تعريف الحبس التنفيذي وطبيعته

الحبس التنفيذي:هو وسيلة تهدف إلى الضغط على شخص المدين بحرمانه من حريته لمدة مؤقتة لحمله على تنفيذ التزاماته ، ولا يعتبر الحبس عقوبة وإن كان قد تضمن مفهوم حجز الحرية ، بل يعد وسيلة من وسائل ضمان تنفيذ الالتزام .
النتائج التي تترتب على اعتبار الحبس من وسائل ضمان تنفيذ الالتزام
أولاً :خضوعه للقانون الساري بتاريخ إصدار قرار تنفيذه، حتى ولو كان التشريع السابق الذي نشأ في ظله الالتزام أو الحكم مغاير للتشريع الحالي ، لأن الحبس التنفيذي من قواعد الأصول التي تتمتع بأثر فوري وليس عقوبة ولو عد كذلك لوجب تطبيق القانون الأرحم عملاً بالمبادئ المقررة في الدستور وقانون العقوبات

ثانياً : في الضرر الناتج عن جرم جزائي والذي يجوز من أجله الحبس التنفيذي لا يقوم التوقيف الاحتياطي الذي تقرر في دعوى الحق العام بديلاً عن الحبس التنفيذي لاختلاف التكييف القانوني لكل واحد منهما .
إذ أن التوقيف الاحتياطي تدبير تلجأ اليه السلطة القضائية إذا استدعت ظروف الدعوى ذلك ويحسب من أصل العقاب في حال إدانة المدعى عليه .

في حين أن الحبس التنفيذي يعد من وسائل ضمان تنفيذ الالتزام ولا يعد عقوبة .
ثالثاً : إذا هرب الموقوف لدين من السجن لا تضاف إلى مدة توقيفه المدة المقرر إضافتها للمحكوم عليه بعقوبة مؤقتة نظراً لشمول المادة (59) عقوبات للعقوبات فقط
رابعاً:لا يؤثر العفو الخاص أو إعادة الاعتبار أو التقادم على حق المتضرر بطلب الحبس إذا كان الضرر ناتجاً عن جرم جزائي، لأن أثر هذه الأمور يتناول الناحية الجزائية فقط.
خامساً: فيما يتعلق بالعفو العام ، فقد نص الشارع على بقاء دعوى الحق الشخصي من اختصاص المحكمة الواضعة يدها على دعوى الحق العام حين صدور العفو العام .
“م 436/2 اصول جزائية”
وقد يحدث في قوانين العفو أن يجيز فيها الشارع للمتضرر الذي لم يكن قد أقام دعواه بعد أمام المحكمة الجزائية حين نفاذ قانون العفو بمراجعة المحكمة الجزائية خلال سنة من نفاذه .
وهذه المراجعة أمام المحكمة المذكورة تعطيه الحق بطلب الحبس.

أما إذا لم تتم المراجعة أمامها خلال المهلة السابقة ، فعلى المتضرر مراجعة المحكمة المدنية ولا يجوز له في هذه الحالة طلب الحبس نظراً لأن قضاء المحكمة المدنية يكون على أساس أن الضرر ناتج عن خطأ مدني وليس عن جرم جزائي .
****************

الفصل الثاني

حالات تطبيق الحبس التنفيذي
إن الحالات التي يطبق فيها الحبس هي الحالات التي أشارت إليها المادة (460) أصول محاكمات مدنية ، وبعض الحالات التي نصت عليها القوانين الخاصة ، وهذا التعداد حصري لا يجوز التوسع في تفسيره أو القياس عليه لأن الحبس طريقة قسرية وردت على خلاف الأصل وهو تعلق التنفيذ بمال المدين لا شخصه وهذه الحالات هي:
آ- تعويض الأضرار المتولدة عن جرم جزائي:

والمراد هنا أنه يجوز للمحكوم له أن يطلب من رئيس التنفيذ التضييق على المحكوم عليه من أجل أن يدفع مبلغ التعويض الذي قررته المحكمة التي كانت تنظر في دعوى الحق العام بعد أن اعتبرت وبشكل نهائي وقطعي أن فعل المحكوم عليه يشكل جرماً جزائياً وأن هذا الجرم الجزائي أدى إلى تضرر المدعي الشخصي .

وقد تبت بالتعويض المحكمة المدنية ، غير أنه يشترط أن يكون حكمها في التعويض لاحقاً للحكم الجزائي ومعتمداً عليه .
ولا يشترط أن يكون المدين قد حكم عليه بعقوبة جزائية فقد يعفى من العقاب لوجود سبب من أسباب الإعفاء منه كالعذر المحل الذي لا ينزع المسؤولية الجزائية وإن كان يمنع من إيقاع العقوبة.

ولا يدخل الرد ونشر الحكم ضمن التعويض الذي يجوز من أجله الحبس التنفيذي عملاً بالمادة (146) عقوبات .
وقد قضت محكمة النقض في قرارها رقم /1090/ تاريخ 15/11/1974 بـــ:
(( لا يجوز حبس المحكوم عليه بقيمة الشيك دون رصيد عملاً بأحكام المادة /460/ أصول لأنها تعتبر من قبيل الرد وليس التعويض ))
“تقنين أصول المحاكمات المدنية “
شفيق طعمة – الجزء الخامس صـ242ـفحة
وليس كل تعويض تبت فيه المحكمة الجزائية يجوز الحبس من أجله إذا لم يكن الضرر ناجماً مباشرة عن الجرم ، فقد تبت هذه المحكمة في التعويض عن بعض الأضرار دون أن تكون ناجمة بشكل مباشر عن جرم جزائي استناداً إلى نص قانوني يسمح لها بذلك .
ومن هذه الحالات الحكم على المدعي بتعويض للمدعى عليه في حال إعلان براءة أو عدم مسؤولية الأخير “198-258-314” أصول جزائية .
فالتعويض في هذه الحالة لا يجوز الحبس من اجل تحصيله ، رغم أن المحكمة الجزائية تبت فيه لأنه غير ناتج عن الجرم ، إلا إذا ثبت سوء نية المدعي الشخصي وبلغت حداً تشكل معه جرماً جزائياً كالإفتراء مثلاً ، فيجوز الحبس حينها من أجل التعويض إذا كان قد استند بالبت فيه إلى جرم الافتراء .

ولا يجوز حبس المحكوم عليه إذا كان مسؤولاً بالمال عن الأضرار المتولدة عن جرم جزائي لأن العلاقة بين المحكوم له وبين المحكوم عليه المسؤول بالمال علاقة مدنية .

وقد جاء في قرار لمحكمة استئناف حلب رقم /189/ تاريخ 19/11/1958 :
(( الحبس لا يكون إلا لفاعل الجرم الجزائي والسبب المباشر للجرم الذي ينشأ عنه التعويض ولا يتعدى المسؤول بالمال))
“تقنين أصول المحاكمات المدنية “
شفيق طعمة – الجزء الخامس صـ241ـفحة
وتستوفى التعويضات في حالة وفاة المحكوم عليه من التركة ، ولا يجوز حبس الورثة لإكراههم على تنفيذها أو التنفيذ على أموالهم الخاصة من اجلها .
وإذا صدر حكم بالتعويض عن الأضرار المتولدة عن جرم جزائي على المحكوم عليهم بالتضامن قسّم المبلغ بينهم بالتساوي، وحبس كل منهم عن الجزء الذي يصيبه (445) أصول جزائية .

ب – النفقة:
وهي المبلغ من المال المحكوم به وسببها القرابة أو الزوجية ، ويجوز حبس من تتوجب عليه النفقة المقررة بحكم أو بإتفاق بين الطرفين سواءً أكانت حالة أو متراكمة لعموم النص ولأن فوات الوقت عليه ليس من شأنه أن يبدل التكييف القانوني لها في أنها نفقة …ولا يجوز طلب الحبس إذا لم يكن مصدر النفقة الزوجية أو القرابة المحددة في قانون الأحول الشخصية ….
“استئناف حلب رقم /50/ تــ14/4/1962ـاريخ”
تقنين أصول المحاكمات المدنية ”
شفيق طعمة – الجزء الخامس صـ236ـفحة

ج – المهر:
المهر هو ما يحكم به للزوجة على زوجها وبالتالي يحق للزوجة سنداً للمادة (460/ج) من قانون أصول المحاكمات المدنية طلب حبس زوجها إذا امتنع عن دفع مهرها.
ونشير هنا إلى أنه لا يمكن للزوج طلب حبس الزوجة في حال الحكم له باسترداد المهر كله أو قسم منه عند التفريق الواقع بسبب إساءة الزوجة لأن التكييف القانوني للمبلغ المقضي باسترداده ليس مهراً بل يعتبر تعويضاً مدنياً للزوج .
وقد جاء في قرار محكمة النقض رقم /358/ أساس 1360/ تاريخ 1/3/1993:
(( ما يحكم للزوج على الزوجة نتيجة التفريق أو المخالعة هو تعويض مادي تختلف خصائصه عن خاصية المهر ولا يجوز فيه التضييق بالحبس لعلة الخلاف في مستند هذا الحق عن خاصية المهر))
“تقنين أصول المحاكمات المدنية ”
شفيق طعمة – الجزء الخامس صـ250ـفحة
اللهم إلا إذا كان هذا التعويض محكوماً به نتيجة جرم مقصود ارتكبته الزوجة المحكوم عليها وكان الجرم سبباً لفسخ الزواج ، ففي مثل هذه الحالة يمكن حبس الزوجة على أساس أن هذا التعويض تولد عن جرم جزائي.
ولا يحق للزوجة طلب حبس زوجها من أجل استعادة أشيائها الجهازية لأنها لا تدخل في مفهوم المهر ،كما ولا يجوز الحبس من أجل تحصيل بدل المخالعة .

د – استرجاع البائنة(الدوطة):
ويقصد به ما يحكم به للزوجة على زوجها لدى الطوائف المسيحية في حالة فسخ عقد الزواج أو التفريق المؤقت أو الدائم من كل مال ثابت أو منقول كانت الزوجة قد جلبته معها عند الزواج ويمكن حبس الزوج لإكراهه على تنفيذ الحكم برد البائنة إلى زوجته وذلك طبقاً لأحكام المادة /308/ أحوال شخصية .
هـ – تسليم الولد إلى الشخص الذي عهد إليه بحفظه وتأمين إراءة الصغير لوليه :
في مثل هذه الأحكام وعند امتناع أو رفض المحكوم عليه التنفيذ بتسليم الولد أو إراءة الصفير لوليه يمكن إكراهه على التنفيذ بحبسه ، ويجوز تنفيذ هذه الأحكام قهراً ولو أدى ذلك إلى استعمال القوة ودخول المنازل ويمكن إعادة تنفيذ الحكم كلما اقتضى الحال ذلك (467) أصول مدنية .

– حالات التي نصت عليها القوانين الخاصة:
يطبق الحبس التنفيذي في جميع الحالات التي نصت فيه القوانين الخاصة على تطبيقه كما هو الأمر في قانون الجمارك ، وقانون العقوبات ، الذي نص على استبدال الغرامة بالحبس في حال عدم دفعها (م54) وقانون أصول المحاكمات الجزائية الذي أجاز التوسل بالحبس لتحصيل الإلزامات المدنية (م455)
ويطبق أيضاً لتحصيل الغرامات المختلطة وهي غرامات نصت عليها بعض القوانين المالية وتفرض على من يخالف أحكامها وتعتبر من قبيل التعويض عن الضرر الذي أصاب الإدارة من جراء المخالفة ، وبالنظر للطابع الجزائي الذي تحمله هذه الغرامة ، فضلاً عن الطابع المدنية يجوز حبس المخالف من اجل تحصيلها ……

الفصل الثالث
إجراءات الحبس التنفيذي

أولاً- من يحق له طلب الحبس :
إن طلب الحبس حق لكل دائن بأحد الإلتزامات التي يجوز فيها الحبس وحق لورثته أيضاً وللمتنازل إليه بحوالة حق أو هبة أو وصية لأن هؤلاء يتلقون الحق مع وسائل ضمان تنفيذه .
ويحق طلب الحبس أيضاً لدائني الدائن إذا كان دين مدينهم على الغير مما يجوز فيه الحبس وإذا كان المدين أصلاً أو فرعاً لأحد الدائنين المتضامنين فيحق هنا طلب الحبس لباقي الدائنين بعد إسقاط حصة الولد .
ويحق للمسؤول بالمال الذي دفع التعويض للمحكوم له طلب حبس المحكوم عليه مرتكب الجرم باعتباره أضحى مسؤولاً تجاهه بعد دفع المبلغ .
ويحق للمدين المتضامن الذي وفى كل الدين للمحكوم عليه أن يطلب حبس المدين الذي أوفى عنه الدين ضمن حدود حصته من الدين لا بمجموع الدين .

( 146 عقوبات 445 أصول جزائية )
****************
ثانياً – إجراءات الطلب والسلطة التي تقّدر الحبس :
يقدم طلب الحبس إلى رئيس التنفيذ مشفوعاً بالسند التنفيذي ، فيرسل إخطاراً إجرائياً إلى المدين مع تكليفه بالوفاء في ميعاد خمسة أيام ( م 286 /1 أصول ) .
وإذا انقضت مدة الإخطار الإجرائي دون أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه أصدر رئيس التنفيذ قراراً بحبسه المدة المقررة في القانون.
ويقوم مدير التنفيذ بتسطير مذكرة بحبس المحكوم عليه ويرسلها للنيابة العامة لتعمل على تنفيذ القرار بواسطة الشرطة.
ويتوجب على الدائن أن يدفع إلى صندوق الخزينة سلفاً المبلغ المتوجب كنفقة إعاشة للمحكوم عليه في السجن لقاء ما ينفق عليه من مخصصات السجون .
ويحق لمأمور التنفيذ أن يستعين في تنفيذ قرار الحبس برجال القوة العامة وله دخول منزل المدين دون حاجة إلى أذن قضائي خاص لأن قرار رئيس التنفيذ بالحبس يقوم بديلاً عن هذا الأذن ، وفي حال اختباء المدين في منزل غيره فيتوجب الحصول على أذن للدخول إليه .
ولا يجوز توقيف الشخص قبل الساعة السابعة صباحاً ولابعد الساعة السادسة مساءً إلا إذا كانت هناك حالة ضرورة تقضي بالتوقيف أو كان هناك إذن من رئيس التنفيذ (278/2أصول).
ويجوز التوقيف في أيام العطل الرسمية ولا يجوز في أماكن العبادة وأوقاتها .
****************

ثالثاً – الاعتراض على قرار رئيس التنفيذ بالحبس.
يحق للمحكوم عليه أن يعترض على توقيفه باستدعاء أو تقرير يقدمه إلى رئيس التنفيذ يوضح فيه الشروط القانونية التي لم تراع في حبسه ويصدر الرئيس قراراً بإطلاق سراحه إذا تبين أن الشروط القانونية لم تراع في حبسه (462/1أصول)
ورئيس التنفيذ هو المرجع والسلطة الوحيدة المختصة في موضوع الاعتراض على قرار الحبس التنفيذي ، ويحق للمحكوم عليه الاعتراض على الحبس قبل تنفيذه .
وقرار رئيس التنفيذ بإطلاق سراح المحكوم عليه أو برد اعتراضه وحبسه يخضع للطعن بطريق الاستئناف ولكن هذا القرار ينفذ فوراً لأن له طبيعة النفاذ المعجل بحكم القانون.
رابعاً – المكان الذي يجري فيه الحبس:
يتم تنفيذ الحبس في السجن المعد لتنفيذ العقوبات المانعة للحرية ، ويوضع المحبوسون في أمكنة خاصة في السجن (م146) عقوبات.
ويعفى المدين الموقوف من الشغل وارتداء لباس السجون ، ويخضع لنظام الزيارات المقرر في السجون.
ورئيس التنفيذ لا يملك إعطاء الأذن بزيارة المدين الموقوف لانتفاء النص القانوني الذي يسمح له بذلك ، حيث يعود هذا الحق إلى السلطة الإدارية المشرفة على السجن.
****************
الفصل الرابع
شروط الحبس التنفيذي
أولاً – شخصية الحبس التنفيذي:
إن الحبس التنفيذي يتميز بأن له صفة شخصية نظراً لطابع الإكراه الذي يحمله.
لذا فإنه يطبق فقط على الشخص المسؤول أصلاً ولا يطبق على منه هو مسؤول عنه بصورة تبعية لسبب قانوني أو تعاقدي.
وبناءً على ذلك فهو لا يطبق على المتبوع أو الولي أو الوصي أو المسؤول بالمال أو كفيل الفاعل الأصلي لأن مسؤولية هؤلاء لا تقوم على أساس شخصي أو على ورثة المسؤول أصلاً عن الالتزام لأن مسؤوليتهم قائمة إضافة للتركة وليست بصفة شخصية .
ويطبق دونما تمييز بين المواطنين أو الأجانب أو الرجال والنساء أو الموظفين وغير الموظفين سواءً أكان الموظفون مدنيين أو عسكريين .
ثانياً – الإعفاء من الحبس التنفيذي:
وهو نوعان إما مطلق أو مؤقت :
أ‌- الإعفاء المطلق:
لا يحبس من كانت سنه تزيد عن ستين سنة والعبرة للسن هي بتاريخ التنفيذ وليس بتاريخ نشوء الالتزام (463أصول)
لا يطبق الحبس التنفيذي على الأشخاص الذين هم من عمود نسب الدائن أي أصوله وفروعه والمنع من الحبس لا يشمل الأخ أو الزوج وبذلك يمكن حبسهما (م463أصول).
غير أنه يجوز في الحالتين السابقتين حبس الشخص الذي أتم الستين أو الذي هو على عمود نسب الدائن إذا كان الالتزام بنفقة (م463)أصول.

ولا يحبس رجال السلك الدبلوماسي لعدم خضوع هؤلاء للقضاء المحلي.
اما القناصل فينبغي التفريق بين حالتين : الأفعال التي لها علاقة بالوظيفة ويعاملون بالنسبة إليها كما يعامل رجال السلك الدبلوماسي أي لا يمكن حبسهم ، أما الأفعال التي لا علاقة لها بالوظيفة فيمكن طلب حبسهم من أجل الالتزامات التي يجوز فيه الحبس .

ب‌- الإعفاء المؤقت:
إن أسباب الإعفاء المؤقت تمنع من تطبيق الحبس بحق من توافرت فيه مادامت قائمة وبزوالها يمكن تطبيقه .
فلا يجوز أن يتناول الحبس الزوج والزوجة في آن واحد إذا كان لهما أولاد تقل سنهم عن خمسة عشرة سنة (م462 أصول ) إلا أنه يجوز حبس الزوجين معاً في وقت واحد إذا أتم الولد الخامسة عشرة من عمره ، كما يجوز حبس كل منهما على التعاقب إذا كان الولد لم يتم السن المذكورة والخيار متروك للدائن .
ولا يطبق الحبس على من كانت سنه تقل عن خمسة عشرة سنة والعبرة للسن هي بتاريخ تنفيذ الالتزام وليس تاريخ نشؤه ( م 463 أصول ) .

ولا يطبق الحبس على الشخص الذي مابرحت معاملات الإفلاس جارية بحقه (م463 أصول ) لأنه يترتب على قرار شهر الإفلاس تخلي المفلس عن إدارة جميع أمواله لوكيل التفليسة (م454 تجارة ) .
وبالنسبة للمرأة الحامل فإن الشارع لم يعالج هذه الناحية في معرض الحبس التنفيذي إلا أنه عالج الحبس الجزائي في قانون العقوبات فنص في المادة (155/1) منه على عدم جواز حبس الحامل غير الموقفة إلا بعد أن تضع حملها بستة أسابيع وبالنظر لتشابه الحبس التنفيذي مع الحبس الجزائي بالنسبة لتأثير الحبس على جسم المرأة الحامل صحياً لذا فإنه لا يمكن حبسها تنفيذياً لتحصيل الالتزام إذا كانت غير موقفة أصلاً إلا بعد أن تضع حملها بستة أسابيع .
ولا يحبس المحكوم عليه بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤقتة أو بالاعتقال المؤبد إلا إذا أبدلت العقوبة بعقوبة مانعة للحرية وذلك بعد الانتهاء من تنفيذ العقوبة الجزائية.

ولا يحبس المجنون لأنه لا يعي و لايدرك المقصود من الحبس ، غير أنه يمكن حبسه بعد شفائه إذا كان أصل الالتزام لم يتقادم ، ويمكن حبس المعتوه و السفيه .

ويجوز حبس النائب في المجلس النيابي تنفيذياً لعدم ورود نص بإعفائه منه أما بشأن حبسه لتحصيل الغرامة والرسوم والنفقات القضائية المحكوم بها في الدعوى الجزائية فلا بد من الحصول على أذن برفع الحصانة لأن الحبس هنا عقوبة .
ولا يجوز حبس المدين المحكوم عليه بتعويض ناتج عن جرم جزائي طوال مدة التجربة في وقف التنفيذ ووقف الحكم النافذ حتى لاتضيع الفائدة من إيقاف عقوبة الحبس (م146 عقوبات ) .

ثالثاً : الشروط المتعلقة بنفقة إعاشة المحكوم عليه :
نفقة الإعاشة هي مبلغ من المال يدفعه الدائن إلى صندوق المحكمة عن كل يوم حبس يطلبه لمدينه متى توافرت شروط استحقاق نفقة الإعاشة .
ويشترط في طالب الحبس أن يكون قد دفع مبلغاً وقدره خمس وسبعون قرشاً عن كل يوم حبس يطلبه للمحكوم عليه لقاء ما ينفق عليه من مخصصات السجون .

وفي حال إخلاء السبيل قبل إتمام جميع المدة أو الباقي منها فاللدائن أن يسترد السلفة بكاملها أو نصفها بقرار من رئيس التنفيذ ( م 110/1 ) من قانون الرسوم والنفقات القضائية.
وفي حال إخلاء سبيل المحكوم عليه لعدم دفع نفقة الإعاشة يسقط حق الدائن في تجديد طلب الحبس ولو دفع السلفة من أجل الدين نفسه ولو لم يطلب في المرة الأولى الحد أو النصاب القانوني الكامل لمدة الحبس .
رابعاً: الشروط المتعلقة بمدة الحبس :
تختلف مدة الحبس بإختلاف مقدار الدين وقد حددها الشارع في المادة (465/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية وبمقتضاه تكون هذه المدة كما يلي:

أ‌- عشرة أيام إذا كان المبلغ المحكوم به لايتجاوز (100) ل .س
ب‌- ثلاثين يوماً إذا كان المبلغ يتجاوز ( 100) ل.س ولا يزيد على (500)ل.س
ج-ستين يوماً إذا كان يتجاوز (500) ل.س ولايزيد على (1000) ل.س
د – تسعين يوماً إذا كان يتجاوز هذا الحد أو يتعلق بتسليم الولد أو إراءته وتحتسب مدة الحبس بالنسبة إلى أصل الدين وملحقاته (465/2) أصول مدنية.

ولا يجوز تجزئة الدين عند التنفيذ بقصد حبس المدين مدة أطول من المدة المقررة في القانون .
ولا يجوز اتخاذ قرار بتجديد الحبس قبل إخلاء سبيل المدين بعد انتهاء مدة الحبس الأولى وذلك لإفساح المجال أمامه على تنفيذ التزامه .

وقد جاء في الرأي الفقهي :
(( لايجوز تجديد الحبس من أجل ما يستجد من دين النفقة بعد قرار الحبس الأول إلا بعد إطلاق سراح المدين وامتناعه عن الوفاء بدين النفقة ، طالما أن الحبس التنفيذي اختبار لملاءة المدين وإكراه على الدفع ))
القواعد العملية لقانون أصول المحاكمات المدنية – ممدوح عطري – ص244 .
وتبدأ مدة الحبس من يوم توقيف المحكوم عليه وليس من ساعة توقيفه ويطلق سراحه قبيل ظهيرة اليوم الأخير .

الفصل الخامس
انقضاء الحبس التنفيذي
ينقضي الحق بالحبس التنفيذي وفق أحكام المادة (466) أصول في الأحوال التالية:
أ‌- إذا أوفى المحكوم عليه التزامه أو أوفاه عنه شخص آخر .
ب‌- إذا رضي الدائن بأن يخلى سبيل المحكوم عليه .
ت‌- إذا بلغ المحكوم عليه الستين من عمره .

فالحبس التنفيذي ينقضي بالوفاء بالالتزام المترتب سواء من قبل المدين أو من قبل شخص آخر ، ويجوز للدائن أن يرفض الوفاء من الغير إذا اعترض المدين على ذلك وأبلغ الدائن هذا الإعتراض (م322/3) قانون مدني .

كما وينقضي إذا رضي الدائن إخلاء سبيل المدين ولايحق له طلب حبسه مرة ثانية من أجل نفس الدين ، ولكن إذا تم إخلاء سبيل المحكوم عليه بناءً على رضا المحكوم له طالب الحبس وكان المحكوم له طالب الحبس قد اشترط أن يقوم المحكوم عليه بتنفيذ التزامه خلال مدة معينة وانقضت هذه الفترة ولم يلتزم المحكوم عليه بالوفاء ، فهنا يحق للمحكوم له أن يطلب حبس المحكوم عليه مرة ثانية ولكن يدخل ضمنها المدة التي كان قد توقفها سابقاً تنفيذياً .

وقد جاء في قرار محكمة استئناف حلب رقم /140/ تاريخ 31/3/1967:
(( إن موافقة المحكوم لها بالمهر على تأخير حبس مدينها مدة محدودة ريثما يؤمن المبلغ لا يفيد تنازلها في الحبس لأن رضا الدائن بإخلاء سبيل مدينه يجب أن يصدر عنه مطلقاً من أي شرط وغير محدد بمهلة )).
“تقنين أصول المحاكمات المدنية ”
شفيق طعمة – الجزء الخامس صـ264ـفحة
وينقضي الحبس ببلوغ المدين الستين من العمر والمقصود ببلوغها إتمامها ، فإذا كان قد أتمها قبل التنفيذ امتنع اللجوء إليه ، وإذا كان الإتمام أثناء التنفيذ وجب إطلاق سراحه إلا إذا تعلق الدين بنفقة .
****************

الفصل السادس

آثار الحبس التنفيذي
بما أن الحبس التنفيذي لا يعد عقوبة بل وسيلة للضغط على شخص المدين وحمله على تنفيذ التزامه لذا فإن الالتزام لا ينقضي ، ويبقى للدائن الحق بحجز ما يظهر له من أموال منقولة أو غير منقولة في المستقبل ، وله تبعاً لذلك أن يتمسك بالتقاص إذا أصبح مديناً لمن حبسه بعد ذلك .

غير أن الأمر عكس ذلك بشأن الحبس في المواد الجزائية فإنه يلاشي الغرامات والرسوم والنفقات القضائية المحكوم بها (م450) اصول جزائية
ويطبق مبدأ عدم تلاشي الدين بالحبس على الغرامة المختلطة إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك .
فقانون التبغ مثلاً نص في المادة (72/3) منه على تطبيق قواعد التنفيذ المقررة على الغرامات الجزائية الجنحية على غرامات التبغ وتقضي هذه القاعدة بتلاشي الغرامة بالحبس.
والحبس التنفيذي لا ينال من السجل العدلي للمكره بالحبس لأنه ذو صفة ضغط وإكراه وليست بعقوبة وإن تكررت مدد الإكراه بالحبس للشخص الواحد أكثر من مرة .
****************

خـاتمـة

هذا كل ما كل استطعنا عرضه وشرحه في هذا البحث الموجز عن الحبس التنفيذي وهو برأينا موضوع هام كونه يتعرض لأسمى ما يتعرض له الإنسان ألا وهو حريته الشخصية ..
ورغم أن الشارع قد أصاب بتضييقه من نطاق الأحوال التي يجوز فيها الحبس ، إلا أنه وبعد هذه المدة الطويلة على صدور قانون أصول المحاكمات ورغم التعديل الذي طرأ على بعض مواد قانون الأصول ، إلا أنه أصبح من الضروري إعادة النظر بالمواد المتعلقة بالحبس التنفيذي ، لكي تتلاءم مع الواقع العملي من ناحية ولإزالة التناقض الحاصل بينه وبين بعض القوانين الخاصة .
راجين من المولى الكريم أن نكون قد وفقنا في مسعانا هذا وأن تتحقق الفائدة المرجوة منه .

والله سبحانه تعالى من وراء القصد
المحامي
محمد نضال علي سلو

مصادر البحث

1- أصول التنفيذ الجبري . د.نصرت منلا حيدر.

2- أصول التنفيذ المدني. د. صلاح الدين سلحدار

3- تقنين أصول المحاكمات المدنية السورية . أ. شفيق طعمة

4- قانون العقوبات السوري.

5- قانون أصول المحاكمات الجزائية .

6- قانون الأحوال الشخصية .

7- قانون التجارة السوري.

الفهرس
الموضوع ……………………………………………………. الصفحة
الإهداء …………………………………………………………. 1
كلمة الأستاذ المدّرب………………………………………………… 2
كلمة المدقق………………………………………………………… 3
مقدمة…………………………………………………………….. 4
الفصل الأول : تعريف الحبس التنفيذي وطبيعته …………………………7
الفصل الثاني : حالات تطبيق الحبس التنفيذي…………………………. 9
الفصل الثالث: إجراء الحبس التنفيذي……………………………….. 14
الفصل الرابع شروط الحبس التنفيذي ………………………………….17
الفصل الخامس : انقضاء الحبس التنفيذي……………………………. 22
الفصل السادس : آثار الحبس التنفيذي ……………………………….24
خاتمه……………………………………………………………. 25
مصادر البحث ……………………………………………………..26