعى عليها الخامسة).
خامساً ـ برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري ، وبقبولها.
سادساً ـ برفض الدفع بسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم الطويل المسقط.
سابعاً ـ بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس الوزراء بالموافقة على بيع كافة الأصول الثابتة والمخزون السلعي لشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط إلى شركة بابكوك آند ولكوكس انترناشيونال انفستمنت إنك (BABCOCK & WILCOX INTERNATYONAL INVESTMENTS C . INK) ـ وخلفائها ـ وما لحقه من تصفية للشركة المباعة ، ومن بيوع وتصرفات في تلك الأصول إلى الغير ، وما يتصل بذلك من دمج أو انقسام أدي إلى توقف أو تصفية الأصول محل البيع أو نقل عمالها أو تفكيك معداتها وأدواتها ، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها بطلان عقد بيع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط المبرم بين كل من الشركة القابضة للصناعات الهندسية وشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط من جهة (كبائع) ، وبين شركة بابكوك آند ولكوكس انترناشيونال انفستمنت إنك ـ وخلفائها ـ من جهة أخرى (كمشتري)، وبطلان جميع القرارات والتصرفات التي تقررت وترتبت خلال مراحل إعداده ونفاذه، وبطلان التعامل على ارض الشركة لكونها منافع عامة، وبطلان أية تسجيلات بالشهر العقاري أو بالسجل العيني بما فيها الطلبين رقم 525 في 12/11/1996 المقيد بالسجل العيني بالجيزة برقم 264 في 9/10/1997 لصالح شركة بابكوك و ويلكوكس مصر ، ورقم 69 في 4/2/2007 المقيد بالسجل العيني بالجيزة برقم 563 في 4/2/2007 لصالح شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية ، وبطلان جميع الإجراءات والتصرفات التي قامت بها الشركة المشترية عام 2008 ببيع أسهم الشركة الدولية لتصنيع المراجل إلى الشركة الوطنية للصناعات الحديدية (إحدى مجموعة شركات أوراسكوم)(المدعى عليها السابعة) ،شاملة بيع كامل الآلات والمعدات والعقود المبرمة بين الشركة البائعة والغير ، وحصول الشركة الوطنية للصناعات الحديدية على خدمات كافة العاملين بالشركة في تاريخ الشراء ، واسترداد الدولة للأصول محل العقد مطهرة من القيود والرهون وأي التزامات يكون قد أجراها المشتري وخلفه ، وإعادة تجهيز مصانع الشركة على كامل أراضيها بمنطقة منيل شيحة وإعادة العاملين بالشركة إلى سابق وضعهم متمتعين بكامل مزاياهم وحوافزهم ، وإلزام الجهة الإدارية والمشترين المدعى عليهم المصروفات.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة