إضاءة على القانون رقم /32/ لعام 2011م وصلته بقوانين الإيجار الأخرى

حلب
قضايا قانونية
الأحد8-1 – 2012
المحامي أحمد حاج سليمان
أصدر السيد رئيس الجمهورية القانون رقم /32/ لعام 2011م الذي يتضمن :
مادة /1/ تضاف إلى المادة /2/ من قانون الإيجار رقم /6/ لعام 2001 وتعديلاته الفقرتان الآتيتان :‏

جـ ـ كما يحق لمالك العقار المؤجر لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية أو الدوائر الرسمية أو المنظمات الشعبية أو النقابات على مختلف مستوياتها أو الجمعيات أو الوحدات الإدارية أو البلديات أو مؤسسات القطاع العام والمشترك طلب إنهاء العلاقة الإيجارية واسترداد العقار المأجور من الجهات المذكورة أعلاه المشمولة بأحكام التمديد القانوني مقابل التعويض على الجهة المستأجرة بمبلغ يعادل /40%/ من قيمة البناء المأجور شاغراً وبوضعه الراهن بتاريخ الكشف والخبرة على المأجور من قبل المحكمة وذلك بعد ثلاث سنوات من نفاذ هذا القانون .‏
د ـ لا يجوز تطبيق نص الفقرة /ج/ على المؤسسات التعليمية والمدارس المؤجرة للوزارات إلا إذا ارتأت الوزارة المعنية عدم الحاجة لهذه العقارات .‏
مادة /2/ ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية .‏
دمشق في 5/2/1433هجري الموافق ل 31/12/2011ميلادي .‏
أولاً : مقدمة :‏
لقد جاءت معظم الدساتير لتنص على أن حق الملكية حق مصان دستورياً وجاءت القوانين لتنظم ما يتصل بهذا الحق ولا سيما العقود التي تقع على الملكية والانتفاع بالشيء ولعل عقد الإيجار هو من أبرز العقود الواردة على الانتفاع بالشيء وقد نظم القانون المدني ذلك في مواده من‏
/ 526 ـ 601 /‏

فعقد الإيجار تعريفاً :‏
هو عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكّن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم /526/ م .س‏
ـ وأمام تلازمية حق الملكية والإيجار وارتباط ذلك بالحياة الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والنمو السكاني والقيمة الشرائية للعملة والتشريعات العمرانية عموماً .‏
برزت الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية والتي دعت جملة من الظروف إلى جعلها مقَّدمة على المفهوم التقليدي لحق الملكية وما نتج عن ممارسة لهذا الحق .‏
والمثال الأبرز والذي هو محط جدل طويل وتباين كثير هو عقد الإيجار الذي الأساس فيه هو النصوص القانونية المشار إليها أعلاه والتي نص عليها القانون المدني في سوريا والصادر بالمرسوم التشريعي رقم /84/ تاريخ 18/أيار 1949 وتعديلاته .‏
واستدعت جملة من الموجبات والضرورات استصدار جملة تشريعات استثنائية فيما يخص الإيجار نذكر منها :‏
القانون رقم /464/ للعام 1949 والمرسوم التشريعي /111/ لعام 1952 وتعديلاته والمرسوم التشريعي رقم /3/ للعام 1987 م .‏
ـ وكانت المعضلة الكبرى التي تحتاج لحل هي التمديد الحكمي والنظر للمستأجر كطرف أضعف وحقوقه ترقى إلى المسائل التي تتصل بالقواعد الآمرة التي لا يجوز مخالفتها والنظام العام .‏

ـ وكانت نقلة نوعية في عالم تشريعات الإيجار هي القانون رقم /6/ تاريخ 15/2/2001م.‏
وكذلك القانون رقم /10/ تاريخ 22/2/2006م حيث عالجت أحكام هذين القانونين الكثير من مثالب التشريعات السابقة حيث استحدثت بعض المواد والقوانين التي تنص على إخضاع العقد لإرادة المتعاقدين وتحديد نسب أجور العقارات (التخمين) وتعديل بعض الأحكام المرتبطة بالاختصاص القضائي ومرجع الطعن حيث أصبح قرار محكمة الصلح في قضايا الإيجار مرجع الطعن فيه هو محكمة النقض وأن الطعن بالنقض في قضايا التخلية يوقف التنفيذ و قننّ المشرع حالة ترك المأجور بلا مسوغ .‏
وألغى القانون رقم /6/ لعام 2001 التشريعات السابقة له ونص على تطبيق أحكام القانون المدني وقانون أصول المحاكمات فيما لم يرد عليه نص فيه وكذلك ألغى كل نص يخالفه أو لا يأتلف مع أحكامه .‏

ثانيأً : في الصلة بين القانون رقم/32/ لعام 2010 والقانون /6/ للعام 2001 .‏
ـ لقد استحدث المشرع في القانون رقم /6/ لعام 2001 حالة خاصة هي ما يسمى بدعوى إنهاء العلاقة الإيجارية وهي الدعوى التي رخصها المشرع لمالك العقار وحده في إنهاء حالة التمديد الحكمي لعقد الإيجار المنصوص عنها في المرسوم التشريعي رقم /111/ لعام 1952 وذلك في العقارات المؤجرة للسكن فقط وقيام المالك باسترداد عقاره مقابل دفع تعويض للمستأجر بما يعادل /40% /من قيمة المأجور شاغراً بعد تحديد قيمته بواسطة الخبرة .‏

وشروط هذه الدعوى هي :‏
أ ـ شروط خاصة بالعقار (العقار مؤجر للسكن ـ غير مؤجر لجهة عامة )‏
ب ـ شروط خاصة بعقد الإيجار ( أن يكون العقد مشمول بأحكام التمديد القانوني )‏
ومن شروط إقامة الدعوى أن يكون رافعها هو المالك للعقار حصراً وتختص بها محكمة الصلح المدني .‏
ـ ومن المفيد أن نبين أن الفارق بين دعوى إنهاء العلاقة الإيجارية ودعوى الإخلاء للعقار المنصوص به في المادة /8/ من قانون الإيجار :‏
ـ رغم الاختلاف الجلي والواضح لدعوى إنهاء العلاقة الإيجارية عن دعوى الإخلاء للعقار فإن البعض يختلط عليه الأمر ونبين الآتي :‏
1ـ أن طلب إنهاء العلاقة الإيجارية يختلف عن دعاوى الإخلاء في السبب القانوني والالتزامات المتبادلة التي يؤول إليها الحكم ( قرار /922/ لعام 2006 أساس /1187/ محكمة النقض ) .‏
2ـ إن دعاوى التخلية جاءت على سبيل الحصر في المادة /7/ و/8/ من القانون رقم /6/ لعام 2001م ولا يجوز القياس عليها فهي بمثابة جزاء على الأفعال التي يقوم بها المستأجر بشكل مخالف ، ولا ينتج عنها تعويض للمستأجر حيث يحكم عند الثبوت بالفسخ للعقد وإخلاء العقار وتسليمه ويقيم دعاوى الإخلاء المالك للعقار أو المؤجّر حسب النص‏
3ـ دعاوى الإنهاء للعلاقة الإيجارية يقيمها حصراً المالك للعقار سواء أكان مؤجراً أم غير مؤجر وجوهرها استرداد العقار المأجور مقابل تعويض على المستأجر.‏
والخلاصة أن حكم الإخلاء هو بمثابة جزاء للمستأجر لإخلاله بالتزاماته العقدية أما حكم الإنهاء هو ممارسة المالك لحقه المنصوص عنه قانون مقابل دفع تعويض من قيمة العقار .‏
4ـ إن الطعن بالنقض في دعاوى التخلية يوقف التنفيذ بحكم النص القانوني فقرة /ج/ مادة /5/ قانون /6/ لعام 2001 م أما الطعن بالنقض بقضايا الإنهاء لا يوقف التنفيذ .‏
هذا وبعد بيان هذه الفروقات بين الدعويين نجد ذلك مدخلاً لنتناول القانون الجديد /32/ لعام 2011م .‏
ثالثاً : الجديد في القانون رقم /32/ للعام 2011م:‏

إن أبرز ما نص عليه القانون هو إعطاء الحق لمالك العقار المأجور طلب إنهاء العلاقة الإيجارية من الجهات المذكورة في الفقرة /ج/ من القانون وهي ( أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ـ الدوائر الرسمية ـ المنظمات الشعبية ـ النقابات على مختلف مستوياتها ـ الجمعيات ـ الوحدات الإدارية أو البلديات ـ مؤسسات القطاع العام والمشترك ) شرط أن يكون عقد الإيجار مشمولاً بأحكام التمديد القانوني أي قبل نفاذ القانون /6/ للعام 2001م، ومقابل التعويض على الجهة المستأجرة بمبلغ يعادل /40% / من قيمة البناء المأجور شاغراً وبوضعه الراهن بتاريخ الكشف والخبرة عليه من قبل المحكمة.‏

وإن ممارسة هذا الحق لا يكون إلا بعد ثلاث سنوات من نفاذ هذا القانون ( واستثنى المشرع من ذلك المؤسسات التعليمية والمدارس المؤجرة للوزارات إلا إذا ارتأت الوزارة المعنية عدم الحاجة لهذه العقارات) .‏
ـ ويمكن تبسيط الأحكام القانونية لهذا التشريع الجديد بما يلي :‏
1ـ هو استكمال لتوجه المشرع في التحلل من تقييد حق الملكية نسبياً وبنظرة هي أقرب لتحقيق العدالة والمساواة في المراكز القانونية لجميع المؤجرين مالكي العقارات .‏

2ـ الأحكام المشروحة أعلاه فيما يخص دعوى إنهاء العلاقة الإيجارية المنصوص عنها في المادة /2/ من قانون الإيجار رقم /6/ لعام 2001 هي ذاتها مع بعض الاختلاف البسيط في القانون الجديد حيث يختلف هذا القانون بما يلي :‏
أ ـ ما يتصل بالعقارات التي يحق للمالك طلب إنهاء العلاقة الإيجارية بخصوصها هي عقارات مستأجرة من جهات عامة ورسمية ومنظماتية ونقابية وإدارية على مختلف مستوياتها والعقود الناظمة لهذا الإيجار هي عقود ممددة حكمياً فيما نجد أن القانون رقم /6/ لعام 2001 في مثل هذه الدعوى انصرف للعقارات المعدة للسكن والممدة حكمياً .‏

ب ـ لايجوز ممارسة هذا الحق بإقامة الدعوى إلا بعد مرور ثلاث سنوات على نفاذ هذا القانون والفيصل في النفاذ هو ( تاريخ النشر في الجريدة الرسمية )‏
ج ـ استثنى المشرع المؤسسات التعليمية والمدارس المؤجرة للوزارات إلا إذا ارتأت الوزارة المختصة عدم الحاجة لهذه العقارات .‏
ـ ولعل المشرع لحظ في هذا الاستثناء حاجة الدولة للمدارس والمؤسسات التعليمية وعدم وجود بدائل حالياً لذلك .‏
في الانتقاد للاستثناء :‏
ثمة انتقاد لهذا التوجه من المشرع يتمثل بوجوب عدم ترك موضوع إنهاء العلاقة الإيجارية وممارسة هذا الحق لتقدير الوزارة المعنية دون ضوابط واضحة ولاسيما أن الواقع العملي يشير إلى تقاعس في هذا الميدان لجهة بناء المدارس اللازمة فضلاً أن مدة الثلاث سنوات لممارسة الحق المشار إليه وبعد نفاذ هذا القانون يعطي فرصة كافية لبناء المدارس المطلوبة ويدعم ذلك ما ستحصل عليه الجهة المستأجرة من تعويض مجزي نسبة /40%/ من قيمة البناء‏

وأخيراً :‏
ـ هذا التشريع هو خطوة باتجاه تحقيق العدالة نسبياً ولا بد من تكامله مع خطوات أخرى تخدم الحقوق المصانة دستورياً وتضمن عدم الجور أو الحيف على مرتكزات العدالة وبذات الوقت لابد من ترافقها بضمانات لعدم حدوث هزات اجتماعية لأي مكون من مكونات المجتمع .‏
حلب في 7/1/2012م .‏