أوجه الاختلاف بين الاعتراف الجنائي و الإقرار المدني

الاعتراف الجنائي كما يعرفه الفقه هو أقرار صادر من المتهم بصحة ارتكابه للوقائع المكونة للجريمة كلها أو بعضها.

أما الإقرار المدني فهو إقرار خصم لخصمه بالحق الذي يدعيه مقرراً نتيجته قاصداً إلزام نفسه بمقتضاه.

وهناك أوجه اختلاف عديدة بين الاعتراف والإقرار المدني على التفصيل الأتي:

أولاً: تتجه نية المقر في الإقرار المدني إلى تحمل الالتزام وترتيب أثاره القانونية.

أما في الاعتراف الجنائي فلا دخل لهذه النية ولا أهمية لها لأن القانون وحدة هو الذي يرتب الآثار القانونية على هذا الاعتراف ولو لم تتجه نية المعترف إلى حصولها.

فمثلاً لو أعترف المتهم بالتهمة ظناً منه أن هذا الاعتراف سوف يجنبه العقاب فإن ذلك لا يحول دون ترتيب أثاره القانونية.

ثانياً: أن الإقرار المدني يعتبر سيد الأدلة في المسائل المدنية فهو حجة قاطعة على المقر ويعفي المدعى من إقامة الدليل على دعواه وهو ملزم للقاضي المدني ولا يجوز للمقر أن يعدل عن إقراره إلا لخطأ في الوقائع و على المقر أن يثبت الخطأ حتى يستطيع العدول عن إقراره.

أما الاعتراف الجنائي فهو ليس حجة في ذاته وإنما هو خاضع لتقدير المحكمة ولا يعفي النيابة من البحث عن باقي أدلة الدعوى ولا القاضي من الاستمرار في نظر القضية وللمتهم حق العدول عنه في أي وقت دون أن يكون ملزماً بإثبات عدم صحة الاعتراف الذي عدل عنه.

ثالثاً: الإقرار المدني لا يتجزأ على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتماً وجود الوقائع الأخرى أما الاعتراف الجنائي فيجوز تجزئته وهو أمر متروك لسلطة القاضي وتقديره.

رابعاً: الإقرار المدني قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً فيعتبر الامتناع أو السكوت أقراراً ضمني في بعض الأحوال فمن المقرر بقانون الإثبات أن كل من وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون أن يردها على خصمه وكل من ردت عليه اليمين فنكل عنها خسر دعواه.

أي أن الامتناع عن اليمين يعد عدم إنكار للواقعة المراد الاستحلاف عليها أي إقرارا بها.

أما الاعتراف الجنائي فيشترط أن يكون صريحاً لا لبس فيه ولا غموض.

خامساً: الإقرار المدني لا يصح صدوره إلا من اكتملت أهليته المدنية فإقرار القاصر الذي لم يبلغ واحد وعشرين عاماً غير مقبول في الإثبات ولا يمكن الاحتجاج به قبل المقر فيما هو مأذون به من التصرفات أي يشترط في الإقرار المدني أن يكون للمقر أهلية التصرف فيما اقر به.

أما الاعتراف الجنائي فلا يتقيد بسن الرشد فقد يصدر من الشخص الذي تزيد سنه على سبع سنوات وهنا يظهر الخلاف بين الأهلية الجنائية والأهلية الإجرائية فالصغير ناقص الأهلية يمكن أن يكون آهلا لصدور اعتراف صحيح منه فرغم كون الصغير هنا غير كامل التمييز ومسئول مسئولية جنائية ناقصة ولكن قد يتبين للقاضي أنه آهلاً لصدور اعتراف صحيح منه فيأخذ به في الإثبات .